كاتب يميني مقرب من نتنياهو: لا يمكننا الانتصار دون إعادة احتلال غزة

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، انخرط الداخل الإسرائيلي في صراعات بينية متتابعة، حيث يريد كل حزب إلقاء اللوم على التيار الآخر وتحميله مسؤولية ما حدث.

وفي هذا الإطار، كتب حاجي سيجال الكاتب اليميني المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مقالا نقديا لاذعا، يهاجم فيه اليسار وانتقاداتهم للحكومة الحالية.

كذلك انتقد سيجال وهو رئيس تحرير صحيفة "ماكور ريشون" السابق، توجهات اليسار التي قادت إسرائيل إلى الخروج من قطاع غزة عام 2005.

خطأ الانسحاب

وقال إن تكلفة البقاء فيها -رغم الهجمات والعمليات- كانت بلا شك ستكون أقل من تكلفة الخروج منها والعودة لاحقا -مثلما يحدث الآن- للقضاء على جيش كامل أعد شبكة أنفاق ضخمة وترسانة كبيرة من الأسلحة والصواريخ وبنية تحتية متينة، في إشارة إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس.

وهاجم الكاتب في مقال بذات الصحيفة عددا من الجنرالات المتقاعدين الذين يظهرون على شاشات التلفاز الإسرائيلية بوصفهم محللين عسكريين وخبراء إستراتيجيين. قائلا إن كثيرا منهم ينتقدون الوضع الحالي بشكل يبرئهم ذاتهم من أي أخطاء ارتكبوها سابقا.

وقد رأى أن أحد أبرز أخطائهم هو تأييدهم لخطة فك الارتباط (الانسحاب) مع قطاع غزة عام 2005 تحت ضربات المقاومة التي تعاظمت في السنوات الأخيرة.

وتابع: "فكثير منهم لا يزال مؤيدا لفك الارتباط مع غزة، بل وبعضهم شارك في تنفيذ هذه الخطة آنذاك".

ومبررهم الذي لا يزالون يرددونه هو أنه لولا فك الارتباط، لذبحت حماس جميع مستوطني غوش قطيف، البالغ عددهم آنذاك زهاء 8 آلاف إسرائيلي، وفق قوله. 

وتابع: "الحقيقة أنهم يتجاهلون نتيجة منطقية وبديهية للغاية؛ وهي أنه لو لم ننسحب، لما تمكنت حماس في السابع من أكتوبر، من تنظيم عملية معقدة كهذه من الأساس، وذلك بسبب الوجود الدائم للجيش الإسرائيلي".

ويقر أنهم -أي حماس والمقاومة-" كانوا بالفعل سيواصلون من وقت لآخر هجماتهم على القوات الإسرائيلية، وسيتمكنون بين الفينة والأخرى من إسقاط قتلى من الجيش أو من المستوطنين.

 لكنهم لن يكونوا أبدا -في تلك الحالة- قادرين على بناء جيش متكامل في قطاع غزة يضم عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين، وحفر مئات -إن لم يكن آلاف- الكيلومترات من الأنفاق تحت القطاع، وإطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل، وفق تقديره.

وأردف الكاتب أن "الجيش كان سيقوم -حال استمرار وجوده في القطاع- بجز العشب بشكل منهجي ومستمر ومطرد، ولن يكون مضطرا في تلك الحالة للانتظار حتى يتحول العشب إلى غابة كبيرة يتوجب عليه تدميرها بالكلية".

"لكن الحال هو أن الجيش مُنع من جز العشب بعدما أصبح القطاع خاليا من الإسرائيليين"، يقول الكاتب.

منع التدهور

وحتى بعد تنفيذ خطة فك الارتباط، يزعم حاجي سيجال أن "هناك ما كان ينبغي فعله بين لحظة (الانسحاب من غزة) وحتى السابع من أكتوبر، لمنع حدوث هذه الهجمات".

يقول إن "الصواب كان أن تذهب إسرائيل إلى حرب شاملة مع حماس، وألا تنتظر مثل هذا الهجوم عليها".

وأشار إلى أن "قليلين بيننا اقترحوا هذا الأمر مرارا وتكرارا على مر السنين الماضية، لكن مستوى الاهتمام بهذه الأصوات كان متدنيا للغاية".

ولفت إلى أن "أي حديث عن عودة إسرائيلية إلى قطاع غزة أو شن حرب على حماس كان يُنظر إليه في الفضاء العام على أنه وهم يميني متطرف، حتى إن الجيش نفسه عارض مثل هذه الأحاديث، وتبعه في ذلك القيادة السياسية".

وذكر الكاتب الإسرائيلي ما أوردته لجنة فينوغراد (لجنة تقصي حقائق شكلتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي لتقييم أحداث المعركة في لبنان 2006) في تقريرها الصادر عام 2008.

وتوصلت اللجنة إلى استنتاج مفاده أن الجيش الإسرائيلي كان لديه "إحجام شبه سحري عن احتلال الأراضي".

ويقول سيجال: "بالرغم من أن هذا الاستنتاج كان متعلقا بحرب لبنان الثانية، فهو أيضا صالح للاستخدام أيضا في تقييم تعامل الجيش مع قطاع غزة".

وهنا أعاد الكاتب التذكير بما كتبه بعد نهاية العدوان على غزة عام 2014. حيث اقتبس بعض النصوص الواردة في مقاله المنشور في صحيفة "ماكور ريشون" أيضا، في 8 أغسطس/ آب 2014.

وقال آنذاك: "ليس لدى قيادتنا أي سبب للاحتفال". وعزا ذلك إلى أن "القيادة الإسرائيلية تدرك أنه -بمرور الوقت- سيكون من المستحيل الإطاحة بحركة حماس دون احتلال غزة، لكنها تخاف من هذه الفكرة".

"إرهاب نفسي"

وتابع: "هذا إرهاب نفسي. لسنوات عديدة كان هناك تحريض ضد فكرة السيطرة الإسرائيلية على القطاع، ولكن يصعب الآن التخلص من الفكرة".

وأردف: "لقد انغمس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه (وقتها) موشيه يعلون في هذا الخوف أيضا، واستمر تخويفهم لقيادة الجيش من إمكانية العودة إلى غزة، وذلك بالرغم من أنه ثبت الآن، بما لا يدع مجالا للشك، أن خطر (القطاع) علينا ونحن خارجها أكبر من خطرها ونحن داخلها". 

وأكمل: "وبالتالي فإن احتلال غزة -وهو أمر لا مفر من حدوثه في لحظة ما- سينتظر عملية أخرى أو اثنتين، وحين يحدث فحينها فقط سنكون قادرين على الاحتفال وإعلان النصر الحاسم".

وحول ردود الفعل على ما كتبه آنذاك، هو وغيره من الداعين لهذه الفكرة، قال إن "الجمهور الإسرائيلي أيضا اعترض، ورفضت الغالبية العظمى توصياتنا بضرورة سرعة تفكيك حماس".

وأرجع ذلك إلى رفضهم "دفع الثمن البشري والمادي الباهظ لمثل هذه المهمة العسكرية".

ووفقا له، تبع الجمهور الإسرائيلي الصحفيين والكتاب والمعلقين الذين كانوا يدعون إلى ضبط النفس في الجنوب، وطالبوا بشدة بعدم خوض حرب شاملة.

ويقول سيجال: "من السهل تخمين ما كان سيكتبه هؤلاء ويقولونه لو أن حكومة اليمين بقيادة نتنياهو شنت حربا وقائية استباقية ضد حماس في السادس من أكتوبر 2023".

"لكن بعد أن بدأت حماس الحرب، يزعمون الآن بسخرية أن الخطأ الفادح وأصل كل الشرور هو موافقة نتنياهو على تحويل الأموال القطرية إلى الحركة بغزة"، يستدرك الكاتب اليميني.

ورأى أن "هذا رأي حيك بسرعة لإلقاء المسؤولية التاريخية عن الكارثة على كتف اليمين الإسرائيلي، الذي كان حذرا في وقت سابق من مخاطر الهروب من غزة وفك الارتباط معها".

ومن ثم حاول سيجال قلب الدفة للهجوم على اليسار كذلك، حيث ذكّر بأن "جميع الحكومات الإسرائيلية الأخيرة -يمينها ويسارها- سمحت بتغذية حماس بالأموال القطرية".

ففي عهد نتنياهو ووزير الخارجية والدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان، ذهبت الأموال في شكل حقائب لمسؤولي القطاع، وفي عهد رئيسي الوزراء السابقين نفتالي بينيت ويائير لابيد، ذهبت أيضا بشكل أكثر أناقة.

وأضاف: "بينيت ولابيد أطلقا مبادرة دخول العمال الغزيين إلى إسرائيل، وأكمل نتنياهو أيضا هذا المسار، وكأنه يتوق إلى تعزيز حماس من أجل إضعاف السلطة الفلسطينية وإفشال حل الدولتين. وقد تبنى لابيد وغانتس نفس السياسة تجاه غزة".

وبناء على ما سبق، "لا يمكن القول إن هذه السياسات كانت بحق سياسة تيار يميني أو يساري، لكن أنتجتها الإكراهات المرتبطة بتراجعاتنا في اتفاق أوسلو (19993) وفك الارتباط".

واستدرك: "صحيح أن الانقسام الفلسطيني بين غزة والضفة الغربية خدم بشكل غير مباشر حجج الردة اليمينية في حل الدولتين. ولكن لم يكن ذلك السبب الرئيس الذي دفع نتنياهو إلى قبول تحويل الأموال إلى حماس أو استجلاب العمال من القطاع".

وفي ذلك إشارة إلى أن الخطأ الرئيس كان التراجع وإبرام اتفاقات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية والخروج من قطاع غزة.

واختتم: "ينبغي أن يركز اليسار حاليا على التفكير في تحقيق النصر في هذه المعركة، بدلا من محاولة تغيير الماضي عبثا".