يهدد المسلمين.. ما قصة قانون الهوية الجنسية الذي يثير غضب ماسك؟

داود علي | 4 months ago

12

طباعة

مشاركة

أعلن الملياردير الأميركي "إيلون ماسك" في 16 يوليو/ تموز 2024، اعتزامه نقل المقر الرئيس لشركتيه العملاقتين "إكس" للتواصل الاجتماعي و"سبيس إكس" الخاصة بتقنيات استكشاف الفضاء من ولاية كاليفورنيا إلى ولاية تكساس.

وأعرب ماسك في منشور عبر “إكس” عن شعوره بالإحباط بسبب قانون جديد وقعه حاكم ولاية كاليفورنيا، غافن نيوسوم، بشأن الأطفال المتحولين جنسيا في المدارس العامة. 

وبذلك القانون المثير للجدل أصبحت كاليفورنيا تحظر على المدارس في مختلف المراحل التعليمية إلزام المعلمين بإخطار أولياء الأمور بالتغييرات التي تطرأ على الميول والهوية الجنسية للطالب.

ووقع حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم في 16 يوليو على مشروع قانون يمنع المعلمين من إخطار الأهل إذا طلب طفلهم تغيير اسمه أو الضمائر الموجهة له أو المستخدمة من قبله.

وعلق الملياردير الأميركي في منشوره الذي أعلن فيه عزمه نقل شركاته، قائلا "هذه آخر قشة". 

وأضاف: "بسبب هذا القانون وغيره من القوانين الكثيرة السابقة التي تهاجم العائلات، سينتقل الآن المقر الرئيس لسبيس إكس من هاوثورن في كاليفورنيا إلى ستاربيز في تكساس".

طبيعة القانون 

ويمثل قانون كاليفورنيا الجديد، أمرا شخصيا لـ "إيلون ماسك"، ففي عام 2022، ذكرت مجلة "بيبول" أن ابن الملياردير الأميركي، الذي يبلغ من العمر 18 عاما (آنذاك).

قد حصل على إذن بتغيير اسمه وجنسه بصورة قانونية إلى فيفيان جينا ويلسون، وقد تخلى عن اسم عائلة ماسك وحمل اسم والدته قبل الزواج جوستين ويلسون بدلا من ذلك.

لكن هذا لا يقلل من أن القانون يمثل تحديا صعبا للمجتمع الإسلامي في البلاد، الذي يقدر بحسب مركز "بيو" الأميركي للأبحاث، أنه يصل إلى 3.45 ملايين مسلم، يمثلون 1.1 بالمئة من السكان.

ويرى مراقبون أن هذا القانون يعد بمثابة شرارة ستشتعل في كثير من الولايات الأميركية، ومنها إلى العالم المهدد بشأن تلك المتغيرات الأخلاقية السريعة والقاسية.

ومن أبرز بنود القانون الذي أقره حاكم كاليفورنيا، أنه يمنح الطلاب المتحولين جنسيا الحرية الكاملة في التعبير عن هويتهم الجنسية في المدرسة، بما في ذلك استخدام الاسم الذي يختارونه والضمائر التي يفضلونها.

كما يمنع القانون أي شكل من أشكال التمييز أو الانتقاد ضد الطلاب المتحولين جنسيا، سواء كان ذلك من قبل الطلاب الآخرين أو الموظفين.

ويضمن القانون حماية خصوصية الطلاب المتحولين جنسيا، ولا يسمح بفضح هويتهم الجنسية دون موافقتهم.

ويعمل على إلزام المدارس بتوفير بيئة محفزة، حيث يفرض القانون على المدارس توفير بيئة داعمة للطلاب المتحولين جنسيا، بما في ذلك توفير دورات تدريبية للموظفين حول كيفية التعامل مع هؤلاء الطلاب.

وتأتي النقطة الأخطر في القانون، إذ يمنع المدارس من إخطار الوالدين بهوية الطفل الجنسية دون موافقته. 

ولايات أخرى 

وهناك العديد من الولايات الأميركية الأخرى، بجانب كاليفورنيا، التي تبنت قوانين مشابهة لحماية حقوق الطلاب المتحولين جنسيا في المدارس العامة.

ففي "ماساتشوستس"، تمنع قوانين الولاية التمييز على أساس الهوية الجنسانية في المدارس العامة. 

ويجب على المدارس احترام الأسماء والضمائر التي يختارها الطلاب المتحولون جنسيا، وحمايتهم من التنمر. 

بالإضافة إلى ذلك، يحق للطلاب استخدام المرافق (مثل الحمامات وغرف التبديل) التي تتوافق مع هويتهم الجنسانية.

وهو ما يحدث أيضا في ولاية "مينيسوتا" التي تحظر التفرقة على أساس الهوية الجنسانية في المدارس وتلزم المدارس بتوفير بيئة خاصة لجميع الطلاب المتحولين.

وتتضمن الإجراءات ضمان سرية المعلومات الشخصية المتعلقة بهويتهم الجنسانية، بعيدا عن والديهم.

نفس الأمر في كل من نيويورك ونيوجيرسي، حيث تتبنى سياسات مشابهة تهدف إلى دعم وحماية الطلاب المتحولين جنسيا.

بما في ذلك إعطائهم الحق كاملا في استخدام الأسماء والضمائر المفضلة والمرافق التي تتوافق مع هويتهم الجنسانية.

فضلا عن توفير بيئة مدرسية خالية من الضغوط عليهم أو محاولة إعادتهم إلى هويتهم الأصلية، ومن يخالف ذلك يعد متجاوزا يخضع للعقوبات. 

وفي ظل تلك المتغيرات داخل الولايات المتحدة تجاه المتحولين جنسيا تحديدا الأطفال والطلاب، لا يغفل دور قوة هائلة تحرك اللعبة وتضغط على الحكام والمسؤولين. 

هو المركز الوطني للمتحولين جنسيا (National Center for Transgender Equality - NCTE)، وهو منظمة مقرها الولايات المتحدة، تأسست عام 2003. 

يهدف المركز إلى تعزيز فكرة المتحولين جنسيا من خلال المناصرة السياسية، والدخول في مجالات التعليم والبحث العلمي. 

وعلى مدار سنوات عمل المركز على تغيير السياسات والقوانين على المستوى الفيدرالي والمحلي لضمان حماية المتحولين جنسيا في جميع الجوانب، بما في ذلك التوظيف والإسكان والرعاية الصحية والتعليم.

لكن أكثر نقطة اعتمد عليها المركز هي الضغط على صناع القرار في البلاد، مثل المشرعين والمسؤولين الحكوميين لسن قوانين تدعم المتحولين جنسيا.

وهذا المركز تحديدا هو الذي ساهم في إصدار القانون الذي أقره حاكم كاليفورنيا، غافن نيوسوم، بشأن الأطفال المتحولين جنسيا في المدارس.

مقاومة قوية 

ورغم تلك الموجة العالية من القوى الداعمة للمتحولين جنسيا، لكن هناك موجة مضادة يتبناها اليمين الأميركي وجماعات أخرى على رأسها المجتمع الإسلامي في البلاد.

وتعكس تلك المواقف تجاه المتحولين جنسيا توترا كبيرا في المجتمع الأميركي، وهو جزء من نقاش أوسع حول القيم الثقافية والاجتماعية والدينية في الولايات المتحدة.

فالعديد من الجماعات الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية، تعارض نشر التحول الجنسي بناء على معتقداتهم الدينية، ويرون أن تغيير الهوية الجنسية يتعارض مع تعاليمهم الإيمانية.

كما يركز الخطاب الديني داخل تلك الجماعات، في كثير من الأحيان على حماية "حقوق الوالدين" وحماية “سلامة النساء والأطفال”، لمعارضة سياسات الداعين لدعم الفكرة، خاصة فيما يخص استخدام الحمامات والمرافق العامة من قبل المتحولين جنسيا. 

وكما يسعى العديد من الولايات الأميركية، لإقرار تشريعات وقوانين داعمة للمتحولين، هناك ولايات أخرى خاصة ذات توجهات محافظة، أصدرت تشريعات تقيد المتحولين جنسيا. 

ومن بين هذه الولايات تكساس التي أصدرت قانونا يمنع إجراء العلاجات الهرمونية والجراحية لتغيير الجنس للأطفال.

وأقرت حزمة قوانين تمنع المتحولين جنسيا من المشاركة في الرياضات المدرسية بناء على هويتهم الجنسانية.

وشرعت "فلوريدا" تشريعات تمنع المعلمين من مناقشة مواضيع تتعلق بالهوية الجنسية والتوجه الجنسي في الفصول الدراسية حتى مستوى معين.

وأصدرت قوانين تحد من إمكانية المتحولين جنسيا من استخدام المرافق العامة التي تتوافق مع هويتهم الجنسانية.

وأقرت "تينيسي" قانونا يمنع المتحولين من استخدام الحمامات والمرافق العامة بناء على هويتهم الجنسانية. ومنعت بشكل صارم العلاجات الهرمونية والجراحية للقصر المتحولين جنسيا.

أما "ألاباما" فأصدرت قوانين تحظر العلاجات الطبية التي تساعد على تغيير الجنس للأطفال المتحولين جنسيا.

وكانت "أركنساس" أول ولاية تحظر العلاجات الطبية لتغيير الجنس للقصر، على الرغم من أن هذا القانون تم تعليقه مؤقتًا بأمر قضائي.

فيما أصدرت "أيداهو" قوانين تمنع المتحولين جنسيا من استخدام المرافق العامة والمشاركة في الرياضات المدرسية بناء على هويتهم الجنسانية.

وتبنت "ساوث داكوتا" أيضا قوانين تمنع العلاجات الطبية التي تغير جنس الأطفال المتحولين جنسيا، وحدّت من مشاركتهم في الرياضات المدرسية.

المجتمع الإسلامي 

وعن آثار هذا القانون على المجتمع الإسلامي، قال الداعية المقيم في نيويورك سعيد عمار، إن “التحدي الأصعب الذي يواجه المسلمين اليوم في الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، تلك القضايا المتعلقة بالأطفال”.

وأضاف عمار لـ"الاستقلال"، "فنحن لا نواجه تبشيرا أو علمانية أو فكرة مختلفة من حيث الأيديولوجية، بل نواجه أمرا مدمر للذات البشرية وللفطرة نفسها". 

وتابع : "الآن التحول الجنسي والشذوذ أصبحا بمثابة دين جديد مفروض بالقوة والقانون، لا يملك أحد معارضته لا الوالدان ولا المؤسسات طالما تم فرضه". 

ومضى يقول: "حتى التوعية الفكرية والدينية لا يمكن فرضها، وتضع الوالدين أو إمام الجامع أو حتى القس تحت طائلة القانون، ويمكن أن يعاقب بعقوبات تبدأ من الغرامة المالية وصولا إلى الحبس والترحيل إذا كان مهاجرا". 

وشدد الداعية الإسلامي على أن "الأمر يحتاج تضافرا واسعا من الجاليات الإسلامية والعربية، ويحتاج ضغطا موازيا يسمح ببيئة آمنة لأبناء المسلمين".

وأكد أيضا أنه على المسلمين المقيمين في الولايات المقرة لقوانين التحول الجنسي الهجرة عنها أو الدخول إلى مؤسسات تعليمية خاصة، ولا سبيل غير ذلك، ولا يمكن التعايش مع هذا الوضع، الذي وصفه بأنه سيدمر العالم يوما ما".

“لأن الله لا يقبل أن تنتكس الفطرة التي فطر الناس عليها"، ولا تبديل لخلق الله” يختم عمار.