ما علاقة الموساد بفضيحة إبستين وأنفاق الكنيس في الولايات المتحدة؟
تحدث معهد التفكير الإستراتيجي التركي عن قضيتين شغلتا الرأي العام العالمي أخيرا، وهما جزيرة جيفري إدوارد إبستين، والنفق المكتشف حديثا أسفل كنيس يهودي في نيويورك.
ومع مطلع العام 2024، أظهرت ملفات جديدة حول قضية الملياردير الأميركي الراحل جيفري إبستين، تفاصيل تتحدث عن كيفية خداعه فتيات قاصرات.
انشغال عالمي
وإبستين، ملياردير أميركي وُجِد ميتا في السجن عام 2019 أثناء احتجازه بتهمة الاعتداء الجنسي على فتيات والولع الجنسي بالأطفال وإنشاء شبكة للدعارة.
وفي 3 يناير/كانون الثاني، جرى الكشف لأول مرة عن ملفات القضية بموجب قرار أصدرته في ديسمبر/كانون الأول 2023 القاضية بالمحكمة الفيدرالية في مانهاتن لوريتا بريسكا.
وتضمنت الملفات أسماء الرئيسين الأميركيين السابقين بيل كلينتون ودونالد ترامب، والأمير أندرو، شقيق ملك بريطانيا تشارلز الثالث، والعديد من المشاهير.
وبحسب تقارير نشرتها وسائل إعلام أميركية، فإن إفادات المحقق جوزيف ريكاري، الذي أجرى تحقيقات مع إبستين، جرى تضمينها على نطاق واسع في الملفات الجديدة البالغ عددها 19 والمكونة من نحو 300 صفحة.
وكشفت الملفات الجديدة تفاصيل حول الأساليب التي "خدع بها إبستين وصديقته غيسلين ماكسويل الفتيات الصغيرات القاصرات".
وفي حديثه لقناة "روسيا اليوم"، عام 2020، ادعى ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق آري بن ميناشي، أن والدي غيسلين ماكسويل، روبرت ماكسويل، وإبستين، كانا عميلين إسرائيليين.
وبين أن كل هذه الفضائح جرى صنعها لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلي الخارجي "الموساد" بهدف جمع المعلومات وابتزاز الأسماء الشهيرة.
وتتمثل القضية الثانية التي شغلت الرأي العام، في اكتشاف الشرطة الأميركية في 9 يناير، أنفاقا سرية تحت كنيس يهودي في مدينة نيويورك.
واكتشفت عناصر الشرطة الأنفاق خلال مداهمتها الكنيس الواقع في منطقة بروكلين في نيويورك، وألقت القبض على عدد من المنتمين لحركة "حباد" اليهودية داخله.
وذكرت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، أن الأنفاق حفرت بغرض العبادة سرا خلال فترة جائحة كورونا أو دخول النساء للمكان خلسة.
كما انتشرت مقاطع مصورة للأنفاق على حسابات التواصل الاجتماعي تظهر أسِرّة قديمة وأغطية خشبية في بعض أقسام أنفاق يجرى العمل على حفرها.
تحت الابتزاز
وعلق المعهد التركي في مقال للكاتب "ألبار تان"، على القضيتين بالقول: "إن الفعل الشنيع الذي ارتكبه رجل الموساد جيفري إبستين، جريمة تتجاوز بكثير الاعتداء الجنسي على الأطفال".
وأشار الكاتب التركي إلى أن عمل الموساد هو إدارة وتوجيه قوة ونفوذ الشخصيات المؤثرة في العالم من خلال تحويل الصور ومقاطع الفيديو التي يلتقطها الجهاز الاستخباري إلى أسلحة تهديد وابتزاز.
وذكر أن جيفري إدوارد إبستين كان جاسوسا ومليارديرا يعمل لصالح وكالة المخابرات الخارجية الإسرائيلية الموساد.
وبين أن إبستين أخفى هويته الحقيقية من خلال تأسيس مؤسسات خيرية باسمه والتبرع للعديد من الجامعات ومراكز البحث، وبذلك غطى على مهمته الاستخبارية.
وجرت إدانته بقضية استغلال القاصرات لأغراض الدعارة، وعلى إثر ذلك حُكِمَ عليه بالسجن، ولكن بعد فترة عُثر عليه ميتًا داخله، ويبدو أن هناك جدلا وتفاصيل مظلمة متعلقة بوفاته.
وأشار الكاتب التركي إلى أن قضية إبستين لا تتعلق بانحراف شخصية ولكنها ملف أمن وإستراتيجية دولية.
وتابع: "في المستقبل سيفهم الجميع بشكل أفضل أنها قضية أمن قومي وحتى "بقاء" للعديد من البلدان مثل الولايات المتحدة الأميركية".
وأضاف: تمكنت إسرائيل من خلال الفخ الذي نصبته عبر الموساد من السيطرة على أكثر السياسيين تأثيرا في العالم من رجال الدولة والأعمال وأقطاب الإعلام وبعض القادة ورؤساء أكبر خدمات المخابرات والفنانين والرياضيين الذين يمتلكون تأثيرا على مستوى العالم بأعمالهم وشهرتهم.
وبعد أن أوقعت هؤلاء الأشخاص في فخها، تستخدم إسرائيل الصور والفيديوهات التي سجلتها كوسيلة للتهديد والابتزاز لخدمة أغراض إسرائيل واليهودية والصهيونية.
وتابع الكاتب أنه "جرى الكشف عن عدد قليل من الأسماء المهمة مثل الرؤساء الأميركيين السابقين بيل كلينتون وباراك أوباما ودونالد ترامب وجو بايدن، ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز"، وغيرهم.
بالإضافة إلى بيل غيتس أحد أكثر رجال الأعمال نفوذا في العالم، ورئيس الوزراء النرويجي السابق ثوربيورن ياغلاند، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك.
واستدرك الكاتب: جرى اختيار أستاذ القانون في جامعة هارفارد آلان ديرشويتز من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتمثيل إسرائيل في محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا أخيرا ضد تل أبيب بسبب العدوان على غزة.
ولفت إلى أن اسم البروفيسور آلان ديرشويتز ظهر في الشريحة الأولى من وثائق إبستين التي تحتوي على وثائق تؤكد أن المحامي كان صديق صاحب الجزيرة المقرب واعتدى على طفلة قاصرة لم تبلغ الثامنة عشر.
ومن المضحك أن هذا المحامي المتهم بالشذوذ، سيدافع عن نتنياهو المتهم بالإبادة الجماعية في محكمة لاهاي، يسخر الكاتب.
ودافع ديرشويتز عن نفسه ضد هذه الادعاءات وبدلا من ذلك، استهدف حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وقال: أريد قائمة بجميع النسويات الراديكاليات اللواتي طالبن بقوة بالإفراج عن الأسماء المدرجة في قائمة إبستين، كم منهن أدانت حماس فعلا؟، وذلك بسبب تنفيذها عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
الأنفاق السرية
وفي القضية الثانية، قال الكاتب إن النفق غير القانوني المكتشف أسفل كنيس نيويورك، ظهر فيه أسرّة ملطخة بالدماء وعربات أطفال، فيما يبدو أن أشياء فظيعة قد ارتكبت في تلك الأنفاق المظلمة.
بهذا يتبادر للأذهان قضايا مثل الاتجار بالأعضاء والدعارة وشبكة الاعتداء الجنسي على الأطفال.
وعلى إثر ذلك جرى اعتقال عدد كبير من الحاخامات واليهود من حركة الحاسيديم فيما يتعلق بهذه القضية.
وذكر الكاتب أن هناك ادعاءات مروعة حول هذه الأنفاق، حيث يستخدم الكنيس كغطاء وأن هناك عددا من الطقوس الشيطانية مثل إساءة معاملة الأطفال وتجارة الأعضاء والتضحية بالأطفال.
ويمكن لهذه الممرات المظلمة أن تلقي الضوء على الحقائق الغريبة حول مصير عشرات الآلاف من الأطفال الذين اختفوا في أوروبا وأميركا وأسباب اختفائهم.
وبين الكاتب أنه مع هجوم 7 أكتوبر، انقلبت الأمور وجرى انتزاع سلاح إبستين من إسرائيل وبدأت القضية في زعزعتهم بعد انكشاف المخطط.
ولفت إلى أن الأنفاق التي حفرت تحت الكنائس اليهودية في الولايات المتحدة وسابقا في روسيا والفضائح المماثلة ستجعل إسرائيل وأنصارها في حالة من العار.
فجرائمهم ضد الإنسانية في غزة وفضيحة إبستين أثارت الشكوك حول المجتمعات الصهيونية واليهودية، وفق تعبيره.
ورأى أن إسرائيل والصهيونية أصبحت منظمة ملعونة في جميع أنحاء العالم، حتى من قبل اليهود الذين يمتلكون الضمير.
وكلما جرى فتح ملفات جديدة وكشف المزيد من الأسرار، ستكون الرؤية أوسع وأعمق لهذه المؤامرات البغيضة.
ومن الممكن أن يجرى الكشف عن أنفاق مماثلة في معابد يهودية في بلدان أخرى، وفق تقدير الكاتب التركي.
وذكر أن انتفاضة 7 أكتوبر لن تحرر غزة فحسب، بل ستحرر شعوب الدول الغربية من القادة الذين جرى تحويلهم إلى "دببة سيرك" واستسلموا للابتزاز في يد إسرائيل.
وتابع: "فلا توجد فرصة لأن تكسب إسرائيل هذه الحرب (على غزة)، ولكن عند خسارتها لن تكون وحدها؛ فكل القوى التي تقف وراءها ستخسر أيضا".
و"عندما تنهار الصهيونية، فستنهار القوى التي تقف وراءها، لقد انتهى الأمر تقريبا"، بحسب وصف الكاتب.