"هامبرغر" أم "تشاومين"؟.. معاريف: على إسرائيل أن تختار بين أميركا والصين
توغل اقتصادي للتنين الصيني في العالم يقلق كثيرا القطب الأميركي، فكيف يكون رد الفعل الأميركي إزاء غزارة استثمارات بكين بمنطقة الشرق الأوسط، ومن حضورها الأخير اللافت في الكيان الإسرائيلي؟
وعلى الرغم من العلاقات المهمة بين إسرائيل والصين، والتي حذرت منها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالفعل؛ لا يمكن لتل أبيب أن تتجاهل التوترات بين واشنطن وبكين.
موقع صحفي ومعهد دراسات عبريين أكدا أنه على إسرائيل أن تختار ما بين الصين وأميركا، لافتين إلى ضرورة اختيار واشنطن لا بكين.
موقع "معاريف" العبري أشار إلى أن الاختيار بين وجبة "تشاومين" الصينية، و"الهامبرغر" الأميركية "ليس بالأمر السهل خاصة إذا كنت تريد كلاهما".
وأضاف: "في عالم الطهي الأمر أصعب مما هو عليه في العالم السياسي، ومن العلاقات الاقتصادية، وفي مجال الإنتاج والتصنيع الدفاعي".
معاريف، لفتت إلى أن "علاقات الصين وإسرائيل تطورت بسرعة، وحجم التبادل التجاري بين 12 مليار دولار و15 مليار دولار سنويا، ما يجعل بكين ثالث أكبر شريك تجاري لإسرائيل بعد أوروبا وأميركا".
"بسبب حساسية الأمر، لم يكن الكثير من التعاون الأمني بين تل أبيب وبكين معروفا على نطاق واسع، وحدثت تقلبات جزئية في التعاون بين الجانبين نتيجة التدخل الأميركي"، وفق الموقع.
ولفت إلى أنه "عام 2000 أدى الضغط الأميركي على إسرائيل لإلغاء صفقة طائرات ضخمة من إسرائيل إلى الصين، وكان هناك العديد من الحالات المشابهة".
"وعلى الرغم من حرص إسرائيل دائما على منع تسرب المعلومات أو المواد والصناعات الأميركية إلى الصينيين، إلا أن ذلك لم يمنع جهات أميركية من نشر معلومات كاذبة في بعض الأحيان حول الأمر"، وفق قول الموقع.
المحلل السياسي في "معاريف" زلمان شوبيل أشار إلى مقال نشرته "واشنطن تايمز" عام 1992 قال: إن "إسرائيل نقلت تكنولوجيا صواريخ باتريوت الحساسة إلى الصين، وربما صاروخ كامل".
ولفت إلى أن مقال الصحيفة نقل عن "مصادر استخباراتية أميركية" ومسؤولين بوزارة الخارجية والبنتاغون قولهم: إن "تلك المزاعم والاتهامات خطيرة".
المحلل الإسرائيلي ألمح أيضا إلى اتهام "وول ستريت جورنال" إسرائيل بـ"نقل التكنولوجيا العسكرية الأميركية إلى الصين ودول أخرى".
شوبيل، اعتبر أن الأسوأ من ذلك هو أن الكونجرس أحال المسألة إلى مكتب محاسبة الدولة، مشيرا لنفي إسرائيل ذلك الحديث، رغم أن المتحدثين باسم الحكومة الإسرائيلية رفضوا إنكار الأمر بالكامل.
الحزام والطريق
المحلل الإسرائيلي لفت إلى أن "العلاقات الاقتصادية وغيرها استمرت بين إسرائيل والصين في التطور، واستثمرت الشركات الصينية في مجالات مختلفة من البنية التحتية والتكنولوجيا".
وأكد أن الصين تحتل مكانة مهمة في توسيع وإدارة الموانئ الإسرائيلية، كما أن فرعا لجامعة صينية سيعمل في إسرائيل أكتوبر/ كانون الأول 2021، بقيادة السفير الإسرائيلي السابق في الصين ماتان فيلناي.
وأوضح أن "الفرع سيقوم بدراسة وتعلم اللغة الصينية ويجري زيارات دراسية إلى الصين"، معتقدا أن "الصين تهدف نشر الدعاية السرية والتأثير السياسي والثقافي على الطلاب".
"بالنسبة للصين، تعد هذه الاستثمارات والأنشطة جزءا من مبادرة الحزام والطريق التي تدمج الأهداف الاقتصادية والجيوستراتيجية"، وفق قول المحلل الإسرائيلي.
وأضاف: إذا كانت العلاقة الوثيقة بين إسرائيل والصين أثارت استياء واشنطن في الماضي، أصبحت القضية الآن أكثر أهمية في ضوء التوترات العالمية المتزايدة بين أميركا والصين".
وألمح إلى أن "إدارة ترامب حذرت إسرائيل من تعميق العلاقات مع الصين، لكن في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أصبحت المواجهة متعددة الأبعاد مع الصين وقضية رئيسة ومركزية في سياستها الخارجية".
في يوليو/ تموز 2021 اتهمت واشنطن رسميا وزارة الأمن الداخلي الصينية بشن هجوم إلكتروني على شركة مايكروسوفت الأميركية، ووصفت تصرفات بكين بأنها تهديد حقيقي لأمن أمريكا وحلفائها.
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستين أصدر توجيها بأن "بكين هي التحدي الأكبر لأميركا" ، ودعا بايدن في اجتماعاته مع القادة الأوروبيين إلى تشكيل جبهة موحدة ضد الاتجاهات الصينية.
الخبير الصيني وأحد مستشاري بايدن السياسيين راش دوشي كتب في كتابه الجديد "لعبة طويلة الأمد"، أن هدف الصين تحقيق التفوق العالمي المطلق على أميركا خلال 30 عاما.
وقال المحلل الإسرائيلي: على الرغم من علاقاتها المهمة مع الصين لا يمكن لإسرائيل تجاهل توجه السياسة الخارجية الأميركية حليفها الإستراتيجي الرئيس ونحو نصف الإسرائيليين يعيشون هناك.
وأضاف: "من المستحسن بالتأكيد أن يكون لديك كل من وجبات تشاومين الصينية والهامبرغر الأميركية، ولكن إذا طلب منك الاختيار فعلى إسرائيل اختيار الهامبرغر، أي أميركا".
الصين والشرق الأوسط
وفي سياق متصل أشار معهد الأمن القومي العبري إلى أن مشاركة الصين ازدادت في الشرق الأوسط بشكل مطرد، ولأول مرة في تاريخها كان لها مصالح مباشرة واعتماد متزايد على مصادر الطاقة المستوردة.
وأكد أن مكانة الصين الجديدة كقوة عالمية تزيد من الفوائد الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية التي تجنيها من المنطقة، لافتا إلى أنه "كما يوفر هذا الوضع فرصا فإن به تحديات لإسرائيل".
المعهد العبري جزم بأن "الصين يمكن أن تكون مصدرا مهما للاستثمار الخارجي، وأن تعمل كوسيط بين إسرائيل واللاعبين الإقليميين بالمنطقة، وربما تضر أنشطتها العسكرية والسياسية والاقتصادية في المنطقة بمصالح إسرائيل".
وعلق: "سواء كانت التحديات تفوق الفرص أو العكس، لا يمكن لإسرائيل تجاهل الوجود الصيني المتنامي في الشرق الأوسط".
وقال: "يجب على إسرائيل تقييم أهداف الصين وتحركاتها في هذا المجال، وصياغة سياسة واضحة معها، مع تطوير الأدوات والقنوات لتحقيق أهدافها في العلاقات مع الصين".
وأكد أن برنامج البحث عن الصين في الشرق الأوسط، الذي أنشئ في المعهد يبحث هذه المهمة ويهدف إلى معرفة مشاركات الصين في الشرق الأوسط وإسرائيل، وتزويد صانعي القرار الإسرائيليين برؤى وتوصيات سياسية.