الابن أو رجل دين أو جنرال.. 3 خيارات بشأن خليفة خامنئي عقب مصرع رئيسي
وفاة خامنئي لن تؤدي بالضرورة إلى زعزعة النظام السياسي في إيران
بعد وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة مروحية، وعلى وقع انتخابات رئاسية في 28 يونيو/ حزيران 2024، يبرز سؤال محوري داخل أروقة السياسة الإيرانية، عن هوية الخليفة المستقبلي للمرشد الأعلى علي خامنئي.
وبحسب تقرير عبري، فإن "عملية نقل السلطة لن تكون بهذه السهولة، فمن المنتظر أن تبدأ إجراءات معقدة، حيث تتصارع العديد من مراكز القوى في دوائر الحكم الإيرانية".
وتسلط صحيفة "يديعوت أحرونوت" الضوء على هذا الصراع، متسائلة عن أكثر أجنحة النظام نفوذا وتأثيرا في اختيار خليفة المرشد الأعلى، ومشددة على أن "هوية الرئيس المقبل ستسهم في اختيار اسم وريث خامنئي".
وفي هذا الصدد، يطرح التقرير ثلاثة سيناريوهات مختلفة لانتقال الحكم، فإما تولي ابن خامنئي مقاليد القيادة، أو تعيين رجل دين آخر، أو حتى تغيير طبيعة النظام.
صراع مرتقب
تشير الصحيفة إلى “تضاعف التقارير عن تدهور الحالة الصحية للمرشد الإيراني”، وترى أن وفاته لن تؤدي بالضرورة إلى زعزعة النظام السياسي في إيران على المدى القصير.
ويبرر ذلك باعتقادها أنه "على مر السنين، صاغ النظام الآليات اللازمة لانتقال منظم للقيادة إلى خليفة متفق عليه".
لكنها توضح، في الوقت ذاته، أن "اختفاء خامنئي عن الساحة قد يؤدي إلى إحداث تغييرات في ميزان القوى في الجمهورية الإسلامية، ومساعدة بعض الأطراف التي تسعى لتعزيز موقفها، وربما حتى تحدي مفهوم الحكم المبني على الشريعة الإسلامية الممارس في إيران منذ عام 1979".
ولفتت إلى أن مسؤولية تعيين خليفة خامنئي تقع على عاتق هيئة تدعى مجلس الخبراء والذي يتألف من 86 رجل دين.
وينتخب أعضاء مجلس الخبراء من قبل الإيرانيين كل ثماني سنوات، ولكن يجب أن يحظى المرشحون لهذه الهيئة بموافقة مجلس صيانة الدستور.
ويجرى اختيار أعضاء مجلس صيانة الدستور، بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل المرشد الأعلى، ومن هنا فإن الأخير له نفوذ كبير في كلا الهيئتين.
ومن الممكن الافتراض بأن مراكز السلطة المركزية الأخرى، على سبيل المثال عناصر في مكتب المرشد والحرس الثوري، ستسعى إلى لعب دور في السلطة، والصراع على الخلافة من أجل الحفاظ على مصالحهم.
ووفقا للصحيفة العبرية، فإن “رئيسي كان يعد من أبرز الأسماء المتوقعة لخلافة خامنئي، فقد كان انتخابه رئيسا لإيران، في يونيو/ حزيران 2021، بمنزلة مرحلة أخرى في تدريبه المحتمل لقيادة الجمهورية الإسلامية”.
وجاء ذلك بعد أن تركته قائمة المرشحين النهائيين، التي وافق عليها مجلس صيانة الدستور، المرشح الوحيد الذي كان لديه فرصة حقيقية للفوز في الانتخابات.
"لكن أداء رئيسي خلال فترة رئاسته، جعلته أبعد عن كرسي المرشد الأعلى"، وفق مزاعم الصحيفة.
وتابعت: "واجه رئيسي انتقادات متزايدة -حتى من الدوائر المحافظة، مما يعكس الاستياء المتزايد من سياساته، وخاصة في المسائل الاقتصادية، وهو ما كان من الممكن أن يجعل الأمور صعبة عليه في صراع محتمل على الخلافة".
مجتبى أو رجل دين
وبوفاة رئيسي، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لخلافة خامنئي، أولها يتعلق بعملية توريث الحكم، حسب الصحيفة العبرية.
وتقول "يديعوت أحرونوت": “برز اسم نجل خامنئي الثاني، مجتبى، كخليفة محتمل لوالده”.
وخلال السنوات الماضية، عدت مصادر في المعارضة الإيرانية، مجتبى، شخصا يتمتع بنفوذ كبير، بتقدير أنه منخرط في قضايا حساسة، ويشارك في المشاورات غير الرسمية في مكتب والده.
وتابعت: "ومن نقاط القوة لديه، تمتعه بعلاقات جيدة مع نخبة الاستخبارات الأمنية في إيران".
وأردفت الصحيفة: "كما عززت التقارير عن ترقيته الواضحة في المناصب الدينية التكهنات حول نية محتملة لتعزيز موقفه كزعيم".
وأضافت: "أثار احتمال تعيين مجتبى خلفا لوالده انتقادات عامة حادة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك من قبل بعض رجال الدين، الذين زعموا أن انتقال السلطة عن طريق الميراث لا يتوافق مع جوهر الجمهورية الإسلامية".
واستشهد بادعاء أحد أعضاء مجلس الخبراء في مارس/ آذار 2024، "أن خامنئي نفسه أبدى تحفظات بشأن هذا الاحتمال بسبب معارضته للحكم الأسري".
مع ذلك رأت يديعوت أحرونوت أنه "ليس من المستبعد أن يظهر اسم مجتبى كمرشح ليحل محل والده، خاصة في ظل عدم وجود مرشح مناسب ومتفق عليه".
السيناريو الثاني المطروح، “قد يكون تعيين رجل دين آخر خلفا لخامنئي، خاصة مع ظهور اسم آية الله علي رضا أعرافي أخيرا كمرشح محتمل لقيادة إيران، وهو يشغل حاليا منصب نائب أمين مجلس الخبراء، وكان سابقا مديرا لجامعة المصطفى العالمية”.
وتعتقد الصحيفة أنه "قد يُحتمل تعيين رجل دين مسن كزعيم مؤقت حتى يستقر النظام السياسي ويتوحد حول مرشح متفق عليه، على غرار الوضع في نهاية فترة الاتحاد السوفيتي، عندما عُين ميخائيل غورباتشوف كزعيم بعد وفاة ثلاثة حكام مسنين في فترة قصيرة من الزمن".
عسكرة الدولة
أما السيناريو الثالث، وفق الصحيفة العبرية، فيعد بمثابة تغيير للنظام وتحويل إلى نظام عسكري أو شبه عسكري.
وتتحدث الصحيفة عما وصفته بـ "الانتقال إلى نموذج حكم بديل، كتحويل إيران إلى دولة استبدادية عسكرية تحت سيطرة الحرس الثوري".
فمنذ نهاية الثمانينيات، زاد الحرس الثوري من مشاركته السياسية، وقد عزز نفوذهم المتنامي التقييم بأن السلطة في إيران تنتقل من مرتدي العمائم (رجال الدين) إلى مرتدي الأحذية (الجيش).
ومن وجهة نظر الصحيفة، فإن “وفاة خامنئي قد تؤدي إلى تسريع عملية عسكرة الدولة الإيرانية، إذ من المحتمل أن يحاول الحرس الثوري، في الخطوة الأولى، تعزيز نفوذه المباشر على الزعيم المقبل”.
وذلك عبر السعي إلى نوع من الحكومة المزدوجة، تقوم على زعيم ديني بسلطات أكثر محدودية ورئيس (عسكري) من صفوف الحرس الثوري.
وتحذر الصحيفة من أن ذلك النوع من الحكم قد يتطور بعد ذلك إلى "حكم فردي لقائد عسكري".
واستدركت: "وبالرغم من ذلك، من الممكن أن يفضل الحرس الثوري، حتى بعد وفاة خامنئي، الحفاظ على مسافة معينة من الأعمال الحكومية".
"وبالرغم من أن إدارة شؤون الدولة اليومية قد تساعد الحرس الثوري بالفعل على تأمين مصالحهم، حيث ستعمق مشاركتهم في الاقتصاد الإيراني، إلا أنها ستجبرهم كذلك على قبول مسؤولية إخفاقات الحكومة، وإجراء تعديلات وتسويات قد تلحق الضرر بصورتهم الثورية".
وأضافت الصحيفة: "كما سيؤدي هذا الأمر إلى زيادة الخلافات الداخلية في الرأي داخل صفوف الحرس، والتي عادة ما تكون مخفية عن أعين الجمهور".
وتؤكد أن وفاة رئيسي "تجبر مراكز القوة الرئيسة في إيران على إعادة النظر في عملية نقل السلطة بعد رحيل خامنئي، وأنه مهما كانت نتائج الانتخابات الرئاسية، سيسعى مرشد إيران إلى ضمان أن يكون الرئيس القادم مخلصا ومطيعا أيضا، لضمان انتقال سلس للسلطة قدر الإمكان".
وتتوقع الصحيفة "ألا يكون خليفة رئيسي رجل دين، وبالتالي لا يُنتظر أن يكون بديلا لخامنئي حال وفاته"، لكنها في ذات الوقت تؤكد "أن هويته سيكون لها تأثير على معركة الخلافة".
ولهذا ترى أن "القرارات المتوقعة قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها ستعكس الحاجة إلى الحفاظ على هيمنة أنصار خامنئي في مؤسسات الدولة، بما في ذلك مكتب الرئاسة".