زيارة بزشكيان وعراقجي للخليج.. هل تهدف لطلب الوساطة مع إسرائيل؟
تقارير غربية أكدت أن إيران طلبت من دول الخليج التوسط للتخفيف من رد إسرائيل
في ظل ترقب إيران للرد الإسرائيلي الذي توعدت به بعد استهدافها بمئات الصواريخ، أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة خليجية شملت السعودية وقطر، وذلك من أجل تعزيز التعاون الثنائي ووقف العدوان على لبنان وفلسطين، وضمان الاستقرار والأمن.
وأطلقت إيران نحو مئتي صاروخ باليستي على إسرائيل، في 31 سبتمبر/ أيلول 2024، ردا على اغتيال زعيم حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية، فيما تعهدت تل أبيب بـ"رد عسكري كبير، مفاجئ وفتاك ودقيق".
جولة عراقجي الخليجية، أثارت العديد من التساؤلات عن مدى نجاحها في تخفيف الرد الإسرائيلي المرتقب، وهل ستقدم طهران مقابل ذلك تنازلات إلى الخليج، لا سيما للسعودية سواء في ملف اليمن أو غيره، أم أنها ستحصل على ما تريد عبر لغة التهديد المباشرة؟
تحذيرات إيرانية
وبدأ عراقجي جولته في 8 أكتوبر/تشرين الأول، بعد أيام من زيارة أجراها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى الدوحة في الثاني من نفس الشهر.
وعن تفاصيل ما جرى بحثه، كشفت شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية، في 11 أكتوبر، أن "بزشكيان، ووزير خارجيته، طلبا من دول الخليج استخدام نفوذها لدى واشنطن لحث الأخيرة على الطلب من إسرائيل تخفيف حدة ردها على إيران".
وخلال زيارته إلى الدوحة، ولقائه بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، توعد بزشكيان بالرد "بشكل أقوى وأشد إذا ردت إسرائيل علينا"، مؤكدا أن بلاده تتطلع للسلام والهدوء لكن الأخيرة “تجبرنا على الرد”.
وفي اليوم ذاته، التقى كل من الرئيس الإيراني، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في العاصمة القطرية الدوحة.
إذ أعرب بزشكيان للأخير عن "ارتياحه للعلاقات المتنامية بين إيران والسعودية"، من دون الكشف عن تفاصيل ما دار بين الطرفين.
وأضافت الشبكة الأميركية، أن "إيران حذرت جيرانها الخليجيين من مغبة مساعدة إسرائيل في الهجوم المحتمل عليها"، وذلك خلال الجولة التي أجراها بزشكيان وعراقجي.
ونقلت عن دبلوماسيين من دول الخليج لم تكشف هويتهما أن إيران، التي تستعد لضربة انتقامية، تحث جيرانها العرب على عدم السماح لإسرائيل باستخدام مجالهم الجوي.
وقال أحد الدبلوماسيين إن "إسرائيل تعهدت بالرد على هجوم إيران الصاروخي، ما دفع طهران إلى تحذير الدول من أن مساعدة الأخيرة بأي شكل من الأشكال قد يؤدي تصعيد الوضع إلى الحرب".
لكن الدبلوماسي الثاني أوضح أن "مجلس التعاون الخليجي ليس مهتما بالوقوع في مرمى النيران المتبادلة وأن تركيزه منصب على خفض التصعيد".
واستبعد موافقة أي دولة عربية على السماح للإسرائيليين باستخدام مجالها الجوي لشن هجوم على إيران.
وتحدث الدبلوماسيان عن محاولة بزشكيان وعراقجي، حشد الدعم من جيرانهم في الخليج وإقناعهم باستخدام نفوذهم في واشنطن لتخفيف حدة الهجوم الإسرائيلي، وفقا للشبكة الأميركية.
وفي السياق ذاته، نقلت وكالة "رويترز" البريطانية في 11 أكتوبر، عن شخصيتين إيرانيتين، الأول مسؤول كبير والآخر دبلوماسي، أن "إيران حذرت السعودية خلال اجتماعات معها من أنها لا تستطيع ضمان سلامة منشآت النفط في المملكة إذا حصلت إسرائيل على أي مساعدة لتنفيذ هجوم".
وأشار الدبلوماسي الإيراني إلى أن طهران وجهت رسالة واضحة إلى الرياض مفادها أن "حلفاء" الجمهورية الإسلامية في دول مثل العراق واليمن قد يردون إذا حصلت إسرائيل على أي دعم إقليمي في مواجهة إيران.
وقبل توجهه إلى السعودية، أعلن عراقجي، عن سعي بلاده "لتكوين حركة جماعية من دول المنطقة، لوقف الهجمات الوحشية في لبنان".
"فرصة خليجية"
وعن الدوافع وراء جولة عراقجي الخليجية، أكد الكاتب والمحلل السياسي العراقي، عماد الدين الجبوري، أن “إيران تهدف منها إلى التخفيف من ضربة الكيان الإسرائيلي لبلاده”.
وأضاف الجبوري لـ" الاستقلال" “يريد عراقجي، خصوصا من السعودية، أن تتدخل كوسيط من أجل تخفيف الضربة الإسرائيلية، بما أن أصل اشتعال المنطقة وتوترها يعود إلى التمدد الإيراني في الدول العربية الذي جاء عبر موافقات أميركية متلاحقة”، وفق تقديره.
وتابع: "بعد زيارة عراقجي، لم تظهر للعلن أي ضمانات إيرانية مقابل الوساطة، لكن ربما يكون المقابل هو تراجع مشروع إيران باليمن أو جعل الحوثيين أقل قوة مما هي عليه الآن سواء ضد المملكة أو في مضيق باب المندب".
أما بالنسبة لقطر، يضيف الجبوري أنها “لعبت دورا في الأزمة حتى قبل السعودية، لا سيما في موضوع العدوان على غزة، فغالبا ما تؤتي وساطاتها ثمارها، كونها تربطها علاقة تاريخية مع الإخوان المسلمين التي تعد حركة حماس عمودها الفقري بالقطاع”.
وتساءل: “هل تجد إيران مخرجا من هذه الزاوية الضيقة التي وضعت فيها؟”، مضيفا أنه "من المؤكد أنها قدمت نوعا من الضمانات والتعهدات للدول الخليجية. لكن مهما كانت فإن النظام الإيراني الحالي ليس أهلا للثقة".
وأردف أن خير دليل هو اغتيال هنية ونصر الله، وهذه لم تأت من فراغ في ظل ما يجرى حاليا من حديث عن دور قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، ودوره التجسسي للكيان الإسرائيلي.
وفي 10 أكتوبر، أفاد موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، بأن قاآني، محتجز وتحت الحراسة ويخضع للاستجواب بينما تحقق إيران في خروقات أمنية كبرى أفضت إلى اغتيال نصر الله، وهنية.
وتوقع الجبوري أن تستغل دول الخليج العربي الفرصة للضغط الحالي على إيران، خصوصا بعد لقاء عراقجي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وبين أنه "بقدر ما ستفيد الوساطة طهران، فإن الجانب الخليجي سيأخذ دوره في هذا الإطار أيضا لمصلحة المنطقة العربية ".
ونوه إلى أن "الجانب الخليجي ومنطقة المشرق العربي برمتها يجب أن توظف مثل هذا الملف طالما هناك ضغط على الجانب الإيراني، رغم أننا نؤكد أن نظام طهران لا يمكن الوثوق به".
وخلص إلى أن "الضربة الإسرائيلية قادمة لا محالة، لكن لا أحد يعرف مدى عمقها وأبعادها، لأنه كلما مضى الوقت عليها، فإنها ستكون خاضعة إلى قياسات معينة، وإذا تحققت بعض الأهداف لإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة، فربما لا يكون الاستهداف بالحجم الذي وعدت به تل أبيب".
"مشروع سلام"
وفي المقابل، علق المحلل السياسي الإيراني، عماد آبشناس، على زيارة عراقجي إلى الخليج، بالقول إن إيران "تمد غصن الزيتون لدول المنطقة من أجل السلام والأمن".
وأضاف آبشناس لموقع "بي بي سي" البريطاني في 10 أكتوبر، أن "زيارة عراقجي تأتي في سياق التنسيق لمشروع سلام عربي إيراني يخص غزة ولبنان والمنطقة برمتها، ويهدف إلى وقف إطلاق النار".
وأعرب عن اعتقاده بأن “على دول المنطقة أن تتكاتف من أجل الضغط على الولايات المتحدة الطرف الوحيد القادر على إيقاف الجنون الإسرائيلي”.
ولفت المحلل السياسي، إلى أن "أكبر مشاكل المنطقة هو تشتت الآراء بين دولها، وإذا ما جرى توحيد الرأي فهناك أمل بالوصول إلى حل دبلوماسي، وإلا فإن الحرب الشاملة ستحرق الجميع".
وشدد آبشناس، على أن “إيران لا تسعى لشن حرب شاملة، لكنها أيضا قادرة عسكريا على مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة”.
وذكر أنه "إذا اعتقدت دول عربية أن حيادها في هذا الصراع قد يجنبها خطر الانخراط في حرب أوسع، فهي مخطئة".
وأشار الخبير الإيراني إلى أن إيران "ستستهدف أي قواعد عسكرية في أي منطقة تشن منها ضربات ضدها"، ولا يستبعد أن "تستهدف طهران الطائرات في القواعد الأميركية في دول الخليج حتى قبل أن تنطلق".
وخلص إلى أن “الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل تسعيان بشكل كبير جدا لعرقلة العلاقات الإيرانية السعودية”.
لكنه يعتقد أن السياسات الجديدة التي تنتهجها السعودية وإيران ستؤدي إلى تقارب كبير بين الجانبين.
وفي 12 أكتوبر، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول إسرائيلي، قوله إن "الرد على إيران لا يزال قيد التخطيط، وأن التأخر فيه يأتي وسط مشاورات مستمرة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن".
وأضاف المسؤول الإسرائيلي (لم تكشف هويته) أن "مجلس الوزراء الأمني (لحكومة بنيامين نتنياهو) يمكن أن يجتمع عبر الهاتف للتصويت في أي وقت".
وأفادت "هيئة البث الإسرائيلية" في 12 أكتوبر، بأن "المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر لم يصوّت بعد على الخطوط العريضة بشأن الردّ على هجوم إيران الصاروخي، أو حتى على تفويض اتخاذ القرارات لنتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت".
المصادر
- إيران تحذر السعودية وسط ترقب الرد الإسرائيلي
- وزير خارجية إيران يزور قطر والسعودية لبحث تطورات المنطقة
- ماذا تعني زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى السعودية في هذا التوقيت؟
- ايران تحذر جيرانها الخليجيين من مغبة مساعدة هجوم الرد الاسرائيلي شبكة NBC الاميركية
- مجددا.. نتنياهو يتوعد بالرد على هجوم إيران الانتقامي
- "الكابينت" مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية
- إن بي سي: إسرائيل تتجه للرد على إيران بضرب أهداف عسكرية ومنشآت للطاقة
- MEE: إيران تحتجز قاآني وتحقق معه بخصوص اختراق "إسرائيل" للحرس الثوري