قبل عملية "طوفان الأقصى".. هكذا كانت تفكر إسرائيل في تهجير أهالي غزة إلى العراق
في ضوء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، طفا الحديث عن خطط الكيان المحتل بشأن تهجير أهالي القطاع إلى العراق ومصر والأردن.
ويرى مراقبون غربيون أن الدور الأهم في منع التغيير الديمغرافي القسري في المنطقة هو الرئيس الأميركي جو بايدن، وسط شكوك قوية بشأن ذلك.
خطة للتهجير
وقالت صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية في نسختها الفرنسية: إن "لقاء عُقد قبل عام من الحرب بين مجموعة من سياسيي العراق السنة ومسؤولين إسرائيليين، حيث عرضت عليهم إسرائيل تهجير 2.5 مليون فلسطيني سني إلى محافظة الأنبار، وهو ما يزيد من عدد السكان السنيين في مواجهة الشيعة".
وأشارت إلى أن "ذلك يعني أن خطة التهجير وإفراغ غزة من أهلها كانت هدفا إسرائيليا تعمل عليه حتى قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".
وأوضحت الصحيفة أنه "قبل عام مضى، وجد ثلاثة سياسيين عراقيين سنيين من محافظة الأنبار في أحد الفنادق الفاخرة، ويتودد لهم بعض المسؤولين الإسرائيليين".
وتابعت: "لم يكن موضوع التودد هو فلسطين، بل الأنبار، أكبر محافظات العراق وأقلها كثافة سكانية".
وذكّر الإسرائيليون السياسيين العراقيين بأن الأنبار تشكل ما يقرب من ثلث مساحة أراضي العراق، كما أخبروهم عن احتياطيات المياه الهائلة غير المستغلة.
وكان ذلك مقدمة لإخبارهم بأن "الإسرائيليين والأميركيين فقط هم من يملكون الخبرة اللازمة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه الموارد".
وأشاروا إلى أن "الأنبار قد تتحول إلى سلة غذاء الشرق الأوسط"، كما لفتوا إلى أن "احتياطيات النفط والغاز ستُستغل أيضا، كذلك يمكنهم مساعدة الأنبار في استخراج الاحتياطيات المعدنية".
كما أنهم زعموا أن "الشيء الوحيد الذي تفتقر إليه الأنبار، هو العدد الكافي من السكان لضمان مثل هذه التنمية".
وعند تلك النقطة، طرح الإسرائيليون السؤال الذي كان هو الموضوع الرئيس للاجتماع: "ماذا لو عرضنا عليكم 2.3 مليون فلسطيني؟"، وفق "ميدل إيست آي".
وإمعانا في محاولة الإقناع، ذكر الإسرائيليون أن هؤلاء سيكونون من المسلمين السنة، وقالوا: "الفلسطينيون شعب يعمل بجد، ويحمل نفس ثقافتكم، والأهم من ذلك، أن وجود عدد أكبر من السكان السنة في الأنبار سيسهم في ترجيح كفة الميزان بين السنة والشيعة لصالحكم".
ووفقا لزعم الصحيفة، عرض العراقيون تقديم الاقتراح إلى رئيس وزرائهم.
وعلقت الصحيفة: "قبل عام، ربما بالغ هؤلاء السياسيون أمام الإسرائيليين في قدرتهم على إقناع النخبة السياسية العراقية".
وأردفت: "واليوم، يكاد يكون من المؤكد أنهم يرغبون في إخفاء حقيقة أنهم فكروا في مثل هذا الاقتراح".
المعركة الحقيقية
ومثل معظم الدول العربية، دعم الشعب العراقي العملية التي شنها مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ضد الاحتلال الإسرائيلي، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ولفتت الصحيفة إلى أنه "في فورة نادرة تجاوزت الانقسامات الطائفية، خرج مئات الآلاف من العراقيين إلى الشوارع، ومنعوا الشاحنات من دخول الأردن، ورفضوا السماح للنفط العراقي بالوصول إلى الدول التي تعترف بإسرائيل".
ووصف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الهجمات والاعتداءات الإسرائيلية بأنها "عدوان صهيوني وحشي".
كما أصدر أسلافه المنقسمون بشدة عادة، مصطفى الكاظمي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي ونوري المالكي، بيانا مشتركا وصفوا فيه هجوم المقاتلين الفلسطينيين بأنه "رد طبيعي" على "الاستفزازات والانتهاكات الإسرائيلية".
ورغم عدم نجاح المحاولات الإسرائيلية، إلا أن هذه المحاولة مع العراقيين أثبتت -وفقا للصحيفة- شيئا واحدا؛ وهو أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا يفكرون جديا، قبل فترة طويلة من هجوم 7 أكتوبر 2023، في تفريغ الضفة الغربية وقطاع غزة من أهلهما الفلسطينيين.
وتابعت "ميدل إيست آي: "بعد التخلي عن مفهوم الأرض مقابل السلام، وبعد أن حاولت عبثا ترسيخ الفصل كواقع، من خلال وضع الفلسطينيين خلف جدران وطرق ونقاط تفتيش مختلفة، فإن مشروع إسرائيل الوحيد اليوم هو بناء دولة فصل عنصري يكون فيها المواطنون اليهود المواطنون الوحيدون الذين لهم الحكم والقيادة العليا".
لكن ما يحول دون تحقيق ذلك حاليا "هو التركيبة السكانية، لا سيما في إطار حل الدولة الواحدة الذي تعمل إسرائيل على بنائه"، وفقا للصحيفة.
واستطردت: "فقد تعمل إسرائيل على تقسيم الفلسطينيين وحكمهم، لكن الإحصائيات والأرقام لا تعمل لصالحها".
وأفادت الصحيفة أن "الطريقة الوحيدة -في حالة الدولة الواحدة- لمنع الحكم اليهودي من أن يكون حكم أقلية هي طرد أكثر من مليون فلسطيني من أرض فلسطين".
ولذا، "فطالما يرفض الفلسطينيون مغادرة أرضهم، فإن فرصتهم في الخروج من المعركة منتصرين هي الأكبر، بغض النظر عن مدى صعوبة الحياة بالنسبة لهم"، كما أوردت "ميدل إيست آي".
ورأت أن "التركيبة السكانية هي ساحة المعركة الحقيقية لكلا الجانبين".
وأكدت أن "الجهود التي تبذلها إسرائيل لفرض نفسها في هذا الصراع لا علاقة لها بالحل العادل أو التفاوضي".
وشددت على أن الإسرائيليين "لا يريدون حقيقة تقاسم الأراضي".
وتابعت: "وبالتالي، فإن فرصة مثل الحرب، سيحاول الإسرائيليون استغلالها بكل السبل لإفراغ غزة من معظم سكانها الفلسطينيين"، وفقا للصحيفة.
الرد الأميركي
من زاوية أخرى، تعتقد الصحيفة أن "المهم حقا، في هذا الصدد، هو رد فعل الولايات المتحدة على تصميم إسرائيل على تغيير خريطة غزة والشرق الأوسط".
ومن ثم تساءلت: "هل سيسمح الرئيس الأميركي جو بايدن لنتنياهو بفعل ذلك؟".
ورأت الصحيفة أن هذا التساؤل "ساذج"، حيث "فقد بايدن بالفعل السيطرة الفعلية على نتنياهو"، وفقا لما تراه.
وأشارت إلى أن "إسرائيل جرّت أميركا إلى حفرة أكثر عمقا من أي حفرة سابقة"، وشبهت تلك الحفرة بأنها عميقة ومعقدة كـ"أنفاق حماس".
وأوضحت: "في غضون نحو 3 أسابيع، قلب بايدن بالفعل معظم خطط الولايات المتحدة المحددة بعناية في المنطقة".
كذلك فإن للولايات المتحدة حلفاء رئيسين، مصر والأردن، "يصرخون بأعلى صوتهم رفضا لخطط إسرائيل"، حسب الصحيفة.
وبخصوص موقف الإدارة الأميركية، قالت إن "قائمة العوائق التي يواجهها بايدن وإدارته طويلة وتتزايد مع مرور الأسابيع".
ورأت أن "مجال المناورة أمام إسرائيل محدود، فإذا فكر في معارضة نتنياهو، فإنه يعلم أن الجمهوريين سيستغلون ذلك".
وفي غضون ذلك، فإن "إسرائيل تعرف ذلك أيضا، وتدرك أن الإدارة الأميركية لن تتخلى عنها ولن تعارضها بشكل فاعل"، وفق "ميدل إيست آي".
وعليه، لم يكن أمام بايدن "إلا التفكير في الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه المنطقة إذا نجحت إسرائيل جزئيا في تفريغ غزة".
وختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن "الولايات المتحدة تجد نفسها اليوم على شفا حرب إقليمية".
وأضافت: "كما أن حليفتها الرئيسة، إسرائيل، خرجت عن نطاق السيطرة ولا تميز بين مقاتلي حماس والسكان المدنيين، بين الفلسطينيين في غزة والمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل أو الفلسطينيين في الضفة الغربية".
وشددت على أن "الغضب الجماعي الذي أصاب إسرائيل، في أعقاب أحداث 7 أكتوبر 2023، قد بلغ حدا جعلها حاليا تضرب الجبهات كافة في وقت واحد".
وتشكك الصحيفة في أن "الواقعية أو العقلانية الأميركية قد تتدخل في وقت قريب".