العرق والهوية.. إستراتيجية حملة ترامب لهزيمة كامالا هاريس

ظهور ترامب خلال المؤتمر السنوي للصحفيين السود أثار جدلا واسعا
يلعب المرشح الرئاسي الجمهوري في الولايات المتحدة دونالد ترامب على وتر الهوية العرقية من أجل الفوز على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وأثارت الشكوك التي أبداها المرشح الجمهوري والرئيس السابق حول الهوية العرقية لكامالا هاريس نائب الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن انتقادات حتى في حزبه.
وقالت صحيفة الباييس الإسبانية إن دونالد ترامب، الذي تعافى أخيرا من هجوم لمحاولة اغتياله، بذل جهدا لإظهار الاعتدال والاتزان في ختام مؤتمر الحزب الجمهوري الذي توج فيه مرشحا للرئاسة.
كان ذلك في يوليو/تموز، عندما كانت الرياح الانتخابية مواتية له وأعطته استطلاعات الرأي تقدما متزايدا على منافسه الديمقراطي جو بايدن.
إهانات عنصرية
ولكن بعد تنحي بايدن عن الترشح لإعادة انتخابه، ومع تقدم نائبته، كامالا هاريس، في هذه الحملة الانتخابية الحافلة بالأحداث، لجأ الجمهوري إلى إحدى إستراتيجياته المفضلة: الإهانات الشخصية والعنصرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن ظهور ترامب خلال المؤتمر السنوي للصحفيين السود في شيكاغو في 31 يوليو أثار جدلا واسعا.
وحالما بدأ كلمته أمام لجنة تضم ثلاثة صحفيين سود، شن هجوما شخصيا على منافسته.

وتابع: "لم أكن أعلم أنها سوداء إلا قبل بضع سنوات عندما قررت أن تصبح كذلك، والآن تريد أن تُعرف باسم السوداء". وتساءل عما إذا كانت هندية.
وكامالا هاريس تصف نفسها في سيرتها الذاتية بأنها سوداء وتخرجت في جامعة هوارد، التي أنشئت في الأصل للطلاب الأميركيين من أصل إفريقي.
وأشار ترامب ضمنا إلى أنها لم تصل إلى المنصب الذي تشغله الآن إلا بسبب لون بشرتها، وليس استحقاقا.
لم يكن هذا التعليق الوحيد الذي أثار الدهشة. فعندما سُئل عن الاقتصاد، أجاب بأن "ملايين المهاجرين" يأتون إلى الولايات المتحدة "لافتكاك وظائف السود". وألمح إلى أنه يقصد جميع الوظائف.
ردا على ذلك، قالت هاريس بعد ساعات في تجمع حاشد أمام جمعية للنساء السود: "إن الشعب الأميركي يستحق زعيما يقول الحقيقة، وقائدا لا يرد بعدوانية وغضب عندما توضع الحقائق أمامه. نحن نستحق زعيما يفهم أن اختلافاتنا لا تفرقنا".
وردا على خطاب ترامب، طالبت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، وهي أميركية من أصل إفريقي، "باحترام" نائبة الرئيس.
وأضافت الباييس أن خطابات الرئيس السابق تعيد إلى الأذهان تلك العبارات التي أدلى بها سنة 2011، قبل أن يصبح مرشحا سياسيا، ضد الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي تساءل عما إذا كان "قد ولد حقا في الولايات المتحدة".
وخلال ذلك الوقت، أثارت عباراته نوعا من الامتعاض وعدم الارتياح حتى داخل حزبه. وعدت السيناتور عن ألاسكا ليزا موركوفسكي، وهي واحدة من المشرعين الجمهوريين القلائل الذين لم يعلنوا دعمهم لترامب، كلمات الرئيس السابق "مؤسفة للغاية".
لكن، لم تردع الانتقادات ترامب، ونشر المرشح الجمهوري للرئاسة، مطلع أغسطس/آب، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، صورة لهاريس وهي ترتدي الساري الهندي، في إشارة مرة أخرى إلى أن نائبة الرئيس ليست سوداء، بل هندية.
وأشارت الصحيفة إلى أن واحدا من كل عشرة أميركيين، 33.8 مليونا، يرى أن لديه جذورا أخرى، من عرقين أو أكثر، وفقا لآخر إحصاء سكاني للولايات المتحدة، في سنة 2020. وقبل عقد من الزمن، كان هذا الرقم أقل بكثير، في حدود تسعة ملايين شخص.
في هذا المعنى، صرحت أليسا فرح غريفين المتحدثة السابقة باسم ترامب، بأن "غالبية الأميركيين يفهمون مفهوم الانتماء إلى عرقين، والحديث عن الهوية العرقية لشخص ما بهذه الطريقة يعد أمرا مهينا".
هجمات شخصية
وقبل أكثر من أسبوعين بقليل، أظهر الرئيس السابق لفترة وجيزة جانبا مختلفا لم نعهده سابقا، تقول الصحيفة الإسبانية.
ففي مؤتمر الحزب الجمهوري، ومع تغطية أذنه اليمنى بضمادة متفاخرا للتذكير بالمكان الذي أصيب فيه بالرصاص، كان يريد أن يظهر نفسه كرجل دولة.
وحث في بداية خطاب قبول ترشحه على أنه "يجب إغلاق الخلاف والانقسام في المجتمع الأميركي".
لكن تدخلاته لاحقا أوضحت أن ترامب يواصل اللجوء إلى الخطاب الساخر والهجمات الشخصية التي أظهرها في هذه الحملة وغيرها من الحملات السابقة.
واتهم أخيرا هاريس، المتزوجة من رجل الأعمال اليهودي دوغلاس إيمهوف، "بعدم حب اليهود".
وأكد ترامب أنها إذا أصبحت رئيسة فستكون "لعبة" في أيدي زعماء العالم الآخرين.

وأوضحت الصحيفة أن هذه العبارات الساخرة ومسألة العرق ليست، على وجه التحديد، الإستراتيجية التي يوصي بها المستشارون الجمهوريون.
ويفضل هؤلاء الخبراء التركيز على سجل الديمقراطية ومقترحاتها السياسية التي يرون أنها تمنحهم الأسلحة الكافية لمنع صعودها في استطلاعات الرأي.
وبدلا من ذلك، فإن الهجوم على سماتها الشخصية يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، مثلما يعتقدون.
وقد تكون بعض هذه الخصائص نفسها جذابة للناخبين المترددين إلى أي كفة يميلون والذين لم يحسموا أمرهم بعد.
وتأتي تصريحات ترامب أمام الصحفيين السود في وقت يحاول فيه الرئيس السابق مغازلة الناخبين الأميركيين من أصل إفريقي، الذين يشكلون تقليديا القاعدة الانتخابية الديمقراطية، ولكنهم أبدوا خلال سنوات ولاية جو بايدن تقاربا أوليا مع الجمهوريين.
ويعتزم الرئيس السابق المشاركة في تجمع حاشد في أتلانتا، عاصمة جورجيا، وبأغلبية سوداء.
وبالفعل، نظمت هاريس أكبر تجمع لها، حتى الآن، هناك في 30 يوليو، وقد كان جمهورها، إلى حد كبير، من الأميركيين من أصل إفريقي.
وأظهرت جولة جديدة من استطلاعات الرأي في ولايات محورية، حيث ستحسم نتيجة الانتخابات، مطلع أغسطس، أن هاريس تتقدم على ترامب في بنسلفانيا بنسبة 48 بالمئة مقابل 45 بالمئة وفي ويسكونسن بنسبة 48 بالمئة مقابل 46 بالمئة.
وفي أريزونا ونيفادا، انقلبت الأدوار، حيث حصل الجمهوري على 48 و46 بالمئة على التوالي، بينما حصلت هاريس على 43 و45 بالمئة. وفي ميشيغان، كان كلاهما متعادلا بنسبة 45 بالمئة.