كنوز مهملة.. صحيفة صينية تحذر من دمار "جزيرة العجائب" الليبية
كشفت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية الناطقة بالإنجليزية أن جزيرة "فروة" الليبية تواجه مجموعة من المخاطر التي تهدد طبيعتها الاستثنائية.
ناشطون حذروا من أن "فروة" التي تعرف باسم "جزيرة العجائب" وتشتهر بطبيعتها البرية تواجه خطرا وربما تصبح ضحية أخرى لانعدام القانون في الدولة العربية الواقعة في شمال إفريقيا ومزقتها الحرب لسنوات.
"فروة" شريط رملي غير مأهول يبلغ طوله 13 كيلومترا في أقصى غرب ليبيا، تتميز بأشجار النخيل المتناثرة على الشواطئ الرملية البيضاء إذ يحيط بها البحر المتوسط المتلألئ.
"الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة"، قال إن "فروة" ربما تكون "أهم موقع ساحلي وبحري في غرب ليبيا، من حيث التنوع البيولوجي البحري والساحلي".
لكن الجزيرة تواجه قائمة طويلة من التهديدات، حسب قول الناشط بجماعة "بادو البيئية" المحلية فوزي دهان، مشيرا إلى أن الصيد غير المشروع والتلوث هما مصدر قلق رئيس.
تغير المناخ أيضا يؤدي إلى تفاقم وضع فروة، ما يجعلها أكثر عرضة للضغوط المتراكمة على بيئتها الهشة.
ولعقود من الزمان، كان هناك عدد قليل من الزوار الذين يصلون إلى الجزيرة، باستثناء الرحلات المدرسية.
الزعيم الليبي السابق معمر القذافي كان يحلم ببناء منتجع فاخر على شاطئ البحر هناك، مع فيلات "عائمة" وملعب للجولف.
لكن جرت الإطاحة بالقذافي وقتل في انتفاضة اندلعت عام 2011، قبل أن ينفذ مشروعه في فروة، فيما تكافح ليبيا الآن لاحتواء الصراع الداخلي والاضطرابات السياسية منذ ذلك الحين.
الصيد بالمتفجرات
وفي بلد مليء بالأسلحة، يجد البعض أن إلقاء القنابل اليدوية في الماء طريقة سهلة للصيد، وهي طريقة مدمرة تقتل كل شيء في منطقة الانفجار.
الناشط دهان، قال: إن "الصيادين لا يحترمون أي شيء"، ملقيا اللوم على القوارب القادمة من ميناء زوارة، على بعد 40 كيلومترا إلى الشرق.
وأوضح أنهم "يصطادون في جميع الأوقات، بطريقة غير منظمة ويمارسون الصيد بالمتفجرات"، مشيرا إلى إن السلاحف ضخمة الرأس المهددة بالانقراض تضررت أيضا من الصيد بالمتفجرات.
"جمعية بادو" تعمل على حماية أعشاش السلاحف الموضوعة على الشاطئ من الحيوانات المفترسة والأشخاص الذين يأتون لاستخراج البيض.
الجزيرة، القريبة من حدود تونس، تتكون من كثبان رملية تمتد بمساحة 4.7 كيلومترات مربعة، كما تعد البحيرة والمستنقعات المالحة فيها موطنا لطيور "النحام" أو طيور "الفلامينغو".
تضم الجزيرة منارة متهالكة بنيت في عشرينيات القرن الـ20، تحت الحكم الاستعماري الإيطالي.
فروة، أهم مناطق تجمع الطيور المهاجرة، بحسب الباحث من جامعة طرابلس طارق الجديدي، الذي قال: إنها نقطة انطلاق رئيسة للطيور التي تحلق فوق إفريقيا قبل التوجه عبر البحر المتوسط إلى أوروبا.
وأصبحت فروة الآن مكانا شهيرا للسياح الليبيين، إذ يزورها العشرات منهم نهاية كل أسبوع، فيما يشكل هؤلاء الزوار تهديدا آخر للجزيرة إذ يقول دهان: "إنهم يتركون نفاياتهم وراءهم".
التلوث الكيميائي
تهديد آخر يأتي من مصنع "البتروكيماويات" في منطقة أبوكماش القريبة، والذي تسبب على مدى سنوات "بتسريب معادن ثقيلة" إلى التربة والبحر ، بحسب دهان.
وأكد أنه ورغم توقف المجمع، إلا أن تأثير التلوث الخطير "لا يزال محسوسا".
عالم الآثار الذي أجرى حفريات في الجزيرة واكتشف مقابرا من العصر الروماني، شوقي معمر، وصف التلوث الناجم عن النبات المتداعي بأنه "كارثة بيئية".
كما أعرب عن قلقه من أن ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب تغير المناخ، يهدد بغمر الجزيرة المنخفضة.
معمر، أشار لاحتمال أن "يجري ابتلاعها إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لمحاولة احتواء البحر".
وفي السنوات الأخيرة، انقسمت ليبيا الغنية بالنفط بين إدارتين متنافستين تدعمهما قوى أجنبية ومليشيات لا تعد ولا تحصى.
وبعد مبادرة سلام في عام 2020، جرى الاتفاق على حكومة وحدة مؤقتة في مارس/ آذار 2021، قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر/ كانون الأول 2021.
في غضون ذلك، أخذت الجماعات البيئية على عاتقها مهمة حماية فروة، بينما تأمل في عودة الاستقرار وسيادة القانون.
وفي هذا السياق، قال دهان: إنه نظم "مؤتمرات وحملات توعية في المدارس"، لمحاولة شرح التهديدات التي تواجهها الجزيرة.
وأضاف: "نحاول كذلك تثقيف الصيادين"، بالشراكة مع المنظمات الدولية مثل الصندوق العالمي للحياة البرية.