"يحبني وأحبه".. هل تخرج مليارات ابن سلمان إلى جيوب ترامب مجددا؟

داود علي | 4 months ago

12

طباعة

مشاركة

كانت الرصاصة التي أطلقت على المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب، خلال كلمته في تجمع حاشد بولاية "بنسلفانيا" يوم 13 يوليو/ تموز 2024، بمثابة قوة دفع تقربه من الرئاسة، ودخول البيت الأبيض، بعدما زادت أسهمه عبر استطلاعات الرأي. 

وبات سؤال كيف سيكون شكل العالم خلال ولايته الثانية؟ مطروحا بقوة، لا سيما في الشرق الأوسط، وفي القلب المملكة العربية السعودية التي ارتبطت بـ "ترامب" وعائلته خلال ولايته الأولى، وحتى بعد أن خسر أمام الرئيس الحالي جو بايدن، عام 2020.

فما الترتيبات التي ستحكم علاقة ترامب بولي العهد السعودي محمد بن سلمان وقصور الرياض حال فوزه؟ وما الصفقة الكبرى المنتظرة بينهما؟

صفقة كبرى

وكانت واحدة من أكثر الأحاديث التي عبرت عن علاقة واشنطن بالرياض، ذلك الخطاب الذي ألقاه ترامب خلال سنوات حكمه الأولى، تحديدا في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، عندما قال إنه “حذر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أنه لن يبقى في السلطة أسبوعين، دون دعمنا العسكري”.

وأكمل ترامب أمام حشد في مدينة "ساوث هافن" بولاية "مسيسيبي": "نحن نحمي السعودية.. يمكننا القول إنهم أثرياء.. أنا أحب الملك، الملك سلمان.. لكنني قلت: نحن نحميكم، ويجب أن تدفع تكاليف جيشك".

مرت السنوات وجاء يوم 19 يوليو 2024، وفي أول خطاب لترامب بعد محاولة اغتياله، خطب لمدة 93 دقيقة، في ميلواكي بولاية ويسكونسن.

كانت أهم رسائل ترامب الذي وصف بـ "العائد من الموت"، أنه سيغير كل شيء. 

لكنه شدد على سياسته الخارجية خلال فترته الأولى وأن على الدول التي تلجأ للحماية الأميركية (مثل السعودية وتايوان) أن يدفعوا ثمن الحماية، حتى إن ترامب قالها بوضوح مستخدما لفظ "ادفعوا، ادفعوا". 

وهو ما دفع الأكاديمي اليمني  الأستاذ بجامعة "إدنبرة" ببريطانيا أحمد الدبعي، للتدوين عبر حسابه بموقع "فيسبوك" قائلا: "إن فاز ترامب فهو على موعد مع أكبر صفقة حماية في التاريخ".

وعقب: “صرح بايدن أن السعودية طلبت الحماية والسماح لها باستخدام الطاقة النووية السلمية مقابل الاعتراف بالكيان (الإسرائيلي) والتطبيع معه”.

وأضاف: "سيلتقط ترامب هذا الملف ويحوله لأكبر صفقة يمكن عقدها مقابل حماية على الطريقة الأميركية".

وأتبع الأكاديمي اليمني: "تصرف السعودية يؤكد إيمانها بعدم القدرة على حماية نفسها، وأنها لا تمتلك أي رؤية لتحقيق حماية ذاتية لها وللخليج".

وأكمل: “هذا التصرف السعودي سيجعل الحوثيين والمحور الايراني يوقنون أن هذا البلد صار هدفا سهلا من جهة”.

وكذلك ستسعى أميركا لبقاء هذا المحور الإيراني موجودا كي يستمر الابتزاز لدول الخليج، وفق تقديره.

واختتم الدبعي: "بالمختصر ما صرح به ترامب يؤكد أن السعودية غارقة في الترفيه ولا إستراتيجية لديها لحماية نفسها والإقليم بشكل ذاتي".

يحبني وأحبه 

وأدلى ترامب بحديث خاص لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية في 16 يوليو 2024، وخص بالذكر علاقته بمحمد بن سلمان، ورؤيته لمستقبل العلاقات مع السعودية. 

وقال إن “السعوديين يريدون الهيمنة في مجال الطاقة، بينما أريد فتح المزيد من مشاريع استكشاف الطاقة في الولايات المتحدة؟”

ثم أضاف ترامب عن ابن سلمان: "هو يحبني، وأنا أحبه، لدي علاقة رائعة معه.. لكنهم (يقصد السعوديين) سيحتاجون دائما إلى الحماية".

وأتبع: "لن يكونوا محميين طبيعيا، وسيحتاجون إلى حمايتنا، وسأحميهم"، وكشف ترامب أنه تحدث فعليا مع ابن سلمان خلال الستة أشهر الماضية.

لكن النقطة الأخطر التي ذكرها في حديثه مع الوكالة الأميركية، تتعلق بحصوله على 450 مليار دولار من المملكة مقابل الحماية. 

وأورد أنه ذهب إلى السعودية كأول محطة (خلال ولايته الأولى)، وهو أمر مختلف، لأنه في معظم الحالات، يذهب الرؤساء الأميركيون إلى المملكة المتحدة. 

وأضاف: "كنت مستعدا للذهاب إلى بريطانيا، لكن محمد اتصل بي وقال: أود أن تأتي إلى هنا". ويتابع ترامب: “قلت له سأكسر تقليدا طويل الأمد، إذا فعلت ذلك”. 

ويكمل: "انظر، إليك ما سأفعله.. سآتي، لكنني أريدك أن تعطي 450 مليار دولار للشركات الأميركية".

ويضيف: "وفعلت.. وأعطى محمد بن سلمان 450 مليار دولار للشركات، ولم أر شيئا مثله من قبل، لأنني جلست هناك بينما كانت الأموال تخرج".

واختتم ترامب حديثه قائلا: "لذلك، حميتهم كثيرا خلال فترة ولايتي". 

السعودية تدفع 

وسبق أن أعلن ترامب في 22 أكتوبر 2019 خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأميركية، أن السعودية "تدفع ما عليها" من نفقات إرسال القوات الأميركية إلى أراضيها.

وقال: "إن إيران هاجمت ناقلات نفطية سعودية، ونحن أرسلنا قوات إلى هناك لحمايتها".

وأضاف: "السعودية تدفع مقابل حمايتها"، وأنه طلب من الرياض تحمل كل النفقات بما فيها نفقات الجنود.

ورأى ترامب أن هذا لم يحدث من قبل، في إشارة إلى الإدارات السابقة.

ثم عقب: "لقد دفعت 100 بالمئة من تكاليف قواتنا لحمايتها في عملية تفاوض لم تستغرق دقيقة واحدة". 

وربما يصف تقرير نشره موقع "دويتشه فيله" الألماني، قبل سنوات، تحديدا في 25 مارس/ آذار 2018، الوضع الحالي بين واشنطن والرياض في 2024، وترامب يقف على أعتاب البيت الأبيض من جديد. 

وقد أورد أن ترامب سيطارد مال السعودية حتى آخر هللة، وأنه كرجل أعمال، يعرف كيف يجنى المليارات قبل أن يصبح رئيسا، ويعرف من أين تؤكل الكتف بشكل عام، والكتف السعودية بشكل خاص.

وتحدث "دويتشه فيله" عن صفقة من نوع خاص جرت بين ترامب وابن سلمان، كان مفادها أن الأمير يطمح إلى تثبيت دعائم حكمه مدى الحياة، حسب ما جاء في مقابلة له مع قناة "سي بي إس" الأميركية.

وذلك مقابل أن يضمن له ترامب الحماية والأمان، كرجل أكبر حتى من ولي عهد أي أن يكون "الملك الفعلي". 

وقال الموقع الألماني: "إن الصفقة تتم في وقت تواجه فيه المملكة تراجعا في إيراداتها المالية مقابل تحديات اقتصادية وسياسية متزايدة مع استمرار تراجع أسعار النفط وتفاقم الحرب في اليمن".

وأكمل: "التحدي الأكبر الذي تواجهه حسب رؤية ولي العهد نفسه هو مواجهة النفوذ الإيراني الزاحف في منطقة الشرق الأوسط".

ثم أورد أن ابن سلمان يريد من صفقاته مع واشنطن دعم الأخيرة الكامل في مواجهة هذا التحدي مقابل الصفقات التجارية الأسطورية التي اتفق عليها مع ترامب وعائلته. 

ومما يعنيه هذا الدعم شراء أحدث الأسلحة الأميركية وبناء 16 مفاعلا نوويا على غرار المفاعلات الإيرانية. 

هل هو جاد؟ 

ومع ذلك لا يمكن إغفال التاريخ القريب، والسؤال المطروح في إطار مليارات السعودية مقابل أمان ترامب.

فهل ترامب من الأساس سيكون جادا في الدفاع عن المملكة إذا ما تعرضت لخطر حقيقي؟ التاريخ القريب فقط هو الذي يجيب عن هذا السؤال.

ففي 19 سبتمبر/ أيلول 2019، وبعد أشهر قليلة من المليارات التي حصل عليها ترامب لحماية المملكة، طرحت شبكة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" استفتاء عن جديته في الدفاع عنها، وذلك بشأن هجوم الحوثيين المدعومين من إيران على شركة أرامكو السعودية، في نفس الشهر.

فما بين إعلان ترامب، بأنه لا يرغب في مواجهة إيران رغم تأكده من ضلوعها في الهجوم، إلى تصريحات وزير خارجيته مايك بومبيو وتأكيده على حق المملكة في الدفاع عن مصالحها، تظل العديد من الأسئلة حائرة وتبحث عن إجابة.

وقالت بي بي سي: هل يُمارس الرئيس الأميركي سياسته المفضلة في ابتزاز المملكة من أجل الحصول على المزيد من الأموال؟ 

وكان ترامب قال عن هجوم أرامكو: "كان ذلك هجوما على السعودية وليس علينا، ولكننا بالتأكيد سنساعدهم، إنهم حليف عظيم، وأنفقوا 400 مليار دولار على دولتنا خلال السنوات الأخيرة".

وأضاف: "أعتقد أنها مسؤولية السعوديين، إذا كان شخص ما مثلنا سيساعدهم، أعلم أنه سيتم دفع المال مقابل ذلك، الحقيقة هي أن السعوديين سيكون لهم مشاركة كبيرة إذا قررنا أن نفعل شيئا ما، وهذا يتضمن الدفع، وهم يفهمون ذلك بشكل كامل".

وتشير الشبكة البريطانية إلى أنها ليست المرة الأولى، التي يطلق فيها ترامب تصريحات من هذا القبيل، إذ إنه اعتاد على الإدلاء بها، في العديد من اللقاءات، التي تجمعه بأنصاره في واشنطن.

إذ يردد دوما بأنه تحدث لقادة السعودية وقال لهم، إن عليهم أن يدفعوا إذا ما رغبوا في حماية أميركا لبلادهم.

وقتها طرحت "بي بي سي" تساؤلات لمراقبين تحدثوا لها، عما إذا كان الرئيس الأميركي يستخدم تلك المناسبات، للحصول على مزيد من الأموال من السعودية.

وذلك في ظل تصريحاته السابقة التي تطرق فيها إلى عقد صفقات معها بقيمة 400 مليار دولار، وهو ما عده ترامب فرصة جيدة لتوفير 1.5 مليون فرصة عمل للأميركان.

إلا أن مراقبين طرحوا أمورا أخرى، نتجت عن الهجمات الأخيرة التي شنتها مليشيا الحوثي ضد المنشآت النفطية لشركة أرامكو، منها أسباب عجز القوات الأميركية، المتمركزة في السعودية، عن رصد تلك الهجمات ومحاولة إيقافها قبل أن تحدث.

والآن بعد كل هذه السنوات ومع استعداد ترامب لخوض معركة ولايته الثانية، هل يكرر التاريخ نفسه ويحصل على مزيد من الأموال والصفقات المليارية لتدعيم اقتصاده وفرض سيطرته مقابل لا شيء؟