إبادة غزة وضم الضفة وضرب قطر.. ماذا فعل وزير خارجية أميركا في إسرائيل؟

منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

وصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى إسرائيل في 14 سبتمبر/ أيلول 2025 بعد خمسة أيام فقط من تنفيذ سلاح الجو الإسرائيلي ضربة عسكرية استهدفت أراضي قطر، التي تعدها واشنطن حليفا إستراتيجيا لها في الشرق الأوسط.

واستقبل رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من أعضاء حكومته الوزير الأميركي الذي ناقش خلال يومين من المباحثات تطورات الوضع في المنطقة وسير "عمليات العسكرية" في قطاع غزة.

وفور مغادرة روبيو لإسرائيل، أعلن نتنياهو عن توسيع الإبادة الجماعية وبدء عملية عسكرية برية واسعة النطاق في مدينة غزة.

وفي السياق، تشير صحيفة "فيدوموستي" الروسية إلى أن محادثات روبيو ونتنياهو تطرقت إلى ملفات أخرى، لا سيما أن توقيت الزيارة كان متزامنا مع إعلان نتنياهو عزمه التوسع في عمليات الاستيطان بالضفة الغربية، قبيل انعقاد الجلسة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي يتوقع أن تشهد اعتراف العديد من الدول بالدولة الفلسطينية.

تخفيف الضغوط

وذكرت الصحيفة الروسية أن ملف الهجوم الإسرائيلي على قطر كان حاضرا في مناقشات الجانبين، فقبل مغادرته متوجها إلى إسرائيل، صرح روبيو للصحفيين بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال غير راض عن العملية العسكرية الإسرائيلية في الدوحة.

واستدركت الصحيفة: "لكنه أوضح في الوقت ذاته أن هذا الاستياء لن يؤثر على التزام الولايات المتحدة بمواصلة دعمها لإسرائيل".

وأضاف روبيو أن مباحثاته في تل أبيب ستشمل بحث تداعيات أحداث قطر على فرص الإفراج عن 48 رهينة إسرائيلية تحتجزهم حماس.

كما كتب وزير الخارجية الأميركي على حسابه في منصة "إكس" أنه سيتطرق في محادثاته مع إسرائيل إلى سبل إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، وسبل تحييد التهديدات التي تمثلها حركة حماس. 

مؤكدا أن "الحركة لا يمكنها الاستمرار في الوجود إذا كان الهدف هو تحقيق السلام في المنطقة".

ولفتت الصحيفة إلى أن "زيارة الوزير روبيو إلى إسرائيل جاءت بالتزامن مع انعقاد قمة استثنائية مشتركة بين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية في الدوحة، للتنديد بالهجوم الإسرائيلي على قطر".

وكان روبيو قد أجرى في الثالث عشر من سبتمبر/ أيلول محادثات في واشنطن مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، أعقبها عشاء جمعه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وفي الداخل الإسرائيلي، أشارت الصحيفة إلى أن العملية العسكرية في قطر، يوم 9 سبتمبر/ أيلول 2025، أثارت ردود فعل متباينة. 

إذ وصف منظمو المظاهرات المناهضة للحكومة في تل أبيب، يوم 13 سبتمبر/ أيلول، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه "العقبة الوحيدة" أمام وقف إطلاق النار في غزة.

ويرى خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية كيريل سيميونوف أن "المحادثات في تل أبيب قد تركز بالدرجة الأولى على كيفية تخفيف الضغوط التي تمارسها الدول العربية على إسرائيل بعد ضربتها الجوية على قطر".

مشيرا إلى أن “تلك الضربة شكلت مفاجأة تامة لواشنطن، التي تجد نفسها الآن مضطرة للعمل مع إسرائيل للتعامل مع تداعياتها”، على حد تعبيره.

وأضاف سيميونوف: "روبيو معروف بتعاطفه مع إسرائيل، ومن المرجح أنه حمّل خلال محادثاته مع نتنياهو حركة حماس كامل المسؤولية عن الحادث الأخير".

ويعتقد سيمينوف أن الهجوم الإسرائيلي "دفع الدوحة إلى البدء في مراجعة تدريجية لعلاقاتها التحالفية مع واشنطن".

وعلى الرغم من أن قطر لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة في مجال التعاون العسكري وشراء أنظمة تسليح متقدمة، تحدث الخبير الروسي عن احتمالية توجه قطر مستقبلا إلى إنهاء وجود القاعدة العسكرية الأميركية على أراضيها، بعدما ثبت أنها لا توفر الحماية الكافية.

ويتفق رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط مراد صديق زاده مع هذا الطرح، حيث لفت إلى أن "السلطات القطرية قد تعيد النظر في عقيدتها الأمنية لصالح تنويع علاقاتها الخارجية".

مقدرا أن "تتجه الدوحة تدريجيا نحو تعزيز شراكتها مع تركيا".

دلالة رمزية 

في ملف آخر، رجحت الصحيفة أن "يسعى نتنياهو خلال لقائه مع روبيو إلى استيضاح موقف واشنطن من خططه الرامية إلى ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، وهي الأراضي التي تشير قرارات الأمم المتحدة إلى أنها مخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية".

ووفق الصحيفة، "أصبح هذا الملف من أبرز بنود جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية بعد إعلان كل من فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا ومالطا نيتهم الاعتراف بدولة فلسطين خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة المرتقبة".

ولفتت إلى أنه "لا تزال هناك حالة من الغموض بشأن ما إذا كانت إسرائيل تعتزم ضم كامل الضفة الغربية أو جزء منها فقط".

في هذا الصدد، يرى مراد صادق زاده أن زيارة وزير الخارجية الأميركي في هذا التوقيت "تحمل دلالة رمزية بالنسبة لإسرائيل، في ظل صدور قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 12 سبتمبر/ أيلول 2025، يؤيد إنشاء دولة فلسطينية".

وهو القرار الذي صوتت لصالحه 142 دولة من أصل 193 دولة عضو، من بينها روسيا والصين وغالبية الدول الأوروبية، بينما عارضته إسرائيل والولايات المتحدة و8 دول أخرى فقط.

وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن موقع "أكسيوس" الأميركي قوله: "بحسب مصادر مطلعة، تناول الجانبان مسألة احتمال ضم إسرائيل أراضي من الضفة الغربية المحتلة". 

وتابع "أكسيوس": "وذلك كخطوة مضادة لإعلان مرتقب من بعض الدول الغربية بالاعتراف بدولة فلسطين خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في نهاية سبتمبر/ أيلول 2025".

ووفقا لمصدرين في حكومة نتنياهو تحدثا لموقع "أكسيوس"، فقد ألمح روبيو خلال محادثات خاصة مع الجانب الإسرائيلي إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا تعارض خطط الضم. 

ومع ذلك، ذكر الموقع أن مصادر في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية أعربت للموقع الأميركي عن قلقها من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى انهيار "اتفاقيات إبراهام"، مما قد ينعكس سلبا على نفوذ ترامب السياسي في المنطقة.

نهاية فعلية

ويرى الخبير كيريل سيمينوف أن "إقدام إسرائيل على ضم الضفة الغربية، مع اعتراف أميركي بهذه الخطوة، سيشكل نهاية فعلية لاتفاقيات إبراهام".

موضحا أن "ذلك سيعني عمليا أن الولايات المتحدة تراهن في المنطقة على إسرائيل وحدها، وتتخلى فعليا عن تفاهماتها مع الدول العربية".

لافتا إلى أن "أحد الشروط الرئيسة لتلك الاتفاقات كان تخلي إسرائيل عن خططها لضم الأراضي الفلسطينية".

من جانبه، يعتقد مراد صديق زاده، أن البيت الأبيض "قد يكون مستعدا نظريا للاعتراف بضم بعض الكتل الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية، دون أن يشمل ذلك كامل الأراضي".

وأشار إلى أن "الحوار الأميركي الإسرائيلي قد يتطرق إلى خطة بناء 3400 وحدة سكنية في منطقة E1 الواقعة بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم، وهي خطوة من شأنها تقسيم الضفة الغربية فعليا إلى جزءين منفصلين".