انتقادات من الشرق والغرب.. كيف تعاني ألمانيا بسبب سياستها الخارجية؟

"أسلوب وزيرة الخارجية الألمانية يثير الجدل بشكل متكرر"
في 5 سبتمبر/ أيلول 2024، هاجم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، سياسة ألمانيا الخارجية الداعمة لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة في مؤتمر صحفي بعمان مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك.
وفي 11 سبتمبر، علقت الخارجية الألمانية بشكل ساخر عبر منصة إكس على تصريحات مرشح الرئاسة الأميركي الجمهوري دونالد ترامب في المناظرة التلفزيونية مع منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، ما عد تدخلا في الانتخابات الأميركية.
ويسرد موقع "تيليبوليس" الألماني الانتقادات التي تواجهها بيربوك، من الولايات المتحدة بسبب مواقفها السياسية تجاه الانتخابات الأميركية والصراع في الشرق الأوسط.
ويشير الموقع إلى أن هذه الانتقادات من الولايات المتحدة والأردن تؤثر على صورة ألمانيا على المستوى الدولي، خاصة فيما يتعلق بالتزامها بالقوانين الدولية ودورها كوسيط في الصراعات الإقليمية.
وفي هذا الإطار، يعكس تعقيدات الموقف الألماني في السياسة الخارجية والتحديات التي تواجهها بيربوك في التوفيق بين مواقفها السياسية ودورها كوزيرة للخارجية.

جدل متكرر
في سياق ما أُشير إليه سابقا، يؤكد الموقع الألماني على أن "أسلوب وزيرة الخارجية الألمانية يثير الجدل بشكل متكرر".
وتابع موضحا: "حيث إنها تصف أحيانا الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بأنه ديكتاتور، وهو سلوك يُعد -على الأقل- غير دبلوماسي".
علاوة على ذلك، يلفت التقرير كذلك إلى أن "بيربوك توجه أيضا انتقادات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
كما أنها تتمسك بدعمها لأوكرانيا، قائلة: "بغض النظر عما يعتقده الناخبون الألمان، نحن في النهاية في حرب ضد روسيا".
ويشير الموقع أنه في الوقت الحالي، تعرضت بيربوك للانتقادات مرتين في وقت قصير.
والسبب في ذلك -بحسب ما ورد في التقرير- هو موقفها فيما يخص الحملة الانتخابية الأميركية وسياستها تجاه الشرق الأوسط.
وفي المقابل، يعكس الموقع أنه في أحدث مناظرة تلفزيونية بين دونالد ترامب وكامالا هاريس، وقع جدال حول سياسة الطاقة، وهو ما أثار ردود فعل دولية.
وفي هذا السياق، انتقد المرشح الجمهوري للرئاسة ترامب بشكل خاص سياسة الطاقة لحكومة "إشارة المرور" الألمانية وأسلافها.
وفي إشارة إلى الخطة المقررة للتخلص من الفحم بحلول عام 2038 وقانون الطاقة المتجددة لعام 2023، قال ترامب إن "ألمانيا تخلت عن جهودها في مجال الطاقة المتجددة وعادت بدلا من ذلك إلى بناء منشآت طاقة عادية".

الرد على ترامب
ومن جانبها، لم تتأخر وزارة الخارجية الألمانية في الرد على تصريحات ترامب، كما يقول "تيليبوليس".
فعلى منصة "إكس"، نشرت الوزارة، تحت قيادة بيربوك، تعليقا أرفقت معه صورة لترامب خلال المناظرة، يفيد بأن "نظام الطاقة الألماني يعمل ويعتمد بنسبة تزيد عن 50 بالمئة على الطاقة المتجددة".
وفي هذا الصدد، يسلط الموقع الألماني الضوء على أن "هذا التدخل غير المعتاد في الانتخابات الأميركية يثير الآن ردود فعل".
وفي حين أن وزارة الخارجية الألمانية تبدو كأنها ترد على معلومات ترامب الخاطئة بروح من الفكاهة، فإن خبراء السياسة الخارجية والمعلقين ينتقدون هذا التصرف.
فعلى سبيل المثال، ترى إيما أشفورد، أستاذة العلوم السياسية في جامعة جورجتاون، أن "التدخل في انتخابات دولة تعد ضامنة للأمن، مثل الولايات المتحدة، يُعتبر خطأ دبلوماسيا".
ومن ناحية أخرى، رد ريتشارد غرينيل، المقرب من ترامب والسفير الأميركي السابق في ألمانيا، عبر منصة "X"، متهما الحكومة الألمانية بأنها "أسوأ من روسيا وإيران عندما يتعلق الأمر بالتأثير على الانتخابات".
كما هدد باتخاذ إجراءات مماثلة إذا فاز ترامب في الانتخابات، وفق ما ورد عن الموقع.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن غرينيل يُنظر إليه كمرشح محتمل لمنصب وزير الخارجية الأميركية.
ومن الجوانب المثيرة للجدل أيضا أن "وزارة الخارجية الألمانية تجاهلت بعض الجوانب الحرجة في سياسة الطاقة الألمانية، مثل الاعتماد على واردات الطاقة الأجنبية وارتفاع تكاليف الطاقة".
ووفقا لوكالة الشبكة الفيدرالية، استوردت ألمانيا بين عامي 2023 ومارس/ آذار 2024 كهرباء أكثر من السنوات السابقة. كما أن تكلفة الكهرباء في ألمانيا أعلى من متوسط الاتحاد الأوروبي.

انتقاد من الأردن
وعلى جانب آخر، يذكر "تيليبوليس" أنه من بين الأمور التي لم تحظ باهتمام كبير في وسائل الإعلام الألمانية، توبيخ بيربوك في العاصمة الأردنية عمان مؤخرا.
فمنذ بداية الحرب الإسرائيلية في غزة، زارت السياسية المنتمية لحزب "الخضر" المنطقة حوالي 12 مرة.
وبشأن علاقة ألمانيا بإسرائيل، يؤكد الموقع بشكل واضح وصريح على أن "دعم هذه الحكومة الإسرائيلية لا يعني دعم إسرائيل".
“بل على العكس، دعم إسرائيل يعني الوقوف ضد ما تفعله إسرائيل فيما يتعلق بانتهاك القانون الدولي وانتهاك القانون الدولي الإنساني وقتل الأبرياء”.
وفي هذا السياق، يذهب الموقع إلى أن "الفلسطينيين هم أكبر ضحايا هذه العدوانية، كما أن مصداقية القانون الدولي أيضا يعد ضحية".
وفي هذه النقطة، بالإشارة إلى أنها لا تهتم بالقانون الدولي، يؤكد أن "هذه الحكومة الإسرائيلية أظهرت أنها لا تهتم بالقانون الدولي الإنساني. كما أنها لا تهتم بالسلام أو بأصدقائها من الدول الأخرى".
"فعلى سبيل المثال، طالبت الولايات المتحدة وألمانيا ودول أخرى من أصدقاء إسرائيل المقربين منها إنهاء الحصار على غزة والسماح بمساعدات إنسانية كافية، لكن الحكومة الإسرائيلية تجاهلتهم"، وفق الموقع.
وأضاف: "علاوة على ذلك، ضغطت الولايات المتحدة وألمانيا ودول أخرى من أجل مفاوضات لوقف إطلاق النار. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قطع الطريق أمام هذه المفاوضات، حتى تلك المتعلقة بتبادل الأسرى".
وبالنظر إلى أن نتنياهو أوقف تلك المفاوضات، يشدد "تيليبوليس" على أنه "مصر على استمرار هذه الحرب".
مشيرا إلى أن السؤال الذي يجب أن يُطرح: “هل تدعم هذه الحكومة الإسرائيلية المصالح طويلة الأمد لإسرائيل في الوجود في منطقة تعيش بسلام، أم علينا أن نواجه الحقيقة بأن ما تفعله هذه الحكومة الإسرائيلية يجعل إسرائيل دولة منبوذة وغير مقبولة في المنطقة؟”
وفي غضون ذلك، يلفت الموقع الألماني إلى أن ألمانيا يجب أن تُرى كـ "دولة متقدمة جدا في حماية القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
ويختتم تقريره بالتساؤل: “متى ستفرض ألمانيا عقوبات على من ينتهكون بشكل واضح القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؟”