طمأنة للداخل وإنذار للاحتلال وتوبيخ للحكام.. رسائل الملثم بعد 9 شهور من "الطوفان"
أبو عبيدة ظهر في كلمة مصورة جديدة بثتها قناة الجزيرة في 7 يوليو/تموز 2024
احتفى ناشطون على منصة إكس بظهور أبو عبيدة الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مبشرا بأن "القدرات البشرية للقسام بخير كبير"، وتجنيد آلاف من المقاتلين الجدد خلال الحرب التي أكملت شهرها التاسع.
أبو عبيدة أكد في كلمة مصورة بثتها قناة الجزيرة في 7 يوليو/تموز 2024، أن قدرة مقاتلي القسام على القتال والمواجهة باتت أقوى أمام جرائم الاحتلال وإبادته، متعهدا بأن يكون محور نتساريم (وسط القطاع) "محورا للرعب والقتل وسيخرج منه العدو مندحرا مهزوما".
وقال: "عززنا القدرات الدفاعية لمواجهة الاحتلال في كل مكان من أرضنا"، وأنه "هناك آلاف من المقاتلين مستعدون لمواجهة العدو متى لزم الأمر"، مضيفا: "أضحى طرد سفير أو قطع علاقات مع عدو يبيد شعبا عربيا مسلما حلما لأمة كبيرة سادت أمم الأرض لقرون".
وتداول ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #أبو_عبيدة، #نتساريم، #كتائب_القسام، وغيرها، كلمة أبو عبيدة كاملة، فيما تداول آخرون أجزاء بارزة منها وكان أبرزها التي يعاتب فيها الأنظمة العربية على خذلان المقاومة وفشلها اتخاذ أبسط المواقف.
وتحدثوا عن دلالات توقيت ظهور أبو عبيدة بالصوت والصورة وتزامن ذلك مع تصاعد الإخفاق العسكري للاحتلال في مختلف المحاور والمفاوضات الجارية، مؤكدين أن مجرد خروج أبو عبيدة انتصار في حد ذاته ورسالة للاحتلال الإسرائيلي وطمأنة للداخل الفلسطيني.
ورأى ناشطون أن قول أبو عبيدة: "أضحى طرد سفير أو قطع علاقات مع عدو يبيد شعبا عربيا مسلما حلما لأمة كبيرة سادت أمم الأرض لقرون"، أكثر عبارة مؤلمة في خطابه وفاضحة لحالة الذل والهوان التي وصلت لها الأنظمة العربية، معربين عن شعورهم بالخجل والعار من الحكام.
وأعربوا عن سعادتهم من تهديد ووعيد أبو عبيدة بأن محور نتساريم وسط القطاع سيكون محورا للرعب والقتل وسيخرج منه العدو مندحرا مهزوما، وتبشيره بأن الكتائب بخير وثابتة وصامدة وازدادت قوة وعنفوان وصلابة، والتحق بها آلاف المقاومين، وعدوها رسالة للقاصي والداني.
توقيت مدروس
وتفاعلا مع كلمة الناطق باسم القسام، عد الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، مجرد ظهور أبو عبيدة اليوم بعد غياب في هذا التوقيت الحرج، وفي ظل الحديث عن المرحلة الثالثة، وفي ظل انعقاد المسار التفاوضي، وخروجه بهذه القوة وبهذا الثبات وبروح السابع من أكتوبر، رسالة بحد ذاته ورمزية كبيرة عنوانها: "الراية لن تسقط".
وأكد المختص في الشؤون الإقليمية خليل نصرالله، أن ما قدمه أبو عبيدة، من حيث التوقيت وبعد ٩ أشهر من العدوان، يعد مفاجأة لجيش الاحتلال ومؤسسته الأمنية. وأوضح أن الأبرز في تصريح أبو عبيدة بعد الكشف عن تجنيد الآلاف من المقاتلين وإنتاج السلاح محليا، هو الوعد بالكشف عن وثائق مهمة لكيفية تضليل الشاباك والمؤسسة الأمنية لسنوات طويلة والذي قد يعد ضربة كبيرة لمن توالوا على إدارة الجيش والأجهزة الأمنية.
وأشار نصرالله، إلى أنه بذلك تكون المقاومة قد انتقلت، إلى جانب مسألة الأسرى، إلى مسائل أكثر إستراتيجية تضرب بها على الطاولة.
وأشارت الصحفية الجزائرية بلقيس ريم الندى، إلى أن كلمة أبو عبيدة قوية في توقيت حساس مليئة بالرسائل الثقيلة، منها أن الكتائب الـ 24 للمقاومة تقاتل من المتر الأول شمال بيت حانون حتى آخر متر جنوب رفح، وهذا ما يدحض جميع روايات الاحتلال.
وتحدث الكاتب والإعلامي وائل أحمد الحوراني، عن رمزية ظهور فخر الأمة أبو عبيدة بعد 42 يوما من الغياب، مؤكدا أن مجرد ظهوره في هذا التوقيت الحرج بعد 275 يوما يؤكد أن المقاومة مازالت بخير وتدير المعركة بكل كفاءة واقتدار وبصمود أسطوري أمام هجمة صهيوأميركية غربية عالمية لم يشهدها التاريخ من قبل.
وأكد المغرد إسكندر، أن خروج أبو عبيدة في هذا التوقيت المتزامن مع المفاوضات محملا برسائل إلى جميع الأطراف سواء العدو أو الوسطاء بأن المقاومة تفاوض من منطلق قوة وليس ضعفا وأن كل مخططات ما سمي باليوم التالي هو مدروس عند المقاومة ولها كل الإمكانيات لمواجهته.
تحليلات وقراءات
وتفسيرا لما تعنيه كلمة أبو عبيدة بعد 9 أشهر من طوفان الأقصى ومن حرب الإبادة والصمود والمقاومة، رأى الكاتب السياسي إبراهيم المدهون، أن الخطاب أكد أن المقاومة الفلسطينية بخير وأن كتائب القسام تقف على أرض صلبة.
وأشار إلى أن الخطاب جاء بشكل مركزي، مع لمسات واضحة من أسلوب القياديين يحيى السنوار ومحمد الضيف، مما يظهر التنسيق العالي والدقة المتناهية في إعداده، محملا برسائل واضحة، وبالعادة هذه خطابات مركزية تشرف عليها بدقة قيادة الحركة وهيئة أركان كتائب القسام.
وأضاف المدهون، أن أهم ما جاء في الخطاب هو التأكيد على أن بنية كتائب القسام، من رفح إلى بيت حانون، متينة وقادرة على ترميم ما فقدته خلال الأشهر الماضية، كما أشار إلى توسع في التجنيد والتأهيل والإعداد، رغم صعوبة المعركة وحرب الإبادة.
وأكد أن مجرد ظهور أبو عبيدة بخطاب رسمي يمنح رسائل سياسية وعسكرية ومعنوية، أهمها أن المقاومة مستمرة وثابتة، وأن هناك قيادة وتحكما وسيطرة، لافتا إلى أنه ظهر هذه المرة بتمكن وتحدث بأريحية وثقة أكبر، مما يعزز من ثقة شعبنا الفلسطيني، ومقاومته في حال أفضل مما كانت عليه.
وقال الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، إن أخطر ما حمله خطاب أبو عبيدة هي فكرة جيش الإسناد لدى المقاومة، والذي يمثل الخزان الاحتياطي لجيش الكتائب.
وأضاف أن الكشف عن هذه القوة البشرية الهائلة في هذا التوقيت تنسف كل فكرة الاستنزاف من أساسها، وتعني أن المقاومة لديها معين لا ينضب من المقاتلين، فبالتالي تصبح مسألة قياس العدو للنصر بعدد القتلى بمثابة هراء لا طائل منه.
وأشار زياد، إلى أن المقاومة كشفت في الأسبوع الأخير عن إحدى أكبر مفاجآت الحرب، وهما: التصنيع العسكري والقدرة على ترميم ترسانة السلاح خلال الحرب، والتجنيد العسكري والقدرة على تعزيز التشكيلات القتالية بعدد هائل من المقاتلين.
وأكد أن هاتين الفكرتين تنسفان تماما أي أمل إسرائيلي في الاستنزاف، ويأتي الكشف عنهما قبيل المسار التفاوضي في إشارة مهمة إلى أن المقاومة لم تذهب للمفاوضات بسبب ضعف أو عجز أو حاجة.
وقال الناشط والباحث محمد عبدالعزيز الرنتيسي: "يطل علينا أبو عبيدة ليطمئن أحبابنا في كفة، وينذر أعداءنا بالقادم في الكفة الأخرى.. (ضعوا خطين تحت كلامه عن محور نتساريم).. لأن هذا المحور سيكون مفتاح النهاية لهذه المعركة ".
ورأى الباحث علي أبو رزق، أن أحد أهم النقاط التي أشار لها الناطق باسم المقاومة الفلسطينية بعد تأكيده على إعادة تنظيم صفوف وكتائب المقاومة، إشارته إلى مسألة غاية في الأهمية، وهي أن قيادة المقاومة لم تفقد الأمل في أهلنا في الضفة والداخل.
ولفت إلى إشارة أبو عبيدة إلى أن مستويات القمع الرهيبة الجارية لن تبقى إلى الأبد ولن تبقى القبضة مشددة على الدوام، وأن جنين وطولكرم ونابلس تقدم نماذج بطولية وعظيمة في هذه المعركة رغم شح الإمكانات وقوة القمع الهائلة التي تديرها بحقهم أجهزة رام الله ومعها الاحتلال.
ووصف أبو رزق، خطاب أبو عبيدة بأنه خطاب الثابت المنتصر، خطاب المعنويات العالية من الناطق باسم المقاومة الفلسطينية الأبية في اليوم السبعين بعد المائتين من عمر المحرقة.
وناشد الشعب الفلسطيني وأبناء الأمة وقواها الحية، قائلا: "يجب أن نفعل المستحيل للحفاظ على هذا النموذج البطل من الكسر، هذا النموذج يجب أن يبقى وينتشر، بقاء هذا النموذج ونجاته من آتون الحرب الكونية الجارية كفيل أن يغيّر خارطة المنطقة وليس المشهد الفلسطيني فحسب…!".
وكتب يونس أبو جراد: "بعد إعلانها عن إعادة التصنيع محليا، تعلن القسام اليوم عن تجنيد وترميم وتعزيز قدرات واستمرار القتال، وهو بمثابة إعلان مرحلة حرب الاستنزاف للعدو الذي أعلن رسميا البدء في المرحلة الثالثة من الحرب".
ووصف إبراهيم حمدان، خطاب الناطق باسم القسام بأنه "مزلزل".
وقال: "جاء البطل أبو عبيدة ليضع النقاط على الحروف ويخبرنا أن المقاومة بخير بالعدة والعتاد والرصيد البشري فقد تم تجنيد الآلاف ويعد الملثم بأن الرد قادم على نتساريم لا محال ويؤكد أن الضفة الغربية هي مفصل وكلمة السر في وجود هذا الكيان وأن التصعيد آت من الضفة والقدس وال 48.
وعدت الصحفية إقبال جميلي، إن ظهور أبو عبيدة بعد 9 أشهر من بداية الحرب دليلا ثابتا على قوة المقاومة وفشل العدو فشلا كبيرا.
وعد عبده سلامة، ظهور الفارس المغوار والأسد أبو عبيدة انتصارا كبيرا للمقاومة الفلسطينية وهزيمة لحكام الغرب والعرب وأميركا وإسرائيل.
وقالت منى الشريف الكتاني، إن ظهور أبو عبيدة بعد 9 أشهر من القتال في غزة هو انتصار لغزة والمقاومة وهزيمة نفسية قاسية لنتنياهو وجيشه المهزوم وخاصة عملاء الاحتلال.
توبيخ للعرب
وعن قول أبو عبيدة إن طرد سفير أو قطع علاقات مع عدو يبيد شعبًا عربيًا مسلمًا أضحى حلمًا لأمة كبيرة سادت أمم الأرض لقرون، قال الداعية حامد العلي: "يوبّخهم على خذلانِ شعبٍ يُبادُ ، ولا يحرّكُهـُم ضميـرُ، صدقتَ أبا عبيدةَ، زدْ عليها بأنّـهمُ لصهـيونٍ حميــرُ، شعيرهُمُ عروشٌ سوف تفنى، ويبقى العارُ، والوزرُ الكبيرُ".
وكتب المغرد حسين: "لقد ضغط أبو عبيدة اليوم على الجرح الغائر في جبين كل مصري يقف مكاتف اليدين بينما يذبح عدوه إخواته، لقد تعمق الجرح أكثر من أي وقت مضى ويظل الخذلان سيد الموقف فقد خذلان أنفسنا أولا وخذلان إخواتنا".
ورأت المغردة رحمة، أن خطاب أبو عُبيدة فيه كمية خذلان وقهر وعتاب بتخلي الحجر يبكي، قائلة: "ما قدرت أمسك دموعي وهو لحد الآن يطالب بالضفة تتحرك".
ووصف سلطان ثاني الحسني، عبارة الناطق باسم القسام بأنها "من أكثر العبارات ألماً وحسرة في خطاب أبو عبيدة والتي تعكس واقعنا العربي والإسلامي المتشرذم والمتخاذل".
وأشاد المغرد أحمد بتوبيخ أبو عبيدة لأنظمة التخاذل والتطبيع التي تقاعست عن نصرة شعبنا وإمداد وإسناد مجاهدينا في ظل حرب الإبادة المستمرة منذ 9 أشهر.
وتساءل رامز ملاك: "أين أنتم يا حثالة الأمم من الحكام والشعوب المحسوبة على الإسلام والعروبة من كلام المجاهد أبو عبيدة؟".
وأشار الناشط محمد النجار، قول أبو عبيدة "لقد سئمت شعوب أمتنا التضامن الرمزي الخجول، والعجز الرسمي المقيت" مستحضرا التاريخ، حين خاطب الشهيد القائد عبد القادر الحسيني قادة العرب في حرب 1948 قائلا: "إنني أحملكم المسؤولية بعد أن تركتم جنودي في أوج انتصاراتهم بدون عون أو سلاح.. إنني أحملكم مسؤولية ضياع فلسطين".
وحاطب أبو عبيدة قائلا: " هوّن عليك، فالله خير لنا من الأعراب، ومدد السماء أقوى من سند الأرض، لا تبتئس أيها الحر البطل فليس من اشترى كمن باع، ولا من قاوم كمن هادن، ولا من كتب التاريخ كمن قرأه، وشتان بين الثرى والثريا".
وقال النجار: "خطابٌ بحسرة وألم، على ثلة مؤمنة تقاتل منذ تسعة أشهر بلا مدد ولا عون، وبلا طعام ولا دواء، وحصار عربي وغربي مخزٍ، لكنه يختم بالقول: لم تنحنِ الراية ولن تنحني بإذن الله".
وعرض الكاتب رضوان الأخرس مقطع مجتزأ من خطاب الناطق باسم القسام خص به الأنظمة العربية، وعنونه "توبيخ أبو عبيدة لأنظمة التخاذل والتطبيع التي تقاعست عن نصرة شعبنا وإمداد وإسناد مجاهدينا في ظل حرب الإبادة المستمرة منذ 9 أشهر".