سالم الفلاحات.. سياسي أردني عارض السلطة فواجه "أغرب حكم" بالحبس

يوسف العلي | منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

منذ 14 يناير/ كانون الثاني 2025، أصبح اسم القيادي الإسلامي سالم الفلاحات، الأعلى تداولا في محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، بعد إصدار القضاء الأردني حكما بالحبس لمدة خمس سنوات مع الأشغال الشاقة.

الحكم بحق الفلاحات، قوبل بإدانات واسعة سياسية وشعبية رفضت استهداف التيار الإسلامي، بينما ينعم الفاسدون بالحرية دون المساس بهم، واصفين ما يجرى بأنه سلسلة "تجريف" تنال أحرار الوطن الشرفاء.

"حكم مستغرب"

قرار حبس الفلاحات شابَه التشكيك، إذ إن القضية التي حُكم عليها من محكمة في مدينة الزرقاء، هي ذاتها، التي قررت محكمة في العاصمة عمّان تبرئته منها قبلها بمدة ليست بالبعيدة، الأمر وصفه رئيس حزب "الشراكة والإنقاذ" المنحل بـ"المستغرب".

وقال الفلاحات في تصريح نقله موقع "الجزيرة نت" في 15 يناير، إن الحكم الصادر بحقه يأتي في سياق استهداف حزبه، وإن القضية سبق أن تم تبرأته منها قبل شهر من محكمة جنايات عمّان على القضية ذاتها، ليأتي قرار محكمة الزرقاء مختلفا شكلا ومضمونا.

وأضاف أن "حالة الحريات العامة والحياة السياسية والحزبية في الأردن في تراجع مستمر، فبالأمس القريب تم إصدار حكم على القيادي في الحزب أيمن صندوقة بالسجن لمدة 5 سنوات، وقبل ذلك تم حل (الشراكة والإنقاذ)، بحجة أنه لم يقم بتصويب وضعه وفق قانون الأحزاب الجديد".

وبحسب الفلاحات، فإن "الشراكة والإنقاذ" حزب وطني يجمع مختلف أطياف الشعب الأردني، وعمل على تصويب أوضاعه القانونية، غير أنه واجه معوقات وتدخلات رسمية لعرقلة جهوده، والضغط على أعضائه للانسحاب من عضوية الحزب.

من جهته، قال المحامي زياد المجالي، عضو هيئة الدفاع عن سالم الفلاحات، في 14 يناير، إن "حكم محكمة جنايات الزرقاء على الأخير بالسجن خمس سنوات مع الأشغال الشاقة أشعرنا بالذهول، ذلك لأن القرار غير متوقع".

ونقلت وكالة "البوصلة" الأردنية، عن المجالي، قوله: إن "سبب الاستغراب من القرار هو أن القضية ذاتها صدر فيها قرار بالبراءة من محكمة جنايات عمّان قبل شهر، لكن محكمة جنايات الزرقاء أصدرت هذا القرار المفاجئ رغم تشابه القضية ومداولاتها وسردها".

وعن تفاصيل القضية، أوضح المجالي أن "مجموعتين من أعضاء حزب الشراكة والإنقاذ، رفعت قضية ضد الحزب الذي كان الفلاحات أمينه العام قبل قرار حله، قالوا فيها إن عضويتهم كانت مزورة"، بمعنى أنهم أنكروا أنهم وقعوا على نماذج الانتساب للحزب.

وأوضح المجالي أنه "ضمن المسار القضائي لن يتم توقيف الشيخ سالم الفلاحات لحين اكتساب القرار القضائي درجة القطعية"، مؤكدا أنه "مازالت أمامنا فرصة الاستئناف والتمييز".

وأصدرت أعلى محكمة إدارية في الأردن، في أبريل/ نيسان 2024، حكما قضائيا يقضي بحل حزب "الشراكة والإنقاذ" المعارض بزعامة سالم الفلاحات، وأنه قرار قطعي وغير قابل للنقض.

في يناير 2024، قضت المحكمة الإدارية برد الدعوى التي رفعها حزب الشراكة والإنقاذ بحق مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، إذ طالب الحزب فيها بإلغاء قرار المجلس بتاريخ 14 مايو/ أيار 2023، والذي قضى باعتبار حزب الشراكة والإنقاذ منحلا حكما.

وتأسس حزب الشراكة والإنقاذ الأردني، في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2017 على يد مجموعة من الشخصيات الأردنية بعضها انشق عن حركة الإخوان المسلمين في الأردن، وعلى رأسهم سالم الفلاحات.

"شخصية وطنية"

إصدار الحكم بحق سالم الفلاحات، جُوبِه برفض واسع من شخصيات سياسية وناشطين أردنيين بارزين، الذين وصفوا القرار بأنه ظالم ومجحف بحق "شخصية وطنية" عرفت بين أبناء المجتمع الأردني بسيرتها الحسنة، الحريصة على بلدها.

وقال الكاتب الأردني، أحمد سليمان العُمري، عبر "إكس" في 14 يناير، قال فيها: إن "هذا الحكم مجحف بالنظر إلى الشكوى المقدمة ضده، والتي لا تستحق هذه العقوبة القاسية، إضافة إلى عدم الأخذ في الحسبان مكانته كواحد من الشخصيات الوازنة في الأردن وعمره الذي تجاوز السبعين عاما".

من جهته، كتب السياسي والإعلامي ياسر الزعاترة، تدوينة على "إكس" قائلا: "لا نتدخّل في شأن القضاء، والحكم ابتدائي قابل للاستئناف، لكن ما نعرفه أن الرجل من خيرة الشخصيات الوطنية الحريصة على سمعتها وعلى مصالح بلدها وأهله قبل ذلك وبعده".

وعلى الوتيرة ذاتها، علق السياسي الأردني، خالد المجالي، بالقول: "الشيخ سالم الفلاحات. ما عرفتك يوما إلا الأردني المخلص لدينه ووطنه ولم تكن يوما تعمل إلا تحت مظلة القانون ولست أنت من يزور توقيع منتسب للحزب. وأقول الظلم ظلمات يا شيخنا الفاضل والحق يعلو ولا يعلى عليه".

ومثل ذلك، كتب الإعلامي والباحث الأردني، سلطان العجلوني: "يا مثبت العقل والدين. ألم نتعظ مما حدث في الجوار؟ ما هذا الحمق؟ قصرت أيديكم عن كل الفاسدين والفشلة وتجار المخدرات وفارضي الإتاوات واستقويتم على الرجل الشهم الوطني الطيب؟ الشيخ سالم الفلاحات من أعمدة هذا البلد والعبث معه عيب".

وغرّدت الناشطة، رزان العمد، عبر "إكس" قائلة: "الحكم بالسجن خمس سنوات على الشيخ سالم الفلاحات وسبقه المعلم أيمن صندوقة بسبب رسالة وجهها للملك والكاتب الصحفي أحمد حسن الزعبي وغيرهم. سياسة تكميم الأفواه لن تجدي نفعا بل تزيد من الضغط والاحتقان الذي لا يصب في مصلحة الوطن".

وفي السياق ذاته، قال الناشط الأردني، عيسى العناني، إن "الخسارة الكبرى لا تكمن فقط في إطلاق الأحكام القاسية والعالية، بل تبرز وتتجلى في تقويض دور أساسي في الدولة، وهو دور المعارضة الجادة التي تسعى لتحقيق مصلحة الوطن قبل أن تسعى وراء المكاسب الشخصية".

بدوره، علق الناشط الأردني، هيثم العياصرة، على "إكس" قائلا: "بالأمس أيمن صندوقة واليوم سالم الفلاحات.. سلسلة تجريف تنال أحرار الوطن الشرفاء ليس أولهم سفيان وأحمد وهبة وراني وصبري وحمد وبقية الشرفاء، وليس آخرهم الشيخ سالم".

قيادي إسلامي

سالم يوسف محمد الفلاحات من مواليد عام 1954 في مدينة مادبا جنوب غرب العاصمة الأردنية عمّان، حاصل على بكالوريوس في الشريعة، ومتزوج وله تسعة أبناء.

انضم الفلاحات عام 1968 إلى الإخوان المسلمين، وتولى فيها مناصب بينها عضوية المكتب التنفيذي للجماعة قبل أن يصبح مراقبا عاما سنة 2006 إلى 2008 خلفا لعبد المجيد الذنيبات.

وفي وقت توليه منصب المراقب العام للإخوان المسلمين، دعا الفلاحات إلى "التسريع في وتيرة الإصلاحات في البلاد، خصوصا في التشريعات والقوانين المنظمة للحياة السياسية في الأردن". 

وأكد الفلاحات في وقتها أن "جماعته تسعى إلى ترتيب العلاقة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والحكومة الأردنية، لتجاوز تداعيات إبعاد قادة الحركة من عمّان عام 1999".

وفي انتخابات داخلية للإخوان المسلمين جرت في أبريل/ نيسان 2012، خسر الفلاحات بفارق طفيف أمام المراقب العام همام سعيد، الذي انتخب 4 سنوات إضافية، إذ حصل الفلاحات في الجولة الثانية من التصويت على 25 صوتا مقابل 27 صوتا لهمّام من أصوات مجلس الشورى.

الفلاحات الذي كان مراقبا عاما سابقا للجماعة، ويُعرف بأنه ضمن ما يسمى "تيار الحمائم" أو الوسطيين، أسس في أواخر عام 2017، حزب "الشراكة والإنقاذ" بعد مبادرة بدأها للإصلاح داخل جماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسي حزب "جبهة العمل الإسلامي" الأردني.

وقال الفلاحات في حينها: إنه "بات مقتنعا أن العمل الدعوي يجب أن يكون منفصلا تماما عن السياسي ليدخل ضمن شراكة حقيقية مع مختلف الأطياف الشعبية دون تقدير للأيديولوجيا".

وخلال مسيرة الفلاحات ألف العديد من الكتب، منها: "كتاب الربيع الأردني. أسطول الحرية "ذكريات وخواطر وأحداث". الحركة الإسلامية في الأردن: دراسة تاريخية وتحليلية ونقد ذاتي. إضاءات ومراجعة لمسيرة جماعة الإخوان المسلمين. بين الحرية والعبودية كنز مفقود وجرم مشهود".