كيف تؤثر دعوة أوجلان لإلقاء السلاح على السياسة وتحالفات الانتخابات التركية؟

داود علي | منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

في خطوة قد تعيد رسم خريطة السياسة التركية، دعا الزعيم الكردي المعارض عبد الله أوجلان، المعتقل منذ أكثر من عقدين، حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) إلى وقف إطلاق النار وإلقاء السلاح.

ففي يوم 27 فبراير/شباط 2025 وقف الشعب التركي أمام الشاشات ينتظر قراءة البيان التاريخي من أوجلان مؤسِّس الحزب المصنف إرهابيا من قبل الدولة التركية، والذي يقبع في السجن منذ 26 عاما بجزيرة "إمرالي" وسط بحر مرمرة.

بعدها في 1 مارس/ آذار 2025، أعلن حزب العمال الكردستاني الامتثال لدعوة زعيمه، بالتخلي عن السلاح والوقف الفوري لإطلاق النار، في خطوة قد تؤدي إلى إنهاء صراع مستمر منذ أكثر من 40 عاما مع أنقرة.

وفتحت دعوة أوجلان الباب أمام مرحلة جديدة في العلاقة بين الفصيل الكردي المسلح والدولة، خاصة أنها تأتي في وقت حساس تشهد فيه البلاد تقلبات سياسية واستعدادات لمراحل انتقالية سواء داخل الدولة عن طريق الانتخابات القادمة، أو حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ويسعى الحزب بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى تجديد نفسه بعد أن خسر لأول مرة في تاريخه انتخابات البلديات عام 2024، وحل في المركز الثاني بعد حزب الشعب الجمهوري المعارض؛ حيث فقد العدالة والتنمية بلديات كبرى ومهمة على رأسها إسطنبول والعاصمة أنقرة ومدينة بورصة. 

هندسة المشهد

ومما يثير تساؤلات حول تداعيات وتوقيت دعوة أوجلان على المشهد السياسي التركي، أنها تأتي في ظل محاولات أردوغان المستمرة لكسب الأكراد مع الترتيب للمرحلة المقبلة.

وفي هذه المرحلة تتأهب الأحزاب والتحالفات السياسية لترتيب أوراقها استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة، والتي وإن كانت لم تَحِن بعدُ لكنها ستكون حاسمة في تاريخ الجمهورية.

ففي 21 يناير/ كانون الثاني 2025، أعلن نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، مصطفى إليطاش، أن أفضل موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة هو خريف عام 2027.

حديث إليطاش جاء في برنامج مباشر، على “قناة 7” الخاصة، أجاب فيه عن سؤال حول دعوات المعارضة للذهاب إلى الانتخابات المبكرة، بأنه “في حال اجتمع حزب الشعب الجمهوري وبقية الأحزاب وجرى التوافق بين 360 نائبا برلمانيا”. 

وبسبب ظروف موسمية ومناخية، يمكن أن تُجرى الانتخابات في أكتوبر/ تشرين الأول أو نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2027، "أي انتخابات في موعد مبكر".

لذلك فإن الحزب الحاكم يسعى من خلال كل ظرف سياسي أن يخترق المشهد مبكرا، ويقوم بهندسة التحالفات خاصة مع مكون رئيس مثل الأكراد.

ولطالما كانت علاقة الرئيس أردوغان بالأكراد متميزة ما بين الاحتواء كعنصر أساسي من عناصر الأمة التركية، وما بين مواجهة الحركات والتنظيمات الانفصالية التي تسعى إلى الانفصال عن الدولة. 

فمثلا أطلق أردوغان عملية سلام مع الأكراد في 16 نوفمبر 2013، خلال خطاب ألقاه في مدينة ديار بكر (كبرى المدن الكردية جنوب شرق البلاد) عندما أكد أن “أكراد تركيا جميعهم مواطنون من الدرجة الأولى”.

ومع ذلك، لم يتوقف أردوغان عن احتواء الأكراد سياسيا واجتماعيا، كما حدث في الانتخابات السابقة عبر التحالفات القوية، مثلما فعل باستمالة حزب "هدى بار" الكردي الإسلامي.

ففي 16 مارس 2023، انضم حزب “هدى بار” إلى تحالف "الجمهور" الداعم لترشح الرئيس أردوغان في الانتخابات الرئاسية، و"هدى بار" حزب كردي ذو ميول إسلامية وقومية، وينظر إليه في الشارع التركي بصفته نقيض حزب العمال الكردستاني.

وتارة يضطر إلى التصعيد العسكري، بعدما كان يقوم حزب العمال الكردستاني أو حلفاؤه بعمليات إرهابية ضد الدولة ومؤسساتها مثلما حدث في الهجوم على شركة الصناعات الدفاعية التركية “توساش”. 

ففي 24 أكتوبر 2024، أعلنت وزارة الدفاع التركية قصف 32 هدفا لحزب العمال الكردستاني وحلفائه في شمال العراق وسوريا ردا على الهجوم الذي استهدف “توساش” في أنقرة وخلّف عددا من القتلى.

ولكن اليوم، تأتي دعوة أوجلان لتضع أردوغان أمام معادلة جديدة، هل سيحتضن هذا التحول، أم سيكون حذرا تحسبا لانتكاسات مستقبلية كما حدث عدة مرات؟

خاصة أنه بينما تتباين ردود الفعل بين الحذر والتفاؤل، فإن الواضح أن تركيا على أعتاب مرحلة جديدة من التوازنات السياسية، وسيكون الملف الكردي مجددا في صلب الأحداث، مما قد يعيد تشكيل خريطة التحالفات الانتخابية.

ظروف المصالحة

أجاب عن هذا الطرح الباحث بمركز “سيتا” التركي للدراسات، إمره كيلي، معلّقا على تأثير مبادرة أوجلان على الوضع السياسي والتحالفات الانتخابية التركية.

وقال كيلي لـ"الاستقلال": إن "العلاقات بين الحكومة التركية والحركة الكردية شهدت تدهورا ملحوظا منذ عام 2015، وأحد الأسباب الرئيسة لهذا التدهور هو تصاعد نفوذ الأكراد، الذي بدأ يشكل تهديدا للرئيس أردوغان".

وأوضح أن "مكمن الخطورة كان في تعزيز قوة حزب العمال الكردستاني في سوريا، وهو ما شكّل دورا بارزا في توتر العلاقات، فقد بدأت هجمات تنظيم الدولة على كوباني في سوريا عام 2014، مما أدى إلى تعزيز دور وحدات حماية الشعب (YPG) التي تعد فرعا لـ بي كا كا".

وأضاف: "كما أن التدخل الأميركي لصالح أحزاب الأكراد الإرهابية، زاد من تخوفات الدولة التركية سواء الحكومة أو الجيش أو حتى الحركة القومية، من نفوذهم المتنامي، الذي قد يعزز تصوراتهم الانفصالية مستقبلا". 

ثم عاد وتحدث عن هندسة المشهد السياسي: "نعود إلى الانتخابات البرلمانية التي جرت في يونيو/ حزيران 2015، حينها خسر حزب العدالة والتنمية، الأغلبية التي كان يحتاجها لتغيير نظام الحكم إلى رئاسي، وجاءت هذه الخسارة نتيجة لصعود حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) الذي حصل على 13 بالمئة من الأصوات و80 مقعدا في البرلمان".

واستطرد: "بعد فشل التحالف مع الحزب الكردي، لجأ أردوغان إلى التحالف مع الحزب القومي، مما أدّى إلى تصعيد القمع ضد الأكراد، وبالتالي خسرت الأحزاب السياسية الكردية وليس الأكراد مجملا، أردوغان كحليف موثوق أعطاهم فرصة التمثيل والوجود، بينما خسر جزءا كبيرا من القاعدة التصويتية للأكراد التي كان يعتمد عليها منذ صعوده عام 2001". 

ثم أوضح الباحث التركي، أن “ما دفع أوجلان والعمال الكردستاني للمصالحة، هو المتغيرات التي شهدتها الدولة نفسها والحالة الإقليمية”. موضحا أنه "منذ 2015، شن الجيش التركي عدة عمليات عسكرية ضد الأكراد في المناطق المختلفة، وذلك عبر عمليات واسعة ضد معاقل العمال الكردستاني، مما أدى إلى مقتل الآلاف". 

وأكمل: "في سوريا تدخل الجيش التركي لمنع سيطرة الأكراد على المناطق الحدودية، أبرزها عمليات درع الفرات (2016)، وغصن الزيتون (2018)، ونبع السلام (2019)، وصولا إلى تحرير سوريا من نظام الأسد نهاية 2024، وهو ما مثل ضغطا إضافيا على العمال الكردستاني". 

واستطرد كيلي: وبالتالي إذا تحدثنا عن إخفاقات القيادة الكردية، فنرى أنهم ممثلون في قيادات حزب العمال، واجهوا عدة تحديات وأخطاء إستراتيجية، أولها عدم توحيد الصفوف؛ إذ لم تتمكن الفصائل الكردية في تركيا وسوريا والعراق من التعاون بفعالية".

وتابع: “كذلك التمركز في المناطق السكنية؛ حيث أدى وجود قواعد العمال الكردستاني في المناطق المدنية جنوب شرق تركيا إلى دمار واسع عند شن ضربات الجيش، إضافة إلى أنه لم يستطع مجابهة التغيرات التكنولوجية”.

وأضاف كليلي: "فقد أدى استخدام تركيا للطائرات المسيرة المتطورة نهاية عصر الحروب القديمة، وجعل الجبال، التي كانت تحمي عناصر الأكراد المسلحين تاريخيا، غير قادرة على توفير تلك الحماية".

أردوغان والأكراد 

من جهة أخرى، فإن اللحظة الحالية التي تمر بها تركيا، تعيد للأذهان البدايات وعلاقة الحزب الحاكم بالمكون الكردي، فعندما شهد يوم 14 أغسطس/ آب 2001، بروز مولود جديد على الساحة السياسية التركية الملتهبة دائما، بتشكيل حزب العدالة والتنمية، بقيادة أردوغان، ورفاقه المنبثقين من حزب الرفاه الإسلامي.

ومنذ تشكيل الحزب، سلم له الشعب حكم البلاد عبر صناديق الاقتراع، ورسموا صورة جديدة للمسرح السياسي، خفتت معها النبرة القومية، لصالح نبرة وطنية محافظة، تؤكد أن الجميع شركاء في الوطن، لا سيما العنصر الكردي. 

ويمثل الأكراد وفقا للتقديرات 20 بالمئة من سكان البلاد، بحسب خطاب ألقاه آنذاك أردوغان بولاية ديار بكر في 16 نوفمبر 2013 حينما ذكر أن عددهم ما بين 12 إلى 15 مليون نسمة .

فيما يبلغ إجمالي العدد الإجمالي للأكراد اليوم في سائر المنطقة (تركيا، سوريا، إيران، العراق) حوالي 30 مليون، بحسب وكالة “رويترز”، وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى تم تقسيم مناطق وجودهم بشكل أساسي بين تلك الدول. 

وحاولت بعض التنظيمات الكردية المسلحة منها حزب العمال الكردستاني وضعَ بذور الحكم الذاتي في تركيا، فمثلا في 18 أغسطس/ آب 2015، قالت صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” الأميركية: إن مطلب الحكم الذاتي “لم يعد كافيا لأكراد تركيا الذين أصبحوا يطمحون لأكثر من حكم ذاتي ضمن حدود الدولة التركية”.

وقبل عهد أردوغان، تسبب الصراع العنيف بين تركيا وحزب العمال الكردستاني في موت نحو 40 ألف شخص بين عامي 1984 و2009، بحسب تقرير لوكالة “رويتز" البريطانية في 25 سبتمبر/ أيلول 2017.

ولكن منذ صعود حزب العدالة والتنمية، طرح مبادرات مستمرة لاحتواء الأزمة الكردية، وسعت أنقرة إلى فك الارتباط بين أكراد تركيا وحزب العمال الكردستاني الذي دأبت على اتهامه بـ"الإرهاب".

ففي ديسمبر 2013، تم توقيع اتفاق المبادئ والذي نص على خروج مقاتلي حزب العمال الكردستاني من تركيا إلى جبال قنديل شمال العراق إلى حيث أتوا من قبل.

قبلها شرع أردوغان في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، إلى مبادرة قام خلالها بجولة في مختلف الأقاليم التركية يسعى من خلالها الى حشد الدعم الشعبي لمبادرته السياسية الرامية لإنهاء المعضلة الكردية التي تؤرق البلاد.

وأكد أردوغان أمام حشد من أهالي مدينة مالاطيا أن الجهد الحكومي بهذا الشأن سيتواصل حتى يتحقق الإجماع الشعبي على المبادرة التي تتوخى- من خلال منح حقوق وحريات ثقافية للأكراد في تركيا- حقن الدماء.

قبل المصالحة

ولعل أردوغان خلال السنوات الأخيرة قطع أشواطا قوية في العلاقة مع الأكراد؛ منها في 10 يوليو/ تموز 2021 عندما نشرت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، مقطعا مصورا لإنشاد الرئيس أغنية من التراث الشعبي الكردي، مع مجموعة من شباب ديار بكر.

ويظهر أردوغان في المقطع أثناء حضوره تجمعا شبابيا، وهو يردد أغنية "كونول داغي" للفنان الشعبي نشأت أرتاش في منطقة إتش قلعة، وكذلك أقام صلاة الجمعة في جامع "قورشونلو" التاريخي بالمدينة.

وتوجَّه أردوغان في معرض زيارته إلى الأمهات الكرديات المعتصمات لقرابة 700 يوم على التوالي، أمام مقر "حزب الشعوب الديمقراطي" في ديار بكر، للمطالبة باستعادة أبنائهن المختطفين لدى منظمة "بي كا كا".

وكانت جعبة الرئيس التركي مليئة بالمفاجآت خلال تلك الزيارة؛ إذ أعلن عزم حكومته إخلاء سجن ديار بكر قريبا، وتحويلة إلى مركز ثقافي.

وقال: إن "عصابات (كا جي كا)، و(بي كا كا)، و(ب ي د)، التي تستغل الإخوة الأكراد، تعد أكبر مصيبة جاءت على هذه المنطقة وهذا الشعب في الألف عام الأخيرة".

الطريق إلى المصالحة 

وبالفعل مع افتتاح العام التشريعي الجديد للبرلمان في مطلع أكتوبر 2024، فاجأ رئيس حزب الحركة القومية، دولت باهتشلي، الرأي العام الشعبي والسياسي، بمصافحة نواب حزب "ديم" الكردي الداعم لحزب العمال الكردستاني.

تبع ذلك تصريحات إيجابية من قبل حزب العدالة والتنمية والحزب الكردي، ما دفع الرأي العام ومتابعين للحديث عن مرحلة مقبلة من الانفتاح الرسمي على الأكراد والأحزاب الكردية، وبدء مرحلة سلام جديدة.

وقتها تحدث البعض أن الأمر لا يعدو أن يكون بمثابة "ربيع مؤقت" يستهدف التعديلات الدستورية.

لكن لم تكد تمر إلا أيام قليلة وبادر باهتشلي بمفاجأة أكبر للجميع، عندما أطلق تصريحا صادما خلال اجتماع كتلته الحزبية؛ حيث أشار إلى إمكانية إطلاق سراح أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني والمحكوم عليه بالسجن المؤبد منذ 25 عاما.

وقال باهتشلي: إن "أوجلان قد يتحدث أمام الكتلة البرلمانية لحزب الديمقراطية ومساواة الشعوب، ليعلن إنهاء الإرهاب في تركيا، وحل الحزب وتسليم السلاح، وذلك مقابل اتخاذ إجراءات تمنحه الحق في الأمل”. 

وأردف في حديثه: "بأنه إذا ألقى أوجلان مثل هذا الخطاب فقد يكون هناك سبيل لإطلاق سراحه من السجن بموجب المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، المعروفة باسم (الحق في الأمل)، والتي تحظر أحكام السجن لأجل غير مسمى وتحددها بـ25 عاما".

وذلك شريطة أن يوافق على حل التنظيم ووقف الإرهاب، حتى يتمكن من التحدث في البرلمان ضمن كتلة حزب الشعوب الديمقراطي.

حينها تم طرح تساؤلات حول ما يمكن أن تصل إليه الأمور، خاصة أن "العدالة والتنمية" حاول سابقا قيادة مسار من أجل السلام مع حزب العمال الكردستاني إلا أنه لم يصل للهدف المرجو.

هنا لفت الباحث التركي كيلي إلى أنه "قبل انتخابات مايو/ أيار 2023، توقّع الكثيرون أن يصعد أردوغان هجماته ضد الأكراد بعد تحالفه القوي مع القوميين، لكنه خفف منها لتجنب دفعهم نحو دعم المعارضة أكثر، وهو أمر يحسب لأردوغان، الذي لم يغلق الأبواب تماما".

وتابع: "ورغم ذلك، لم يتمكن حزب الشعوب الديمقراطي، الذي غير اسمه وانضم إلى حزب يساري آخر (ديم)، من تحقيق مكاسب كبيرة، خاصة بعد أن حاولت المعارضة بقيادة كمال كليتشدار أوغلو (آنذاك) التنصل من دعم الأكراد لكسب أصوات القوميين الأتراك".

وأضاف: “لذلك بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، استغل أردوغان تلك الثغرات، وعمل من جهة على إضعاف العمال الكردستاني، وأحزاب المعارضة الكردية عموما”.

وأكمل: "ومن ناحية أخرى استمال الأكراد من خلال التواصل معهم وتوسيع نفوذهم في مناطق الشرق والجنوب، حتى إن أهم رؤساء البلديات في تلك المناطق مثل غازي عنتاب وهاتاي ينتمون إلى العدالة والتنمية".

وذكر أن “الملف الكردي يبقى أحد أكثر القضايا حساسية في السياسة التركية، وبينما يسعى أردوغان لترتيب أوراقه ورسم معالم مستقبل حزب العدالة والتنمية من خلال تعديل الدستور، فإن إغفاله للملف الكردي قد يكلفه الكثير مثلما حدث في انتخابات البلديات أو الرئاسة”.

واختتم الباحث كيلي حديثه لـ"الاستقلال" بالقول: "وبالتالي فإنّه يحتاج إلى حسم ذلك الملف، كما فعل وأسهم في حسم ملف سوريا والسوريين، مع الإشارة إلى الاختلاف الكبير بين الملفين".

بشارات أردوغان

وسبق أن قاد حزب العدالة والتنمية مرحلة السلام مع "العمال الكردستاني" عبر لقاءات جرت في أوسلو النرويجية عام 2012، وتشكيل لجنة حكماء في 2014.

لكن لم يتم الوصول إلى أي تطور، وعادت المواجهات عام 2015 بالتوازي مع حالة الحرب التي كانت موجودة شمالي سوريا وتشكيل كيانات وإدارة ذاتية كردية لاحقا، لتعود هجمات "الكردستاني" وبعدها المواجهات مع الجيش التركي.

وقبل دعوة أوجلان بأيام قليلة، بشر أردوغان بما أسماه “تركيا خالية من الإرهاب”، ففي 23 فبراير 2025، أكد أن “تركيا بحاجة إلى التخلص من مشاكلها بينما يتم إنشاء عالم جديد، وسيتم فتح أبواب جديدة للديمقراطية والأخوة، ومن خلال توحدنا ترك وكرد وعرب سيهدم جدار الإرهاب في بلدنا”.

جاء ذلك خلال خطاب ألقاه أثناء مشاركته في المؤتمر العام الثامن لحزب العدالة والتنمية" في أنقرة، وفيه قال: "سنتحد أتراكا وأكرادا وعربا ونهدم جدار الإرهاب المشيد على دماء أبنائنا منذ 40 عاما".

وأشار إلى أنه "لا يمكن لأي دولة ديمقراطية أن تتسامح مع سلاح الإرهاب وتنظيماته السياسية أو امتداداته التي تظهر تحت ستار مجتمع مدني".

ومع ذلك فإنه بعد مبادرة أوجلان، يبقى أردوغان حذرا في التعامل معها، خاصة مع تاريخ التقلبات الدائمة بين الدولة والحزب الكردي.

فقد تعهد الرئيس التركي في 1 مارس 2025، بمواصلة العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، "إذا لم يف بالوعود التي قطعها".

وصرح خلال إفطار رمضاني بإسطنبول: "في حال لم يتم الإيفاء بالوعود المقطوعة وحصلت محاولة تأخير أو خداع.. سنواصل عملياتنا الجارية.. حتى نقضي على آخر إرهابي".

وأضاف متوعدا: "نبقي دائما على قبضتنا الحديدية جاهزة في حال بقيت يدنا الممدودة معلقة في الهواء أو تعرضت للعض"، في إشارة تحذيرية من نكث الوعود والتراجع عن المبادرة.