إسرائيل تشيد 7 قواعد بسوريا وأميركا تدعو للتطبيع.. ما خيارات حكومة الشرع؟

مصعب المجبل | منذ ٦ أيام

12

طباعة

مشاركة

منذ اليوم الأول لسقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024 ركزت إسرائيل على ضرب المواقع العسكرية السورية، لا سيما وسائط الدفاع الجوي والدبابات والآليات الثقيلة.

وقد تزامن القصف الإسرائيلي على المواقع العسكرية في سوريا، وتحديدا جنوبها، بشكل متقطع، مع حدوث توغلات داخل مدينة القنيطرة وإنشاء الاحتلال لقواعد بالمنطقة العازلة على الحدود بعد إعلان تل أبيب إنهاء اتفاق "فض الاشتباك" للعام 1974.

توغلات متواصلة

لكن ما كان لافتا مطالبة رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو في 23 فبراير/ شباط 2025  بجعل "جنوب سوريا منزوع السلاح بالكامل"، وتعهد بالتزام إسرائيل "بحماية الطائفة الدرزية من التهديدات".

وقال نتنياهو: "لن نسمح لقوات تنظيم هيئة تحرير الشام أو للجيش السوري الجديد بدخول المنطقة جنوب دمشق"  في إشارة إلى المحافظات الجنوبية الثلاث القنيطرة والسويداء ودرعا.

ولفت نتنياهو إلى أن "إسرائيل لن تسمح لقوات الإدارة السورية الجديدة بالانتشار جنوب العاصمة دمشق".

وتابع لهجته الاحتلالية قائلا: "لن نسمح لقوات تنظيم هيئة تحرير الشام أو للجيش السوري الجديد بدخول المنطقة جنوب دمشق".

بدوره قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إن الحديث عن انتقال السلطة في سوريا "أمر مثير للسخرية"، مضيفا أن الحكومة الجديدة ليست سوى "جماعة إرهابية من إدلب استولت على دمشق بالقوة"، حسب تعبيره.

وأضاف ساعر من بروكسل في 23 فبراير 2025 أن إسرائيل لن تُساوم على أمنها الحدودي، زاعما أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي تعملان في سوريا لفتح جبهة إضافية ضدها.

وقد شنت إسرائيل موجة قصف متزامن ليل 25 فبراير 2024 نال مقر الفرقة العسكرية الأولى المدرعة في منطقة الكسوة جنوب غربي دمشق ودمر عددا من الآليات العسكرية.

كما قصفت طائرات الاحتلال في 25 فبراير 2025 تل الحارة المطل على الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، واللواء 12 في مدينة إزرع بريف درعا.

وانطلاقا من الجولان المحتل عمدت قوات برية تابعة للاحتلال الإسرائيلي إلى التقدم نحو كتيبة المجاحيد العسكرية بريف القنيطرة، وقامت بتدمير بعض المدافع فيها، قبل أن تنسحب نحو الأراضي المحتلة.

رفض شعبي

ويرى مراقبون أن إسرائيل تستثمر ورقة الأقلية الدرزية التي تعيش في محافظة السويداء، والادعاء بحمايتها وجعلها مدخلا لاحتلال مزيد من الأراضي السورية والبقاء هناك.

 لا سيما أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاوزت خط فصل القوات المنصوص عليه في اتفاق فض الاشتباك الذي وقع بإشراف الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي عام 1974 بين إسرائيل وسوريا.

كما تمركزت قوات الاحتلال منذ منتصف ديسمبر 2024 في جبل الشيخ أو "جبل حرمون" وهو جبل يقع بين سوريا ولبنان يطل على الجولان المحتل ويمكن رؤيته من الأردن.

وأمام الادعاء الإسرائيلي، كان الرد شعبيا، حيث تظاهر مئات السوريين في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، تنديدا بتصريحات نتنياهو بشأن الجنوب السوري.

ورفع المتظاهرون في السويداء لافتات "قرار الأكثرية الوطنية: سيبقى الجنوب سوريًا ما بقيت سوريا"، وكذلك "لا يمكن لمحتل حماية شعب أصيل".

كما خرج متظاهرون في كل من درعا والعاصمة دمشق ونددوا بتصريحات نتنياهو.

كذلك خرج طلاب جامعيون في جامعة حمص وأطلقوا تصريحات معادية لإسرائيل.

وأمام هذه الانتهاكات الإسرائيلية والتوغل بعمق كيلومترين إلى عشرة كيلومترات، أثيرت تساؤلات حول المدة التي يخط الاحتلال البقاء فيها في الجنوب، وخيار الإدارة السورية الحالية للرد على إسرائيل.

علما بأن البند الثاني من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي حضره مختلف الأطياف السورية على مدى يومين في 24 - 25 فبراير 2025 بقصر الشعب بالعاصمة دمشق نص على إدانة التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية.

 وطالب المؤتمر الاحتلال الإسرائيلي بانسحابه الفوري وغير المشروط، ورفض تصريحات نتنياهو الاستفزازية، ودعوة المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه الشعب السوري، والضغط لوقف العدوان والانتهاكات. 

تهديدات خطيرة

وتعليقا على هذه العربدة، أكد الخبير العسكري العقيد إسماعيل أيوب، أن "تهديدات إسرائيل جدية كونها دولة احتلال وتوسع ولو أمكنها من احتلال المنطقة لفعلت خاصة في ظل الدعم الغربي لها، خاصة الأميركي". 

وأضاف أيوب لـ"الاستقلال"، أن إسرائيل تمتلك سلاحا جويا قويا ووسائط دفاع جوي قوي.. لكن سوريا اليوم ضعيفة ولا يمكنها خوض حرب كلاسيكية مع إسرائيل".

ورأى الخبير العسكري أن "حديث إسرائيل عن فرض منطقة عازلة منزوعة السلاح جنوب سوريا هي بمثابة هرطقة إسرائيلية".

وأردف:"هناك قنوات دبلوماسية فتحت من قِبل دول صديقة لسوريا لحل الإشكال بالوسائل السياسية حيث يمكن للدولة السورية أن تعطي ضمانات بأن تعود إسرائيل وتلتزم بـ اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 كما سوريا ملتزمة به وتعود القوة الأممية (الأندوف - المختصة بمراقبة فض الاشتباك) وتنتشر بشكل فعال في المنطقة وأن لا يكون هناك أي تهديد للكيان مقابل عدم تكرار الهجمات والانتهاكات عند الحدود". 

وأشار أيوب إلى أن “حل هذه الأزمة يتم عبر فتح قنوات مع العدو الصهيوني للتفاهم على الفترة المستقبلية، لأن بقاء إسرائيل في حالة هيجان عبر القصف العسكري لمواقع سورية يجب ألا يستمر”.

 وخاصة أن “إسرائيل إذا أقدمت على احتلال مناطق في الجنوب السوري يمكن أن يفتح جبهة جديدة وقد يفتح صراعا جديدا وهذا ليس بصالح لا إسرائيل ولا سوريا التي تريد النهوض مجددا ببلد مدمر”، وفق أيوب.

تغييرات عميقة

اللافت أنه في خضم هذا التصعيد الإسرائيلي والانتهاكات عند الحدود السورية، خرج مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف وقال: إن سوريا يمكن أن تلحق بقطار التطبيع مع إسرائيل خلال الفترة القادمة.

وأوضح ويتكوف خلال فعالية للجالية اليهودية في واشنطن، في 25 فبراير 2025،  بالقول: "يمكن للبنان أن يحشد جهوده وينضم إلى اتفاقيات أبراهام للسلام. ويمكن لسوريا فعل ذلك أيضا. هناك العديد من التغيرات العميقة التي تحدث".

وسبق كذلك أن قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، في 16 يناير 2025، إنه من المتوقع التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا خلال السنوات المقبلة.

إلا أن كثيرا من المراقبين السوريين قالوا إن الإدارة السورية الانتقالية الحالية لا تملك الحق في اتخاذ أي خطوة نحو التطبيع الذي يرفضه الشعب السوري أصلا.

وعلى الرغم من أن الإدارة الجديدة في سوريا لم تبدِ موقفها بشأن التطبيع مع إسرائيل، لكنها أكدت رغبتها في ألا تمثل سوريا تهديدا لدول الجوار.

لكن ما يحصل اليوم هو أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق فض الاشتباك على مرأى ومسمع من قوات الأمم المتحدة، وهذا العمل يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي والأعراف والاتفاقيات.

لا سيما، أن صور أقمار اصطناعية، وفرتها شركة "Planet Labs PBC" الأميركية، ونشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في 18 فبراير 2025، أظهرت مواصلة الجيش الإسرائيلي بناء قواعد عسكرية في المناطق التي احتلها داخل سوريا.

ووفقا للتقرير، أنشأ الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن 7 قواعد عسكرية في المناطق التي يحتلها، وعلى قمة جبل الشيخ.

وفي هذه النقطة تحديدا، طرح السياسي العراقي عمر عبد الستار في تسجيل مصور تحليلي على حسابه في يوتيوب في 26 فبراير 2025 جملة من المخارج أمام الحكومة السورية.

وقال عبد الستار: "يمكن أن تقدم سوريا في هذه الفترة ضمانات إلى الأردن تتضمن جلب القوات التركية لكي تكون على شريط الحدود السورية مع إسرائيل".

وأضاف عبد الستار، "أيضا يمكن لدمشق أن تطلب قوات أردنية وعربية ودولية على الحدود السورية مع إسرائيل".

ورأى عبد الستار، أن "إسرائيل تريد ضمانات مكتوبة من سوريا، خاصة أن إسرائيل تحاول استغلال هشاشة الوضع في هذا البلد".

وقد زار الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع الأردن في 26 فبراير 2025 في زيارة هي الثالثة له بعد السعودية وتركيا، عقب سقوط نظام بشار الأسد.

وخلال لقاء الشرع مع العاهل الأردني عبد الله الثاني في قصر بسمان الزاهر في العاصمة عمّان، دان الملك عبد الله "الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية"، مؤكدا "دعم المملكة سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها".