“دبلوماسية الطاقة”.. هل نجحت تركيا في تعزيز وجودها بالنيجر؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

في إطار النشاط الاقتصادي الملحوظ في القارة السمراء، يرى خبراء أن الشركات التركية يمكن أن تثبت وجودها مستقبلا بشكل كبير في الصحراء الوسطى ودول جنوب الصحراء الكبرى، خاصة في النيجر ومالي. 

وأجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارة رسمية لمدة يوم واحد إلى النيجر، وبعد اجتماع مجموعة العمل المشتركة التي عقدت في العاصمة نيامي في 17 يوليو/ تموز 2024 التقى فيدان بنظيره النيجري بكاري ياو سانغاري. 

ورافق فيدان وزير الدفاع ياشار غولر ووزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بايراكتار ورئيس المخابرات إبراهيم كالن ورئيس صناعة الدفاع هالوك غورغون ونائب وزير التجارة أوزغور فولكان. 

الاستثمارات التركية 

ونشر مركز "أنكاسام" التركي مقالا للكاتب، عمر فاروق بيكغوز، ذكر فيه أنه "يمكن القول إن التراكم الدبلوماسي في منطقة إفريقيا أصبح نشطا في السنوات الأخيرة". 

ورأى الكاتب التركي أن "تغيرات السلطة في إفريقيا خلال السنوات المنصرمة، بدءا من منطقة الصحراء، أدت إلى تغيّر ميزان القوى أو حدوث فراغات في السلطة في العديد من المناطق". 

ولفت إلى أنه "في إطار سياسة تركيا الخارجية، تم تعزيز العلاقات الثقافية وتعزيز أنشطة البنية التحتية وأنشطة البناء والأنشطة الاقتصادية في المنطقة التي أصبحت واحدة من مجالات تطبيق القوة الناعمة". 

وأدى إعلان "اتحاد دول الساحل" إلى تغيير محور القوى الذي كان موجودا مسبقا، بحيث تمّ عزل الدول الغربية في المنطقة وخاصة فرنسا.

وأشار الكاتب التركي إلى أنه “في السنوات الأخيرة شارك وزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بايراكتار في العديد من الاتصالات الدبلوماسية الهامة، والذي يعد أحد المؤشرات التي تظهر أن (دبلوماسية الطاقة) أصبحت عنصرا فعالا ورئيسا في الحوار”. 

وكما هو معروف فإن حجم التجارة بين تركيا وإثيوبيا، التي تم التركيز عليها بشكل خاص بسبب محطة توليد الطاقة الكهرومائية، قد اقترب من 3 مليارات دولار. 

وبالمثل من المعروف أن القطاع الخاص التركي قد قام بمبادرات واستثمارات نشطة في ليبيا وساهم في بناء جسور دبلوماسية. 

وبناء على هذه الأمثلة، تعد زيادة التعاون بين القطاعين العام والخاص مثالا مهما بشكل خاص للدول النامية في إفريقيا، حيث إن هذا التعاون يعد "منصة قفزة ونهضة". 

ولفت الكاتب التركي النظر إلى أن أكبر فرق بين دبلوماسية الطاقة ودبلوماسية الأمن هو أن الانتقالات الجيوسياسية السريعة والمفاجئة تُعدُّ أكثر احتمالا في دبلوماسية الطاقة.

وتستمر تركيا في الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والطاقة في إفريقيا من خلال القطاع الخاص دون الحاجة إلى دبلوماسية حكومية أو اتصال دبلوماسي. 

ولذلك، نرى أمثلة بارزة لحماية موارد الدولة في القارة الإفريقية، حيث ارتفع إجمالي التجارة بين تركيا وبين القارة السمراء من 5.4 مليارات دولار عام 2003 إلى 25.3 مليار دولار نهاية عام 2020. 

إنجاز مهم

وارتفع حجم التجارة مع دول جنوب الصحراء الكبرى من 1.35 مليار دولار عام 2003 إلى 10 مليارات دولار عام 2020. 

ويعد الحفاظ على حجم التجارة في عام 2020 رغم الظروف الوبائية “إنجازا مهما”.

وارتفع حجم المشاريع التي تتولاها شركات المقاولات التركية بشكل سريع إلى 71.1 مليار دولار في إفريقيا. ومن هذا المبلغ 19.5 مليار دولار في دول جنوب الصحراء الكبرى. 

وتجاوزت الاستثمارات المباشرة لتركيا في إفريقيا (المخزون) 6.5 مليارات دولار عام 2019 مقابل 100 مليون دولار عام 2003. 

ومن بين الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إفريقيا كان لتركيا النصيب الأكبر في توفير وإيجاد النسبة الكبرى من فرص العمل هناك وذلك بفضل الاستثمارات التركية هناك.

وتشير دراسة هذه البيانات بشكل خاص إلى مدى فعالية استخدام القوة الناعمة المعتمدة على الاستثمار في البلدان النامية. 

وأردف بيكغوز: “بناء على لقاء النيجر أبرزت التقارير الواردة في وسائل الإعلام التركية ثراء موارد الطاقة هناك وملاءمتها للاستخدام”. 

ورغم أن النيجر تمتلك مصادر غنية ومتنوعة للطاقة، إلا أن هذه الموارد “لم تستغل بشكل كاف”.

وتشمل هذه الموارد الكتلة الحيوية (الحطب والنفايات الزراعية، وهي المصدر الرئيس المستخدم في طهي الطعام من قبل الأسر)، واليورانيوم، والفحم، والنفط، والغاز الطبيعي، والطاقة الكهرومائية، والطاقة الشمسية. 

على سبيل المثال، يتواجد احتياطي اليورانيوم الذي يُقدر بأنّه يبلغ حوالي 450 ألف طن في شمال منطقة أغاديز.

فقد بدأ استخراج اليورانيوم في النيجر في السبعينيات من القرن الماضي بواسطة شركتين فرنسيتين، وبعدها بدأت شركات أخرى صينية وكورية باستخراج اليورانيوم. 

تقوم هذه الشركات الثلاث بإنتاج متوسط ​​سنوي يبلغ 5000 طن لتجعل النيجر أكبر منتج لليورانيوم في إفريقيا ورابع أكبر منتج في العالم.

غنية بالطاقة

وقال بيكغوز إن "احتياطيات الفحم في النيجر تبلغ أكثر من 90 مليون طن، وهناك مشروع تطوير مخطط لإنتاج فحم الكوك لتوليد الكهرباء".

وتقدر احتياطيات النفط في النيجر أيضا بأكثر من مليار برميل، ويتم توزيع المنتجات المصفاة من قبل شركة نيجر للهيدروكربونات، وتشمل المنتجات المصفاة بشكل رئيس البنزين ووقود الديزل والغاز البترولي المسال. 

أما الغاز الطبيعي في أراضي النيجر فيقدر احتياطيّه بحوالي 18.6 مليار متر مكعب، ولكن لم يتم بدء استغلال هذه الاحتياطيات بعد.

وقال بيكغوز إن "الإمكانات الهيدروكهربائية في النيجر تُقدّر بحوالي 280.5 ميجاواط، وتم تحديد أماكن مناسبة للطاقة الهيدروكهربائية على الأنهار الموسمية وفروع نهر النيجر". 

ويوجد إمكانات للطاقة الشمسية في جميع أنحاء النيجر، حيث يبلغ متوسط ​​مستوى الإشعاع الشمسي من 5 إلى 7 كيلوواط متر مربع يوميا ويتم استقبال متوسط ​​8.5 ساعات من ضوء الشمس. 

وبالمقارنة مع متوسط ​​مدة التعرض للشمس في تركيا لمدة 6-7 ساعات، يمكن القول أن النيجر غنية بالطاقة. 

بالإضافة إلى أن سرعات الرياح تتراوح بين 2.5 م/ث في الجنوب و5 م/ث في الشمال، مما يجعلها مناسبة لاستخدام محطات طاقة الرياح لضخ المياه.

وبناء على هذه المعلومات، يمكن لشركات تركية أن تكون حاضرة في المستقبل في النيجر ومالي وبلدان الصحراء الوسطى وجنوب الصحراء. 

وأشار الخبراء إلى أن المفتاح لذلك يكمن في إعداد تقارير بحثية جادة ومفصلة ومحدثة لتحقيق ذلك.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تفتح الاستثمارات الصناعية، بما في ذلك الطاقة الشمسية، آفاقا لتوفير موارد كبيرة في هذه البلدان. 

وفيما يتعلق باليورانيوم تم نفي الادعاءات من قبل رئاسة الاتصالات التركية، في حين يعد توقيع تعهد النفط والغاز قاعدة قوية للبناء.