تعاون بين شركة ضغط أميركية وأخرى لتصنيع الأسلحة في إسرائيل.. ما الأهداف؟

داود علي | 2 months ago

12

طباعة

مشاركة

على غير العادة كانت الأجواء مشحونة ومتوترة في تمام الساعة السابعة والنصف صباحا من يوم 3 سبتمبر/ أيلول 2024، داخل شارع 40 بالعاصمة البريطانية لندن، حيث مقر شركة "أبكو" العالمية، المتخصصة في مجالات العلاقات العامة والاتصالات الإستراتيجية.

وقتها، أقدم ناشطون من حركة "فلسطين أكشن" المناهضة لإسرائيل على استهداف مبنى الشركة العالمية، بالطلاء الأحمر، كتعبير عن لون الدم.

ثم أغلقوا الباب الأمامي باستخدام قفل على شكل حرف D مع نشر لافتة مكتوب عليها "اضغطوا لوقف الإبادة الجماعية (في غزة).. أسقطوا أبكو وإلبيت" سيستمز.

و"أبكو" هي واحدة من أقوى جماعات الضغط السياسية على مستوى العالم، التي تعمل لصالح أكبر شركة أسلحة إسرائيلية، وهي "إلبيت سيستمز". 

ورأت الحركة الداعمة لفلسطين أن "أبكو" تقدم خدمات ضغط استشارية لشركة "إلبيت سيستمز" أخطبوط الأسلحة الإسرائيلي، والشريك الكبير لجيش الاحتلال في عدوانه على غزة.

وقد أصدرت حركة "فلسطين أكشن" بيانا قالت فيه إنه "في الوقت الذي تلعب فيه إلبيت دورا مركزيا في الإبادة الجماعية في غزة، تعمل أبكو على إدماج عميلها في أعلى صفوف وايتهول وويستمنستر".

ووايت هول‏ هو طريق في مدينة ويستمنستر في وسط لندن، يحاذي الدوائر الحكومية والوزارات، ويستخدم كنايةً عن الإدارة الحكومية البريطانية.

وأكملت الحركة: "يعمل هؤلاء اللوبيون، بمن فيهم أولئك الذين حصلوا سابقا على عقود خلفية لشركة إلبيت في الماضي، على تعزيز الدعم البريطاني لتجارة الأسلحة الإسرائيلية الصانعة للإبادة الجماعية".

فما هي شركة "أبكو"؟ وما هي "إلبيت سيستمز"؟ وكيف تشاركا في قتل قرابة 50 ألف مدني فلسطيني في غزة حتى مطلع سبتمبر 2024؟ 

معلومات عن “أبكو”

تأسست "أبكو" عام 1984 في العاصمة الأميركية واشنطن، على يد "مارجري كراوس"، التي شغلت منصب المدير التنفيذي للشركة حتى عام 2014.

بعدها تولى "بردين ستون" منصب الرئيس التنفيذي للشركة منذ عام 2014، وهو يتمتع بخبرة واسعة في مجال الاستشارات الإستراتيجية والعلاقات العامة.

وقد قاد العديد من المشروعات الدولية المعقدة في مجالات متنوعة مثل الشؤون العامة، الاتصالات المؤسسية، وإدارة الأزمات.

كما أنه أحد الأشخاص الذين لهم علاقات مباشرة ووثيقة بالحكومة الإسرائيلية، وكذلك زار الإمارات والسعودية أكثر من مرة خلال السنوات الماضية.  

 وتعد "أبكو" واحدة من الشركات الرائدة في مجال العلاقات العامة الدولية، كونها تقدم مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك إدارة السمعة، والاستشارات الحكومية، والاتصالات التسويقية، والشؤون العامة.

وتعمل مع العديد من العملاء في مختلف القطاعات، مثل الشركات الكبرى، المنظمات غير الحكومية، الحكومات، والمؤسسات الدولية. 

وتتمثل مهمتها الرئيسة في مساعدة العملاء على التعامل مع القضايا والتحديات الإستراتيجية، سواء كانت تتعلق بالتواصل مع الجمهور، والتأثير على السياسات العامة، أو إدارة الأزمات، مثل الحروب والثورات والانقلابات العسكرية.

وصولا إلى العمليات القذرة مثل القتل خارج إطار القانون والاغتيالات التي ترتكبها أنظمة أو جماعات. 

وبالتبعية كانت "أبكو" هي الممثل لمصالح شركة "إلبيت سيستمز" عملاق الأسلحة الإسرائيلي. 

واستمرت في دعم ورعاية الشركة الإسرائيلية رغم جرائم الحرب التي ارتكبها جيش الاحتلال في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. 

"إلبيت سيستمز" 

أما "إلبيت سيستمز" فهي شركة تكنولوجيا عسكرية إسرائيلية مقرها حيفا، تأسست عام 1966 على يد شركة "إلرون" الممثلة لوزارة جيش الاحتلال.

تمتلك الشركة الإسرائيلية مصانع تابعة لها في مختلف أنحاء العالم، وتبيع منتجاتها لجيوش دول مختلفة. 

وفي مصانعها داخل المملكة المتحدة والولايات المتحدة تحديدا، واجهت الشركة احتجاجات، بسبب إمدادها الجيش الإسرائيلي بالأسلحة في العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني.

في عام 2022 أعلنت "إلبيت سيستمز" أن عدد موظفيها بلغ 18407 موظفين، معظمهم يقيمون في الأراضي المحتلة، كما يجرى تداول أسهم الشركة في بورصتي تل أبيب وناسداك في نيويورك. 

تعد "إلبيت سيستمز" المزود الرئيس للمعدات البرية والمركبات الجوية بدون طيار للجيش الإسرائيلي.

وبحسب تقرير لموقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني، تعد "إلبيت سيستمز" أكبر شركة تصنيع عسكرية إسرائيلية وتنتج 85 بالمئة من المعدات البرية في البلاد.

لكن أخطر وأهم ما تقدمه لقوات الاحتلال، الطائرات بدون طيار التي يستخدمها سلاح الجو الإسرائيلي في هجومه الشرس على غزة وكذلك بعض البلدان المجاورة مثل لبنان وإيران.

وأكدت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن إحدى مسيرات "إلبيت سيستمز" تحديدا "Elbit Hermes 450"، هي التي ارتكبت مذبحة "المطبخ المركزي العالمي". 

وذلك عندما قصفت قافلتهم الإغاثية في مطلع أبريل/ نيسان 2024، وقتلت 7 من عمال الإغاثة، في واقعة تسببت في ردود فعل عالمية.

صفقات متصاعدة 

وقدمت وزارة الجيش الإسرائيلية طلبات لشركة الدفاع العملاقة إلبيت سيستمز  لشراء ذخيرة بقيمة 760 مليون دولار طوال عام 2023، وفقا لبيان صادر عن الشركة في 22 مايو/أيار 2024.

ويعد العديد من هذه الطلبيات، التي لم تعلن شركة إلبيت سيستمز تفاصيلها، جزءا من زيادة في صفقات المشتريات من الشركات المحلية بعد عملية طوفان الأقصى.

ومع ذلك، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالفعل في شراء الذخيرة من شركة إلبيت سيستمز قبل الحرب الجارية.

بما في ذلك طلب بقيمة 60 مليون دولار لشراء ذخيرة عيار 155 ملم في أغسطس/آب 2023. 

وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام أفادت وزارة جيش الاحتلال بإجراء آلاف المشتريات بقيمة إجمالية بلغت 1.64 مليار دولار من شركات محلية.

وقالت الشركة: "منذ بداية الحرب، شهدت إلبيت سيستمز زيادة مادية في الطلب على منتجاتها وحلولها من وزارة الدفاع الإسرائيلية مقارنة بمستويات الإقبال قبلها".

علاقتها ببريطانيا 

بدأت أنشطة شركة إلبيت في بريطانيا عام 1995، عندما استحوذت على شركة "Alvis UAV Engines Limited" للصناعات الدفاعية.

وهي شركة كان تخصصها الأساسي تطوير محركات لاستخدامها في الطائرات بدون طيار.

منذ ذلك الحين أصبحت الشركة بفرعها البريطاني موردا عالميا رئيسا لمحركات الطائرات بدون طيار. 

في 24 سبتمبر 2004، حدث تطور مهم عندما تأسست شركة Elbit Systems UK Ltd، التابعة لـ "إلبيت سيستمز" الأم في حيفا. 

عملت الشركة الجديدة على تزويد الجيش البريطاني بمركبات جوية بدون طيار. 

بعدها افتتحت مصنعا عملاقا مقره في مدينة ليستر البريطانية، وكانت مهمته الأساسية تصنيع محرك "Watchkeeper WK450" الخاص بمسيرات الجيش البريطاني والإسرائيلي في آن واحد.

وفي 2007، استحوذت "إلبيت سيستمز" على شركة "فيرانتي تكنولوجيز" الإنجليزية، ومقرها أولدهام بـ “مانشستر الكبرى”.

وهي شركة كانت جزءا من مجموعة فيرانتي التاريخية التي تقدم حلولا في أسواق الطيران والدفاع العسكري.

تورطها في الجرائم 

وبعد العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014 ، بدأ ناشطون من حركة "فلسطين أكشن" ومجموعات أخرى بالاحتجاج ضد إنتاج "إلبيت سيستمز" لقنابل مختلفة وغيرها من التكنولوجيا العسكرية التي تستخدمها القوات الجوية الإسرائيلية والتي أسفرت عن سقوط ضحايا فلسطينيين. 

استشهد الناشطون آنذاك بشكل خاص بإنتاج إلبيت سيستمز لطائرة هيرميس بدون طيار، والتي كانت متورطة في قتل أربعة أطفال فلسطينيين على الأقل.

وفي 19 مايو 2021، وخلال عدوان آخر شنه جيش الاحتلال على غزة، ارتدى أربعة أعضاء من حركة "فلسطين أكشن" بزات حمراء وصعدوا إلى سطح مصنع طائرات بدون طيار مملوك لشركة إلبيت سيستمز في ميريديان بيزنس بارك، ليستر، واعتصموا هناك 6 أيام حتى إلقاء القبض عليهم.

وبدءا من 7 أكتوبر 2023، عندما بدأت إسرائيل عدوانها غير المسبوق على القطاع، احتج ناشطون مع حركة فلسطين أكشن، وداهموا عددا من مصانع "إلبيت سيستمز".

ففي مصنع Instro Precision في "ساندويتش كنت"، أغلق أكثر من 100 شخص المداخل الخاصة به.

كما تسلق العديد من الناشطين على سطح مصنع Howmet Fastening Systems، وقيد أحد المحتجين نفسه بمدخل المصنع 

في 28 مارس/ آذار 2024، أعلنت شركة "إلبيت سيستمز" أنها "أُجبرت على بيع" مصنع لها في تامورث بسبب الخسائر المرتبطة بالاحتجاجات المؤيدة لفلسطين.

وقتها أعلنت حركة "فلسطين أكشن" في بيان أن "العمل المباشر المتواصل حقق انتصارا آخر في الحرب ضد تجارة الأسلحة الإسرائيلية، حيث اضطرت شركة إلبيت سيستمز إلى بيع مصنعها". 

وأضافت أن "الشركة الجديدة التي اشترت المصنع تواصلت مع مجموعة العمل الفلسطيني، وأكدت في بريدها الإلكتروني أن الملاك الجدد للمنشأة انسحبوا من جميع اتفاقيات الصناعات الدفاعية المبرمة من قبل الإدارة السابقة مع إسرائيل".