"إيران ومليشياتها بالمنطقة لن تدخل حربا مباشرة مع إسرائيل".. ما الأسباب؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

تدور تساؤلات عن مدى إمكانية دخول إيران في حرب مباشرة مع إسرائيل على إثر معركة "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

واستبعدت صحيفة إيطالية دخول إيران في صراع مباشر مع إسرائيل نتيجة عدوانها على قطاع غزة المحاصر لعدة أسباب منها خشيتها من أن ذلك قد يؤدي إلى إضعاف ما يسمى "محور المقاومة" ووكلائها في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله اللبناني.

في الأثناء، قصفت الولايات المتحدة في 26 من أكتوبر منشأتين في شرق سوريا تستخدمهما جماعات مسلحة تدعمها إيران، وفق المخابرات الأميركية.

 يأتي ذلك ردا على إطلاق صواريخ وهجمات بطائرات مسيرة على قواعد أميركية في العراق وسوريا تسببت في سقوط أكثر من 20 جريحا دون أن تخلف قتلى.

 وقد تضاعفت هجمات الجماعات المقربة من إيران في الأسابيع الأخيرة أي منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى سواء ضد إسرائيل أو ضد القواعد العسكرية الأميركية.

محور المقاومة

وقالت صحيفة "إيل بوست" الإيطالية إن الدور الذي تلعبه إيران في "الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس" مسألة مهمة نوقشت كثيراً.

خصوصا وأن إيران تدعم وتسلح وتتحكم جزئيًا في عدد من المليشيات المسلحة في العديد من دول الشرق الأوسط، لبنان وسوريا والعراق واليمن.

وتشكل هذه الجماعات إلى جانب حركة حماس، ما يطلق عليه "محور المقاومة" المناهض لإسرائيل والولايات المتحدة. 

وقد اندلعت اشتباكات في الأيام الأخيرة على الحدود بين إسرائيل ولبنان حيث يتمركز حزب الله الشيعي.

كما تعرض الكيان المحتل لهجوم صاروخي من سوريا حيث لا يزال ينشط حزب الله وردت بقصف مطاري دمشق وحلب في أكثر من مناسبة.

بدورها، أطلقت مليشيا الحوثي الشيعية اليمنية المدعومة من إيران صواريخ باليستية متوسطة المدى وطائرات بدون طيار ضد إسرائيل اعترضتها البحرية الأميركية. 

كذلك تعرضت القوات الأميركية المتمركزة في العراق لهجمات نفذتها المليشيات الشيعية النشطة في البلاد.

من جانبه، حذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أكثر من مرة من "اتساع جبهات الحرب" وتنفيذ "ضربات استباقية". 

تقرأ الصحيفة الإيطالية هذا التصريح بأنه لا يعد إعلان حرب بل تهديد بأن إيران قادرة على حشد شبكة كبيرة من الحلفاء والجماعات المسلحة في جميع أنحاء الشرق الأوسط ضد إسرائيل والولايات المتحدة.

لكنها ترى بأنه ليس من المؤكد ما إذا كانت مستعدة إيران حقاً للدخول في صراع مسلح مباشر.

ولمحاولة فهم الدور الذي يمكن أن تلعبه إيران في الحرب بين إسرائيل وحماس، من الضروري بحسب الصحيفة، تحليل العلاقات بينها و بين "المليشيات" التي تسلحها وتدعمها.

وكذلك الكيفية التي جرى من خلالها تشكيل "محور المقاومة الذي استخدمه النظام الإيراني على مر السنين لتحقيق أهدافه في جميع أنحاء المنطقة". 

أبرز الوكلاء

تاريخيا، لم تشارك إيران بشكل مباشر في أي حرب على مدى 35 عاما أي منذ انتهاء حرب الخليج الأولى التي استمرت من عام 1980 إلى 1988. 

إلا أنها لعبت على مدى عقود من الزمن وبكثافة أكبر في السنوات الأخيرة، دوراً في العديد من الصراعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وذلك على غرار الحروب في سوريا واليمن والصراعات العديدة بين إسرائيل ولبنان (آخرها عام 2006)، وحرب العراق ضد تنظيم الدولة، من خلال الوكلاء الذين دعمتهم ودربتهم.

كما سلحت مجموعات مسلحة في بلدان مختلفة في المنطقة على مدى سنوات بهدف تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية في الخارج دون الحاجة إلى الانخراط المباشر، تفسر الصحيفة الإيطالية.

يتشكل "محور المقاومة"من مجموعة من المليشيات الموجودة في بلدان مختلفة تعمل لصالح إيران أو تتوافق مصالحها بطريقة ما مع مصالح الأخيرة.

لعب قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني الذي اغتالته الولايات المتحدة عام 2020 في بغداد، دورا رئيسا في هذا المحور. 

أدرك سليماني أن "إيران كانت ضعيفة ومعزولة للغاية بحيث لا يمكنها ممارسة سياسة خارجية عدوانية بالشرق الأوسط بينما باستطاعتها دعم وتسليح مليشيات خارجية لتحقيق نتائج مهمة"، بحسب الصحيفة.

وأردفت: "حزب الله اللبناني، يُعد أشهر وأهم المليشيات التي تشكل تحالف محور المقاومة، وهو أكبر جيش غير حكومي في العالم".

تشكل في البداية كمليشيا شيعية في الثمانينيات، أثناء الغزو الإسرائيلي الثاني للبنان وقد حظي بدعم وتسليح وتدريب إيراني مما جعله فعليا ذراع طهران المسلح في الخارج. 

في عام 1985، أعلن الولاء للمرشد الأعلى الإيراني ومع مرور الوقت تولى أيضا دورا أساسيا في السياسة اللبنانية ويسيطر اليوم عسكريا على مناطق كبيرة من لبنان. 

وقدرت دراسة أجريت عام 2020 أن حزب الله لديه 20 ألف عنصر من المليشيات النشطة ونفس العدد من عناصر الاحتياط، وترسانة مماثلة لتلك التي يمتلكها أي جيش تقليدي تضم دبابات وطائرات بدون طيار وصواريخ وقذائف. 

على مدى العقد الماضي، تدخل عسكريا في سوريا لدعم الديكتاتور بشار الأسد، وقد خلق هذا رابطة قوية للغاية بين الأخير وإيران، على حد تعبير الصحيفة الإيطالية.

علاوة على ذلك، شارك حزب الله وغيره من المليشيات الشيعية المدربة محليًا في الحرب ضد تنظيم الدولة منذ عام 2014 مما أدى إلى زيادة النفوذ الإيراني على الحكومة العراقية.

وفي اليمن، تدخلت إيران بنفس الطريقة في الحرب حيث مولت مليشيا الحوثيين وسلحتها ضد الحكومة الشرعية.

حماس والحرب

وتقول الصحيفة: "ترتبط إيران منذ فترة طويلة بعلاقات وثيقة إلى حد ما مع حماس"، مشيرة إلى تقارير غير مؤكدة تفيد بأن طهران والجماعات المسلحة التابعة لها مثل حزب الله، نسقت مع المقاومة هجوم 7 أكتوبر، لكن الحركة قالت إن قرار المعركة فلسطيني حمساوي صرف.

ورغم هذا الارتباط، تؤكد حماس دائما على استقلالية قرارها وعدم قبولها للدعم المشروط، وهو ما شددت عليه بعد خروجها من سوريا عام 2012 بعد بدء الأسد حربا دموية ضد شعبه.

تلاحظ الصحيفة الإيطالية أن علاقة إيران بكل هذه الجماعات متنوعة ومعقدة للغاية، مبينة وجود اختلافات عديدة في مستوى السيطرة والتقارب. 

ونوهت بأن العلاقات مع حزب الله متينة تاريخياً، لافتة في نفس الوقت إلى أن قيادته لا تزال تتمتع بدرجة جيدة من الاستقلالية عن الحكومة الإيرانية.

فيما تبدو العلاقات مع حماس أكثر تعقيدا بكثير، وفق تحليل الصحيفة، ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الحركة الفلسطينية تعد جماعة سنية بينما يحكم إيران نظام شيعي.

وفي هذا السياق، يعتقد العديد من المحللين أن إيران وإسرائيل تخوضان منذ سنوات ما يشبه "حرب الظل"، حيث تستخدم طهران مليشيات موالية لها لمحاولة تطويق الاحتلال وممارسة الضغط العسكري عليه. 

 بينما يستهدف الاحتلال إيران على المستوى الدبلوماسي أي في المنظمات الدولية، والاقتصادي من خلال دعم العقوبات.

وكذلك على المستوى العسكري بواسطة تنفيذ اغتيالات مستهدفة غالبًا بمسيرات وضرب المنشآت المرتبطة بالبرنامج النووي أو استهداف نقل الأسلحة إلى المليشيات الموالية لها. 

جزمت إيل بوست أن تكثيف "محور المقاومة" من هجماته ضد إسرائيل والولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة، وخطاب التهديد المتزايد تجاه تل أبيب، لا يعني بالضرورة أن إيران مستعدة لخوض الحرب ولا للتضحية بأهم "وكلائها" مثل حزب الله في صراع قد يصبح خطيرا للغاية.

وترى أن هذا الخيار قد يعرضها لخطرين، الأول يتعلق باستقرارها الداخلي خصوصا وأن تورطها في حرب بالخارج قد يؤدي إلى إثارة الاحتجاجات في الداخل.  

في هذا الصدد، تذكر الصحيفة خروج مظاهرات عديدة في السنوات الأخيرة، نددت بالتزام السلطات المفرط بالخارج على حساب الاقتصاد الداخلي وتحسين الظروف المعيشية.

ويتمثل الخطر الثاني في احتمال أن تؤدي المواجهة ضد الكيان المحتل إلى القضاء على "محور المقاومة" أو إضعافه بشكل كبير.

وختمت بالتلميح إلى إمكانية أن تتقوض إستراتيجية استخدام "الوكلاء" لزيادة النفوذ بالشرق الأوسط في صورة تكبد حزب الله على وجه الخصوص خسائر كبيرة في حالة اندلاع حرب.

الكلمات المفتاحية