بعد انهيار نظام بشار الأسد.. ما مصير الجولان السوري المحتل؟

إسماعيل يوسف | منذ ٣ أيام

12

طباعة

مشاركة

مع إسقاط ثوار سوريا نظام بشار الأسد صباح 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، تتزايد المخاوف في إسرائيل من أن تصل شرارة عملياتهم العسكرية إلى الجولان المحتل.

وانعكست تلك المخاوف في الاجتماعات الإسرائيلية الرسمية المتزايدة وأحاديث الإعلام العبري عن الأخطار القادمة من الحكام الجدد.

وبعد إسقاط النظام مباشرة، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي باستدعاء الفرقة 98 ولواءي المظليين والكوماندوز إلى الحدود مع سوريا.

كما أوضحت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية أن الجيش يواصل حفر خندق عميق على طول الحدود وخط وقف إطلاق النار مع سوريا.

وقبل إسقاطه بساعات، أعلنت تل أبيب إرسال تعزيزات عسكرية إضافية للجولان ومئات الجنود من كتائب المشاة، إلى "الفرقة 210" المسؤولة عن الهضبة المحتلة، تحسبا لمعارك في المستقبل، وفق لتلفزيون "i24news" الإسرائيلي 7 ديسمبر 2024.

بل، وأعلن الجيش الإسرائيلي في نفس اليوم عن وقوع اشتباك مسلح بين جنوده والمعارضة السورية، قرب الحدود في منطقة "حضر" السورية.

واحتلت إسرائيل الجولان السوري خلال حرب عام 1967، وفي 1981 أقر الكنيست (البرلمان) قانون ضمها إلى إسرائيل.

وأعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في ولايته الأولى "السيادة" المزعومة لإسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، لكن المجتمع الدولي لا يزال يتعامل مع المنطقة على أنها أرض سورية محتلة.

استنفار في الجولان

وفي 7 ديسمبر 2024، ومع تقدم ثوار سوريا، انسحب نظام الأسد من مواقعه في محافظات القنيطرة والسويداء ودرعا في الجنوب، الملاصقة للجولان المحتل، للمرة الأولى منذ احتلالها.

وأكد مصدران بالمعارضة وعسكري سوري لوكالة "رويترز" البريطانية، أن قوات المعارضة سيطرت على مدينة القنيطرة في الجولان السوري قرب خط وقف إطلاق النار.

ولأن الجيش السوري يتلقى هزائم متتالية وينهار ويستسلم، حتى في المناطق الحدودية مع الاحتلال الإسرائيلي، أطلقت تل أبيب صفارات الخطر، وبدأت تستعد لنتائج انهيار النظام وسقوط الأسد وتخشى وصول المعارضة للجولان.

جيش الاحتلال قال إنه "يتابع الأحداث ويستعد لأي سيناريو هجومي أو دفاعي، وسيعمل على إحباط أي تهديد لمواطني دولة إسرائيل".

وذكرت تقارير إعلامية عبرية أن "إسرائيل تستعد لاحتمال وقوع غارة مفاجئة عبر الحدود من سوريا"، من جانب مقاتلين سوريين من المعارضة.

ونشر جيش الاحتلال فيديو يظهر قواته وهي تجري تحصينات على طول الحدود مع سوريا، وجرافات تحفر خنادق مضادة للدبابات.

صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أكدت في 6 ديسمبر 2024 أن إسرائيل تستعد لتبعات انهيار النظام السوري في مواجهة التقدم السريع لقوات المعارضة، وعقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مداولات أمنية حول الأمر.

نقلت عن "مسؤول إسرائيلي" قوله: "إن مصلحة إسرائيل تكمن في استمرار الطرفين في القتال ضد بعضهما البعض، لأن أحد الطرفين هم السلفيون الجهاديون، والطرف الآخر هو إيران وحزب الله ونحن نريد أن يضعفا بعضهما البعض"، وفق وصفها.

لكن المسؤول أكد أن اقتراب المقاومة السورية من الجولان يخلق مشاكل لإسرائيل و"نحن مستعدون لأي سيناريو وسنعمل وفقا لذلك".

وعقب تحرير المعارضة مدينة القنيطرة، زار رئيس الأركان هرتسي هاليفي الحدود السورية يوم 7 ديسمبر، والتقى ضباط وجنود الفرقة 210 التي تحتل الجولان.

وأكد: "نراقب التطورات للتأكد من أن الجهات المحلية (المعارضة السورية) لا تتجه نحونا".

قال: "إذا حدث ارتباك وتوجهوا نحونا، فسيكون هناك رد هجومي، يتبعه دفاع قوي جدا، وعلينا أن نكون جاهزين هجوميا ودفاعيا".

وأضاف: "لن يسمح الجيش الإسرائيلي بوجود تهديد بالقرب من الحدود السورية الإسرائيلية وسيتحرك لإحباط أي تهديد لمواطني دولة إسرائيل".

وجاء هذا بعدما أجرى رئيس أركان الجيش، وقائد المنطقة الشمالية اللواء أوري جوردين، مع وزير الجيش يسرائيل كاتس مشاورات عسكرية يومي 5 و6 ديسمبر 2024 انتهت بالتأكيد على "مستوى عالٍ من الجاهزية ومواصلة مراقبة التطورات".

وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" 6 ديسمبر 2024 إن الجيش الإسرائيلي أعلن عن تعزيزات جوية وبرية في مرتفعات الجولان.

أشارت إلى أن الجيش ينتشر على طول الحدود ويراقب التطورات ويستعد لجميع السيناريوهات الهجومية والدفاعية.

وذكرت "القناة 13" الإسرائيلية أن جيش الاحتلال يقيم الآن فيما إذا كانت المعارضة ستشكل تهديدا حقيقيا لإسرائيل؟

زعمت القناة، أن "إسرائيل كانت تخشى بصورة رئيسة أن تتقدم قوات المعارضة جنوبًا حتى الحدود الإسرائيلية السورية في مرتفعات الجولان، ولهذا نقلت رسائل لقادتها تطالبهم بالابتعاد عن الحدود".

وحشد الجيش الإسرائيلي قوات كبيرة في الجولان السوري المحتل في ظل التطورات والمعارك المتواصلة.

وذكر أن قواته "تنتشر في المنطقة الحدودية، وتزيد من قدرتها واستعدادها، وفقا للسيناريوهات المختلفة".

وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، إنه جرى استدعاء قوات إضافية في الجولان لتعزيز الجهود الدفاعية قرب الحدود مع سوريا، وذلك في إطار تعزيز الاستعدادات لمواجهة تطورات أمنية محتملة على الجبهة الشمالية.

أوضح، عبر حسابه الرسمي في منصة "إكس"، أن هذا القرار جاء بناء على تقييم الوضع الأمني الذي يجريه الجيش الإسرائيلي بشكل دوري.

وأضاف أن القرار يعكس الاستعداد لمجموعة من السيناريوهات المحتملة في المنطقة، خاصة مع تصاعد التوترات الأمنية في سوريا.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية "كان 11" نقلا عن مسؤولين، 7 ديسمبر 2024 إن "الحديث يدور عن نقطة تحول دراماتيكية يمكنها أن تغير الواقع في الشرق الأوسط"، في إشارة لضرر سقوط نظام الأسد على إسرائيل.

ووفقا لتقرير بثته "القناة 12" الإسرائيلية: "فوجئت تل أبيب بضعف الجيش السوري، الذي فقد السيطرة سريعا لصالح المقاتلين الذين تقودهم جماعات جهادية"، وفق تعبيرها.

وأشارت إلى أن ما ساعد على سرعة سقوط الأسد هو عدم التدخل الكبير من جانب إيران وروسيا وحزب الله، حيث يعاني كل منهم من مشكلات مختلفة.

وذكر موقع “أكسيوس” الأميركي 6 ديسمبر 2024، نقلا عن مسؤول أميركي "إن إسرائيل أعربت عن قلقها لواشنطن بشأن احتمال استيلاء الإسلاميين المتشددين على سوريا"، وفق وصفه.

وقد اهتمت صحف الاحتلال بما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" 6 ديسمبر 2024 بشأن انهيار الجناحين اللذين كان يعتمد عليها نظام بشار لحمايته، ما أدى لسقوطه مع اضطرار إسرائيل لمواجهة مشكلات في المناطق الحدودية بعد سيطرة المعارضة عليها.

نقلت عن "ريم تركماني"، مديرة برنامج أبحاث الصراع في سوريا بكلية لندن للاقتصاد، قولها إن "العمودين الرئيسين اللذين كان يستند إليهما نظام الأسد هما: أولا القاعدة الموالية له، وثانيا الدعم الخارجي من إيران وروسيا".

وأوضحت (قبل سقوطه بالفعل)، أنه في الوقت الحالي هناك تساؤلات كثيرة عن القوى التي استند إليها الأسد داخليا وخارجيا.

وأكد حايد هايد، الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمركز أبحاث "تشاتام هاوس" في لندن، أن قوات النظام ليس لديها دافع للمخاطرة بحياتها من أجل الأسد بعد 13 عاما من الحرب، وكل هذا جعله أكثر هشاشة.

اشتباكات وكيماوي

ولم تكد إسرائيل تطلق تحذيرات من مشاكل على حدود وقف إطلاق النار في الجولان المحتلة، بعد وصول مقاتلي المعارضة لمدينة "القنيطرة"، حتى بدأت بوادر الاشتباكات.

فلأول مرة في تاريخ المنطقة، وعقب انسحاب جيش الأسد، كشفت إسرائيل 7 ديسمبر 2024 عن وقوع اشتباك مسلح بين المعارضة وجنود الاحتلال، قرب الحدود في منطقة "حضر" السورية.

و"حضر" هي إحدى قرى جبل الشيخ في مرتفعات الجولان وتقع في المنطقة العازلة قرب محافظة القنيطرة التي سيطر عليها ثوار سوريا، وهي تبعد عن دمشق 75 كيلو متر، وأغلب سكانها من الدروز.

وأعلنت فصائل المعارضة السورية السيطرة على القنيطرة عند الحدود مع الجولان المحتل في 7 ديسمبر 2024.

وقد حاول الاحتلال التخفيف من حدة الاشتباكات بزعم "أنه قام بمساعدة قوة الأمم المتحدة من أجل التصدي لهجوم من قبل مسلحين على موقع تابع للمنظمة الأممية في منطقة حضر".

لكن تقارير إسرائيلية وأجنبية قالت إن اشتباكا جرى بين جيش الاحتلال ومسلحين من المعارضة السورية بعدما سيطروا على مدينة القنيطرة في مرتفعات الجولان قرب خط الحدود.

وزعم وزير خارجية الاحتلال "جدعون ساعر" في تغريدة على إكس أن "إسرائيل تشعر بالانزعاج من انتهاكات اتفاق فصل القوات مع سوريا الموقع منذ مايو/أيار 1974، وتعد ما جرى تهديدا لأمنها وأمن مستوطناتها ومواطنيها في هضبة الجولان".

وقال الصحفي الإسرائيلي "باراك رافيد" إن إسرائيل نقلت رسائل إلى عدة فصائل معارضة في سوريا، بما فيها "هيئة تحرير الشام"، تحذرهم "إذا اقتربتم من الحدود بطريقة تنتهك اتفاق الهدنة فإن الجيش سيتخذ إجراءات ضدكم".

وذكرت "القناة 12" في 6 ديسمبر 2024 أن "سلاح الجو الإسرائيلي ضرب مخازن أسلحة إستراتيجية سورية، بما في ذلك مخابئ للأسلحة الكيميائية، خوفا من وقوعها في أيدي الجهاديين".

واستشهدت القناة بـ"تقارير أجنبية"، في محاولة للالتفاف على الرقابة العسكرية الإسرائيلية، التي تمنع نشر هذه الأخبار العسكرية.

وكانت صحيفة "هآرتس" قالت في 3 ديسمبر 2024، إن الجيش الإسرائيلي قلق من تداعيات سقوط نظام الأسد، ويخشى من وقوع الأسلحة الكيميائية في "الأيدي الخطأ".

قالت: "إذا وقعت مثل هذه الأسلحة في أيدي قوات المعارضة أو المليشيات المدعومة من إيران، فستضطر إسرائيل إلى العمل بشكل يمكن أن يؤثر على سوريا والشرق الأوسط بأكمله".

وكاحتمال لقرب تدخلها عسكريا في سوريا، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع قوله إن إسرائيل ستمد يد العون للأكراد والدروز إذا تعرضوا للخطر.

وذكر المصدر أن إسرائيل أكدت عدم السماح للفصائل المسلحة بالاستيلاء على أسلحة إستراتيجية تابعة لجيش النظام السوري، مشيرا إلى أن التطورات في ذلك البلد قد تؤدي إلى تغيير دراماتيكي في الشرق الأوسط.

مقاتلون على الحدود

وعقب دخول قوات المعارضة السورية مدينة القنيطرة قرب الجولان المحتل، تساءل مغردون عرب عما إذا كانوا سيهاجمون إسرائيل التي تواصل عمليات الإبادة في غزة.

محللون عسكريون إسرائيليون أبدوا حزنهم على انهيار قوات الأسد، مؤكدين أن الإستراتيجية الإسرائيلية كانت تراهن دوما على بقاء نظامه ولكن ضعيفا جدا، وتراه أفضل من المعارضة التي ستغير معادلات كثيرة في المنطقة.

المحلل العسكري ألون بن دافيد، قال: "ليس لدى إسرائيل أي مصلحة برؤية نسل تنظيم القاعدة يسيطرون على سوريا"، في إشارة إلى "هيئة تحرير الشام" التي تعد في طليعة هجوم المعارضة المسلحة.

قال إن "إسرائيل على العكس، تتطلع إلى استمرار حكم الأسد المستضعف وإبعاده عن المحور الشيعي"، قبل أن يسقط بالفعل.

بن دافيد قال خلال مقاله الأسبوعي في صحيفة "معاريف" 6 ديسمبر 2024، إن "السؤال هو إلى أين الوضع الجديد الحاصل في سوريا، وما هي حدود إسرائيل التي ستضطر إلى التدخل"؟.

قال إنه "حتى الآن لم تجر مداولات بمستوى إستراتيجي لتحديد أهداف إسرائيل في الوضع الجديد في سوريا".

وأشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أنهم "لا يرصدون في إسرائيل حاليا خطرا داهما مباشرا وراضون جدا من الحرج الذي لحق بإيران".

لكنه أضاف أنه "في المدى البعيد يوجد خطر متطور، في هضبة الجولان وفي المستقبل عند حدود الأردن أيضا".

قال إن التخوفات الإسرائيلية من التطورات في سوريا، هي "هجمات مفاجئة تشنها منظمات متطرفة، فيما المعلومات الاستخباراتية حول نشاطها والقدرة على إدراك تقديراتها محدودة نسبيا"، بحسب تعبيره.

أيضا أشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، إلى تهديدين على إسرائيل إثر التطورات في سوريا. 

التهديد الأول، يتعلق باحتمال "سقوط أسلحة، خاصة صواريخ وربما سلاح كيميائي، موجود في شمال ووسط سوريا بأيدي المتمردين في الأيام أو الساعات المقبلة، إن لم تكن قد سقطت بأيديهم فعلا".

ورأى أن "هذه الأسلحة في منطقة حلب والقواعد العسكرية حولها، خاصة مجمع الصناعات العسكرية السورية، قد توجه نحونا عاجلا أو آجلا".

والتهديد الثاني هو أن ينهار نظام الأسد (وهو ما حدث بالفعل)، وعندها ستتحول سوريا إلى دولة فاشلة أخرى مثل اليمن ولبنان وغزة، وفق وصفه.

أكد أن "صوملة سوريا (أي تحويلها إلى دولة شبيهة بالصومال)، بحيث تكون فيها قوات جهادية سنية وشيعية عند حدود إسرائيل، هي مشكلة من شأنها التهديد على بلدات الجولان والجليل الشرقي".