"الأول من نوعه منذ بداية الحرب".. لهذا اجتمع فلسطينيون وأردنيون وإسرائيليون باليونان

منذ ٨ أيام

12

طباعة

مشاركة

في لقاء تطبيعي هو الأول من نوعه منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، اجتمع عدد من الفلسطينيين والإسرائيليين والأردنيين في أثينا معا لمدة ثلاثة أيام في مؤتمر معهد وادي عربة  للدراسات البيئية.

وناقش الأطراف التعاون في مجالات البيئة والطاقة والمياه، من أجل مستقبل المنطقة، وتحدثوا عن مشاريع تنموية عديدة يمكن إنشاؤها في سيناء المصرية.

مع ذلك، ذكر موقع "زمان" العبري أن الحاضرين "ساد بينهم شعور بالشك وعدم اليقين، وهو أمر ازداد منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".

عالم موازٍ

يصف الموقع مشهد الاجتماع في اليونان وكأنه "مأخوذ من عالم موازٍ". فقد جلس 60 مشاركا، 20 من كل طرف وصاغوا تعاونا في مجالات البيئة والأمن الغذائي والطاقة والمياه لصالح مستقبل المنطقة.

و"هذه هي المرة الأولى منذ 7 أكتوبر التي يعقد فيها مثل هذا اللقاء المباشر"، يقول مدير التطوير الدولي في معهد وادي عربة  للدراسات البيئية ديفيد ليرر، الذي وصفه الموقع بأنه "الروح الدافعة وراء تنظيم المؤتمر".

ويكمل: "يجب أن أقول إنني كنت مندهشا، بسبب الحرب، توقعنا أن يحضر ربما 30 مشاركا، لكن كانت هناك استعدادات واستجابة عالية جدا".

وأضاف: "الخبراء والمهنيون، ليسوا بالضرورة يساريين، إنهم فقط يشعرون أنه لا يوجد خيار آخر، وسواء أحب الإسرائيليون والفلسطينيون بعضهم أو كرهوا بعضهم. نحن هنا معا للتعاطي مع مشاكل الطاقة والمياه، وهي إشكالات وأزمات مشتركة".

وبحسب الموقع "فقد كان الحضور من الشخصيات العامة البارزة من الأوساط كافة من سياسيين سابقين، إلى جانب أكاديميين خبراء ومديرين في مجالات المياه والطاقة والصرف الصحي والبنية التحتية".

وأوضح أن إسرائيل أرسلت هيئتين حكوميتين إسرائيليتين كممثلين، مشيرا إلى أنه كان هناك أيضا من لم يحصلوا على إذن للسفر إلى اليونان.

وصرح أحد الأشخاص الذين رُفض سفرهم من قبل السلطات، للموقع أن الرفض جاء بسبب "اعتقاد بعض المسؤولين أنه لا جدوى من إيصال هذا الأمر إلى المستويات العليا في الحكومة".

في المقابل، أشار الموقع أنه "من الجانب الفلسطيني، جاء بعض الممثلين من الضفة الغربية، لكن التحدي اللوجستي الأكبر كان بطبيعة الحال مشاركة الفلسطينيين من غزة".

وقال ليرر: "معظم الغزيين المعنيين الذين أردنا أن نستقبلهم موجودون حاليا في القاهرة، ولكنهم لم يتمكنوا من المغادرة أيضا".

وعزا ذلك لكونهم "لاجئين وغير قادرين على الحصول على تأشيرة دخول إلى أوروبا"، مشيرا إلى أن "هناك اثنين من غزة كان لديهما تأشيرة بالفعل، ولذلك حضرا، واثنين آخرين شاركا من القاهرة عبر برنامج الزوم".

وقالت تمار زاندبرغ، وزيرة حماية البيئة السابقة ورئيسة معهد أبحاث سياسة المناخ في جامعة بن غوريون حاليا "الوحيدة التي تمكنت من التحدث معها وكانت بالفعل في غزة بعد 7 أكتوبر 2023 نجحت في الوصول إلى القاهرة قبل إغلاق معبر رفح مباشرة".

وتابعت الوزيرة السابقة التي كانت إحدى المشاركات بالمؤتمر: "أخبرتني أن الحرب فاجأتهم تماما، وأنها ستود العودة إلى غزة بمجرد أن يصبح ذلك ممكنا".

مشكلات مشتركة

ودعا ديفيد ليرر إلى "إنشاء شبكة من الخبراء لتعزيز التعاون البيئي عبر الحدود، وإيجاد حلول للمشاكل المشتركة مثل معالجة مياه الصرف الصحي والطاقة المتجددة".

وأوضح أنه "في مجال الطاقة، على سبيل المثال، يعتمد سكان غزة بشكل كامل على الطاقة التي يتلقونها من إسرائيل"، معتبرا أن هذا "ليس جيدا لنا ولهم".

وتابع: "ندرس فكرة إنشاء حقل للطاقة الشمسية في سيناء لتزويد غزة بالكهرباء"، لافتا إلى أن "الفلسطينيين الذين يقيمون في القاهرة على اتصال مع الحكومة المصرية ويدرسون إمكانية ذلك".

وأردف: "نحن ندخل لهم معدات المياه والطاقة بتصريح من الجيش الإسرائيلي، فقد حصلنا على إذن لإدخال وحدات تحلية صغيرة ومحطة معالجة مياه صرف صحي متنقلة، ونحن في عملية الحصول على تصريح لإدخال معدات ومنشآت تنتج المياه".

وأشار إلى أن المؤتمر ناقش أيضا فكرة إنشاء جزيرة اصطناعية قبالة سواحل غزة.

وقال ليرر: "هذه الجزيرة ستبنى من أنقاض غزة، وستكون عليها بنية تحتية مثل الميناء، وحقل للطاقة الشمسية، ومنشآت أخرى لا توجد مساحة لها في القطاع نفسه، وفي يوم من الأيام ربما مطار"، وفق زعمه.

وأضاف: "نحن كخبراء لا نستطيع بناء جزيرة، لكن يمكننا بالفعل تعزيز البحث حول جدوى مثل هذا المشروع".

وأوضح أن "المشاريع الضخمة مثل الجزر ليست أفكارا تتعلق بالمستقبل البعيد، فمعهد وادي عربة سبق وأن أنجز مشاريع في غزة مع شركاء آخرين"، وفق زعمه.

وأكمل: "في يونيو/ حزيران 2024، انطلقت مبادرة مشتركة بين المعهد ومنظمة دمور الفلسطينية، التي تعمل في مجال تطوير المجتمعات".

ولفت إلى أنهم "يحاولون بناء مجتمعات في غزة والضفة الغربية، لديها القدرة على إدارة نفسها بشكل مستقل وتكون مرنة في مواجهة تغير المناخ".

واستطرد: "نحن نتحدث عن مخيمات مستقلة ذاتية الإدارة، بحيث تكون هناك لجنة داخل المخيم تديره مع مهندس ومسؤول صحة ويريدون بناء أنظمة تمكنهم من إدارة أنفسهم".

وشدد على أن "هذه المخيمات لن تكون جديرة بالحياة، إلا إذا توفرت فيها الطاقة والمياه ومرافق معالجة الصرف الصحي".

وأوضح أن "الجميع هناك يدرك أن هذه ليست مخيمات مؤقتة، إنهم يتحدثون في غزة أنهم سيبقون هناك لسنوات".

كما أشار ليرر إلى أنهم "يأملون في الحصول على تصريح لإدخال ألواح شمسية، إذ إنه الوقت الحالي توجد مشاكل في ذلك الأمر، ويستخدمون (السكان) المولدات".

نتائج المؤتمر

من جانب آخر، أشار الموقع إلى أنه "بصرف النظر عن القضية الإنسانية، فقد أوضح خبراء البيئة أن الواقع المتطرف في غزة حوله إلى حقل تجارب ضخم للبنية التحتية المنفصلة عن الشبكة"، وفق زعمه.

ولفت إلى أنه "في السنوات الأخيرة، طُورت تقنيات في العالم قادرة على توفير خدمات أساسية في المناطق النائية: محطات تحلية ومعالجة للمياه، منشآت لإنتاج المياه من رطوبة الهواء وبالطبع ألواح لإنتاج الطاقة من الشمس".

وأكد أن "معالجة مياه الصرف الصحي في غزة هي أيضا مصلحة واضحة لإسرائيل؛ حيث يمكن أن تصل تلك المياه من مليوني مواطن إلى البحر أو المياه الجوفية، وتنشر الأمراض في كل مكان".

وتابع: "كان المطورون يستهدفون في الأساس تجمعات سكانية نائية في العالم الثالث، لكن بفضل الحرب، أصبح هناك طلب على هذه التقنيات حتى في قلب أحد أكثر المناطق اكتظاظًا في الشرق الأوسط".

وقال ليرر: "البنية التحتية غير المتصلة بالشبكة هي مجال خبرتنا، محطة معالجة واحدة من هذا النوع يمكنها توفير حل لمخيم يضم نحو ألف شخص".

وتساءل الموقع عن “قدرة الإسرائيليين والفلسطينيين على الاجتماع في غرفة واحدة وتجاهل كل ما حدث في 7 أكتوبر والأشهر الـ 15 التي تلت ذلك؟”

تجيب وزيرة حماية البيئة السابقة: "الحرب حضرت في الغرفة، لكن الأجواء كانت جيدة جدا، فهؤلاء أشخاص جاءوا منذ البداية؛ لأنهم مهتمون بالحوار".

وأضافت: "صحيح أن مثل هذا اللقاء أصبح أكثر صعوبة بعد الحرب، ورغم أنها كانت حاضرة في النقاش، لكن لم يكن هناك توتر أو عداء، ودارت النقاشات حول ما سيحدث لاحقا وفي ظل أي ظروف يمكن أن نعمل".

وأردفت: "الجميع فهم أننا لسنا هنا للجدال حول من فعل ماذا. فمن حين لآخر قال شخص ما شيئا لم يعجب الطرف الآخر لكن تم حل ذلك بطريقة مهذبة، كان لدى الجميع فهم أنه لا يوجد خيار آخر، يجب علينا بناء مستقبل مختلف"، وفق تعبيرها.

وعن مخرجات الحوار، أوضح الموقع أنه "خرج بـ 15 فكرة واقتراح لمبادرات، بعضها في غزة، وأخرى في الضفة الغربية، وبعضها بالتعاون مع الأردن".

وأوضح أن معهد وادي عربة “يعمل على حاليا على تحديد أي تلك المبادرات سيحاول التقدم بها”، مشيرا إلى أنهم "يسعون لإنشاء مجموعة عمل لكل مبادرة ومحاولة تعزيز البحث وجمع الأموال".

وبيّن أن "أحد الموضوعات التي تحظى بأولوية عالية، هي مياه الصرف الصحي التي تتدفق من مناطق السلطة الفلسطينية إلى إسرائيل، وهناك رغبة من كلا الجانبين في إيجاد حل لذلك". ودعا إلى "الاستفادة من مياه الصرف من الجانب الفلسطيني، ومعالجتها واستخدامها للزراعة".

واستطرد: "في الماضي، عارض المزارعون الفلسطينيون الري بمياه الصرف المعالجة، واليوم بسبب تغير المناخ يفهمون أنه لا يوجد خيار آخر، وفي أريحا يروون بالفعل بساتين النخيل بها".