على خطى لبنان.. "بلومبرغ" تحذر: قيس سعيد يقود تونس إلى الهاوية
"الرئيس التونسي يقود البلاد إلى سيناريو لبناني"، عنوان تقرير لوكالة "بلومبرغ" الأميركية قالت فيه: إن استيلاء قيس سعيد على السلطة، دفع الديمقراطية الهشة في البلاد إلى حافة الهاوية، وأصبح يهدد اقتصاد البلاد بسيناريو لبناني مخيف.
الرئيس التونسي، وفي 25 يوليو/ تموز 2021، أصدر قرارا بإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتعطيل عمل البرلمان مدة 30 يوما، وإجراءات أخرى أمنية وإدارية؛ أثارت المخاوف على مستقبل تونس أولى بلدان الربيع العربي.
في تقريرها أضافت "بلومبرغ": "بعد ثلاثة أسابيع من إقالة رئيس الوزراء، وتعليق عمل البرلمان، وتعهده بإنقاذ البلاد مع احتدام الاحتجاجات الشعبية، لم يكشف قيس سعيد النقاب عن موعد العودة إلى المسار الديمقراطي".
مخاوف كبيرة
الوكالة المتخصصة في الشأن الاقتصادي أكدت أن "عدم إحراز تقدم يهدد بتأجيل اتفاق طال انتظاره مع صندوق النقد الدولي، وخطط لبيع الديون التونسية في الخارج أكتوبر/ تشرين الأول 2021".
وجزمت بأن تجميد قيس سعيد الوضع في البلاد "يثير مخاوف بعض المحللين من تخلف تونس عن السداد على غرار لبنان".
رئيس أبحاث الأسهم في شركة "Tellimer Research" حسنين مالك، يرى أن "تونس في حالة مرتفعة من خطر التخلف عن السداد"، محذرا من "انهيار تونس إلى السيناريو اللبناني".
ويقول لـ"بلومبرغ": "في لبنان أدى الجمود السياسي إلى انهيار الاقتصاد"، مؤكدا أنه "مثال مخيف على مدى سوء الظروف عندما تكون هناك قوى متكافئة لا يمكن التوفيق بينها".
من جانبه حذر تقرير الوكالة من أن "انهيار أي بلد بإفريقيا وقريبة من أوروبا والشرق الأوسط، له تداعيات خارج تونس، إذ يدفع بموجة أخرى من هجرة الشباب عبر البحر المتوسط".
الزميلة البارزة في مؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي" سارة يركس، تقول: إنه "وبعد عقد من الانتفاضة التونسية التي أنهت الحكم الاستبدادي، فإن التطورات الأخيرة تمثل تهديدا لـ(ملاذ حرية التعبير) في العالم العربي".
وفي سياق متصل حذر التقرير، من أن الدين الخارجي للبلاد في طريقه الوصول إلى ما يقرب من 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2022".
"في الوقت الذي بلغت فيه نسبة التضخم أعلى مستوياتها منذ خريف 2019، فيما تواصل نسبة البطالة الارتفاع بأسرع وتيرة منذ 2010، عندما انفجر الغضب الشعبي ضد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي".
"منذ ذلك الحين، ساهمت تعديلات متكررة للحكومة، وهجمات ضد قطاع السياحة الرئيس، وتفشي فيروس (كورونا)؛ في انتشار الشعور بالضيق، خاصة بعد أن انكمش الاقتصاد التونسي بنسبة 8.6 بالمئة 2020"، وفق رصد "بلومبرغ".
إصرار سعيد
وأضافت: "وفيما عارض الإسلاميون المعتدلون في البرلمان الإجراءات التي اتخذها أستاذ القانون السابق، قيس سعيد ووصفوها بأنها انقلاب، قوبلت بدعم أقوى نقابة عمالية وهي الاتحاد العام التونسي للشغل".
إلا أن الاتحاد الذي عارض طويلا رفع الدعم وتخفيض الأجور كشروط من صندوق النقد الدولي مقابل منح تونس الدعم المالي؛ يطالب الآن قيس سعيد بخارطة طريق للعودة إلى الديمقراطية.
تقرير الوكالة أشار إلى أن الرئيس التونسي أكد أنه "لن يتراجع"، لافتة إلى أن "تمديد إجراءات الطوارئ بعد انقضاء مدة 30 يوما يتطلب موافقة البرلمان الذي جمد سعيد نشاطه، وكذلك المحكمة الدستورية".
وقال سعيد خلال زيارته لمطار "قرطاج": "لو كانت دكتاتورية لكنت اتخذت إجراءات أخرى.. هل نصبنا حبل المشنقة؟ هل أعدمنا أحدهم رميا بالرصاص؟".
وحث سعيد الشركات على خفض الأسعار، ودعا البنوك لخفض معدلات الإقراض، واستجابت بعض الشركات لدعوته.
"لكنه لم يقم بأي تغييرات هيكلية لجذب الاستثمار الأجنبي، ومعالجة الفساد، ودعم القطاع العام المتضخم الذي تعد فاتورة رواتبه من أعلى المعدلات في العالم بالنسبة إلى الناتج المحلي"، وفق التقرير.
نتائج كارثية
ويقول الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بـ"كابيتال إيكونوميكس" جيمس سوانستون: "هناك مخاطر متزايدة من التخلف عن السداد إذا لم يتم تعزيز المالية العامة، ومن المرجح أن تضطر تونس إلى إعادة هيكلة ديونها".
ويضيف سوانستون: "من المحتمل أن تضطر الحكومة الجديدة إلى تقديم تنازلات للبقاء، وربما تضطر إلى اللجوء إلى سياسة التقشف".
"بلومبرغ"، نقلت عن "بنك أوف أميركا" قوله: "بدون برنامج صندوق النقد الدولي أو الدعم الثنائي والمتعدد الأطراف ذي الصلة، فإن الاحتياطيات الدولية التونسية ربما تواجه نضوبا ماديا نهاية 2022".
"بلغ صافي احتياطيات النقد الأجنبي حوالي 7.4 مليار دولار نهاية يوليو/ تموز 2021، وهو ما يكفي 219 يوما من الواردات، بانخفاض طفيف عن 2020"، وفق التقرير.
في سياق متصل، يصف مسؤول سابق في حكومة هشام المشيشي، رئيس الوزراء المقال 25 يوليو/ تموز 2021، "الوضع الاقتصادي بأنه خطير ولا يمكن التنبؤ به".
وفيما ألمح سعيد إلى محادثات مع دول "شقيقة"، يؤكد المسؤول السابق أن "السعي للحصول على تمويل من السعودية والإمارات الحل الوحيد المحتمل، إذ يستغرق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي 6 أشهر أخرى على الأقل".
من جهته، يقول زميل السياسة البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية طارق المجريسي: "لدى تونس فترة أشهر لتظهر للعالم أنها تتجه نحو شيء بناء، أو تخاطر بالدخول إلى مكان مظلم للغاية".