أميركا تقصف 3 مواقع إيرانية نووية.. وناشطون: ترامب يقرع طبول الحرب

منذ ١٠ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بعدما أوهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم بأنه يتريث في اتخاذ القرار النهائي بشأن توجيه ضربة عسكرية مباشرة لإيران، وأنه يمنح فرصة للدبلوماسية خلال أسبوعين، قصف المواقع النووية الإيرانية الثلاثة؛ فوردو ونطنز وأصفهان.

وقبل انتهاء المهلة بأسبوع، أعلن ترامب في 22 يونيو/حزيران 2025، أن طائرات حربية أميركية أسقطت قنابل على ثلاثة مواقع نووية في إيران، واصفا العملية ضد إيران بأنها تمهّد لما أسماه "وقت السلام".

وحدد المواقع الثلاثة التي ضُربت بأنها المنشأة الجبلية في فوردو، ومحطة تخصيب أكبر في نطنز وهي التي ضربتها إسرائيل قبل عدة أيام بأسلحة أصغر، أما الموقع الثالث فهو الواقع بالقرب من أصفهان القريبة، والتي تعتقد أميركا أن إيران تحتفظ فيه بيورانيوم مخصب.

وأوضح ترامب أن "حمولة كاملة من القنابل" أُلقيت على الموقع الرئيسي في فوردو، مشيراً إلى أنّ "جميع الطائرات المشاركة في العملية غادرت المجال الجوي الإيراني وعادت إلى قواعدها بسلام".

وبعد إلقاء القنابل، قال: "الآن هو وقت السلام"، كما كتب على منصته "تروث سوشيال": “فوردو انتهى”.

ونقلت شبكة فوكس نيوز عن ترامب قوله إن الولايات المتحدة محت منشأة فوردو تماما باستخدام 6 قنابل خارقة للتحصينات، مضيفا أنه "جرى تدمير موقعي نظنز وأصفهان النوويين بـ30 صاروخا من غواصات أميركية على بعد 400 ميل".

وبعد القصف، حذّر الرئيس الأميركي في كلمة له طهران من الرد على هجمات الولايات المتحدة على المنشآت النووية، وقال: إن إيران لديها خيار بين "السلام أو المأساة". مضيفا أنها ستواجه المزيد من الضربات العسكرية ما لم تتوصل إلى السلام.

وبدوره، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الضربة بأنها "جبارة" و"تاريخية"، وهنأ الرئيس الأميركي على قراره “الجريء”.

ومن جانبها، أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، أنه تم إخلاء المنشآت النووية الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان منذ فترة.

وبدورها، نقلت وكالة رويترز البريطانية عن مصدر إيراني كبير قوله: إنه جرى نقل معظم اليورانيوم عالي التخصيب بفوردو إلى مكان غير معلن قبل الهجوم الأميركي وأنه تم تقليص عدد العاملين في الموقع إلى الحد الأدنى.

كما نقلت صحيفة واشنطن بوست عن محلل في شركة الأقمار الصناعية “Maxar” أنه “في اليومين قبل هجوم الولايات المتحدة على المواقع النووية الإيرانية، أظهرت صور أقمار صناعية وجود نشاط غير اعتيادي للشاحنات والمركبات في منشأة فوردو”.

واستنكر ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي الاستهداف الأميركي للمنشآت النووية وتصعيد الصراعات وزيادة التوترات في المنطقة دون وضع العواقب الوخيمة في الحسبان.

وعبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الضربة_الأمريكية #فوردو، #طهران، #ترامب، #الحرب_العالمية_الثالثة، وغيرها، ذهبوا إلى أن الضربات العسكرية الأميركية تهدف لحفظ ماء الوجه بعد التهديدات والتصريحات المتشددة.

وتباينت ردود فعل ناشطين حول تداعيات القصف الأميركي؛ إذ حذر فريق من مآلاته، فيما عده آخرون وسيلة لتحقيق أهداف سياسية كالضغط على إيران للتفاوض، بينما برزت تكهنات عن وجود تنسيق مسبق بين واشنطن وطهران.

وقدموا تحليلات وقراءات لإعلان إخلاء المنشآت النووية المعلن قصفها منذ فترة، وعدوها محاولة من إيران لتقليل تأثير الضربة الأميركية، أو لتجنب الرد على الاستهداف.

استنكار وتنديد

وسخر علاء شعث من قصف ترامب لإيران وهو يتكلم عن السلام، ومهاجمة إسرائيل 5 دول عربية وهي تتكلم عن السلام.

وتهكم قائلا: "يصنعون السلام بالقنابل ولا يريدون منا إلا أن نقبل بسلامهم، في حين لا يحترق ولا يموت إلا العرب ولا تتدمر إلا أوطانهم".

واستهزأ الصحفي فايد أبو شمالة، من تدوينة ترامب التي أعلن فيها قصف 3 منشأت نووية، متسائلا: “كيف يمكن تحقيق السلام بهذه الطريقة الهمجية؟”

وأكد الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، أن ترامب "لا يريد سلاما وإنما استسلاما".

واستبق ذلك بالإشارة إلى أن ترامب أثبت أنه يكذب طيلة اليومين الماضيين عندما كان يتحدث عن مهلة الأسبوعين.

وقال زياد: إن نتنياهو نجح في إقناع ترامب بدخول الحرب، كما أقنعه قبل ذلك بإنهاء مسار المفاوضات والسماح له بتوجيه ضربة لإيران، كما أقنعه في ولايته الأولى بالانسحاب من الاتفاق النووي.

وأضاف أن نتنياهو أبدى قدرة عالية في جرّ الولايات المتحدة إلى خياراته، والآن باتت أمام اختبار حقيقي، متسائلا: “هل سيمنح هذا ترامب صورة النصر التي يريد؟ أم حربا يندم على التورط فيها؟”

الرد المتوقع

وعن الرد الإيراني المتوقع على العدوان الأميركي، أوضح الكاتب محمد حامد العيلة، أنه يتكئ على عاملين أساسيين، هما مستوى انخراط الأميركان في المعركة، وتقييم حجم الأضرار. 

وقال: إنه استنادًا إلى طبيعة الضربة الأميركية وتصريحات ترامب، فإن الانخراط الأميركي لا يزال يبدو محدودًا، وغير شامل، ويتركز ضد الملف النووي دون أن يمتد إلى البرنامج الصاروخي، أو إلى استهداف رموز البلاد وقادته، أو المنشآت الحيوية العسكرية والمدنية.

وتوقع العيلة، أن ترد إيران على القواعد الأميركية المحيطة بها، قائلا: "لو كنت أملك القرار، لوجهت التركيز أكثر نحو إسرائيل فهي نقطة الضعف إذ إن إيلامها يُحدث أثرًا أكبر من ضرب قواعد عسكرية اتخذت احتياطاتها واستعدت لتلقّي مئات الصواريخ".

وعدد الصحفي قطب العربي، 5 خيارات أمام إيران مع دخول واشنطن للمعركة وضرب أهم المواقع النووية".

وعلى رأسها توجيه ضربات لمفاعل ديمونة الإسرائيلي رغم الحماية الكبيرة له، أو مواقع نووية إسرائيلية أخرى.

وأشار إلى أن الخيار الثاني توجيه ضربات لأهداف أميركية قريبة في دول خليجية أو غير خليجية، لافتا إلى أن الخيار الثالث هو تحريك المليشيات والمجموعات التابعة لها في بعض الدول لضرب أهداف أميركية.

ورأى العربي، أن الخيار الرابع أمام إيران هو الإعلان عن امتلاك القنبلة النووية بالفعل سواء من خلال تفجير كلاسيكي أو معملي، والخامس إغلاق مضيق هرمز وهو ما يعني تصدير أزمة طاقة للعالم كله.

وكتب الكاتب إبراهيم حمامي: "بعد أن فشل نتنياهو باستكمال ما بدأه، وبعد أن نجح في جر الولايات المتحدة للمعركة، لم يتبق لإيران إلا خيار واحد: خيار شمشون.. فهل ستلجأ إليه؟ ساعات ونعرف".

وقال الإعلامي محمود علام: “لو النظام الإيراني بلع الضربة دي وسكت عليها ومضربش القواعد الأميركية زي ما كان بيهدد، يبقى دي نهايته”.

وأضاف: "ولو مبلعهاش -النظام الإيراني- وقرر يرد بقصف القواعد الأميركية وإغلاق مضيق هرمز زي ما كان بيوعد من فترة، أو حلفاؤه زي الصين وروسيا أو كوريا الشمالية اتدخلوا؟؟! يبقى للأسف.. دي رسميًا بداية الحرب العالمية الثالثة".

فشل الضربات!

وتعقيبا على رواية إيران بإخلاء المنشآت النووية منذ فترة، وبالتالي عدم تضررها من الضربات الأميركية، عدّها الباحث لقاء مكي مؤشر على أن طهران لا تريد الرد بذريعة فشل الضربات، قائلا: "ربما تكون الحرب قد انتهت عند هذا الحد، لكن التداعيات ستستمر طويلا".

وأشار بلال سعيد إلى أن رد فعل الإيرانيين في الساعات القادمة سيبين مدى نجاح الضربة من عدمه، إما فعلا ستكون ناجحة وفقا لكلام الرئيس الأميركي والبرنامج النووي الإيراني انتهى، أو مجرد ضربة بينفذها ترامب.

وأرجع دوافع ترامب لذلك إلى الخروج من مأزق تعهداته لإسرائيل فى حين أن البرنامج النووي ما زال قائما فى مواقع أخرى سرية.

وبين أن “إيران هتفاجئ الجميع بنجاحها في الحصول على السلاح النووي”.

وقال أحد المدونين: "لو هذه المعلومة صحيحة ستكون ضربة قوية لجهاز الاستخبارات الأميركي، ولو مش صحيحة سيكون البرنامج النووي الإيراني انتهى تقريبا".

ولفت أحمد علام الخولي، إلى أن الضربة الأميركية حقّقت أكثر من هدف ومنها إظهار أن أميركا تساند إسرائيل بعد وضوح أنها لا تستطيع حسم أي حرب في المنطقة إلى الآن منفردة.

وأشار الخولي إلى أن الضربة حققت نصر سياسي يحفظ وجه نتنياهو داخليا وسط كل الأجواء الملتهبة المحيطة به بسبب العدوان على غزة والأسرى (الإسرائيليين بالقطاع) والأثر التدميري للصواريخ الإيرانية، وسقوط أهم أركان نظرية الردع الإسرائيلي بانتقال الحرب لداخلها لأول مرة. 

وأكد همام طارق أبو الشيخ، أن إيران تحاول التقليل من حجم الضربة الأميركية على منشآتها النووية حتى لا تضطر للرد على القواعد الأميركية في الخليج وتفتح على نفسها أبواب الجحيم. 

وقال: إن ترامب وجه قرصة أذن لإيران لتعود إلى رشدها، وليس ضربة شاملة بقنابل نووية تكتيكية تنهي البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل.

قراءات وتحليلات

وفي تباين للقراءات والتحليلات للضربة الأميركية، أكدت المديرة التنفيذية لمؤسسة مدى للرؤية الإستراتيجية نيسان بابلي، أن الهجوم الأميركي على المنشآت النووية ليس مجرد ضربة عسكرية تقليدية، بل إعلان صارخ بتحول إستراتيجي في قواعد الاشتباك الإقليمي والدولي.

وقالت: إن ترامب لم يستهدف فقط بنى تحتية نووية، بل وجّه رسالة إلى الداخل الإيراني والخارج مفادها: أمن إسرائيل والخليج لا يمكن التفاوض عليه، والخطوط الحمراء الأميركية ستُفرض بالقوة إذا لزم الأمر.

وأضافت بابلي، أن هذه الضربة “الناجحة للغاية” كما وصفها ترامب، قد تُدخل الشرق الأوسط في مرحلة جديدة؛ حيث لم يعد الردع يقوم على التهديد بل التنفيذ الفعلي المكلف.

فيما قال الأكاديمي حمود النوفلي: إن "المخادع أصبح مكشوفا لدى إيران ويعرفون أنه مخادع، وهذه الضربة لحفظ ماء وجه أميركا والكيان كمخرج لوقف الحرب على كيانهم المنهار والذي لا يتحمل الاستنزاف".

وأشار إلى أن المنشآت لم تتدمر إطلاقا، واليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد تم نقلها منذ فترة إلى أماكن آمنة وسرية.

وعقب الأكاديمي أيمن البلوي على تأكيد شبكة سي بي إس الأميركية أن الولايات المتحدة أبلغت إيران بالضربات الجوية مسبقا.

وقال: إن الاحتمال الأكبر "توافق أميركي إيراني"، رد لحفظ ماء الوجه - قريب من الرد على مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس، والتخلص من النووي مقابل التنازل عن هدف إسقاط النظام الإيراني، وفق تعبيره.

وأضاف: "لا أتكلم هنا عن مسرحية، بل عن هزيمة شبه رسمية لإيران". متابعا: "الاحتمال الأصغر: رد إيراني شامل وضرب القواعد الأميركية وحرب إقليمية".

مآلات العدوان

وتحت عنوان "واقع ومآلات العدوان على إيران وتحييدها"، توقع عمر محمد حسين الخطاطبة، ألا تدخل أميركا الحرب بصورة جدية؛ وإذا دخلت ستدخل بواحد من سيناريوهين.

أولهما ضربة استعراضية لمفاعل فوردو (حيث تخصيب اليورانيوم بنسب عالية)، وبذلك تختم فيها أميركا "المعركة الحالية".

وأوضح أن ثاني السيناريوهات توجيه ضربة شكلية غير موجعة - يتم ترتيبها بصفقة سرية مع إيران  بوساطة أوروبية - لحفظ "ماء الوجه".

وحذّر الناشط السياسي أسامة رشدي، من أن التعامل الغشوم والاستعراضي للولايات المتحدة بقصف المواقع النووية الإيرانية السلمية بقنابل تدميرية ضخمة ينذر بعواقب وخيمة.

وقال: إن ‏هذا التصعيد قد يدفع إيران لتعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويُدخل برنامجها النووي في "المنطقة المظلمة"، خاصة مع تقارير تفيد بإخلاء المواقع المستهدفة مسبقًا ونقل اليورانيوم المخصب إلى مواقع آمنة.

ورأى رشدي أن ‏من المبكر القول: إن الضربات دمرت البرنامج الإيراني المحصن المبني بجهود وطنية وهو قابل للترميم، لكن الخطر الجديد هو خروجه من الإشراف الدولي، وربما تغيّر عقيدته من سلمية إلى عسكرية.

ونبه على أن الغطرسة في استخدام القوة تنذر بشرٍ كبير على المنطقة والعالم، في ظل الانتهاك الصارخ للقانون الدولي وتآكل منظومة القيم التي بناها العالم منذ 80 عاما.

ورأى ناصر الدويلة، أن من يظن بأن الحرب ستنتهي قريبا "مخطئ"، مؤكدا أنها مقدر لها أن تستمر سنتين على الأقل وتنتهي باجتياح بري إسرائيلي لسوريا والعراق في منطقة الفرات حتى الفاو.

وقال: “كطبيعة للحروب التي سبقت ستكون الحرب منهكة ومسيطر على إيقاعها من قبل الدول السبع الكبرى وفق تصور أكبر لرسم خريطة العالم وتقاسم النفوذ”، مضيفا: "لا أملك معلومات دقيقه لكنها قراءة تستند إلى فهم مخططات القوى الكبرى في المنطقة".

وقال هشام الكاف: يبدو أن الحرب اتخذت مسارا جديدا، أميركا ترامب وإسرائيل نتنياهو يريدان توسعتها إلى أقصى حد.