أيقونة المقاومة.. القسام تعلن استشهاد "الملثم" وتكشف هويته الحقيقية

شدوى الصلاح | منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

لم يكن أبو عبيدة مجرد صوت يخرج من خلف لثام، بل تحوّل على مدار سنوات، خصوصاً خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، إلى رمزٍ جمع بين الكلمة والموقف، وبين الرسالة العسكرية والبعد الإنساني للمقاومة.

بصوته الهادئ ونبرته الواثقة، كان حاضراً في أشد اللحظات قسوة، يخاطب شعباً محاصَراً، ويبعث برسائل تتجاوز حدود الجغرافيا لتصل إلى وجدان الملايين.

وفي خضم حرب وُصفت بالأعنف في تاريخ القطاع، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام استشهاد ناطقها العسكري المعروف باسم أبو عبيدة، إثر استهداف إسرائيلي لمكان وجوده في أغسطس/آب 2025، لتُسدل بذلك الستار على فصلٍ استثنائي من فصول الحضور الإعلامي المقاوم.

وفي بيان رسمي صدر في 29 ديسمبر/كانون الأول 2025، كشفت القسام عن الاسم الحقيقي للملثم الذي أصبح أيقونةً للخطاب المقاوم، وهو حذيفة سمير عبد الله الكحلوت (أبو إبراهيم)، مؤكدة أنه شغل منصب قائد إعلام الكتائب، وكان الصوت الأبرز الذي نقل روايتها، ورافق تطورات المواجهة، وترك أثراً عميقاً في الوعي الجمعي الفلسطيني والعربي.

وقالت "القسام" في كلمة مصورة لناطقها الجديد: "نزف بكلِ فخر واعتزاز القائد الكبير محمد السنوار، قائد أركانِ كتائب الشهيدِ عز الدينِ القسام، صاحب العقلية الفذة، الذي قاد الكتائب في مرحلة بالغة الصعوبة، خلفا لشهيد الأمة الكبير، أبو خالد (محمد) الضيف".

وأشارت إلى أن السنوار كان له دور مركزي في التخطيط لعملية "السابع من أكتوبر" وإدارة المواجهة العسكرية اللاحقة.

كما نعت القسام اليوم مقتل قائد لواء رفح محمد شبانة، وقالت: إنه "ارتقى برفقة يحيى السنوار، إضافة إلى حكم العيسى، وقالت إنه كان له دور في قيادة مواقع مختلفة من أبرزها التدريب والكليات العسكرية وركن الأسلحة القتالية".

وأعلنت القسام كذلك استشهاد رائد سعد (أبو معاذ)، قائد ركن التصنيع، مشيرة إلى دوره في تطوير منظومة التصنيع العسكري التي اعتمدت عليها الكتائب في بناء قدراتها القتالية محليا خلال سنوات الحصار.

ووجهت القسام تحية مطولة لسكان غزة، مشيدا بصمودهم في وجه الحرب والحصار.

وأكد المتحدث الجديد أن عملية "طوفان الأقصى" شكّلت منعطفا مفصليا في مسار الصراع، قائلا إنها "جاءت لتصحيح المسار وإعادة روح المقاومة إلى الأمة"، بعد سنوات من الحصار والتهميش. مشيرا إلى أنها أعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام الإقليمي والدولي.

وأضاف أن التوصل إلى اتفاق وقف الحرب لم يكن نتيجة ضغوط سياسية، بل "ثمرة لتضحيات شعبنا وبطولات مقاومته"، مقدرا أن صمود غزة أفشل، بحسب وصفه، أهداف إسرائيل العسكرية والسياسية، وفي مقدمتها كسر إرادة الفلسطينيين ونزع سلاح المقاومة.

ودعا المتحدث "كل المعنيين إلى لجم الاحتلال وإلزامه بما تم الاتفاق عليه"، محذرا من الانشغال بسلاح المقاومة، ومؤكدا أن الأولى، وفق البيان، هو "وقف سلاح الاحتلال الفتاك الذي استخدم في حرب الإبادة"، بدل التركيز على بنادق الفلسطينيين.

وكان آخر ظهور للمتحدث السابق في 18 يوليو/تموز 2025، حيث ظهر في تسجيل مصور تناول فيه تطورات الحرب ورسائل الكتائب، قبل أن تعلن القسام اليوم استشهاده رسميا.

وتضمن البيان التأكيد على أن المواجهة مع إسرائيل لم تنتهِ، في ظل ما وصفه باستمرار الخروقات لوقف إطلاق النار، وتصاعد التوتر في غزة والضفة والقدس، داعيا إلى استمرار الحراك الشعبي والسياسي حتى محاسبة إسرائيل وعدم إفلاتها من العقاب.

وشغل الشهيد أبو عبيدة مهمة الناطق باسم كتائب القسام لسنوات طويلة دون الكشف عن اسمه الحقيقي.

وأوضحت حركة حماس في بيان لاحق أن "القائد البطل الشهيد أبو عبيدة ارتقى إلى ربّه شهيدا، رفقة زوجته وأولاده في قصف صهيوني غادر وجبان".

واكتسب أبوعبيدة زخما كبيرا على المستويين العربي والإسلامي، بعد عملية طوفان الأقصى، التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد قواعد ومستوطنات الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وظل أبو عبيدة يروي تفاصيل وسير العمليات العسكرية للمقاومة وبيان المواقف في الجبهات، وكان على موعد شبه يومي مع شعوب العالم، طيلة العامين الماضيين.

وقالت القسام في نعي أبو عبيدة: "لا يمكننا إلا أن نتوقف إجلالا وإكبارا أمام صاحب هذا المقام الذي لطالما أطل عليكم بصوته القوي وكلماته الصادقة وبشرياته المنتظرة، الملثم الذي أحبه الملايين وانتظروا إطلالته بشغف ورأوا فيه مصدر إلهام، وفي كوفيته الحمراء أيقونة لكل أحرار العالم".

ووصف البيان الملثم بأنه صوت الأمة الهادر ورجل الكلمة والموقف، ونبض فلسطين وقدسها وشعبها ومقاوموها وقائد إعلام القسام وصاحب الأثر العظيم في نفوس أبناء الأمة.

وذكر بأن "هذا الفارس الذي لم ينقطع عن شعبه في أحلك الظروف، خاطبهم من قلب المعركة، يبشرهم ويصبرهم ويواسيهم ويربت على أكتافهم رغم الخطر الشديد والاستهداف المتكرر، ولطالما انتظره جمهور العدو قبل أبناء شعبه ليسمعوا منه فصل الخطاب والخبر اليقين".

وأوضحت القسام أن الشهيد حذيفة سمير عبد الله الكحلوت (أبو إبراهيم) "ترجل بعد عقدين من إغاظة الأعداء وإثلاج صدور المؤمنين، ولقي الله على خير حال"

وعبر ناشطون عى منصات التواصل عن حزنهم واستنكارهم لاستشهاد أبو عبيدة، واصفين إياه بـ"الفارس الشجاع" و"رمز المقاومة الفلسطينية"، مؤكدين أن استشهاده يمثل "رحيل الجسد وبقاء الأثر"، وأن حضوره سيظل فاعلا في الوعي الجمعي، وأن المقاومة ولادة.

وأكدوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #أبو_عبيدة، #كتائب_القسام، #الملثم، وغيرها أن المقاومة الفلسطينية أثبتت قدرتها على إخراج قادة بارزين ومؤثرين، مشددين على أن المقاومة فكرة والفكرة لا تموت وأن الحركة تعمل بشكل مؤسسي يقهر الاحتلال الإسرائيلي.

وتحدث ناشطون عن شخصية أبو عبيدة وتنوعت مشاركتهم بين رسائل تضامن وتحليلات سياسية ومقاطع أرشيفية استحضروها من خطابات أبو عبيدة السابقة، وعدوا استشهاده بغزة بمثابة صفعة على وجه المسيئين للمقاومة الذين أشاعوا أنه يعيش منعما في فنادق قطر وتركيا.

غاب الجسد

وإعرابا عن الحزن على نبأ استشهاد الناطق باسم القسام ونعيا ورثاء له وتعقيبا على ردود الفعل على استشهاده، قال المحلل السياسي إبراهيم المدهون: "ترك أبو عبيدة القسام في وجدان شعبنا الفلسطيني، وفي وجدان الأمة العربية والإسلامية، ما لم يتركه أحد؛ بصوته الحنون، وبحزمه الصارم، وبقدرته الفريدة على الوصول إلى العقول والقلوب معًا".

وأضاف أن أبو عبيدة كان صوته يرفع طموحنا، ويغرس فينا الإيمان بأن الطريق إلى القدس ليس حلمًا بعيدًا، بل مسارًا واضحا.

وأكد المدهون، أن "الفيديو الذي انتشر لأبي عبيدة أثّر بعمق؛ لما حمله من روعة وقوة وهيبة، ولأنه لامس جوهر المعركة: الثبات، واليقين، والطمأنينة التي تُولد في قلب العاصفة".

وعبر الصحفي عاصم النبيه، عن حزنه على رجل كأبي عبيدة، وقد فعل ما يعجز عنه جل الرجال من صهر ذواتهم في البعيدات من الرؤى، وتجسيد الشعارات المستحيلة نموذجا واقعا، رجل نطق بما آمن به نحو عشرين عاما وقاتل ثلاثة أرباع عمره حتى أتته المنية وهو على حاله تلك لم يبدل ولم يغير هنيهة واحدة.

وأشار إلى أن أبي عبيدة لم ينل من الدنيا منفعة الشهير بين الناس ولا حظوة السيد المعروف في قومه ولا حتى جنازة المقاتل الصنديد الذي يرتفع على الكفوف والأكتاف.

وقال: "فليحزن الثوار في التلال والغابات والسفوح والجبال والوديان والسهول والكهوف والمغارات على أبي عبيدة، وليحزن الثائرون المتمردون في كل البقاع على صوت لهم، سكت عندما فرغت رصاصات المقاتل.. فلا أنقص الله من الرجال صوتا للحق كأبي عبيدة ولا أعلى الله صوتا في الوغى إلا بواسل كالفتى أبي عبيدة".

وقال جمعة الفيومي، إن إعلان استشهاد أبو عبيدة مش مجرد خبر بيعدّي في شريط الأخبار، ده إحساس بالفقد، كان صوت اتعودنا نسمعه في عز الصمت فجأة سكت.

وأضاف: “في ناس بتبقى أكتر من شخص، بتبقى معنى، وبتبقى حكاية، وبتبقى كلمة ثابتة وسط عالم كله متغيّر”. مؤكدا أن أبو عبيدة كان صوتا لقضية، وصورة للثبات، وكلمة بتطلع من قلب الألم وتوصل من غير ما ترفع صوتها.

وتابع: أبو عبيدة "النهارده الجسد غاب، بس الأثر لسه موجود، والكلام اللي اتقال بصدق عمره ما بيموت، حتى لو صاحبه مشي".

وأكد الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق، أن هذا الاحتفاء العالمي بشهادة البطل الفلسطيني الملثم مستحق، بل شديد الاستحقاق، وفيه رسالة هامة، بل شديدة الأهمية، للاستثمار السياسي في هذا الزخم قبل أن يتمكن الإسرائيلي من الالتفاف عليه كما حصل في تشيلي قبل أيام وفي إيطاليا أول أمس.

وتساءلت الصحفية يسرا عكلوك: "هل حدث منذ خلق الله الأرض، أن يمتد "قبول" شخص في أصقاع العالم دون أن يعرف الناس ملامحه! أليس قبول المرء في وجهه؟! كيف قَلَبَ هذا الرجل المفاهيم؟ فأحبه الناس من صوته.. وآمنوا به من إشارة سبابته.. واطمأنوا له بما انكشف من عينيه؟!".

وداع حزين

وتعليقا على الخطاب الأخير لأبو عبيدة رأى الصحفي أحمد وائل حمدان، أن آخر كلماته لم تكن وصيّةَ وداعٍ عاديَّة، بل كانت عتابًا ثقيلًا، خرج من قلبٍ مُتخمٍ بالحسرة، عتابًا موجَّهًا إلى أمةٍ رآها بعينيه تُدير ظهرها وتُحسن الصمت أكثر مما تُحسن النصرة.

وأشار إلى أن كلمة أبو عبيدة الأخيرة كانت لومًا صريحًا لا يطلب شفقةً ولا يستجدي دموعًا، بل يُشهِر السؤال في وجوه العرب والمسلمين جميعًا: “كيف تتركون الدم العربي المُسلم يُستباح هكذا، وكيف يُخذَل أصحاب الحقِ وهُم يستنصرونكم!؟”

ولفت حمدان إلى أن أبو عبيدة قالها وهو يعلم أن العتاب قد لا يُجدي، لكنّه أراد أن يُقيم الحجَّة، قائلا: "رحلَ وبقيت كلمتُه وبقينا نحنُ أهل غزة حُجَّة على أهل الأرض قاطبةً لا حُجَّةً لهم".

وقال المغرد حمد: إن رسالة وداع أبو عبيدة كانت مؤلمة كالسياط تلهب الأجساد المتخمة بالترف، الغارقة في ملذات الدنيا وشهواتها.

فضح المدعين

وهجوما على المدعين بأن الناطق باسم القسام كان يعيش حياة رغدة بعيدا عن غزة، قال الكاتب سعيد الحاج: "على هامش إعلان استشهاد أبو عبيدة، هناك شخص مرتزق لبعض الأنظمة، كان وما زال لا يتورع عن الكذب والافتراء بحق المقاومة ورجالها، ومن ذلك ادعاؤه الكاذب - ويأيمان مغلظة أحياناً - بأن الملثم في قطر وليس في غزة".

وأضاف أن الإعلان اليوم فرصة لتجديد الاشمئزاز من أمثال هذا  المخلوق المسخ خُلقاً وليس خِلقة، وتعريته أمام بعض المخدوعين فيه.

وناشد الكاتب جابر الحرمي، أبا عبيدة أن يكون خصيما في ساحة القضاء الإلهي للذين اتهموه أنه كان يعيش في فنادق قطر وتركيا ويُسجل بياناته في استوديوهات الجزيرة.

ونشر الصحفي نظام المهداوي، فيديو لوجوهٍ وصفها بأنها "صهيونية ناطقة بالعربية" زعمت كفرًا وفسقًا أن أبا عبيدة يقيم في قطر.

وأكد أن ذاكرة الشعوب يجب أن تبقى متقدة وحاضرة، استعدادًا ليوم الحساب، لكل وجوه الخيانة والصهينة التي تطاولت على شرفاء وأحرار الأمة.

وأشار علاء المحمود إلى أن أبو عبيدة اتهم بالخروج على الشاشة من استديوهات قطر وتركيا، واتهم بالكفر والزندقة والانحراف، لكنه رحل إلى جوار ربه مجاهدا مقبلا غير مدبر من أرض غزة.

المقاومة ولادة

وقال الكاتب أحمد منصور، إن ما يميز هذه الحركة منذ استشهاد مؤسسها الشيخ أحمد ياسين وحتى الآن أنها حركة ولاّدة بالقادة المتميزين المتفردين كل في مجاله.

وأضاف: "لا أعتقد أن حركة تحرير في التاريخ الحديث قدمت مثل هذا العدد من القادة الشهداء ولا تزال متماسكة معطاءة، وكلما استشهد قائد برز مكانه من لا يقل عنه قيادة وشجاعة وتفردا وبلاغة".

وأشار منصور إلى أن العجيب أن ذلك يحدث بالتتابع قافلة من الشهداء يليها قافلة من القادة حتى تتحرر فلسطين وتعود لأهلها. لافتا إلى أن هذا يحدث في الوقت الذي تضمحل فيه الحركة الصهيونية ويسير مشروعها نحو النهاية.

وذكر الكاتب محمود علام، بمقولة أبو عبيدة: "يخلُف القائدَ قادة والجنديَّ عشرة والشهيدَ ألف مقاوم.. وإنَّ هذه الأرضُ تُنبِت المقاومين كما تُنبِت الزيتون.. وحتمًا سيحمل الراية فرسان جدد".

وأكد محمد بن هلال الرواحي، أن تسمية الناطق الرسمي الجديد لكتائب القسام بأبو عبيدة له مغزى مهم ودلالة واضحة بأنه رمز لن يندثر وفكرة لن تموت وأن الملثم باق إلى أن يندحر الاحتلال، فائلا: "لا شك أن هذا رسالة قاصمة بالنسبة لليهود، فإن فرح بمقتل ملثم واحد خرج بدله آلاف الملثمين".

وكتب أحد المغردين: "استشهاد أبو عبيدة ضربة موجعة للمقاومة لكنه لا يعني انهيار حماس فالحركة قامت على العمل المؤسسي لا الأفراد والاحتلال يراهن على غياب القيادة بينما ترد حماس باستمرارية الفعل ووحدة الصف رسالة المقاومة واضحة الفكرة لا تموت باغتيال قادتها".

رقم صعب

وعن أبو عبيدة، قال القارئ بكر الصديق السنباطي، إنه رقم صعب في الحرب مع الكيان، ولقد اعترف الكيان أنه أشد بأسًا عليهم في الحرب النفسية، وأبو إبراهيم الملثم من أهل العلم والفضل، من أوتاد جباليا الراسخات، ولد عام 1984 في السعودية وعاش بها حتى نهاية المرحلة الابتدائية.

وأشار إلى أن أبو عبيدة جاء إلى غزة ليلتحق بالركب المبارك، تخرج في كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية، قسم العقيدة، وقدم رسالة الماجستير فيها سنة 2013 بعنوان "الأرض المقدسة بين اليهودية والنصرانية والإسلام".

وأكد السنباطي، أن رسالة الماجستير التي قدمها أبو عبيدة قيمة تمتد في نحو 650 صفحة، لم تتناول الجانب العقدي بالمقارنة فحسب، بل تناولت الإستراتيجيات الخطابية التي تسعى للسيطرة على الأرض المقدسة ونزعها، قائلا: "هو ربح البيع بإذن الله وخسرته الأمة بسبب خذلانها".

وذكرت دينا النجار، بأن أبي عبيدة ‏تولى مهمة الناطق العسكري عن عشرين سنة، واستمر قائما بمهمته عشرين سنة أخرى، قائلة: "إذا سأله الله عن شبابه فيم أفناه؟ قال: كنت صوت المجاهدين يا رب طيلة شبابي حتى مماتي". 

وأضافت: "نِعمَ الحياةُ حياةُ العطاء، ونِعمَ المماتُ مماتُ الثبات.. رحمه الله عليك يا أبو عبيدة وربنا يتقبلك من الشهداء".

وعرض الأكاديمي إياد إبراهيم القرا، انفوجراف تعريفي بأبو عبيدة، يوضح أنه ولد في السعودية في 11 فبراير/شباط 1984، وحصل على الماجستير في العقيدة من الجامعة الإسلامية، وأول ظهور له ضمن كوادر القسام في 2002 إلى 2003.

وأشار الانفوجراف إلى أن آخر كلمات أبو عبيدة المصورة كانت في 18 يوليو/تموز 2025، واغتاله الاحتلال الإسرائيلي في غارة جوية على غزة في 30 أغسطس/آب 2025، وظل اسمه وشكله غامضين 20 عاما وارتبط صوته بذاكرة الجماهير.

وأكد عمر محمد العطل، أن أبو عبيدة لم يكن مجرد ناطقٍ إعلامي يردد ما يُملى عليه، بل قائدًا شجاعًا وقامة فكرية ومدرسة في الانتماء لفكرة المقاومة والعقيدة الصلبة للدفاع عن أرضه المحتلة.

وأشار إلى أن أبو عبيدة كتب رسالة ماجستير في العقيدة الإسلامية بعنوان: "الأرض المقدسة بين اليهودية والنصرانية والإسلام"، ليؤكد أن مسألة الأرض عنده ليست مجرد كلمات تُقال، ولا كتابًا يُقرأ، ولا آياتٍ وأحاديث تُردد؛ بل قناعةٌ متجذرة في صلب العقيدة. 

وأوضح الكاتب رضوان الأخرس، أن أبو إبراهيم قاد لواء خانيونس وهو في العشرينيات من عمره، وقضى ريعان شبابه مجاهداً مقداماً وقائداً فذاً، وتولى قيادة هيئة أركان الكتائب بعد استشهاد القائد محمد الضيف في معركة طوفان الأقصى.

وأكد أن أبو عبيدة كان نموذجا فريداً في بسالته وجسارته وصدق انتمائه للمشروع الجهادي، وظل ثابتاً لم يغير ولم يبدل ولم يفرط إلى أن لقي الله شهيداً.