الذهب يتجاوز 3500 دولار لأول مرة.. ما الأسباب وهل يستمر في الصعود؟

منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

شهدت أسعار الذهب ارتفاعا قياسيا ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، ويكسر حاجز 3500 دولار للأونصة، خلال تداولات 22 أبريل/ نيسان 2025، قبل أن يعاود الانخفاض مرة أخرى في الساعات والأيام التالية.

وعزز المعدن النفيس مكاسبه خلال عام 2025؛ حيث ارتفع بنحو 32 بالمئة، متفوقا على معظم فئات الأصول الأخرى.

مع ذلك، أشار موقع "تيليبوليس" الألماني في تقرير له إلى أن "العديد من الاقتصاديين يتوقعون حركة تصحيح لأسعار الذهب، خاصة بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 24 أبريل 2025".

الملاذ الآمن

وأرجع التقرير أسباب الارتفاع القياسي الأخير لقيمة الذهب إلى عدة عوامل؛ على رأسها "الهجوم اللفظي الذي شنَّه ترامب على البنك المركزي الأميركي ورئيسه جيروم باول".

وكان ترامب قد اقترح مرارا وتكرارا أن يقوم باول بخفض أسعار الفائدة على الفور، ووصفه بأنه "السيد المتأخر للغاية"، وهي "الخطوة التي عُدّت بمثابة هجوم على استقلال البنك المركزي"، وفق الموقع.

وهدد ترامب باول عبر وسائل التواصل الاجتماعي في 21 أبريل 2025، قائلا: "قد نشهد تباطؤا اقتصاديا إذا لم يخفض السيد (المتأخر جدا)، الخاسر الكبير، أسعار الفائدة الآن".

ووفق الموقع، فقد "أدى الخوف من إقالة باول إلى هروب المستثمرين من الأسهم الأميركية والسندات والدولار، مما أدى لانخفاض قيمة الدولار، وهو ما انعكس إيجابيا على الأصول الآمنة مثل الذهب والين الياباني والفرنك السويسري".

ويعد انخفاض قيمة الدولار "من أبرز العوامل التي دائما ما تدعم أسعار الذهب؛ لأن الذهب حينها يصبح أقل تكلفة بالنسبة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى".

علاوة على ذلك، أوضح التقرير أن "حرب التعريفات الجمركية التي بدأها ترامب مع الصين ودول العالم، أسهمت في ارتفاع أسعار الذهب، فمع زيادة حالة عدم اليقين وارتفاع المخاوف من حدوث ركود عالمي، لجأ المستثمرون والبنوك المركزية إلى شراء الذهب بكثافة، بصفته ملاذا آمنا في ظل تقلبات السوق".

واستطرد: “بدأت موجة ارتفاع أسعار الذهب في الزخم منذ بداية عام 2024، فمنذ ذلك الحين عملت البنوك المركزية على تنويع احتياطياتها الأجنبية بعيدا عن الدولار وحماية نفسها من العقوبات الأميركية المحتملة، لتصبح مشتريا رئيسا في سوق الذهب”.

واسترسل: "كما أسهمت التدفقات إلى صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) وحجم التداول الهائل في الصين، في تأجيج الطلب على الذهب".

ورأى لي ليانغ لي، من شركة كالانيش إندكس سيرفيسز المتخصصة في تقديم خدمات تحليل السوق وتتبع الأسعار في المعادن والصلب، أن "الارتفاع السريع في أسعار الذهب هذا العام، يُظهر أن الأسواق لم تعد تثق في الولايات المتحدة كما كانت من قبل".

بدورهم، رأى محللو مجموعة جيفريز المالية أن الذهب أصبح، في ظل عمليات البيع المكثفة لسندات الخزانة الأميركية، "الملاذ الآمن الحقيقي الوحيد".

ولفت التقرير إلى أن "الطلب على الذهب يشهد دعما إضافيا من ارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب بشكل متواصل على مدار 12 أسبوعا، وهي أطول موجة صعود منذ عام 2022".

تحول نوعي 

وبالتزامن مع ذلك، أفاد الموقع الألماني بأن "البنوك المركزية حول العالم، خاصة في آسيا والشرق الأوسط، تستمر في زيادة مشترياتها من الذهب كجزء من إعادة تشكيل محافظها الاحتياطية".

وقد سجل عام 2023 رقما قياسيا في مشتريات البنوك المركزية من الذهب، ولذلك توقع أن "يستمر هذا الاتجاه في التسارع عام 2025، خاصة مع مشتريات الصين الكبيرة".

وتجدر الإشارة إلى أن “بنك الشعب الصيني (PBOC) يعد أكبر مشترٍ رسمي للذهب في العالم عام 2023، كما أظهرت أحدث البيانات أن البنك زاد احتياطياته الحكومية من الذهب للشهر الخامس على التوالي.

وأضاف التقرير أن "بيانات الربع الأول من عام 2025 أظهرت أن أكثر من 15 بالمئة من الزيادة في الطلب على الذهب جاءت من مؤسسات مالية كبرى، مما يعكس تحولا نوعيا في خريطة الاستثمار العالمية".

وبحسب التقرير، "دفع هذا الصعود المستمر البنوك الرائدة إلى تبني نظرة أكثر تفاؤلا بشأن آفاق الذهب؛ حيث توقع بنك (جولدمان ساكس) وصول سعر الأونصة إلى 4000 دولار في منتصف عام 2026، مع إمكانية بلوغه 4500 دولار في حال تفاقمت المخاطر الاقتصادية".

أما مجموعة ماكواري، فكانت قد توقعت في وقت سابق أن يصل سعر الذهب إلى 3000 دولار للأونصة عام 2025، و"هو مستوى تجاوزه بالفعل"، كما أوضح الموقع.

ويتوقع الخبراء أن يستمر ارتفاع سعر المعدن الأصفر على المدى المتوسط والطويل بسبب 4 عوامل رئيسة، خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، واستمرار مشتريات البنوك المركزية للذهب، والطلب المتزايد من الصين، إضافة إلى ارتفاع مخزونات صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب.

واستدرك التقرير: "رغم ذلك، برزت أصوات تحذيرية؛ إذ تشير بعض المؤشرات الفنية مثل مؤشر القوة النسبية (RSI) إلى أن سعر الذهب يعاني من التضخم، مما يرجّح احتمال حدوث مرحلة تصحيح (هبوط) في الفترة المقبلة، وفقا لما قاله الخبير في الاقتصاد الكلي، فين رام".

وأضاف الخبير فين رام: "الذهب في المدى القصير مبالغ في سعره بشكل كبير، مما يجعله عرضة للتصحيح، لكن لا ينبغي الخلط بين ذلك وتطوراته على المدى المتوسط".

وأوضح أن "الذهب يزدهر عندما تواجه الاقتصادات العالمية صعوبات، والحالة الاقتصادية الحالية تشهد عدم يقين كبير".

مرحلة تصحيح

وقال الموقع: "يرى المحللون أن هناك سيناريو واحدا يدفع الذهب للتراجع، وهو في حال أجبر تدهور التوقعات الاقتصادية في الولايات المتحدة الرئيس ترامب على التراجع عن الرسوم الجمركية المفروضة على الصين أو تخفيضها، وفي هذه الحالة، قد تنتعش الأسواق، مما يؤدي إلى تباطؤ ارتفاع أسعار الذهب".

وقد انخفض سعر الذهب بالفعل، بعد تصريحات ترامب في 24 أبريل 2025، حول العدول عن نيته إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وإعلانه "التفاؤل" بإمكانية التوصل لاتفاق تجاري مع الصين.

وأشار الرئيس الأميركي إلى تراجع محتمل في حربه التجارية مع الصين، قائلا: "145 بالمئة نسبة مرتفعة للغاية، ولن تكون مرتفعة إلى هذا الحد، لن تكون قريبة من هذا الارتفاع، ستنخفض بشكل كبير، لكنها لن تصل إلى الصفر".

وعقب تصريحات ترامب، حقق الدولار ارتفاعات طفيفة أمام العملات الأخرى، وهبط اليورو 0.25 بالمئة إلى 1.1389 دولارا متراجعا عن مستوى 1.15 دولار الذي سجله، وشكّل أعلى مستوى في نحو ثلاثة أعوام ونصف العام، وفق التقرير.

وأردف: "كما انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية 3.2 بالمئة ووصل إلى 3274.35 دولار للأونصة، كما انخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب 3.9 بالمئة إلى 3286.30 دولار".

ويرى الموقع الألماني أن "تصريحات ترامب، التي أدلى بها في البيت الأبيض، تبدو بمثابة تراجع في موقفه بعد أسابيع من المواقف المتشددة والرد بالمثل، مما أدى إلى تجاوز الرسوم الجمركية على الصين نسبة 145 بالمئة".

وتابع: "أدلى ترامب بهذه التعليقات ردا على سؤال حول تصريحات وزير الخزانة، سكوت بيسنت، في وقت سابق، والتي قال فيها: إن الرسوم الجمركية المرتفعة بين الولايات المتحدة والصين قد فرضت حظرا فعليا على التجارة بين الاقتصادين".

وأكد أن "بكين عمدت إلى الضغط على الصناعات الأميركية الرئيسة، فمنعت تصدير المعادن الثمينة النادرة إلى الخارج، وحدّت من عدد أفلام هوليوود المعروضة في البلاد، وأعادت طائرتين بوينغ على الأقل كانتا مخصصتين للاستخدام من قبل شركات الطيران الصينية إلى الولايات المتحدة".

وشدّد الموقع الألماني على أن "الآفاق تبدو جيدة للمستثمرين الذين يراهنون على ارتفاع أسعار الذهب، مع ضرورة مراقبة التطورات القادمة عن كثب".

وتابع: "بجانب متابعة السياسة النقدية الأميركية وبيانات الاقتصاد الكلي، يجب أيضا متابعة المخاطر الجيوسياسية والمستويات الفنية في الأسواق، وعندها، قد يكون الاستثمار في المعدن النفيس مجديا".