الدولة السابعة.. ما أهمية انضمام تركيا لقضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل؟
حددت المحكمة 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 موعدا نهائيا لجنوب إفريقيا من أجل تقديم رأيها في القضية
في تصعيد لافت ضد الكيان الصهيوني، أعلنت تركيا في 7 أغسطس/ آب 2024، تقديمها طلبا للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
ويحق لتركيا تقديم بيان للانضمام إلى القضية، لأنها طرف في "اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها"، التي اعتمدتها الأمم المتحدة عام 1948.
وفي 29 ديسمبر/ كانون الأول 2023، تقدمت جنوب إفريقيا بدعوى من 84 صفحة، تعرض خلالها دلائل على انتهاك إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتورطها في "ارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
وحددت المحكمة 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 موعدا نهائيا لبريتوريا من أجل تقديم رأيها في القضية، كما تم تحديد الموعد النهائي لإسرائيل لتقديم وجهة نظرها المعارضة في 28 يوليو/تموز 2025.
وبدعم أميركي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة مدمرة على غزة خلفت أكثر من 131 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة
الدولة السابعة
وتكون وفد تركيا إلى المحكمة من السفير سلجوق أونال، ونائب حزب العدالة والتنمية في إسطنبول جنيد يوكسل، ورئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ونائب حزب العدالة والتنمية في إسطنبول إسماعيل إمراه كارايل، وعضو اللجنة الدستورية في البرلمان جاهد أوزكان.
وسلموا جميعهم بيان انضمام تركيا إلى قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل إلى هيئة محكمة العدل الدولية.
وبذلك، تصبح تركيا الدولة السابعة التي تقدم بيان انضمام في قضية الإبادة الجماعية بين جنوب إفريقيا وإسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
وذلك بعد نيكاراغوا وكولومبيا وليبيا والمكسيك وفلسطين وإسبانيا. ورغم ذلك، تبرز تركيا باعتبارها أهم دولة إقليمية قدمت إعلان تدخل حتى الآن، وفق مراقبين.
ومن المتوقع أن تبلغ المحكمة إسرائيل وجنوب إفريقيا، وهما طرفا الدعوى، عن مبادرة تركيا وفقا للمادة 63 من نظام المحكمة، وأن يقدم البلدان ملاحظاتهما بشأن إعلان انضمام تركيا إلى الدعوى.
وقبل تقديم تركيا لبيانها في المحكمة، قدم السفير التركي لدى لاهاي، أونال، ونائب حزب العدالة والتنمية في اسطنبول، يوكسل، بيانا أمام الصحفيين.
ومشيرا إلى دعم بلاده للقضية الفلسطينية، قال يوكسل: "تعلن تركيا مرة أخرى للعالم بصوت عال وجريء أنها تقف إلى جانب القانون الدولي القائم على القوانين وأنها ضد الإبادة الجماعية وأنها تدافع عن حقوق الإنسان، وذلك في أعلى هيئة قضائية للأمم المتحدة، والتي نسميها محكمة العالم (UAD)".
وأوضح يوكسل أنهم عملوا بدقة كفريق قانوني من البرلمان التركي منذ اللحظة التي اتخذ فيها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قرار التدخل. لافتا إلى أنهم أكملوا هذا العمل بالتعاون مع وزارتي الخارجية والعدل وفريق قانوني من الخبراء الدوليين.
بالإضافة إلى ذلك، أكد يوكسل أنهم -كوفد تركي- تابعوا القضية عن كثب منذ اليوم الأول، وشاركوا في جميع جلسات الاستماع.
وذكر أن كتاب "الدليل" الخاص بوكالة الأناضول الرسمية والمواد الأخرى التي تكشف بوضوح الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، وغيرها من المواد التي تعد الأدلة الرئيسة، قُدمت إلى اللجنة القانونية بجنوب إفريقيا العاملة في القضية.
وأضاف قائلا: "حتى أن مقتطفات من مقاطع الفيديو والصور عُرضت خلال جلسات الاستماع، وشاهدها الجمهور على الهواء مباشرة".
وأشار نائب العدالة والتنمية إلى أنه "على الرغم من أن محكمة العدل الدولية أصدرت 3 أوامر مؤقتة ضمن نطاق القضية، إلا أن إسرائيل لم تمتثل لهذه القرارات".
مؤكدا بذلك على أن "إسرائيل تصرفت بمفهوم الإفلات من العقاب -كما هو الحال دائما- مع تجاهلها للقانون".
مبادرة مهمة
من جانبه، قال سفير تركيا لدى لاهاي، سلجوق أونال، إن "إعداد ملف التدخل كان عملا مشتركا بين وزارتي الخارجية والعدل".
وأضاف: "اليوم، يوجد رئيس لجنتنا المعنية هنا لإظهار دعم برلماننا العظيم، حيث سنقدم قرار التدخل هذا معًا".
وفي إشارة إلى أن تركيا تتابع القضية عن كثب منذ البداية، قال أونال: "اتُّخذت 3 قرارات قضائية مؤقتة، ولكن للأسف رأينا جميعا على أرض الواقع أن إسرائيل لم تمتثل لأي منها. ونحن ندرك جديا مدى تفاقم هذه الكارثة. واليوم، ستتقدم جمهورية تركيا بطلب للانضمام إلى هذه القضية أمام محكمة العدل الدولية".
وأكمل السفير: "نأمل ونرغب في أن يكون هذا مثالا لجميع دول العالم الحر التي ترغب في رؤية عالم يقوم على قواعد دولية، وأن يؤدي ذلك إلى تقديم دول أخرى طلبات للانضمام للقضية، إضافة للمنضمين بالفعل".
كما صرح رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، أن "تقديم تركيا بيان انضمامها إلى قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية يُعد خطوة ملموسة وتاريخية لمستقبل القضية الفلسطينية".
وتابع: "سنواصل عملنا لضمان محاكمة إسرائيل أمام المحكمة الدولية بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية، بالإضافة إلى محاكمة نتنياهو وعصابته لينالوا أقسى عقوبة يستحقونها على الجرائم التي ارتكبوها".
وشدد قورتولموش على أن تركيا "ستواصل الدفاع عن القضية الفلسطينية التي تراها قضيتها الوطنية، وستستمر في النضال مع الإنسانية جمعاء حتى تتحرر فلسطين وتُقام الدولة وعاصمتها القدس".
بدوره، تطرق نائب الرئيس التركي جودت يلماز، إلى هذه القضية في بيانه. حيث قال: "الملف الشامل الذي أعدته بلادنا يُعد مبادرة مهمة فيما يتعلق بسيادة القانون ومحاسبة إسرائيل. ونأمل أن تكون هذه الخطوة مثالا لحكومات الدول الأخرى".
وقال إن "الثقة في القيم الإنسانية والقانون الدولي والمؤسسات ترتبط ارتباطا وثيقا بكيفية سير هذه العملية. وسوف نتابع هذه القضية حتى ينال نتنياهو وحكومته، الذين قتلوا 40 ألف فلسطيني بريء منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، العقاب الذي يستحقونه".
وأكد يلماز أنهم "سيواصلون هذا الدعم حتى تنشأ دولة فلسطينية مستقلة تتمتع بسلامة أراضيها، ضمن حدود عام 1967، ويتحرر الشعب الفلسطيني المضطهد".
وعلى جانب آخر، صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أنه "يجب على المجتمع الدولي القيام بدوره لوقف الإبادة الجماعية في غزة"، مشددا على ضرورة الضغط على إسرائيل وداعميها.
وكتب عبر منصة إكس: "يتعلق بتقديم تركيا ملفها استعدادا للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
وأضاف: "بسبب الإفلات من العقاب على جرائمها، تقتل إسرائيل المزيد والمزيد من الفلسطينيين الأبرياء كل يوم. ويجب على المجتمع الدولي أن يقوم بدوره لوقف الإبادة الجماعية في غزة وممارسة الضغوط اللازمة على إسرائيل ومؤيديها. وستبذل تركيا قصارى جهدها لتحقيق هذا الهدف".
وفي بيان له، قال وزير العدل التركي يلماز تونش: "بصفتنا جمهورية تركيا، قدمنا طلبا للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية".
وأضاف: "منذ 7 أكتوبر 2023، تسبب المسؤولون الإسرائيليون الوحشيون في استشهاد 40 ألف من إخواننا الفلسطينيين وإصابة أكثر من 90 ألف فلسطيني، متجاهلين أبسط حقوق الإنسان. سنظل نتابع القضية حتى يتم تقديم هؤلاء المسؤولين إلى العدالة الدولية وينالوا العقوبات التي يستحقونها".
ماذا سيحدث لاحقا؟
يقول مراقبون أتراك تدخل تركيا في قضية الإبادة الجماعية في غزة يعني تأكيد مسؤوليتها القانونية والأخلاقية على الساحة الدولية.
ومن المتوقع أن تجبر تركيا المحكمة على اتباع اجتهادها الخاص، خاصة من خلال الإشارة إلى الرأي الاستشاري الصادر في 19 يوليو/ تموز 2024، والذي ينص على أن إسرائيل قوة احتلال في غزة.
وبشكل عام، تأخذ المشاركة في القضايا المعروضة على محكمة العدل الدولية معنى جديدا كوسيلة للدول للمساهمة في الدولة المدعية.
وخاصة في القضايا التي تهم البشرية جمعاء، مثل الإبادة الجماعية، يصبح من المهم للدول أن تتقدم بطلب الانضمام للدعوى بسبب مباشر يؤثر على مصالحها الخاصة.
ولذلك، فإن هذه الخطوة التي اتخذتها تركيا، عند تقييمها، إلى جانب الجهود الأخرى لتحقيق السلام الإقليمي، قد تشجع الدول الأخرى في المنطقة على المشاركة بشكل أكثر نشاطا في الكشف عن انتهاكات القانون الدولي والدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
وبعد إعلان تركيا تدخلها، ستطلب المحكمة ملاحظات مكتوبة من طرفي القضية، جنوب إفريقيا وإسرائيل. وإذا رأت المحكمة ضرورة لذلك، يجوز لها أن تعقد جلسة استماع شفهية لتحديد ما إذا كان الانخراط في الدعوى مقبولا أم لا.
ومن المتوقع أن يصبح نص تدخل تركيا متاحا خلال أيام، حيث سيكون هذا النص متاحا للجمهور على الموقع الإلكتروني للمحكمة. ويُذكر أنه من الصعب التنبؤ بالموعد الذي ستنتهي فيه عملية الانضمام أمام المحكمة.