تسببت في اغتيال إسماعيل هنية.. تعرف على وحدة "أنصار المهدي" الإيرانية

داود علي | 4 months ago

12

طباعة

مشاركة

مثلت عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران يوم 31 يوليو/ تموز 2024، فشلا استخباراتيا هائلا للنظام الإيراني الذي يتفاخر بأسلحته وإمكانياته وقدرته على "تدمير إسرائيل". 

فاستهداف شخصية بحجم إسماعيل هنية وقتله يعد مسا مباشرا بـ"السيادة" الإيرانية، غير أن تفاصيل العملية تزيد الطين بلة، نظرا لحساسية المكان الذي اغتيل فيه.

حيث ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية أن هنية اغتيل في مقر خاص جدا تابع للحرس الثوري الإيراني شمال طهران ويقيم فيها المسؤولين الكبار بمحور المقاومة.

"أنصار المهدي" 

ولم تكشف إيران على الفور الكيفية التي اغتيل بها هنية، وتضاربت الأقاويل والتقارير بالشرق الأوسط والغرب حيال ذلك. 

إذ منع النظام الإيراني وسائل الإعلام من تغطية الحدث بشكل مباشر حيث لم تظهر أي صور أو مقاطع فيديو الموقع الذي كان فيه هنية.

لكن صحفا عالمية بدأت تنشر تقارير تشير إلى وجود اختراقات ضخمة في المنظومة الأمنية والاستخباراتية الإيرانية، مكنت الموساد من اغتيال الزعيم الفلسطيني.

ففي 3 أغسطس/ آب 2024، نشرت صحيفة “التلغراف” تقريرا نقلت فيه عن مسؤولين إيرانيين لم تسمهم أن جهاز "الموساد" الإسرائيلي جند عملاء إيرانيين لزرع عبوات ناسفة بمقر إقامة هنية في طهران تسببت في اغتياله.

وأضافت الصحيفة البريطانية أن القوات المسلحة الإيرانية على ثقة بأن الموساد وظف عملاء من وحدة "أنصار المهدي" التابعة للحرس الثوري الإيراني. 

وأوضحت أن هؤلاء العملاء قاموا بناء على أوامر مباشرة من الموساد بتثبيت العبوات في 3 غرف منفصلة داخل مقر إقامة هنية.

وسبق أن أكدت شبكة “سي إن إن” مطلع أغسطس، أن هنية اغتيل نتيجة قنبلة تم تهريبها داخل دار الضيافة، الذي كان تحت حماية الحرس الثوري.

وأكدت الشبكة الأميركية أن العملية تعد خرقا مذهلا لأمن للحرس الثوري الإيراني.

ويرجع السبب الرئيس في اتهام “أنصار المهدي” بالاختراق، كونها هي الوحدة الأمنية داخل الحرس الثوري المسؤولة بشكل مباشر عن ضمان أمن المسؤولين رفيعي المستوى. 

وشن الحكومة الإيرانية عمليات اعتقال سريعة في صفوف الأجهزة الأمنية، يؤكد فرضية أن الاغتيال كان نتيجة اختراق أمني كبير.

وفي هذا السياق ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في 3 أغسطس، أن إيران اعتقلت أكثر من 20 شخصا، من بينهم ضباط استخبارات كبار ومسؤولون عسكريون وموظفون في دار الضيافة التي اغتيل فيها هنية.

وأضافت أن وحدة الاستخبارات المتخصصة في التجسس التابعة للحرس الثوري، هي التي تتولى التحقيق في الحادث وتطارد المشتبه بهم على أمل أن يقودوها إلى أعضاء الفريق الذي خطط وساعد ونفذ عملية الاغتيال.

وأوضحت أنه تم وضع جميع موظفي دار الضيافة رهن الإقامة الجبرية (معظمهم من وحدة أنصار المهدي)، واعتقل بعضهم، وصودرت جميع الأجهزة الإلكترونية والهواتف الشخصية.

من هم "أنصار المهدي"؟

تعود قصة فيلق أنصار المهدي إلى بداية قيام الجمهورية الإيرانية، وبدء نواة تشكيله على يد القائد الأعلى للثورة الإيرانية روح الله الخميني. 

ففي 26 مايو/ أيار 1979 كانت هناك محاولة اغتيال للزعيم الديني الإيراني، أكبر هاشمي رفسنجاني (شغل منصب رئيس الجمهورية الإيرانية بعد ذلك).

بعد المحاولة الفاشلة كلف الخميني، الحرس الثوري بمسؤولية حماية حياة مسؤولي النظام.

وهي مهمة كانت تقع على عاتق قوات الحرس الوطني التابع للحكومة المؤقتة، ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية.

وبناء على تكليف الخميني جرى تأسيس فيلق حماية الشخصيات الكبرى، تحت مسمى "فيلق حماية أنصار الإمام". 

وفي عام 1989، جرت عملية إعادة هيكلة في صفوف الحرس الثوري، وبعدها أصبح المسمى الرسمي للوحدة أو الفيلق "حماية أنصار المهدي". 

وأوكل إليها مهمة حماية الشخصيات والمسؤولين البارزين والعلماء النوويين في إيران، وحماية الضيوف المهمين وكبار الشخصيات الدولية التي تفد إلى البلاد، وكذلك حماية المطارات والطائرات المدنية.

وسبق أن أوردت وكالة "ميزان" الفارسية في 17 مايو/ أيار 2017، أنه منذ تم تكليف فيلق "أنصار المهدي" بمهمة حماية أمن الطائرات، تم تسجيل 15 محاولة اختطاف طائرات، جرى إحباط 11 منها.

أما مركز قيادة تلك الوحدة فيقع في مبنيين مكونين من ستة طوابق، في شارع باستور بطهران، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في 11 يونيو/ حزيران 2019.

قائد الوحدة

منذ أبريل/ نيسان 2020، يقود وحدة "أنصار المهدي العميد فتح الله جميري. وبدأ نشاطه العسكري خلال الحرب العراقية الإيرانية عام 1988. 

وعمل جميري كضابط في القوات البرية لفيلق الحرس الثوري، كما شغل منصب قائد منطقة مقاومة الباسيج في مناطق كوهكيلوي وبويار أحمد. وعمل أيضا قائدا لمنطقة مقاومة الباسيج في ولاية بوشهر. 

وحملت أصوات داخل إيران العميد جميري المسؤولية المباشرة عن الاختراق الإسرائيلي الذي تسبب في اغتيال هنية. 

ففي نفس يوم العملية (31 يوليو) نقلت وكالة "إيران انترناشيونال" المعارضة تعليق للبرلماني الإيراني حسين علي حاجي دليكاني،  قال فيه "في حادثة استشهاد إسماعيل هنية  بطهران، لا يمكن استبعاد إمكانية وجود أشخاص مندسين".

وأضاف: "لأنه في كل الأحوال قد يقوم النظام الصهيوني بدفع الدولارات الأميركية لبعض الأشخاص الجاهلين أو المرتزقة، أو استخدامهم للحصول على معلومات أو تنفيذ عمليات إرهابية".

ثم عقب: "بأن الأنظار تتجه نحو جهاز الأمن والحماية في نظام الجمهورية الإسلامية، تحديدا وحدة أنصار المهدي، وقائدها فتح الله جميري، فهناك تساؤلات واضحة حول التقصير وعدم الكفاءة". 

بينما قال علي يونسي، وزير الإعلام الإيراني السابق، لموقع "يورو نيوز" التابع للاتحاد الأوروبي في 3 أغسطس، إنه "يجب على جميع مسؤولي النظام الإيراني أن يشعروا بالقلق على حياتهم".

وتابع: "يبدو أن النظام الصهيوني قادر على استهداف عدد كبير من الشخصيات في إيران، وأنه إذا لم يستهدف بعد السلطات السياسية في البلاد، فذلك لأنه لم يحصل على الإذن للقيام بذلك".