لمواجهة ابن سلمان.. ماذا عن "المجلس العسكري" الذي شكله معارضون سعوديون بصنعاء؟
"قد يكونون نواة حقيقية لقوة قتالية تخوض حروبا قريبة ضد المملكة"
في تطور لافت، كشف الصحفي اليمني، المدير التنفيذي للمرصد اليمني للألغام، "فارس الحميري"، عن تشكيل "مجلس عسكري" من قبل معارضين سعوديين في العاصمة اليمنية صنعاء.
وأثار هذا الإعلان تساؤلات عديدة عن هؤلاء المعارضين وكيف وصلوا إلى مناطق سيطرة الحوثي، ومدى تأثير هكذا خطوة على وقف إطلاق النار المتواصل منذ نحو عامين.
وفي أبريل/ نيسان 2022، دخل اتفاق وقف إطلاق نار توسطت فيه الأمم المتحدة حيز التنفيذ، وأدى إلى انخفاض ملحوظ في الأعمال العدائية بين الحوثيين والسعودية.
ورغم أن الهدنة انتهت في أكتوبر/ تشرين الأول من نفس العام، غير أن القتال لا يزال معلّقا بين الجانبين إلى حد كبير.
مجلس عسكري معارض
وأفاد الحميري نقلا عن ما أسماها مصادر يمنية خاصة، بـ"وصول عشرات من السعوديين أخيرا إلى صنعاء وصعدة ومناطق سيطرة الحوثيين، جميعهم من المطلوبين أمنيا للرياض أو معارضين".
وأضاف في منشور عبر منصة إكس في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2024: كما تم التحقق من وصول 4 عناصر قيادية منخرطة منذ سنوات مع تنظيم القاعدة عبر محافظة البيضاء إلى صنعاء".
وادعى أن “هؤلاء السعوديين وصلوا فرادى أو على دفعات وعبر طرق متعددة بتنسيق مباشر مع الحوثيين، بعضهم عبر الحدود وآخرين قدموا عبر دولة ثالثة”.
ولفت إلى أن “الحوثيين أمنوا مساكن لهؤلاء السعوديين وعقدوا معهم عدة اجتماعات خلال الأشهر والأسابيع الماضية أغلب هذه الاجتماعات عقدت في مبنى عبارة عن فلة كبيرة في حدة جنوب العاصمة صنعاء”.
الحميري أوضح أيضا أن الفيلا التي تعقد فيها الاجتماعات بشكل متكرر تستخدم أيضا سكنا لشخصيات سعودية معارضة.
وختم بالقول: "تمخضت الاجتماعات بتشكيل ما أسموه (مجلس عسكري)، وتم التوافق على الشكل التنظيمي للمجلس وتسمية المهام، بالإضافة إلى تسمية مسؤولين لأبرز المناطق السعودية.
فيما لم يصدر على الفور تعليق من الحكومة السعودية أو جماعة الحوثي أو الحكومة اليمنية بهذا الشأن. كما لم يصدر بيان رسمي عن هذا المجلس الجديد.
حركة تحرير جزيرة العرب
ولم يكن إعلان "المجلس العسكري" السعودي الجديد في صنعاء، أمرا مفاجئا، فقد فتحت جماعة "الحوثي" أبواب صنعاء منذ سنوات للمعارضين السعوديين.
ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، أعلن الناطق العسكري للحوثيين يحيى سريع، في بيان، أن المعارضين للنظام السعودي “مرحب بهم” لديهم.
ورحب آنذاك بالمعارض السعودي دخيل القحطاني، وهو ضابط سابق في سلاح الجو الملكي، ويقدم نفسه بصفته رئيسا ومؤسسا لـ"حركة تحرير جزيرة العرب"، والتي أعلن تدشينها من صنعاء.
ومنذ انطلاق عملية "عاصفة الحزم" بقيادة النظام السعودي في مارس/آذار 2015، لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، ضد انقلاب الحوثيين، أعلنت الحركة استقبال عدد من المعارضين السعوديين.
ومن أبرزهم شيخ الطائفة الإسماعيلية في اليمن والسعودية، هادي القحص اليامي، الذي أعلن وصوله عام 2016.
وفي عام 2017، أعلنت القوات الحكومية بمأرب إلقاء القبض على خلية مكونة من 4 سعوديين دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية، ويمنيين اثنين من الحوثيين كانوا يسهلون عملية الانتقال إلى صنعاء، قبل أن تسلمهم لقيادة التحالف.
عدو السعودية الأول
ومع ذلك فإن الأمور اتجهت نحو وتيرة متصاعدة، ففي 26 مارس/ آذار 2024، نشر المعارض السعودي، علي هاشم سلمان الحاجي، عبر منصة “إكس”، رسالة وجهها لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، قال له فيها: "أتيتك طوعا وحبا ومواليا ووفيا ومبايعا لك على السمع والطاعة".
ولهاشم مسيرة طويلة جعلته من أكثر المعارضين عداء للنظام السعودي، الذي يطارده ويُضيِّق على عائلته بلا تهاون.
وجاء وصول المعارض السعودي لليمن واحتضان الحوثي له حاملا لكثير من الدلالات، التي تمثل تهديدا خطيرا للنظام السعودي.
وصاحب ظهور هاشم في صنعاء كثير من الجدل، خاصة أنه أعلن التخلي عن جواز سفره السعودي، وقال إنه سيستقر في اليمن ليواصل مشواره في معارضة نظام محمد بن سلمان.
وسبق أن نشر موقع "الحرة" الأميركي في 25 أغسطس/ آب 2022، تقريرا عن علي هاشم الحاجي، وعده “عدو النظام السعودي الأول”.
وذكر أنه ينحدر من محافظة الأحساء، ذات الأغلبية الشيعية، وصدر بحقه حكم بجرائم الإرهاب وتمويله عام 2017، وذلك بعد عام من مغادرته السعودية.
إسقاط النظام
وكان هاشم الذي وصل قادما من جنوب لبنان، صرح بأن وصوله جاء تحقيقا لأمنية الأمين العام لحزب الله آنذاك “حسن نصر الله”.
ولا ينسى لهاشم دوره في المؤتمر الكبير الذي نظمه حزب الله في يناير/ كانون الثاني 2022، عندما استضاف معارضين سعوديين.
وجاء المؤتمر لإحياء ذكرى إعدام رجل الدين الشيعي، نمر باقر النمر، الذي أعدمته الرياض بتهمة الإرهاب عام 2016.
وقتها ألقى هاشم كلمة كمعارض سعودي، وقال في تصريحاته "إن هدف المؤتمر هو إسقاط النظام السعودي".
لم يكتف هاشم بإعلانه، حيث نشر صورة له وهو يقف على آلية عسكرية وخلفه علم للحزب، كاتبا "الصورة فيها كثير المعاني.. المشكلة أنك سعودي صعب تفهم".
غرفة عمليات متكاملة
من جانبه، تنبأ الكاتب اليمني ياسين التميمي بما يحدث من تهديد للنظام السعودي، ففي 7 أبريل/ نيسان 2024، نشر مقالا لموقع "عربي 21" تحت عنوان: "الدلالات الخطيرة لوجود معارضين سعوديين في صنعاء".
وذكر فيه: "سيكون لدى الحوثي مساحة كافية لابتزاز الجار الشمالي، وتهديده وإبقائه تحت رحمة المزاج السياسي والطائفي، وستعمل طهران ما بوسعها لتكريس سلطة ندية، مع قدرة على توظيف هذه الندية في كسر المقابل الإقليمي السعودي لها في المنطقة".
وأضاف: "تعاني السعودية اليوم من ارتدادات الصفقة البائسة التي أبرمتها مع الحوثيين بضغط أميركي كبير، وأدت إلى تمكين الحوثيين من مصادرة الصلاحيات السيادية للدولة اليمنية، وأهمها منح وثائق الهوية والسفر، فهذا المعارض يتباهى بحصوله على جواز سفر ينهي القيود كافة التي وضعت أمام مهمته السياسية المعارضة للحكم في المملكة".
وقال أيضا: "ستصبح صنعاء ملاذا ليس فقط للمعارضين السياسيين من السعودية وغيرها من دول المنطقة، ولكن أيضا ستتحول إلى غرفة عمليات متكاملة لإدارة مشهد الفوضى بالمملكة والمضي في خطة تمكين الأقليات الشيعية في المنطقة، ومنحها عمقا جغرافيا للتصرف والتأثير".
وتابع: "هو أمر لا يمكن التعاطي معه بتأثير حقيقي، إلا عبر القوة العسكرية أي أن تضطر السعودية إلى خوض جولة حرب جديدة مع طرف سيتمتع هذه المرة بخطوط إمداد مفتوحة مع العالم كله، وليس فقط مع إيران".
مرحلة جديدة
وفي مقابلة مع موقع "المسيرة" التابعة للحوثيين، في 20 مارس/ آذار 2024، قال الناشط الحقوقي السعودي المعارض، علي آل أحمد، وهو مقيم في الولايات المتحدة، إنه "يتوقع أن تحمل الأشهر القادمة إشارات تمرد واسع في الداخل السعودي بما فيها المؤسسة العسكرية".
وأضاف أن "المرحلة القادمة ستكون مهمة في تاريخ جزيرة العرب، لأنها تحمل إشارات تمرد واسع في الداخل السعودي بما فيها المؤسسة العسكرية، وذلك بعد فشل غزو اليمن وقهر إرادة شعبه".
وأكمل: “ربما نرى هزيمة داخلية كبيرة لمحمد بن سلمان، وتقلص سيطرته على البلاد”، معربا عن اعتقاده بأن "النظام السعودي لن ينهار حاليا، لكن هناك تراجعا كبيرا في شرعيته وقبوله محليا".
ويشير احتفاء الحوثيين بالمعارضين السعوديين واحتوائهم، إلى أنه تدشين لمرحلة جديدة من الرعاية والتدريب، سيكون لها ما بعدها، وأنهم قد يكونون نواة حقيقية لقوة قتالية تخوض حروبا ضد المملكة، وفق مراقبين.