12 بطلا على متنها.. سفينة كسر الحصار عن غزة تفضح إسرائيل وتكشف خذلان العرب

بث جيش الاحتلال صورا للحظة اعتقال جميع الأفراد من الناشطين الأجانب على متن السفينة مادلين
"الاستسلام ورفع الأيادي فوق الرؤوس".. بهذه الطريقة أجبر الاحتلال الإسرائيلي طاقم سفينة مادلين المكون من 12 ناشطا من جنسيات متعددة، على الخضوع وسيطر عليها واقتادها إلى ميناء أسدود بعدما اختطف المتطوعين على متنها أثناء توجههم إلى قطاع غزة لكسر الحصار.
اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر 9 يونيو/حزيران 2025، سفينة "مادلين" التي تقل ناشطين دوليين ومتضامنين مع قطاع غزة في محاولة لكسر الحصار المفروض عليه، وفق ما أفاد به "تحالف أسطول الحرية".
وقال التحالف، إن الجيش الإسرائيلي صعد على متن سفينته مادلين المتوجهة إلى غزة وانقطع الاتصال بها، بينما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن كوماندوز البحرية الإسرائيلية سيطر على السفينة.
واتهم القوات الإسرائيلية باختطاف المتطوعين على متن السفينة مادلين، ومن بينهم مراسل الجزيرة مباشر الزميل عمر فياض، والناشطة السويدية غريتا ثونبرغ والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام.
وبث جيش الاحتلال صورا للحظة اعتقال جميع الأفراد من الناشطين الأجانب على متن السفينة مادلين، وذلك بعد اعتراض السفينة ومحاصرتها في المياه الدولية.
وفي بث مباشر سابق، كانت السفينة محاطة بزوارق حربية إسرائيلية، بينما حلقت طائرات مسيرة فوقها على ارتفاعات منخفضة، وسط حالة توتر بين المتضامنين على متنها.
وجاء اقتحام السفينة بعد ساعات من تحذيرات إسرائيلية بمنع السفينة من الوصول إلى شواطئ قطاع غزة، وعدها محاولة "غير قانونية" لكسر الحصار البحري، وفق بيان لوزارة خارجية الاحتلال.
وفي وقت سابق، توعد وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس، السفينة، وقال: إنه أمر الجيش بعدم السماح بوصولها إلى غزة، وأن إسرائيل ستتخذ كل وسيلة ضد أي محاولة لكسر الحصار عن القطاع.
وعقب اقتحام السفينة، شكر كاتس جيش الاحتلال، قائلا: "أحيي الجيش على سيطرته السريعة على السفينة ومنعها من كسر الحصار والوصول إلى شواطئ غزة".
وتجدر الإشارة إلى أن "مادلين" أبحرت مطلع يونيو/حزيران 2025 الجاري من ميناء كاتانيا الإيطالي باتجاه غزة، في رحلة تستهدف كسر الحصار المفروض على القطاع من قبل إسرائيل.
وتحمل السفينة إمداداتٍ عاجلة لفلسطينيي غزة، بما في ذلك حليب الأطفال، والدقيق، والأرز، وحفاضات الأطفال، ومستلزمات تحلية المياه، والإمدادات الطبية، والعكازات، والأطراف الاصطناعية للأطفال، وفقا لمنظميها.
ومادلين هي السفينة الـ36 ضمن ائتلاف أسطول الحرية، الذي يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007.
وسُميت السفينة على اسم "مادلين كُلاب" أول فتاة فلسطينية احترفت صيد الأسماك في قطاع غزة، وقد فقدت والدها ومصدر رزقها بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
واستنكر ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي قرصنة الاحتلال الإسرائيلي للسفينة، وعدوه جريمة حرب جديدة تضاف لسجل الاحتلال، وانتهاك صارخ للقوانين الدولية والبحرية، وكشف للممارسات العدوانية التي تستهدف منع وصول المساعدات الإنسانية للقطاع.
ورأوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #السفينة_مادلين، #مادلين، #غزة_تباد، وغيرها، أن السفينة الصغيرة التي أبحرت نحو غزة نجحت ببراعة رغم قرصنتها في الصدح بنداء لإيقاظ ضمير العالم، وإثارة نقاش عالمي حول الحصار.
وأكد ناشطون، أن السفينة أعادت تسليط الضوء على حقيقة وطبيعة الاحتلال الإسرائيلي وعدم إعطائه أي وزن أو قيمة للمعايير الإنسانية، بل وانتهاكه حقوق الإنسان كافة، وتعمده ارتكاب الحماقات المتكررة وممارسته القمعية على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
خذلان العرب
وهجوما على الأنظمة العربية الحاكمة، قال أبو جهاد أنصاري: "قبح الله أوجاهكم يا خونة ويا متخاذلين ويا صامتين.. عليكم من الله ما تستحقون قريب بإذن الله".
وعد الإعلامي سامي كمال الدين، التهمة الحقيقية لطاقم سفينة الحرية هو إيقاظ ضمائر العرب، قائلا: "لقد مات العرب لذا الحمد لله أن هؤلاء الأبطال يحملون جوازات سفر غربية وليست عربية!".
ورأى نصر القفاص، أن السفينة مادلين فضحت خدم الصهيونية والأميركان وكشفت التواطؤ لإبادة الفلسطينيين.
وقال الكاتب حسن بناجح: إن سفينة مادلين صرخة في وجه العجز، ورمز يفضح خيانة المطبعين، ويحرج صمت المتواطئين.
وأشار إلى أن في مادلين وعلى متنها رجال ونساء يمثلون الإنسانية في أجمل معانيها: التضامن، التضحية، الشجاعة، والوفاء لكرامة الإنسان حيثما كان.
ورأى بناجح، أن مادلين تسجل اليوم اسمها إلى جانب قوافل مرمرة وأسطول الحرية والبطلة كوري التي وقفت في وجه جرافات الاحتلال حتى الاستشهاد.
وأضاف: "بورك كل من سار في هذا المركب، وبوركت كل القوافل البحرية والبرية، وبورك كل من يلبي نداء الضمير والإنسانية ليساند ويدعم غزة بأي شكل متاح، أما من خذل، أو خان، أو برر للصهاينة عدوانهم، فليقرأ هذا المشهد جيدا: الإنسانية بخير.. وإن تآمر كل لئام الدنيا".
وكتب الصحفي سامي جرادات: “سفينة مادلين، التي يخاطر طاقمها بحياتهم لإدخال الغذاء والدواء لأهل غزة المحاصرين، وأطفالها المجوعين، تُحرجنا كعرب، ومسلمين، وتضع كل ما قلناه من صفات نخوة، ونصرة المظلوم، وحتى العمل الأخلاقي الموصى به في الدين، على المِحك الحقيقي! هل خسرنا مروءتنا؟”
ورأت بنت الشيخ، أن السفينة كفَت ووفَت حتى وإن لم تصل إلى وجهتها، فيُحسب لها شرف المحاولة يكفيها أنها عرّت ما يُسمى بالأنظمة العربية والإسلامية أنظمة متخاذلة في المواقف، وغائبة عن أبسط معاني الشرف.
وأضافت أن السفينة فضحت شعوب الجوار، أولئك العاجزين الصامتين، الذين اكتفوا بالتفرج على الدم والموت والحصار.
فضحت الاحتلال
وتأكيدا على أن سفينة كسر الحصار فضحت الاحتلال الإسرائيلي، قالت أسماء دعبس، إن مادلين أبحرت تحمل على متنها رسالة إنسانية لا تعرف الحدود، لكن الاحتلال الإسرائيلي، كعادته، لا يرى في الإنسانية إلا تهديدًا.
واستنكرت محاصرة الاحتلال للسفينة، واعتراض طريقها، واعتقال الناشطين الذين حملوا معهم الغذاء والدواء لأهل غزة المحاصرين.
وأضافت أسماء، أن "مادلين ليست مجرد سفينة، بل رمزا للصمود في وجه الظلم، وإصرارا على كسر الحصار الذي يخنق الحياة في غزة منذ سنوات".
وأكدت أن كل صفارة إنذار أُطلقت على متنها كانت صرخة في وجه العالم اليوم، غزة ليست وحدها، ومادلين ستظل تبحر في قلوبنا.
ورأى عضو المكتب السياسي للحوثي محمد الفرح، أن العدو الإسرائيلي يثبت بوضوح أنه ليس عدوا لحماس وغزة أو العرب فحسب كما يدعي، بل هو عدو للإنسانية جمعاء، وعدو لكل حرٍ في العالم وعدوٌ لكل من يحمل ضميراً حياً من أي قومية أو ديانة أو عرق كان.
وقال: "نحن ندين بشدة سلوك العدو الصهيوني تجاه سفينة الحرية (مادلين) التي أتت في مهمة إنسانية تهدف لكسر الحصار الذي يسعى من خلاله لقتل أكثر من مليوني إنسان في غزة بالجوع والمرض".
وعد محمد الشناوي، ما حدث مع السفينة مادلين قبل دخولها إلى غزة، فاضحا للكيان، مؤكدا أنها أدت هدفها إعلاميا.
أبطال "مادلين"
وإعرابا عن الامتنان لطاقم سفينة مادلين وشكره على ما فعله، خاطبت إحدى المغردات، الناشطين على متن السفينة قائلة: " حاولتوا لحد آخر نفس ومهما حصل مش هننساكم أبدا!".
وأشارت إلى أن السفينة الصغيرة مادلين مشت عكس التيار في وقت العالم كله اختار يغمض عينه، مؤكدة أن السفينة كان بها "قلوب ضخمة، مليانة إنسانية وجرأة، قررت تطلع في أخطر مهمة: تفُك الحصار عن غزة".
وأضافت المغردة: "الناس اللي على متن السفينة دول مش مغامرين.. دول أبطال حقيقيون، سابوا بيوتهم وأهلهم، وركبوا البحر عشان يوصلوا رسالة: غزة مش لوحدها… وفيه ناس لسه عندها ضمير!".
وأكد المغرد خالد، أن سفينة مادلين أبحرت في وجه الظلم، وآلة الطغيان، أبحرت لتقول للعالم: "كفاكم ظلما كفاكم صمتا، كفاكم كفاكم كفاكم، الحرية لغزة والحرية لشعبها والحرية لكل حر وقف في وجه الطغيان.. غزة خلقت لتحيا وليس للموت".
ضمير العالم
وتسليطا للضوء على المنجزات التي حققها الناشطون على سفينة مادلين بفعلتهم، عدد صهيب عبدالله الرسائل التي أوصلتها السفينة إلى ضمير العالم، رغم أنها لم تصل إلى غزة.
وذكر منها أن السفينة لفتت أنظار البشر إلى أن غزة لا تُحاصر فقط، بل تُباد، قصفا وتجويعًا، في وضح النهار وتحت صمتٍ دوليٍ مريب، كما كسرت قيد التعبير الافتراضي، وأثبتت أن المواقف الصادقة لا تكتفي بمنشور أو وسم، بل تخوض البحر وتواجه الخطر.
وأشار عبدالله إلى أن السفينة أوضحت للعالم أن النشطاء لا يُستثنون من بطش المحتل، وأن الكلمة الصادقة قد تُواجه بالقمع تمامًا كالرصاصة، مؤكدا أن "مادلين" ليست مجرد سفينة، بل شاهدا على زمنٍ اختُبر فيه الضمير، وسقط فيه كثيرون، إلا من قرروا الإبحار رغم العتمة.
وحذر من أن "الحياد في زمن المجازر ليس رأيًا... بل خيانة."
وأكد راشد مبخوت معروف، أن السفينة لا تحمل مساعدات إنسانية فقط، بل تحمل رسالة سياسية وقد تمكنت فعلا من إيصالها للعالم على أكمل وجه، وسلطت الضوء على الحصار الإسرائيلي للقطاع، والمعاناة التي يتعرضون لها سكان غرْة.
ووجه الشكر لكل طاقم السفينة، قائلا لهم: "لقد دخلتكم التاريخ من أوسع أبوابه بموقفكم المشرف والبطولي".
وقال الصحفي فايد أبو شمالة، إن مادلين نموذج ودليل أن بالإمكان كسر الحصار، وسواء وصلت مادلين إلى شاطئ غزة أم لم تصل فإن رسالتها قد وصلت كل أنحاء الأرض ورسالتها: "أوقفوا الإبادة وأوقفوا الحصار".
ورأى أن النموذج المادليني يجب أن يلهم النشطاء بأن لا ينتظروا تحركات دولهم وأن عليهم أن يفعلوا شيئا مهما كان صغيرا وكلما تكررت المبادرات وتكثفت كلما تعمقت جراح العدو واهتزت أركانه.
وأشار عبدالله محمد العوامي إلى قول الكاتب فراس طنينة لقناة الميادين، إن السفينة نجحت في إحراج "إسرائيل" مجددًا، وسط تصاعد الانتقادات الدولية بشأن الأساليب التعسفية التي تنتهجها".