حكومة عدن تنصاع لمطلب أممي بإنقاذ "الحوثي" ماليا.. وناشطون: الغرب متواطئ

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

ضجة واسعة أثارها انصياع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا لطلب المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ، بتأجيل تطبيق قرار سحب تراخيص البنوك التجارية العاملة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بدعوى “تجنب تصعيد عسكري محتمل”.

وسبق أن قرر البنك المركزي في العاصمة المؤقتة في مايو/أيار 2024، إلغاء تراخيص 6 بنوك عاملة في مناطق سيطرة الحوثيين، لعدم نقلها مراكزها الرئيسة إلى عدن.

ويشهد اليمن انقساما نقديا، إذ يوجد بنكان مركزيان أحدهما تديره الحكومة في عدن، ويتعامل بأوراق مالية حديثة، قيمة الدولار فيها 1760 ريالا، والآخر في صنعاء يديره الحوثيون، ويتعامل بأوراق مالية أقدم، قيمة الدولار الأميركي فيها 531 ريالا.

ويحظى البنك المركزي في عدن باعتراف المؤسسات المالية الدولية ما يمنحه قدرة التحكم في الوصول إلى الشبكة المالية العالمية "سويفت"، كما يُعد الجهة الوحيدة التي تستطيع عبرها البنوك التجارية المحلية تمويل عمليات الاستيراد من الخارج.

وفي 10 يوليو/ تموز 2024، وجه غروندبرغ رسالة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، حث فيها الحكومة والبنك المركزي اليمني على تأجيل تنفيذ هذه الخطوة تفاديا لتكريس ضغوط إضافية خطرة على الاقتصاد اليمني، وللمساعدة في الجهود الرامية لإطلاق حوار مع الحوثيين.

بدوره، أعلن مجلس القيادة تمسكه بجدول أعمال واضح للمشاركة في أي حوار حول الملف الاقتصادي، بما في ذلك استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، وإلغاء الإجراءات التعسفية كافة بحق القطاع المصرفي، مبديا استعداده انتهاج أقصى درجات المرونة.

وبينما لم تعلن الحكومة صراحة استجابتها لطلب المبعوث الأممي وتجميد القرارات، تسربت أنباء على لسان مسؤولين بأن مجلس القيادة الرئاسي أقر في 12 يوليو، تأجيل تنفيذ الإجراءات، ما أثار ضجة بين اليمنيين.

وحذر ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها البنك_المركزي، و #الشعب_مع_قرارت_البنك_المركزي، #اليمنيون_مع_قرارات_البنك، الحكومة اليمنية من التراجع عن تطبيق القرارات، مستغربين وقوف الأمم المتحدة والغرب إلى جانبهم.

ولفتوا إلى فشل المبعوث الأممي لليمن في تحقيق أي نجاح يذكر واتهموه بالضعف والتواطؤ مع الحوثيين على حساب الشعب اليمني.

ذرائع كاذبة

وفي ضوء هذه الضجة، استنكر وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني، تباكي الحوثيين على الاقتصاد اليمني والوضع المعيشي لليمنيين، وأكد أنهم نهبوا الخزينة العامة والاحتياطي النقدي، وأموال المودعين في البنوك التجارية، والزكاة، والأوقاف، تاركين ملايين اليمنيين تحت مستوى خط الفقر والمجاعة.

من جانبه، كتب العميد خالد المنسي: "ثم يأتي الحوثيون ويقولون الموت لأميركا والموت لإسرائيل، بينما أميركا وإسرائيل والأمم المتحدة هي من تحميهم وتنقذهم عندما يسقطون".

وأكد أن المبعوث الأممي لا يأتيه القلق إلا عندما يتعرض الحوثيون لتهديد واليوم جاءهم القلق بسبب قرارات البنك المركزي التي استهدفت النظام المصرفي في مناطق الحوثيين ويريد تأجيل هذا القرار حرصا على الاقتصاد اليمني الذي دمرته هذه الجماعة، ولم يعد له وجود.

وأضاف المنسي، أن الحوثيين هم أهم أدوات الاستعمار الجديد لزعزعة أمن المنطقة ونهب مواردها، ولذا سنجد أميركا والأمم المتحدة يعملون على حمايتهما على الدوام تحت ذرائع إنسانية كاذبة والحقيقة يقومون بحمايتهما بصفتهما أحقر الأدوات المستخدمة لاستنزاف منطقة الخليج.

فيما قال الباحث ياسين التميمي: "لم نسمع من المبعوث الأممي إلى اليمن هذا الصوت المبحوح الخائف من تداعيات قرارات البنك المركزي اليمني السيادية الحريصة على وضع حد للتدهور النقدي والانقسام المالي منذ أن تسلم مهامه قبل أكثر من عامين."

وأشار إلى أن المبعوث الأممي لم يرفع صوته محتجا على استهداف موانئ تصدير النفط في حضرموت، والتي حرمت الشعب اليمني من عوائد نقدية هو في أمسّ الحاجة إليها.

ورأى التميمي، أن هذه الإجراءات الشجاعة كشفت إلى جانب دلائل أخرى عديدة حقيقة التخادم والتغطية والإسناد لجماعة الحوثي الانقلابية، والتي جعلتها تبدو قوية ومتماسكة وتصل إلى أهدافها بسهولة.

وأضاف: “يمكن للحكومة أن تظهر بعض التأني والحرص المطلوبين لفائدة البنوك الوطنية ومصالح المودعين، ولكن ذلك يجب أن يفضي في النهاية إلى تنفيذ قرارات المركزي اليمني السيادية لينحصر الضرر في قدرات الحوثيين المالية والسلطوية وهذا هو واجب السلطة الشرعية وداعميها.”

عمار صبرة، رأى بدوره، أن رسالة المبعوث الأممي للشرعية لتأجيل قرارات البنك دليل على التوافق والدعم اللا محدود من قبل بريطانيا وأميركا لجماعة الحوثي، لافتا إلى أن المبعوث الأممي خلال الـ10سنوات من الحرب لم يكلف نفسه لإخراج موظفيه المختطفين لدى الحوثي القوه عز.

وعد أبوحاتم المصقري موقف المبعوث الأممي من مليشيات الحوثي الذي يصورها كسلطة أمر واقع ويساويها بالحكومة الشرعية، موقفا ينافي الإجماع الدولي الذي صنفها جماعة إرهابية اغتصبت السلطة بقوة السلاح ودمرت اليمن.

وذكر الصحفي إبراهيم عبدالقادر، بأن غروندبرغ صفته مبعوث أممي ويجب التعامل معه على هذا الأساس، ويرد عليه موظف حكومي من الدرجة العاشرة، ويذكره بمهامه الأساسية، وكيف أنه التزم الصمت المخزي تجاه مذابح مليشيا الحوثي تجاه الاقتصاد، وكيف قامت العصابة بالسطو على المليارات، وتجني ضعف ذلك من الجبايات والإتاوات.

ودعا لتذكير المبعوث الأممي بأن ما يفعله الحوثي يتم بتواطؤ أممي ودولي، قائلا “لهذا، مهم أن تستمر الحكومة بذات الموقف، وأن تحافظ على قواها الصلبة من الهزيمة والإنكسار، فهي بالأخير الشرعية، ومدعومة بالدستور والحاضنة الشعبية.”

إنقاذ أممي

وتسليطا للضوء على الدور الأممي في حماية الحوثي وإنقاذها من الانهيار، قال الصحفي عدنان الضالعي: "بالأمس كان تحرير الحديدة على وشك وكانت العملية والمعركة جدية، فتم التدخل لتنتهي المعركة لصالح المليشيا، واليوم وعندما قام البنك المركزي بمهمته والتي يجب أن يقوم بها منذ سنوات، تحاول ذات الجهات التدخل لإنقاذ الحوثيين وإضفاء صفة الشرعية على المليشيا".

وكتب أحد المغردين: "كلما اقتربت الشرعية اليمنية من الحسم وظهرت الانهيارات في صفوف جرذان إيران تأتي الأمم المتحدة لدعم عميلها الحوثي بغطاء أممي قذر وما (تنديدهم وقلقهم) إلا لدعم وحماية الإرهاب المجوسي في اليمن".

وعد الصحفي محمد الحذيفي، من يبتلع لسانه حين تقوم المليشيا الحوثية بإحراءات انفصالية وتقسيم الاقتصاد وفصل العملة ونهب أموال المواطنين وإصدار قوانين ضد البنوك ثم يفتح لسانه ضد قرارات البنك المركزي والحكومة التي تنهي عبث الحوثي، حوثي خبيث لا يحق له النصح أو انتقاد سياسات الحكومة.

واستنكر عبدربه العوضي، صمت الأدوات الناعمة أمام كم هائل من الجرائم الاقتصادية الحوثية التي تستهدف الاقتصاد الوطني وتسببت في تفاقم معاناة اليمنيين، وعندما قامت الدولة بواجباتها في مواجهة العبث الحوثي، بدأت هذه الأدوات -الناعمة- بالصراخ مجددا وترديد نفس الأسطوانة التي استخدموها لإيقاف تحرير الحديدة.

وكتب حسن بن سهل: "المبعوث الأممي الحوثي لم نجده عندما أوقف الحوثي تصدير النفط ولم نجده عند قصف الأطفال في مأرب وتعز والحديدة، وعند تدمير الاقتصاد اليمني، الأمم المتحدة ومبعوثها لا نجدها إلا عندما تريد تعمل مخرج للحوثي ليبقى قوة بيدها.. الأمم المتحدة تدعم الحوثي".

من جانبه، أعرب عبدالرحيم محمد رفضه لأي نسخة أخرى من خطأ ستوكهولم  2016 التي أبقت الحوثي حيا حتى الآن، محذرا من أن أي تراجع عن القرارات سيشكل انتكاسة غير مسبوقة، وسيهز ثقة الشارع في البنك المركزي، الذي بدأ بقراراته الأخيرة لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار.

وقال سيف المثني، إن الفرق بين جماعة الحوثي أنها تفهم عقلية المجتمع الدولي والإقليم، بينما الشرعية لم تتفاهم مع عقلية أعضاء مجلسها.

وخلص إلى أن المجتمع الدولي منع انهيار الحوثي عسكريا في اتفاقية ستوكهولم، ومنع انهياره اقتصاديا اليوم، وتبقى الملف السياسي المرتبط بحرب غزة.

وأضاف: "بحسب معلوماتي أن شهري أغسطس وسبتمبر سيكونان حاسمين في الملف اليمني، ما لم يبق الوضع في حالة جمود حتى فبراير القادم.

إشادة وإسناد

وإشادة بالقرارات ودعوة لإسنادها ورفضا للتدخل لتأجيل تنفيذها، قال السياسي فيصل المجيدي، إنها إجراءات سلمية وفي إطار صلاحيات البنك المركزي جعلت الحوثي يشعر بدوار ويذهب لكل حلفائه في العالم متباكيا على الاقتصاد.

ووصف ما فعله الحوثي بأنه "لافتة كاذبة" لأنه في الأساس هو من شطر البلاد اقتصاديا وفرض جمارك وأصدر عملة غير شرعية، مؤكدا أن الحوثي أثبت أنه مجرد نمر من ورق، بمعنى لو وجد حزما لسقط كأوراق الخريف.

وأكد الصحفي سيف الحاضري، إن قرارات البنك المركزي على المستوى السياسي نجحت في تحقيق رسم ملامح وحدة الصف لمكونات الشرعية، ودفعت الكل للالتفات نحو تأييد الشرعية، وعدها نقطة أمل في بحر من الإحباطات والخيبات التي تحاصر هذا الشعب.

وأضاف أن قرارات البنك المركزي إن استمرت ستحقق على المستوى السياسي ما عجزت عن تحقيقه المكونات السياسية، الدفع بكل مكونات المجتمع للتموضع في مسار الاصطفاف نحو معركة الجميع مع مليشيات الحوثي.

ورأى الحاضري، أن قرارات البنك المركزي أكدت للجميع أن ما يفتقده الشعب والساحة والمعركة قيادات قادرة على تحمل مسؤولياتها واتخاذ القرارات الجريئة والحاسمة في معركتنا الوطنية لهزيمة انقلاب مليشيات الحوثي. 

وحذر من أن للتراجع أو التجميد تداعيات كارثية على جميع الأصعدة، داعيا للاصطفاف وراء رفض أي قرارات من شأنها تجميد أو إلغاء قرارات البنك المركزي من الجميع.

ورأى الكاتب راجي عمار، أن الحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي بحاجة لإسناد شعبي كبير، لكسر التدخل الأممي في القضايا المصيرية، مؤكدا أن قرارات البنك المركزي سيادية ومستقلة لا ترضخ لضغط أممي ولا دولي، وأن ملف الاقتصاد لا يقل أهمية عن المعركة في الميدان.

وطالب فؤاد قنة، الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وعلماء ومشايخ وفئات المجتمع اليمني كافة بطرد المبعوث الأممي كونه غير محايد ومتآمرا ضد الوطن ومنحازا للحوثيين بشكل غير مقبول.

وحذر عامر ناصر مسعود العصري، من أن أي تراجع أو تساهل في تنفيذ قرارات البنك المركزي في عدن سيفقد ثقة الشعب في الحكومة والمجلس الرئاسي والبنك وسيصب في مصلحة الحوثي، ولن تحل مشكلة الاقتصاد والانقسام في العملة وسيضل الشعب واقتصاده فريسة للحوثيين والصرافين ولن تحصلوا على فرصة أخرى لحل هذه المعضلة.

وأكد الصحفي محمد الضبياني، إن قرارات البنك المركزي جاءت تلبية لتطلعات اليمنيين في تضييق الخناق على هذه العصابة الإمامية اللصوصية، وليس لنا سوى تحرير اقتصادنا ووطننا ومؤسساتنا من هذا الاحتلال، مضيفا أن مساعي الأمم المتحدة المتخصصة بإنقاذ هذا المجرم لا تعنينا.