يقاتلون بغزة ويستجمون في دبي.. لماذا يختار جنود الاحتلال الإمارات للترفيه؟

داود علي | 2 months ago

12

طباعة

مشاركة

لماذا يختار جنود الاحتلال الإسرائيلي دولة الإمارات تحديدا من أجل الاستجمام بعد ممارستهم عمليات القتل والإبادة في قطاع غزة؟

سؤال طرحه ناشطون بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن حل الجندي الإسرائيلي "إيال هشكار" في مدينة دبي الإماراتية.

ونشر هشكار عبر حسابه في “إنستغرام” مطلع سبتمبر/أيلول 2024، مجموعة صور له وهو يتناول عشاء فاخرا وفي خلفيته جزيرة “نخلة جميرا” في دبي. 

قبلها بأيام معدودة، نشر “هشكار” صورا عبر نفس المنصة، وهو يخوض معاركه في قطاع غزة المنكوب، ويتجول بين البيوت والشوارع المهدمة.

وهو ما فتح باب التساؤلات عن أسباب اختيار جنود الاحتلال الإمارات تحديدا كوجهة لهم في هذا التوقيت، دونا عن مختلف مدن العالم؟

برنامج ترفيهي

فسر هذا موقع "الإمارات ليكس" المعارض، خلال تقرير في 5 سبتمبر، تحدث فيه عن برنامج ترفيهي توفره الحكومة الإماراتية بقيادة رئيس الدولة محمد بن زايد، لجنود الاحتلال.

وذلك بناء على اتفاق مسبق عقدته الحكومة الإماراتية مع نظيرتها الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، المتهم الأول بارتكاب جرائم حرب في غزة. 

ونقل "الإمارات ليكس" عن ناشطين إسرائيليين بمواقع التواصل الاجتماعي، أن سلطات الإمارات وفرت برامج ترفيهية خاصة لجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي. 

ومنهم المشاركون في العدوان على قطاع غزة والمتورطون بارتكاب أبشع المجازر والجرائم الدموية بحق الشعب الفلسطيني.

وكشف الموقع الإماراتي المعارض عن تنسيق بين وزارة الجيش الإسرائيلي ولجنة حكومية إماراتية لتنظيم زيارات منتظمة لجنود الاحتلال إلى الإمارات من أجل قضاء إجازات ترفيهية قبل العودة للقتال في غزة.

وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني، أوردت وكالة "شمس نيوز" الفلسطينية، المزيد من التفاصيل، عندما أوضحت أن برامج الترفيه الإماراتي ضمت دفعات من جنود الجيش الذين قاتلوا لفترات طويلة في غزة.

وبينت أن البرنامج يشمل قضاء الإجازة أو فترة النقاهة الخاصة بهم في دبي وإبعادهم عن أجواء التوتر والتصعيد سواء على ساحة غزة أو الحدود مع لبنان.

وبحسب الوكالة الفلسطينية، فإن أكثر من 5 آلاف جندي إسرائيلي استفادوا من امتيازات قضاء إجازة في دبي خلال الشهرين الماضيين (يوليو/ تموز - أغسطس/ آب) بفضل البرنامج الإماراتي الذي تتكفل أبوظبي بتمويله بشكل كامل.

ولم يتوقف الطيران بين الإمارات وإسرائيل على الرغم من عدوان الأخيرة المدمر على غزة، كما يفضل الإسرائيليون مدينة دبي للاستجمام مع تخوفهم من زيارة دول أخرى حول العالم خوفا من تعرضهم لهجمات، في ضوء التوتر بين تل أبيب وطهران. 

دعم بلا حدود

كما تحدثت صحيفة "لكسبريس" الفرنسية، عن “الدعم السري والمتعدد” الذي تقدمه الإمارات لإسرائيل في مواجهة حركة المقاومة الإسلامية حماس، وفي عدوانها على غزة بشكل عام. 

وذكرت الصحيفة الفرنسية في 29 نوفمبر 2023، أن الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، كان أول زعيم عربي اتصل بنتنياهو بعد هجمات "طوفان الأقصى"، وأنه أول من أدان تصرفات حركة المقاومة الفلسطينية. 

وأتبعت أن الأكثر أهمية من ذلك يتمثل عندما ذهبت الإمارات إلى حد منع فرض أي عقوبات مشتركة على إسرائيل خلال القمة العربية الإسلامية الاستثنائية، التي عقدت في الرياض في 11 نوفمبر.

وذلك على الرغم من الضغوط التي مارسها جيرانها لصالح فرض حصار كامل على الكيان الصهيوني، تحديدا (قطر - تركيا - مصر - إيران - ماليزيا).

واستشهدت الصحيفة برأي مدير الأبحاث في منتدى السياسة الإسرائيلية في نيويورك “مايكل كوبلو”.

وقال الأخير: "لم يكن ذلك مفاجئا.. إذا كانت هناك دولة واحدة في المنطقة ستقف إلى جانب إسرائيل لأطول فترة ممكنة، فهي الإمارات".

وأتبع: “يرتبط ذلك أولا بوجود علاقات اقتصادية وعسكرية قوية للغاية بين هذين البلدين.

والسبب الثاني أن هناك تاريخا من العلاقات السيئة بين الإمارات والسلطة الفلسطينية، ومن الواضح أن أبوظبي لا تدعم حماس بل تعمل على تدميرها".

نقطة تجمع 

ومع ذلك لم تكن التسريبات الفاضحة عن علاقة الإمارات بالجيش الإسرائيلي جديدة في خضم الحرب الدائرة غير المسبوقة. 

ففي 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وبعد أيام قليلة من بداية العدوان على غزة، فضحت صحيفة "الوطن" العربية الصادرة من الولايات المتحدة، دور الإمارات في دعم جيش الاحتلال. 

وأوردت أن مطار دبي تحول إلى نقطة لتجميع جنود الاحتياط الإسرائيليين المتواجدين في دول آسيا، والذين عليهم الانضمام إلى جيش الاحتلال للقتال في غزة في أسرع وقت ممكن. 

ونقلت "الوطن" وقتها عن صفحة "إسرائيل في دبي" على منصة إكس، أن منظمة إسرائيلية وبالتعاون مع القنصلية الإسرائيلية في دبي تعمل على إعادة جنود الاحتياط إلى الأراضي المحتلة بالتعاون مع شركة طيران "يسرائير".

وفي إعلان آخر، كشفت الصفحة أن القنصلية العامة لإسرائيل في دبي وبالتعاون مع السلطات الإماراتية ساعدت حوالي 220 ضابطا وجنديا إسرائيليا للعودة إلى الكيان، للانضمام إلى المجهود الحربي في عدوان إسرائيل على غزة.

كذلك كشفت أن القنصلية والسفارة الإسرائيليتين في دبي ساعدتا حوالي 300 جندي احتياطي للوصول لإسرائيل. 

إضافة للمساعدة في توصيل حزم المساعدات والتبرعات الضخمة إلى قوات جيش الاحتلال نيابة عن الجالية اليهودية الكبيرة في دبي.

وفي 7 سبتمبر 2024، تحدثت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن دور ابن زايد في بناء العلاقات مع "إسرائيل" بدءا بالتطبيع، مرورا بتوقيع عشرات الاتفاقيات المشتركة.

بالمقابل استشهدت بانتهاجه سياسة قاسية جدا ضد الإسلاميين، الذين وصفتهم بـ "عدوه الأول". 

وقالت الصحيفة إن الحرب لم تؤثر على العلاقات بين "إسرائيل" والإمارات، بل يرى ابن زايد فيها فرصة للدخول بشكل أكبر إلى غزة.

وذلك إضافة إلى توسيع النفوذ هناك بمساعدة "إسرائيل" التي تشترك مع حليفتها الجديدة في مناصبة العداء لحركة حماس.

اتفاقيات عسكرية

ويأتي الحديث عن البرنامج الترفيهي في خضم وجود اتفاقيات عسكرية ودفاعية متقدمة بين الحكومتين اللتين طبعتا العلاقات عام 2020.

ففي 29 أبريل/ نيسان 2024، كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية أن طائرات شحن ضخمة تابعة لسلاح الجو الإماراتي هبطت في إسرائيل مرات عدة خلال أسبوعين.

وأوضحت الصحيفة العبرية أن سبب هذه الرحلات هو نقل معدات أمنية وعسكرية بموجب اتفاق دفاع مشترك وقعه الجانبان في الآونة الأخيرة.

وأكملت أن 8 طائرات شحن ثقيلة من طراز "سي-17 غلوب ماستر" (C-17 Globemaster) وجميعها تتبع لسلاح الجو الإماراتي حطت في مطار "نيفاتيم" العسكري الإسرائيلي في صحراء النقب، وكانت كل منها تقلع بعد ساعة من هبوطها.

وكشفت الصحيفة العبرية واسعة الانتشار أن المسؤول عن الصادرات العسكرية والأمنية في وزارة الجيش الإسرائيلية أعلن أن قيمة الصادرات العسكرية الإسرائيلية خلال عام 2022 بلغت 11.2 مليار دولار.

وأتبع أن 7 بالمئة منها كانت لدول عربية طبعت العلاقات مع إسرائيل تحت اسم اتفاقات أبراهام، في إشارة إلى الإمارات والبحرين والمغرب. 

وهناك حادثة ترسم بوضوح طبيعة خصوصية الإمارات وحكومتها عند إسرائيل تتمثل بالتحاق ضابط طيران برتبة عقيد في الجيش الإماراتي، بكلية الأمن القومي الإسرائيلية.

وأعلن عن الأمر في 27 يونيو/حزيران 2022، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ جيش الاحتلال، وفق ما أعلنته الإذاعة العامة الإسرائيلية الرسمية (كان).

وذكرت الإذاعة العبرية، أن الضابط الإماراتي باشر مشواره الدراسي وتعليمه في كلية الأمن القومي الإسرائيلية، بعد مصادقة المستويات العليا في بلاده، وفي مقدمتهم رئيس الإمارات محمد بن زايد.

ويدرس في الكلية سنويا نحو عشرات الطلاب والطالبات من دول أجنبية، بينها الولايات المتحدة وألمانيا والهند وإيطاليا وبريطانيا واليونان، لكن كانت هذه أول مرة يدرس فيها طالب من دولة عربية وإسلامية.