إساءة أم تجسيد للواقع؟.. دور الممثل العماني في "حياة الماعز" يثير الجدل

12

طباعة

مشاركة

جدل واسع أثاره الفنان العماني، طالب البلوشي، بأدائه دور البطولة في الفيلم الهندي "The GOAT Life" أو "حياة الماعز"، الذي يروي قصة حقيقية لعامل هندي يدعى "نجيب" تعرض لمعاناة أثناء رحلته إلى السعودية بحثا عن عمل عند كفيل سعودي.

وجسد البلوشي دور العامل الهندي الذي باع منزله ليحصل على تأشيرة عمل في إحدى الشركات داخل المملكة، وبمجرد وصوله إلى المطار اصطدم بكفيل سعودي “وهمي” حاد الطباع وعنيف المعاملة، اصطحبه في سيارة متهالكة في رحلة للصحراء وعاش حياة الجحيم.

الفيلم يسلط الضوء على فساد وفشل نظام الكفالة، عرض على منصة الأفلام الشهيرة "نتفلكس" في 19 يوليو/تموز 2024، وذلك بعد عرضه في دور العرض في 28 مارس/آذار 2024، وأصبح الأعلى مشاهدة، وتم حظره في دول مجلس التعاون الخليجي.

وتباينت ردود فعل الناشطين على منصة "إكس" حول دور البلوشي، بين الحفاوة به والثناء على أدائه والتعامل معه كممثل أدى دوره بإتقان بعيدا عن أي أبعاد أخرى يحملها العمل الفني، فيما اتجه آخرون لسب البلوشي وقذفه وكيل الشتائم وبرزت النعرات الطائفية.

واستحضروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #طالب_البلوشي، #حياة_الماعز، وغيرها مقطع فيديو قديما للبلوشي يسيء فيه للعمالة الوافدة، مستنكرين تناقض ذلك مع ما قدمه خلال الفيلم.

وأعرب ناشطون عن رفضهم أي إساءة للممثل العماني، مؤكدين أن الفيلم يجسد قصة واقعية تخص الاتجار بالبشر، بعيدا عن جنسية القائم بالعمل، وأن البلوشي مجرد ممثل أدى الدور حاله حال أي فنان عرض عليه عمل رآه يستحق الموافقة.

وفي حساب يحمل اسم الممثل العماني –لم يتأكد ملكيته للحساب-، عرض مقاطع فيديو للقاءات مع البلوشي اتهم فيها الذباب الإلكتروني بالوقوف وراء حملة للهجوم عليه، وأكد أنهم يستغلون الفيلم لمآرب أخرى، قائلا إنه "غير نادم على الدور أبدا".

وأوضح في تغريدة مكتوبة أن "حياة الماعز" رواية حقيقية كتبت قبل 25 سنة وترجمت إلى 25 لغة ولها رواج وانتشار في تلك الفترة، وقضية الكفيل ليست جديدة وليست سهلة.

وأضاف: "دوري أنا كما كان مكتوبا وطلب مني أكثر من ذلك، لكن أنا خففت وهناك مشاهد تم إزالتها من المخرج نفسه"، مؤكدا أن هذا العمل بني على رسالة يجب أن تصل للآخر ورسالة هذا الفيلم هو الكفيل.

هجوم واستياء

وهجوما على البلوشي، تساءل فالح بن صقر: “لماذا في الآونة الأخيرة ظهر علينا من الحبيبة عمان أناس يسيئون لنا ولبلادنا وهم في الأمس أطيب أهل الخليج وبيننا وبينهم روابط دينية (غير مذهبية) ورابط العروبة ورابط الجيرة وبلادهم ملاذنا في الصيف؟”

ورأى أن "ما يحدث من حولنا من تجييش للمذهبية وجعل المرجعية من قم والنجف والقول في العلن ما كان يقال في السر الدافع للنيل من الجارة الكبرى معقل الإسلام والمقدسات الإسلامية تجسيدا لأجندات أخذت منحى التطرف فيما يدور من حولنا وأصبح أهل السنة والجماعة في نظرهم هدفا لتغليب العداوة".

وخاطب المغرد سهم، الفنان العماني قائلا: "يا البلوشي نعرف أنفسنا جيدا كسعوديين،  والحمدلله وأننا أحفاد الصحابة والرسل نحن شعب لا نظلم أحدا ولا نعتدي على أحد، هذه صفاتنا لأننا عرب لسنا أنذالا ولا قليلين الشيمة والمروءة، فينا نخوة مع كل العالم وليس فينا خبث كغيرنا".

وعرض مقطع فيديو لسعودي يعلن تكفله بزواج العاملين معه، وأخرى لجنود سعوديين يأكلون ويشربون مع العمال، قائلا: "تفضل هذه أفعالنا".

وقال جار الله، إنه لم يجد مسوغا أو مبررا هادفا لهذا الفيلم، إلا أنه عمل فقط مجرّد للإساءة للعرب والخليجيين وللسعودية خاصة، وعدها سقطة كبيرة وقد تكون متعمدة من الممثل العماني طالب البلوشي ومن طلب منه القيام بهذا الدور.

وحث علي عوض، العرب ألا يستخفوا بفيلم حياة الماعز، ورآه مُغْرضا إلى أبعد الحدود ولا يستهدف قيادات السعودية فحسب، بل يستهدف القيادة والشعب السعودي والعرب أجمعين  بنبلهم وأخلاقهم وإنسانيتهم.

وقال: "طالب البلوشي من أصول باكستانية للعلم، ويجب عدم السكوت عن أعمال كهذه مغرضة رخيصة تنخر في جسد أمة العرب".

دفاع وإشادة

ودفاعا عن البلوشي واستنكارا للحملة المناهضة له، أوضح العقيد المعارض رابح العنزي، أن "هناك حملة إعلامية سعودية شرسة ضد الفنان العماني القدير الذي أدى دور البدوي السعودي اللئيم والظالم في فيلم حياة الماعز".

وتمنى أن "لا يتهور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ويصدر أمرا بقتله واغتياله على غرار ما فعلته الحكومة السعودية مع الفنانة ذكرى التونسية عندما اغتالتها في مصر".

وقال صاحب حساب "كويتي حر، إن الفنان العماني جسد دور الكفيل الظالم في فيلم حياة الماعز وهذا النموذج موجود في كل الخليج ليس فقط في السعودية، مشيرا إلى أن الفنان "لم يتعرض للسعودية".

واستنكر هجوم السعوديين على الفنان العماني وعده "ظلما كبيرا"، مذكرا بأن قناة العربية وشاهد وروتانا أنتجوا مليون فيلم عن دول عربية وأجنبية.

وأكد محمود شاكر الفيلكاوي، أن قصة فيلم حياة الماعز ليست حالات فردية، بل كانت ظاهرة متفشية في كل دول الخليج وليست بالسعودية فقط، وأسهمت القوانين في الحد منها في الآونة الأخيرة، ساخرا بالقول: "بدل محاربتها ومعالجتها.. سويتوها مؤامرة وتمويل خارجي".

وقال أحد المغردين، إنه فيلم هندي تحول إلى هوليودي، مؤكدا أن قصة نجيب المستعبد بالسعودية أعطته "تأثيرا إنسانيا وتعاطفا عالميا".

وأشاد بأداء الفنان البلوشي وأبطال الفيلم، ووصفه بـ"الخرافي"، لافتا إلى أن الفيلم حقق انتشارا واسعا حول العالم وهناك أنباء عن رصد جوائز الأوسكار العالمية لأفضل فيلم.

خاشقجي والبدون

وأعرب ناشطون عن أمنياتهم أن يقدم البلوشي أعمالا فنية تتضمن قصصا أخرى حقيقية وتسلط الضوء على قضايا مسكوت عنها، ومنها قضية البدون في دول الخليج، واغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وأثنى الأكاديمي شكري الهزَّيل، على البلوشي، ووصفه بأنه "ممثل رائع أدى دوره على أفضل حال".

وأكد أن الفيلم موضوعي وواقعي مستقى من قصة حقيقية حدثت عام 1992، وتمنى أن يلعب البلوشي دورا قادما تدور أحداثه حول فئة "البدون" في الخليج، مشيرا إلى أن السعودية غيض من فيض، وفي كثير أمور في العالم العربي آن الأوان لنبشها.

وقال الكاتب الصحفي سيد العبيدي، إنه بعد النجاح الكبير الذي حققه البلوشي في فيلم حياة الماعز هناك ترشيح ومطالبات قوية من صناع السينما العالمية في الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في فيلم عن حياة خاشقجي حيث من المرجح أن يجسد البلوشي شخصية خاشقجي.

وتمنى أحد المغردين من البلوشي أن يعمل فيلما عن اغتيال خاشقجي ورحلته الأخيرة في القنصلية ويكون عنوانه "المناشر في السفارة".

وكتب آخر: "حبذا لو قام الأخ العماني طالب البلوشي بعمل فيلم (المنشار في السفارة) يحكي عن قصة مقتل خاشقجي على يد فرقة النمر الوردي الذي قام ابن سلمان بإرسالهم إلى تركيا لتصفيته".

ونصح المغرد سعيد العمانيين بعدم الانجرار خلف المُشاكسات التي ليس لها طائل ولا فائدة، إلا خلق التحريض والفتن والشقاق بين الإخوة في دول الخليج، مؤكدا أنها مجرد تفاعل بسبب فيلم وسينتهي السجال بعد فترة وسيتم نسيانه، إيجابيا أو سلبيا، فالجميع له وجهة نظر مختلفة.