محمد زاهدي.. الذراع الخارجية للحرس الثوري وثاني أبرز قائد يقتل بعد سليماني
الرئيس الإيراني وصف زاهدي بأنه أحد أبطال "الدفاع المقدس" في سوريا
"ذراع خارجية، حلقة وصل"، هكذا عُرف اللواء في الحرس الثوري الإيراني، محمد رضا زاهدي، الذي قتل مع ستة من كبار القادة والضباط الإيرانيين، في قصف إسرائيلي استهدف القنصلية الإيرانية بالعاصمة السورية دمشق، في الأول من أبريل/ نيسان 2024.
رغم عدم إعلان تل أبيب رسميا عن تنفيذ الضربة، فقد نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مصادر إسرائيلية في 1 أبريل، قولها إن إسرائيل تقف وراء عملية اغتياله، وأن المبنى هو مقر للحرس الثوري وليس مكتبا دبلوماسيا.
وذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية، أن "الحرس الثوري يعلن عن استشهاد 7 من قادة وضباطه في العدوان على القنصلية في دمشق وهم: محمد رضا زاهدي، محمد حاجي رحيمي، حسين أمان اللهي، مهدي جلالتي، محسن صداقت، علي اقا بابايي، علي صالحي".
"حامي المقدسات"
وقال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، إن "لواء الإسلام الشامخ والمضحّي، اللواء محمّد رضا زاهدي، إلى جانب رفيق دربه العزيز العميد محمد هادي حاج رحيمي، استشهد جرّاء الجريمة التي ارتكبها الكيان الصهيوني الغاصب والمنبوذ".
وأضاف خامنئي في سلسلة تغريدات على منصة "إكس" في 2 أبريل، أن "اللواء زاهدي كان ينتظر الشهادة منذ الثمانينيات في سوح الخطر والجهاد. هؤلاء لم يفقدوا شيئا بل نالوا أجرهم وثوابهم، لكن الحزن على فقدهم يصعب على الشعب الإيراني وخاصّة مَن كانوا يعرفونهم".
وتوعد خامنئي بالثأر لهم، بالقول: "سينال الكيان الصهيوني الخبيث عقابه على أيدي رجالنا البواسل. سنجعل الصهاينة يندمون على جريمة الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق ومثيلاتها، بحول من الله وقوّة".
وفي 1 أبريل، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني عن عقد اجتماع بحضور الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، واتخاذه ما يلزم من قرارات بعد "جريمة حرب أخرى لإسرائيل".
وقال رئيسي الذي يرأس المجلس، في بيان له، إنّ "الشهيدين محمد رضا زاهدي ومحمد هادي حاجي رحيمي، كانا من أبطال الدفاع المقدس"، موضحا أنّ وجودهما في سوريا كان بصفة "مستشار أعلى"، وأنّ جريمة اغتيالهما "لن تمرّ من دون رد".
وتطلق إيران عبارة "الدفاع المقدس" على مشاركتها في القتال إلى جانب النظام السوري، إبان اندلاع الثورة السورية، بذريعة الدفاع عن المقدسات الشيعية على الأراضي السورية، خصوصا في العاصمة دمشق.
زاهدي ثالث قيادي في الحرس الثوري يُقتل منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لكنه أبرزهم.
كما يُعد أبرز قيادي عسكري إيراني يقتل بعد قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني في بغداد مطلع يناير/ كانون الثاني 2020 وحسين همداني أحد مؤسسي الحرس الثوري، في حلب بشهر أكتوبر/ تشرين الأول 2015.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، قضى رضي موسوي مسؤول الإمدادات لقوات "الحرس الثوري" في سوريا، بضربة صاروخية إسرائيلية على منطقة السيدة زينب بدمشق.، وبعدها حددت مواقع استخباراتية إسرائيلية زاهدي بأنه الهدف الأبرز لإسرائيل.
وبثت القناة 14 الإسرائيلية في حينها، تقريرا يُسلّط الضوء على أبرز قيادات "فيلق القدس" في الخارج، بينهم زاهدي، وعبد الرضا مسكران، ومحمد سعيد إيزدي مسؤول ملف فلسطين في "فيلق القدس"، وعبد الرضا شهلايي، قائد "الحرس الثوري" في اليمن.
رغم توليه المناصب العديدة في "الحرس الثوري" فإنه بقي في الظل، ولم يظهر في وسائل الإعلام والمناسبات العامة على خلاف قيادة "الحرس". ويعود ذلك في الأساس إلى دوره في قوات "فيلق القدس" الإيراني، التي يغلب عليها الطابع الاستخباراتي.
حلقة وصل
محمد رضا زاهدي، المولود في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1960 بمدينة أصفهان الإيرانية، انضم مبكرا إلى قوات الحرس الثوري، في عقد العشرين من عمره، وشارك في الحرب الإيرانية العراقية (1980 - 1988).
وبعد أن شغل منصب قائد فرقة "الإمام الحسين" الرابعة عشرة بين عامي 1986 و1991، تولى زاهدي منصب قائد القوات الجوية لجيش الحرس الثوري لفترة قصيرة في عام 1995.
كما شغل منصب قائد القوات البرية لجيش الحرس الثوري بين عامي 2005 و2008، وعمل ضمن فيلق القدس بين عامي 2008 و2016 وكان قائدا للحرس في سوريا ولبنان.
وشغل زاهدي مناصب عدة عليا، بما في ذلك قائد فيلق القدس في لبنان، وعمل كـ "حلقة وصل" مع حزب الله وأجهزة المخابرات السورية، وعلى ضمان إيصال شحنات الأسلحة إلى الأخير، حسبما أفاد به موقع قناة "الحرة الأميركية" في 1 أبريل.
وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية إن زاهداي "كان يقود الوحدة 18000 المسؤولة عن تهريب الذخيرة والأسلحة إلى لبنان. وتولى قيادة القوات الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني، وفرقة الإمام الحسين".
كما يعد زاهدي مصدرا معرفيا مهما في الحرس الثوري، فهو بحسب موقع "آي نيوز 24" العبري من يحرّك قائد فيلق القدس الحالي إسماعيل قآاني، وقاد القوات الإيرانية في الوحدتين 18000 في سوريا برئاسة حاج حيدر، و2000 في لبنان.
وأشار الموقع إلى أنه "تحت قيادة زاهداي يوجد عدد من القادة في لبنان وسوريا. وتغطي خبرته الميدانية كافة وحدات المساعدة التابعة لفيلق القدس والحرس الثوري في المنطقة".
وشغل منصب نائب رئيس عمليات الحرس الثوري الإيراني خلال السنوات 2016 حتى 2019، وتولى قيادة قاعدة "ثأر الله" مع الحفاظ على منصبه قائدا لقوات الحرس البرية خلال الفترة ما بين 2005 إلى 2006.
وتضمنت الصور التي نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية عن زاهدي في تواريخ مختلفة، وقوفه إلى جانب كبار القادة الإيرانيين، وأبرزهم قاسم سليماني الذي قُتل في هجوم أميركي قرب مطار بغداد الدولي، والقائد الحالي للفيلق إسماعيل قاآني.
معاقب أميركيا
وضعت واشنطن محمد رضا زاهدي على لائحة العقوبات عام 2010 بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، الذي يستهدف تجميد أصول الإرهابيين وعزلهم عن الأنظمة المالية والتجارية الأميركية.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية لدى إعلانها وضع اسمه ضمن لائحة العقوبات إنه كان قائد "فيلق القدس" في لبنان، ولعب دورا رئيسا في دعم إيران لحزب الله اللبناني.
وتولى زاهدي قيادة قوات "فيلق القدس" الذراع الخارجية لـ"الحرس الثوري" في لبنان منذ عام 2008.
وكان زاهدي قد شغل المنصب ذاته لفترة 5 سنوات بين عامي 1998 و2002، ونشط في لبنان بأسماء حركية مثل حسن ورضا مهدوي.
وخلال هذه المدة، لعب اللواء محمد رضا زاهدي دورا محوريا في توسيع أنشطة "الحرس الثوري" الإيراني، لا سيما تسليح "حزب الله" لبنان، على مدى ثلاثة عقود.
وتفيد المعلومات المتوفرة بأن زاهدي كان مشاركا دائما في الاجتماعات التشاورية لقيادة "حزب الله" اللبناني.
وفي 2 أبريل، قال حزب الله المدعوم من إيران في بيان إن "القائد الكبير الشهيد الغالي محمد رضا زاهدي كان من الداعمين الأوائل والمضحّين والمثابرين لسنوات طويلة من أجل تطوير وتقدم عمل المقاومة في لبنان"، مؤكدا أن اغتياله "جريمة لن تمر دون أن ينال العدو العقاب والانتقام".
وأضاف الحزب الشيعي اللبناني أن زاهدي "شاركنا مدّة كبيرة الهموم والمسؤوليات، وكان بحق الأخ والمجاهد والصديق الوفي والمضحي النموذجي في عشقه للمقاومة في لبنان والمنطقة".
ويعد زاهدي من كبار القادة الميدانيين للحرس الثوري، إذ تولى منصب نائب قائد عمليات هذه القوات لمدة ثلاث سنوات (2016 إلى 2018). وكان قائدا للوحدة البرية في الحرس قبل إقالته من منصبه في يوليو/ تموز 2008.
وهو سادس قيادات الوحدة الصاروخية في الحرس الثوري، إذ شغل المنصب لبضعة أشهر، بعد مقتل القيادي أحمد كاظمي، في سقوط طائرة عسكرية شمال غربي إيران.
وترك زاهدي منصب قيادة الوحدة الصاروخية لحسين سلامي، القائد العام الحالي لقوات "الحرس الثوري".
المصادر
- الإمام الخامنئي: أبطالنا سيعاقبون الكيان الصهيوني.. سنجعلهم يندمون على هذه الجريمة
- اطلاعیه سپاه پاسداران درباره شهادت سرداران محمدرضا زاهدی و محمدهادی حاج رحیمی
- من هو محمد رضا زاهدي القائد الكبير في الحرس الثوري الذي قتل في قصف القنصلية الإيرانية بسوريا؟
- "مقرب من نصر الله": من هو القيادي الإيراني محمد رضا زاهدي الذي اغتيل بغارة في دمشق؟
- نيويورك تايمز: إسرائيل تقف وراء اغتيال محمد رضا زاهدي بدمشق
- على اللائحة الأميركية.. من هو رضا زاهدي الذي قتل بضربة القنصلية الإيرانية؟
- محمدرضا زاهدی