تركيا تلوح بالتدخل العسكري ضد إسرائيل.. العرب متفرجون والاحتلال يستشيط غضبا
"تصريحات في بعدها السياسي مهمة جدا، ولو لم تكن كذلك ما هاجمها الاحتلال بكل قوة"
ضجة كبيرة أثارها تلويح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالتدخل العسكري ضد الاحتلال الإسرائيلي، بقوله إن تركيا قد تدخل الأراضي الفلسطينية المحتلة كما فعلت في الماضي في ليبيا وإقليم قره باغ الأذربيجاني، مضيفا: "لا يوجد سبب يمنعنا من فعل هذا".
وجاء تلويح أردوغان بدخول حرب ضد إسرائيل خلال مشاركته في اجتماع حزبي في 28 يوليو/ تموز 2024، ما أثار غضب مسؤولين عديدين في الكيان الصهيوني.
وتعليقا على ذلك، كتب وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس، عبر منصة إكس، إن الرئيس أردوغان يسير على خطا الرئيس العراقي السابق صدام حسين ويهدد بمهاجمة إسرائيل، مضيفا أنه ينبغي عليه أن يتذكر كيف انتهى ذلك الأمر في العراق.
فيما قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن الرئيس التركي يثرثر ويهذي مرة أخرى، حسب تعبيره، ويشكل خطرا على الشرق الأوسط.
وردا على ذلك، قالت الخارجية التركية، عبر إكس إن نهاية مرتكب الإبادة الجماعية (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو ستكون على غرار نهاية الزعيم النازي أدولف هتلر.
وأكدت الوزارة أن الإنسانية ستقف إلى جانب الفلسطينيين، ومن يستهدفون الشعب الفلسطيني لن يستطيعوا إبادته.
وأثنى ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #أردوغان، #الاحتلال_الإسرائيلي، وغيرها، على تصريحات أردوغان ووصفوها بالجيدة، وأعادوا تداولها بقوة متمنين تطبيقها الفعلي ومتحدثين عن دلالاتها ومآلاتها.
قراءات وتحليلات
وتفاعلا مع المشهد، عد أستاذ الإعلام السياسي أحمد بن راشد بن سعيد، تصريحات أردوغان تطوّرا مهما له دلالاته، قائلا إن التصريح بالطبع يبقى كلاما ما لم يتبعْه عمل.
وأضاف أن الكلام قد يؤدّي إلى عمل، لأنه يشكل موقفا، ويلقي حجرا في الماء الراكد، لا سيما إذا تطوّر، فأتبعه، مثلا، تصريح آخر من مسؤول رفيع في البلاد، وتناوله البرلمان، وتلقّفته الصحافة، فعندئذٍ يصنع الكلام فرقا.
وأكد ابن سعيد، أن تصريح أردوغان لولا أنه ذو مغزى، ما غضب الاحتلال منه، وما تبارى ساسته في استنكاره، مشيرا إلى أن القتلة ينزعجون حتى من الكلام، لأنهم يريدون الاستمرار في الذبح بصمت.
من جانبه، أشار الباحث سعيد الحاج، أن حسابات عديدة نقلت تصريحات أردوغان بخصوص التدخل (العسكري) ضد إسرائيل بصيغة "سنفعل" والدقيق “يمكن أن نفعل”، موضحا أن أردوغان ربط ذلك بالقوة والقدرة.
فيما توقع الصحفي محمد أبو طاقية، أن تصريح أردوغان، بتوقيته ونوعيته سيزيد من تعقيد المشهد والحسابات في المنطقة والعالم، وقد يكون تعقيدا دافعا للأفضل، وليكون كذلك يجب أن يلحقه -التصريح- خطوات ورسائل عملية.
وأوضح أن تهديد أردوغان جاء مبطنا، وليس مباشرا وقطعيا كما تناقله البعض (كما فعلنا ممكن نفعل)، والتهديد جاء مشروطا أيضا (لم يقل سنفعل وسنفعل، بل قال قد نفعل ونمنع إن كنا أقوياء جدا، لذلك علينا أن نكون أقوياء).
وأكد أبو طاقية، أن العنجهية الصهيونية، التوتر والعند الذي يتصاعد بعد التصريح قد يدفع الأمور لأماكن ومراحل جديدة وغير متوقعة.
ورأى المحلل ياسين عز الدين، عدم وجود مؤشرات على أنه سينفذ التهديد قريبا، لكنه يأتي في سياق تصعيد تركي ضد الاحتلال، كان أهمها حظر الصادرات من تركيا إلى إسرائيل، وهي خطوة كان لها أثر كبير رغم محاولة الاحتلال التغطية على ذلك إعلاميا.
وتوقع أن تهديد أردوغان باستخدام القوة تمهيد لخطوات لاحقة في الأشهر القادمة، وربما لا يكون تدخلا عسكريا مباشرا، إلا أنه كلما طال أمد الحرب وتوسعت جبهات القتال مع دولة الاحتلال وزادت عزلة إسرائيل دوليًا، تجرأ أردوغان لاتخاذ خطوات أكثر تقدما.
وأكد عز الدين، أن تركيا رغم تحركها ببطء فيما يتعلق بغزة إلا أنها أفضل حالا بكثير من غالبية الأنظمة العربية وخاصة المتواطئة مع الاحتلال مثل الأردن ومصر والمغرب والإمارات، وأن تركيا قدمت أكثر من الكلام، وبالأخص العقوبات الاقتصادية، والمطلوب منها أكثر من ذلك.
إشادة وثناء
من جهته، قال الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، إنها تصريحات في بعدها السياسي مهمة جدا، ولو لم تكن كذلك ما هاجمها الاحتلال بكل قوة، وأن ينتقل الزعماء المسلمون للتفكير بهذه المنهجية فهذا تقدم ننشده وندعمه ونتمناه، وهو في الحقيقة أمر لا يجرؤ على التفكير به "مجرد تفكير" معظم زعماء الأمة اليوم.
وأكد أن أهل غزة بعد كل هذا الخذلان لنحو 300 يوم ليس لهم توكل إلا على الله، والتصريحات على أهميتها ما لم تتحول لفعل يوقف الإبادة الجماعية ويردع المحتل تبقى تصريحات أثرها محدود للغاية.
ولفت المحامي ناصر الدويلة، إلى أن تصريح أردوغان يأتي بعد عشرة أشهر من الحرب، قائلا إنه لا يقرأ في إطار التخطيط للدخول في الحرب لكنه موقف جيد بشكل عام وغزة اليوم في أمسّ الحاجة للمساعدة والله يسمع ويرى.
وأكد الباحث عبدالعزيز الرنتيسي، أن تهديد الرئيس أردوغان للكيان الصهيوني يأتي في الاتجاه الصحيح كوسيلة ضغط في ظل الصمت المريب من غالبية قادة العرب.
وأثنى الكاتب أحمد عبدالعزيز، على تصريحات أردوغان، مشيرا إلى أن موقف تركيا الرسمي يتطور بصور ملحوظة تجاه العدو الصهيوني.
وأكد أن الفرق كبير جدا بين ما صدر عن القيادة التركية، من تصريحات، عشية 7 أكتوبر، أي يوم طوفان الأقصی واليوم.
وأكد الكاتب رفيق عبدالسلام، أن أردوغان، إذا فعلها فحتما سيوحد كل الشارع التركي من حوله وسيصبح زعيم الأمتين العربية والإسلامية بلا منازع، من يدافع عن المقدس وأكناف المقدس من العدوان الهمجي، ومن ينقذ نساء وأطفال غزة من حرب الإبادة الجماعية المنظمة.
وأضاف أن أردوغان إذا فعلها فسينتزع القيادة الإسلامية بجدارة، وسينال أجر الدنيا والآخرة، وليس هناك من هو أجدر بهذه الفضيلة من ابن الأناضول وريث جدوده العثمانيين العظام.
وقال محمد عويس: "إذا فعلها أردوغان فسيُسَطّر اسمه بحروف من نور مع عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي والسادات لأن التاريخ لا يذكر سوى الأبطال الذين ضحوا من أجل الوطن والإسلام.. فبعد 100 عام سيظل ذكرهم وسيختفي ذكر أي لاعب أو فنان أو رئيس أو غيره لم يقدم شيئا لأمته أو وطنه".
وأكد سلامة عبدالقوي، أن تحرك الجيوش الإسلامية والعربية ضرورة وفريضة شرعية لنصرة غزة، قائلا: "لو فعلها أردوغان فسوف أكون أول من يتطوع في الجيش التركي نصرة لغزة".
وقال عبدالكريم القشيبي، إن أردوغان إن فعلها فستكون خلافة إسلامية جديدة وستنتفض الشعوب على حكامها، وسيخضع الغرب، وسيكون رجل القرن الواحد والعشرين وسيدخل التاريخ من أوسع أبوابه.
غضب إسرائيلي
وتسليطا للضوء على الغضب الإسرائيلي، قال رئيس دائرة العلاقات الوطنية لحركة حماس علي بركة، إن قادة الكيان الغاصب لم يتحملوا تهديد الرئيس أردوغان بالتدخل لحماية الشعب الفلسطيني ووقف حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، قائلا إن من حق شعبنا أن يستنجد بالأشقاء العرب والمسلمين، ومن واجب الأشقاء والأصدقاء أن ينصروا شعبنا المظلوم.
وأكد الباحث في الشؤون الدولية والإستراتيجية إدريس آيات، تزايد التصعيد الكلامي بين أردوغان ومسؤولي الكيان الصهيوني.
ولفت إلى قول وزير خارجية الكيان؛ يسرائيل كاتس، إن "أردوغان يسير على خطا صدام حسين ويهدد بمهاجمة إسرائيل؛ فقط دعيه يتذكر ما حدث هناك، وكيف انتهى الأمر"، مختصرا الأحداث بأن "أردوغان هدد إسرائيل بالحرب، وهم يهددونه بالقتل!".
وأشار محمد المختار الشنقيطي، إلى أن تهديد أردوغان أول تهديد جدي من دولة ذات وزن.
وعرض رد زعيم المعارضة الإسرائيلية ووزير الخارجية الإسرائيلي، معقبا بالقول: "إذا كان البعض منا لا يأخذ تهديدات الرئيس أردوغان بالتدخل ضد إسرائيل مأخذ الجِد، فإن قادة هذا الكيان اللقيط يأخذونها بكل جِدّ".
وأوضح الكاتب ياسين التميمي، أنه لم يبق مسؤول صهيوني واحد إلا علق على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي ألمح فيها إلى إمكانية تدخل بلاده عسكريا لوقف ذبح الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن وزير خارجية الكيان هدده بمصير الرئيس صدام حسين، قائلا إن تصريح هذا الوزير ينبغي أن يوقف كل الهراء الذي لا يزال يعبر عنه قسم من العرب “العميقين” حيال الدور التاريخي للرئيس صدام.
وأضاف التميمي، أن عليهم أن يعترفوا بأن إزاحة صدام من السلطة في العراق كان مخططا صليبيا صهيونيا خالصا، لطالما نظر إليه الغرب بأنه حدث مفصلي شكل نهاية التاريخ بالقدر نفسه الذي أحدثه انهيار الاتحاد السوفيتي.
وكتب أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي: "بكل وقاحة وصلف مجرم الحرب العنصري إسرائيل كاتس وزير خارجية الاحتلال الصهيوني يهدد أردوغان رئيس تركيا بمصير وما حال بصدام حسين الذي توعد بحرق نصف إسرائيل وقصف تل أبيب عام 1990 أثناء احتلال قواته لدولة الكويت واضعا صورة صدام حسين وأردوغان.
وتابع: "يتناسى مجرم الحرب كاتس أن تركيا بعكس كيان احتلاله عضو رئيس وصاحبة ثاني أكبر قوات مسلحة داخل حلف الناتو بعد أميركا.. وأقوى قوات مسلحة في الشرق الأوسط وثامن أقوى قوات مسلحة في العالم حسب مؤشر Fire Power Index".
وعلقت الأكاديمية ياسمين إسلام، على قول زعيم المعارضة الإسرائيلية إن على العالم خاصة الناتو إدانة تهديدات أردوغان لإسرائيل وإجباره على إنهاء دعمه لحماس، قائلة: "ليت أردوغان فعلها مبكرا".