الأردن يحظر "الإخوان" لدفاعها عن غزة.. وناشطون: نظام وظيفي يخدم إسرائيل

“النظام الأردني قرر مواجهة شعبه حماية للحدود الإسرائيلية”
غضب واسع أثاره حظر الأردن أنشطة جماعة الإخوان المسلمين"، وتصنيفها "جمعية غير مشروعة"، ومصادرة ممتلكاتها، بدعوى "الحرص على سلامة المجتمع"، ما عده ناشطون قرارا يخدم الكيان الإسرائيلي.
وأعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية في 23 أبريل/نيسان 2025، "اعتبار أي نشاط للجماعة أيا كان نوعه عملا يخالف أحكام القانون ويوجب المساءلة القانونية"، معلنا تسريع عمل لجنة الحل المكلفة بمصادرة ممتلكات الجماعة وفقا للأحكام القضائية ذات العلاقة.
ويأتي قرار داخلية الأردن، بعد أيام من إعلان ضبط خلية مكونة من 16 شخصا واتهامها بالعمل على "المساس بالأمن الوطني"، وقال: إنها كانت بصدد تصنيع طائرات مسيرة وصواريخ، إلا أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” طالبت بالإفراج عنهم، مؤكدة أن أعمالهم نصرة لفلسطين.
وقالت حماس في بيان أصدرته في 22 أبريل 2025، إنها اطلعت على مجريات وتفاصيل القضية، وإنها متأكدة من أن هؤلاء الشباب لم يكونوا يستهدفون بأي حال من الأحوال أمن الأردن واستقراره، خاصة في ظل بشاعة الجريمة الصهيونية والإبادة الجماعية المتواصلة في غزة.
ويشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت توترا غير معهود في العلاقة بين "الإخوان المسلمين" ومراكز الدولة الأردنية، على خلفية الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في غزة، وما تعده الجماعة موقفا رسميا غير كافٍ لإسناد غزة.
وبالتزامن مع إعلان وزير الداخلية الأردني لقرار حظر جماعة الإخوان، التقى ملك الأردن ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، خلال زيارة رسمية بدأها إلى السعودية، أعرب خلالها اعتزازه بالعلاقات التاريخية بين البلدين والحرص على إدامة التنسيق الوثيق.
وصب ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي “إكس” و"فيسبوك" جام غضبهم على النظام الأردني واتهموه بتنفيذ أجندة إسرائيلية ضد جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان المسلمون.
ووصفوا عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الإخوان_المسلمين، #الأردن، #وزارة_الداخلية، وغيرها النظام الأردني بأنه "نظام وظيفي" يحمي "إسرائيل"، مؤكدين أن قرار الداخلية بحظر نشاطات الإخوان ليس لصالح الأردن أو استقراره، بل خدمة لإسرائيل.
انتقاد واستياء
وتفاعلا مع التطورات، كتب الناشط السعودي المعارض ناصر بن عوض القرني، أن الأردن على صفيح ساخن والحكومة الأردنية تتصرف بحماقة!
وأضاف: “سواءً كنت ضد أو مع -قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين- الكل يعلم أن شعبيتهم هي السواد الأعظم، ودليل ذلك اكتساحهم القوائم الانتخابية في الانتخابات البرلمانية”.
وشدد على أن “النظام الأردني قرر مواجهة شعبه حماية للحدود الإسرائيلية”.
من جهته، أشار المحلل السياسي ياسين عز الدين، إلى أن القرار جاء بعد أن أصبح الحراك الشعبي المناصر لغزة يهدد قدرة النظام على ضبطه وإفراغه من مضمونه، فيريدون إخافة الجميع من خلال حظر أكبر الجماعات الداعمة لغزة.
وذكر بأن القرار ليس جديدا؛ لأن الجماعة تم حظرها عام 2020 لهذا قال وزير الداخلية: إنفاذ القانون بحظر الجماعة وتسريع عمل لجنة مصادرة أموال الجماعة وممتلكاتها، كما أضاف كلمة "وأذرعها"؛ حيث لا أستبعد أن يعدوا جبهة العمل الإسلامي ذراعًا لها وحلّها.
وأكد عزالدين، أن مثل هذه القرارات لا تستطيع حظر الجماعة، فحزب التحرير مثلًا محظور في الأردن لكنه مازال نشطًا، وكذلك الأمر لجماعة العدل والإحسان في المغرب.
ورأى أن أهم درس مستفاد لأبناء شعبنا الفلسطيني في الأردن بالإضافة لأبناء الإخوان المسلمين هو ضرورة تحررهم من القيود التي كانت تمنعهم من دعم فلسطين بالشكل الصحيح.
كما أشار عضو منظمة سند عبدالله الغامدي، إلى أن حل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تم بعدما حاول بعض أنصارها دعم المقاومة في فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني.
وقال: إن في زمن الخيانة والردة، نصرة المسلم تهمة وخيانة، تُحارَب المقاومة ويُعاقَب من يناصرها، ومولاة العدو الكافر سياسة رسمية، مضيفا: "قبل أن نحرر فلسطين، يجب أن نحرر أوطاننا من حكامٍ خانوا الأمة وباعوا قضاياها".
ووصف الناشط أسامة رشدي، القرار بأنه "قرار فاشي يعكس ضيق الأفق وانحسار الحكمة التي كان ينظر للنظام الملكي الأردني أنه يتمتع بها في إطار الحفاظ على التوازنات المجتمعية التي كانت تؤخذ في الحسبان تاريخيا في الأردن".
وذكر بأن علاقات العائلة الملكية بالإخوان قديمة ووفرت قدرا من الاستقرار في مراحل مختلفة وأزمات كبيرة، موضحا أن القرار المتعجل جاء استجابة لضغوط خارجية تماهيا مع وصفات شيطانية استشرت في المنطقة لعزل التيار الإسلامي، وهو قرار لا يصب في مصلحة الأمن والاستقرار في الأردن.
فيما عد الصحفي قطب العربي، إعلان وزير الداخلية الأردني حل جماعة الإخوان ومصادرة ممتلكاتها "تحصيل حاصل، وترضية شكلية لبعض الأطراف الداخلية والخارجية"، مذكرا بأن الجماعة تم حلها بالفعل منذ 2020 وتمت مصادرة ممتلكاتها ومقراتها منذ 2020.
وقال: إن القرار لم يصل إلى حد تصنيف الجماعة (إرهابية) كما طالبت بعض الجهات الداخلية والخارجية، ولكن قد يكون ذلك مرحلة تالية بعد الحصول على ثمنها من طالبيها.
وأضاف العربي أن القرار يستهدف بطريقة غير مباشرة منع الحراك الشعبي الداعم للمقاومة في الأردن؛ لأن وجود ذلك الحراك كان يمثل إحراجا للقصر وكذا لبقية حكام المنطقة الذين يمنعون المظاهرات الداعمة في بلدانهم.
خدمة للاحتلال
بدوره، قال هيثم محمدين، إن الإجراءات القمعية التي اتخذتها المملكة الأردنية ضد جماعة الإخوان المسلمين تأتي في إطار جهود عبد الله بن الحسين في حماية الاحتلال الإسرائيلي ومنع أي دعم سياسي أو عسكري للمقاومة الفلسطينية انطلاقا من أراضي الأردن.
ورأى أن الإطاحة بالنظام الأردني وتحويل الضفة الشرقية لنهر الأردن إلى قاعدة انطلاق للمقاومة تأخر كثيرا.
وأكد مجاهد يمني أن قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين في الأردن يتجاوز المبررات الأمنية ليكون خطوة إستراتيجية لإسكات صوت دعم المقاومة في غزة، ويخدم بالتالي المصلحة الإسرائيلية في الحدّ من التضامن العربي الشعبي.
وقال أديب الغويدي: "كنا نتوقع من الأردن قطع العلاقات مع إسرائيل، فإذا بها قطعت العلاقات مع الإخوان المسلمين"، مذكرا بأن كلام نتنياهو أثبت أن الإخوان هم العائق الوحيد أمام مشروع إسرائيل الكبرى.
وأشار إلى أن نتنياهو تعلم درسا بعد ما حصل في غزة، أن حماس أكبر دليل على إخلاص الإخوان لأرضهم ودينهم، فلا سبيل له إلا التخلص منهم عبر الوكلاء العرب؛ لأنهم شريان حماس والداعم لها وسط الشعوب.
وأضاف أن بالمقارنة مع حزب الله عرف نتنياهو كيف استسلموا في يومين فغير حساباته، وبدأ بالهجوم على الإخوان عبر الوكلاء بالأردن، بالتزامن مع تصريحات الرئيس الفلسطيني، مؤكدا أنها لن تكون الأخيرة وسيحاول الممول تحريك بقية أجندته ضد الإخوان في شتى الأرض.
وتابع: "مهما تكالبت إسرائيل مع كلابها من العربان الذين هم عار على العرب أصلا فإن قوة الله مع الحق دائما، ولا يمكن أن نشكك في قدرة الله على نصر أهل الحق، فالنصر قادم بثباتهم".
وأشار المغرد مؤمن إلى أن جميع الأنظمة العميلة الخائنة التي تحظر نشاط الإخوان المسلمين لا تحظر دخول الصهاينة أراضيها، وعد ذلك "دليل طهر الإخوان ونجاسة تلكم الأنظمة".
عبدالله وابن سلمان
وتعليقا على زيارة ملك الأردن للسعودية بالتزامن مع إعلان قرار حظر الإخوان، كتب المحلل الأمني رابح العنزي: " ملك الأردن مستعجل على أخذ جائزة حظر جماعة الإخوان المسلمين من محمد بن سلمان في نفس يوم الحظر مما يؤكد أن قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين ليس قراراً أردنياً بل هو قرار سعودي إسرائيلي".
من جانبه، قال الكاتب محمد الهاشمي، إن ملك الأردن طار في يوم حظر جماعة الإخوان المسلمين في الأردن إلى السعودية لمقابلة عدو الإخوان اللدود وراعي هيئة الترفيه والمجون محمد بن سلمان.
وأكد أن ابن سلمان وابن زايد يريدان عالما عربيا بلا إخوان.. بلا رأي معارض على الإطلاق.. بلا مواطن يسألهما عن موارد الدولة وسياساتها الداخلية والخارجية.. وهذه وصفة فرعونية شيطانية لا تصلح للأردن، ولا تتحملها الشخصية الأردنية، ولا تتحملها النفس الكريمة السويّة في أي مكان.
وخاطب الهاشمي، ملك الأردن ناصحا: “ابن سلمان وابن زايد مفسدان في الأرض وطاغيتان لا يتحملان تغريدة ناقدة، ومكروهان من تسعة أعشار الأمة.. لماذا تسمع لهما وتقامر بحكم عائلتك؟”
تحذيرات ومآلات
وتحذيرا من تبعات حظر جماعة الإخوان في الأردن وما سيخلفه من فراغ سياسي، عرض الكاتب رفيق عبدالسلام، صورة لملك الأردن، قائلا: "يحفرون قبورهم بأيديهم عبر إحداث فراغ سياسي ستملأه حتما قوى أكثر جذرية".
وتساءل: "إذا لم يحتملوا إخوان الأردن المتهمين بحماية النظام الملكي فمع من سيتعايشون؟"، واصفا النظام الأردني بأنه "وظيفي لم يقدر على حماية حدوده وأمنه، ولا يسمح لمن يقوم بالحد الأدنى من واجبه الوطني والديني والقومي".
وأكد عبدالسلام، أن مناصرة غزة وفلسطين ليست جريمة، بل هي شرف على جبين كل أردني وعربي ومسلم.
من جهته، وجه المغرد نبيل، رسالة إلى النظام الأردني، قائلا: "لا مبرر للخيانة حتى لو حظرت الشعب كله وأقول لك إن الفراغ السياسي الذي صنعته بحظر جماعة الإخوان المسلمين وأنشطتها سيجلب عليك الويلات ولن تنفعك إسرائيل".
وخاطب الشعب الأردني قائلا: "لا تتركوا الخونة ينكلون بأحسن من فيكم حتى لا تحصدوا حصاد ما جناه الشعب المصري".
وقال مهيب نصر: "يتفق حكام العار العربي على قضية واحدة فقط، ويسعون فيها بحماسة عالية، ليست قضية فلسطين بالطبع، بل قضية التوافق مع إسرائيل".
وأضاف أن "هذا التوافق يرضي البيت الأبيض، ويحافظ على كراسيهم، ويدفعهم إلى تصفية خصومهم المحتملين -الإخوان المسلمين نموذجًا- على أمل أن تنطفئ جذوة الغضب في المنطقة العربية".
وأكدت خديجة أوجدين، أن "قرار حل جماعة الإخوان في الأردن لا يمكن فصله عن السياق السياسي والإعلامي الممنهج، اللي هدفه الأساسي هو شيطنة كل فصيل مستقل، وتجريم كل فكرة خارجة عن الخط الرسمي".
بدوره، تساءل الناشط مراد علي: “كيف تتخذ الحكومة الأردنية مثل هذه التدابير الصارمة بحق فصيلٍ وطنيٍ يرفع راية المقاومة ضد الاحتلال، بينما تظل سفارة إسرائيل مفتوحةً في قلب عمان، ويستمر التجار والمسؤولون الإسرائيليون في التجوال بحريةٍ في أرجاء الأردن شرقًا وغربًا؟”
وتابع تساؤلاته: “هل باتت جماعة الإخوان تشكّل خطرًا على أمن الأردن، بينما تُعدّ إسرائيل ضامنةً لاستقرار المملكة؟”
وأضاف علي: "نعم، قد يُعزز قرار الحظر علاقات حكومة الملك عبدالله الثاني مع إسرائيل ومع بعض الدول العربية التي تتبنى موقفا معاديا للمقاومة، لكنه يُضعف موقف الأردن كداعم للقضية الفلسطينية".
وأعرب عن خشيته أن يؤدي قرار الحظر إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية والسياسية في الأردن، خاصة أن الإخوان تُمثل تيارًا شعبيًا واسعًا يحظى بتأييد كبير بسبب مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، والحظر قد يُثير ردود فعل معاكسة، مثل تنامي الاستياء الشعبي أو ظهور تيارات متطرفة عنيفة نتيجة الشعور بالقمع.