معهد عبري: هذا هو الفخ الذي تعده تركيا لإسرائيل في غزة

منذ ٣ أيام

12

طباعة

مشاركة

مخاوف إسرائيلية متزايدة من التحركات التركية في الساحة الفلسطينية، خصوصا في قطاع غزة، وحذرت معاهد عبرية من أنها تحمل أبعادا سياسية وإستراتيجية.

وقال الباحث في معهد دراسات الأمن القومي العبري، كوبي مايكل: إن “هذه التحركات جزء من خطة إستراتيجية أوسع تسعى أنقرة من خلالها إلى ترسيخ نفوذها في المنطقة”.

ورأى أن ذلك "قد يضع إسرائيل في موقف معقد أمام الجيش التركي، ليس فقط في الجنوب (غزة) بل أيضا في الشمال (سوريا)".

جهود مكثفة

واستهل مايكل مقاله المنشور على موقع معهد "مسغاف" العبري بالإشارة إلى التطورات التي يصفها بـ"اللافتة"، قائلا: إنها "قد تكون غابت عن أنظار الكثيرين".

وأفاد بأن "أنقرة أعلنت رسميا عن تجنيد 2000 جندي تركي وتدريبهم ضمن تشكيل فرقة عسكرية تركية ستنضم إلى قوة الاستقرار الدولية، المقرر نشرها في قطاع غزة ضمن خطة النقاط الـ21 التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب".

ونوَّه إلى أن "هذا الإعلان يأتي بالتزامن مع خطوة أخرى مثيرة للجدل أعلنتها تركيا أخيرا، تمثلت في إصدار 37 مذكرة توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين بارزين، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية".

ويرى المعهد أن "هاتين الخطوتين تعكسان جهودا تركية مكثفة في سياق سعي أنقرة إلى تعزيز حضورها في غزة، عبر منظمات إغاثة تركية وفلسطينية".

وأشار إلى أن "الأعلام التركية باتت ترفرف في أنحاء القطاع، فوق الجرافات التي تعمل على إزالة الأنقاض والبحث عن المفقودين والضحايا، في مشهد يعكس حجم الانخراط التركي المتزايد في المشهد الفلسطيني".

ويقدر أن "الرئيس ترامب اختار تركيا إلى جانب قطر، كشريكة رئيسة في تنفيذ خطته؛ لأنه يرى فيها قوة مؤثرة قادرة على التأثير في حركة حماس".

في هذا السياق، أشار المعهد إلى "انخراط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحماس في هذه المهمة".

ووفق المعهد، "يرى ترامب أن إقناع حماس بالموافقة على المرحلة الأولى من الخطة وتنفيذها يُعد إنجازا تركيا يستحق مقابلا سياسيا وإستراتيجيا، يتمثل في تعميق النفوذ التركي في غزة وتعزيز دوره في صياغة مستقبلها".

خصم سياسي

ويرى أنه بالنسبة لأردوغان، فإن "هذا المكسب يخدم هدفين إستراتيجيين رئيسين، الأول، ترسيخ مكانة تركيا كقوة إقليمية فاعلة ومؤثرة في الشرق الأوسط، والثاني، تقليص نفوذ إسرائيل، وإضعاف قدرتها على فرض مصالحها الإقليمية على حساب المصالح التركية".

وأوضح أن "هذه المنافسة تتجلى، على سبيل المثال، في العلاقات الإستراتيجية بين إسرائيل وكل من اليونان وقبرص، والتي تراها أنقرة تهديدا مباشرا لمصالحها الحيوية في شرق المتوسط".

وتعمق المعهد في الحديث عن محاور المنافسة الإقليمية بين دولة الاحتلال وأنقرة قائلا: "ترى تركيا في إسرائيل منافسا قويا ومؤثرا في المنطقة، ليس فقط على المستوى العسكري، بل أيضا في المجالات التكنولوجية والاقتصادية".

وأضاف: "خاصة في ظل توسع (اتفاقيات أبراهام)، بما يتضمن تنفيذ مشروع IMEC (الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا) الذي يربط الهند وشرق آسيا مرورا بالسعودية والأردن وصولا إلى إسرائيل ومنها إلى أوروبا".

"كما أن إسرائيل تتمتع بعلاقات دبلوماسية متنامية مع دول المنطقة، فضلا عن علاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة، ما يجعلها خصما سياسيا لا يُستهان به". وفق قوله.

مقابل ذلك، أشار المعهد إلى أن تركيا "تعتمد على دعمها لحركة حماس والإسلام السياسي كأداة لتعزيز مكانتها كزعيمة للإسلام السني في الشرق الأوسط".

ومن هذا المنطلق، يعتقد مسغاف أن أنقرة "تسعى إلى الحفاظ على مكانة حماس كلاعب سياسي مؤثر وشرعي، ليس فقط في غزة، بل في الساحة الفلسطينية بأكملها".

وتابع: "هكذا، يمكّن الوجود التركي الراسخ في غزة لأنقرة ضمان المصالح الحيوية لحماس، والتي تعدها مصالح تركية أيضا".

تركيبة رابحة

وأشار المقال إلى أن "التأثير التركي المتزايد في قطاع غزة، إلى جانب العلاقة الوثيقة بين أردوغان وترامب، يشكلان معا (مزيجا رابحا) لأنقرة".

وتابع: "يرى أردوغان أن هذا التقارب قد يتيح له فرض وجود عسكري تركي واسع في غزة، كجزء محوري من قوة الاستقرار الدولية".

وأضاف أن "الرئيس التركي يعتقد أن هذا الوجود العسكري إلى جانب الهيمنة المتنامية لمنظمات الإغاثة المدنية التركية، سيُسهم في تقليص هامش المناورة والحرية العملياتية لإسرائيل داخل القطاع، وبالتالي إضعاف قدرتها على تنفيذ عمليات فعالة ومستمرة ضد جهود إعادة بناء قدرات حركة حماس"

وأردف: "إن المخاوف الإسرائيلية من التورط في صدام مباشر مع القوات التركية، إلى جانب تأثير أردوغان على ترامب في كبح جماح إسرائيل، يمنح الجيش التركي فرصة لتطويق إسرائيل في حركة كماشة: من الجنوب عبر غزة، ومن الشمال عبر سوريا".

"وبذلك، قد يتمكن أردوغان من ترسيخ (منطقة راحة إستراتيجية) تعمل ضد المصالح الإسرائيلية". يقول المقال.

ويكمل: "وفي ظل هذه التطورات، ومع تصاعد العداء العلني من أردوغان تجاه إسرائيل، بما في ذلك تصريحات تحمل طابعا معاديا للسامية؛ فإنه من الحكمة أن تواصل إسرائيل رفضها القاطع لأي وجود عسكري تركي في غزة".

كما دعا المقال إسرائيل إلى "التحرك بمرونة وابتكار، وبالتنسيق الوثيق مع الإدارة الأميركية، ومع المحور المصري-السعودي-الإماراتي، لمواجهة المحور التركي وتقليص دوره في القطاع إلى أدنى حد ممكن".

كما شدَّد على "ضرورة إعطاء الأولوية لتعزيز مشاركة ونفوذ هذا المحور الإقليمي، الذي يرى هو الآخر في تركيا تهديدا وتحديا إستراتيجيا".

وختم المعهد مقاله بتحذير واضح: "إذا نجح أردوغان في تنفيذ إستراتيجيته الواسعة، فقد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة فخ تفرضه أنقرة عليها".