مناهض لإسرائيل.. كيف شكل اليسار والإسلاميون "تحالفا عجيبا" في أستراليا؟

9 months ago

12

طباعة

مشاركة

منذ شن الجيش الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة المحاصَر، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، خرج العديد من المظاهرات في أستراليا لدعم للشعب الفلسطيني، ما أثار غضب جهات داعمة للاحتلال.

وخلف العدوان عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة وتدهور ملحوظ في البنى التحتية والممتلكات،  وهو الأمر الذي أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".

تفسير الظاهرة

ونشر موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي مقالا لرومي ليبلر، وهو رجل أعمال بارز سابقا وزعيم مجتمعي في أستراليا ويقيم حاليا في القدس المحتلة، انتقد فيه الإسلاميين وقوى اليسار لأنهم يقفون خلف هذا الدعم للفلسطينيين.

وقال ليبلر إن "أستراليا بلد يفخر بكونه منارة للتنوع والتعددية الثقافية، كما أنه رحب بعد الحرب العالمية الثانية بالعديد من الناجين من المحرقة".

وأضاف: "كان يُنظر إلى أستراليا على أنها ملاذ، فهي الدولة الأبعد عن أوروبا الدامية، حيث أعاد اليهود الذين ذهبوا إلى هناك بناء حياتهم بعد الفظائع التي تعرضوا لها، وأصبحوا مساهمين رئيسين في جميع جوانب الحياة في أستراليا".

وأشار إلى أنه في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد عملية "الطوفان الأقصى"، وقبل أن تبدأ إسرائيل أي رد فعل حقيقي، تجمع حشد كبير خارج دار الأوبرا في سيدني للاحتفال بما حدث.

وزعم ليبلر أن "المتجمعين أطلقوا هتافات مسيئة لإسرائيل، وعبروا عن تمنيهم بأن يموت اليهود".

وادعى أن "منذ ذلك الحين، هناك تدفق لمعاداة السامية لم يشهده اليهود في أستراليا من قبل".

وتساءل الكاتب: "كيف نفسر هذه الظاهرة؟"

وأجاب بأن هناك مصدرين رئيسين للموجة الحالية مما يصفها بـ"معاداة السامية".

وقال ليبلر: "أولا، هناك الإسلاميون الذين يشكلون أقلية كبيرة داخل الجاليات المسلمة التي هاجرت إلى أستراليا على مدى العقدين أو العقود الثلاثة الماضية، وأغلبهم من العرب".

وأضاف: "وليس مستغربا أن يحمل كثير من المهاجرين تحيزاتهم معهم".


 

وأردف: "ثانيا، هناك اليسار الراديكالي، وهناك أيضا نازيون جدد يمينيون متطرفون، لكن عددهم وتأثيرهم يتضاءل إلى حد كبير مقارنة باليسار المتشدد".

وأوضح ليبلر أن "الإسلاميين برزوا لأول مرة في الثمانينيات والتسعينيات من خلال الإمام الأكثر نفوذا والمفتي السابق لأستراليا، الشيخ تاج الدين الهلالي".

وأورد أن "في الثمانينيات، كان هناك حوالي 75 ألف مسلم في أستراليا، بينما اليوم هناك أكثر من 800 ألف".

وقال ليبلر: "كانت هناك حالات عديدة في العقد الماضي، وخاصة في الأشهر القليلة الماضية، ظهرت فيها تسجيلات لأئمة المساجد وهم يلقون خطبا تحتوي على أبشع الهجمات ضد اليهود".

وحول اليسار السياسي في أستراليا، ذكر ليبلر أن "هناك دوما يسارا متطرفا في أستراليا مهووسا باليهود وإسرائيل".

وأردف: "في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، حوّل اليساريون الراديكاليون حرم الجامعات إلى ساحات قتال بدعمهم لمنظمة التحرير الفلسطينية وحملاتهم لنزع الشرعية عن إسرائيل".

وتابع: "ومن الجامعات، ذهب الكثيرون للانضمام إلى النقابات وإلى الجناح اليساري لحزب العمال الأسترالي (ALP)، بينما توجه آخرون إلى الأوساط الأكاديمية".

وأوضح أن "جهود هؤلاء الأفراد لجعل حزب العمال الأسترالي ذي الميول اليسارية يؤيد وجهات نظرهم فشلت إلى حد كبير، وحافظ الحزب على علاقة دافئة مع إسرائيل عندما كان في الحكومة".

واستدرك: "ومع ذلك، كانت هناك زيادة مطردة في دعم القاعدة الشعبية لحزب العمال الأسترالي للمواقف المؤيدة لفلسطين"، موضحا أن "العديد من مقاعد حزب العمال تضم حاليا دوائر انتخابية إسلامية كبيرة".

حزب الخضر

وفي عام 1992، تأسس حزب "الخضر" الأسترالي لتعزيز القضايا البيئية والمناخية.

وقال ليبلر إن "السياسات البيئية المتطرفة لحزب الخضر اجتذبت الكثيرين من اليسار الماركسي المتشدد، الذين جلبوا معهم كراهيتهم العميقة لإسرائيل".

وذكر أن "خلال العقد الماضي، تبنى حزب الخضر مواقف في غاية العداء لإسرائيل"، مضيفا أن بعد 7 أكتوبر، رُفع الغطاء عما وصفها بـ"المعاداة الصريحة للسامية".

وأفاد بأن حزب الخضر "لم يكتف بالدعوة إلى وقف إطلاق النار، بل رفض أيضا إدانة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) واتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية".

وأضاف: "لقد كانوا في صدارة الاحتجاجات الجماهيرية في جميع أنحاء البلاد، وشجعوا طلاب المدارس على الحضور".

ورأى ليبلر أن الأمر "الأكثر فظاعة" هو تصريح عضو مجلس الشيوخ الأسترالي عن حزب الخضر، جيني ليونج، بأن "اللوبي اليهودي والصهيوني يتسلل إلى كل جانب من جوانب المجموعات العرقية"، وأن "مخالبه تصل إلى المساحات التي تحاول التأثير في السلطة".

وقال الكاتب: "لقد كانت أجندة المناخ التي يتبناها حزب الخضر ناجحة للغاية في اجتذاب دعم ذوي البشرة السمراء والتقدميين والنخب الحضرية".

وأضاف: "لقد شكلوا تحالفا عجيبا مع الإسلاميين، وتبنوا سردية حماس وكأنها قضيتهم البارزة".

وأشار إلى أن "العديد من مجالس المدن المحلية في أستراليا مررت أو اقترحت قرارات تتراوح بين دعوات وقف إطلاق النار إلى اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب".

وسائل التواصل

ورأى ليبلر أن "هناك سببا آخر سهّل موجة معاداة السامية، وهو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تخضع لآلية رقابة".

وقد أدى ذلك -وفقه- إلى "تدفق رسائل الكراهية والإساءة والمضايقات التي تستهدف الأطباء والمحامين والفنانين اليهود".

وذكر أن "رجال أعمال يهود هُددوا بأنهم إن لم يتخلوا عن الصهيونية ويدينوا إسرائيل بالإبادة الجماعية، فسيتعرضون لحملة مقاطعة جماعية".

ورأى أن "ما يحدث في أستراليا يحدث في كل مجتمعات الشتات الرئيسة في جميع أنحاء العالم".

ولذلك أوضح أن "الوقت ربما حان ليطلق يهود العالم حملة عالمية، يخصصون فيها أسبوعا لفعاليات تحت شعار "لن يحدث مرة أخرى: أوقفوا معاداة السامية".

ويعتقد ليبلر أن هذه الحملة ينبغي أن تشمل الصحافة والإعلان عنها بجميع الوسائل.

ويرى أنه "يجب تشكيل تحالفات مع الطوائف الأخرى، وأنه يجب السعي للحصول على مشاركة الحكومة وتأييدها حيثما أمكن ذلك".

وزعم أن "في أستراليا، أظهر العديد من الأحزاب واللاعبين معاداتهم للسامية بشكل صارخ ويجب كشفهم".

وختم بالقول: "لقد حان الوقت لأن يأخذ اليهود زمام المبادرة ويتخذوا موقفا يعبرون من خلاله عن اعتزازهم بهويتهم".