ياسين التميمي: الحوثيون آخر ورقة بيد إيران وواشنطن ستتخلص منهم قريبا (خاص)
خروج حزب الله من المعادلة دفع إيران لوضع إمكاناتها كافة في يد الحوثيين
أكد الباحث والكاتب اليمني ياسين التميمي أن واشنطن على وشك التخلص من ورقة الحوثيين التي لطالما استخدمتها إلى جانب إيران لوأد ثورات الربيع العربي.
وفي حوار مع صحيفة “الاستقلال”، رأى التميمي أن صواريخ الحوثيين ضد إسرائيل (نصرة لقطاع غزة) تمثل آخر محاولات إيران لإبقاء نفسها طرفاً مؤثراً في المشهد الإقليمي على الساحة حالياً.
وقال إن خروج حزب الله من المعادلة بعد التصعيد الأخير مع إسرائيل، دفع إيران لوضع إمكاناتها كافة بيد الحوثيين وهو ما سيعجل بتدميرهم؛ حيث إنه لا حاضنة للمشروع الشيعي الحوثي وسر بقائه التواطؤ الإقليمي والتدخل الخارجي.
وأضاف أن نجاح الثورة السورية يمثل إضعافا إستراتيجيا للقوى المعادية لنهضة أمتنا لاسيما إسرائيل وإيران، وأن نموذج سوريا حاضر بقوة في المشهد اليمني.
ولفت إلى أن سلوك الحوثيين الإجرامي بإعدام القادة الإصلاحيين ورافضي الانقلاب يفضح تخادمهم مع المشروع الأميركي في محاربة الحرية والديمقراطية في منطقتنا العربية.
وشدد على أن السعودية تتحكم بالمشهد اليمني وتحدد المآلات التي ينتهي إليها وهي في معظمها كارثية، مستهجنا “العبث الإماراتي غير المحتمل في اليمن” عبر تقسيم البلاد والاستثمار في بناء المليشيات.
وياسين التميمي كاتب صحفي وباحث سياسي يمني مقيم في إسطنبول، يحمل ليسانس آداب تاريخ من جامعة صنعاء ويعد أحد المعارضين لمليشيا الحوثي.
التصعيد مع إسرائيل
كيف ترى مستقبل اليمن جراء الضربات المتبادلة بين إسرائيل والحوثيين هذه الأيام؟
اليمن يقف على تغيرات دراماتيكية على صعيد المقاربة الجيوسياسية من قبل القوى المؤثرة في المشهد المحلي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية.
وقد تفضي هذه التغيرات إلى التخلص من ورقة الحوثيين التي كانت أميركا ولا تزال حتى الآن أحد اللاعبين الرئيسين بها، إلى جانب إيران.
أما التغير المحتمل في المقاربة فيعزى إلى حساسية الترمومتر الإسرائيلي للمخاطر، والذي تأخذه واشنطن في الحسبان، فتضع، كما يعمل الجميع، كل مقدراتها لحماية الأمن الإسرائيلي، على نحو ما نراه اليوم في غزة ولبنان.
والاشتباك المسلح بين الحوثيين وإسرائيل من الواضح أنه يجعل الخيارات مفتوحة بشأن التعامل المستقبلي مع الحوثيين الذين يظهرون في موقف المغامر عبر الاستمرار في المواجهة العسكرية على الرغم من سقوط الساحات الأكثر أهمية التي كان يستند إليها ما يسمى بحلف المقاومة.
كما أن الصواريخ التي يرسلها الحوثيون باتجاه فلسطين المحتلة، من الواضح أنها تمثل آخر المحاولات الإيرانية لإبقاء طهران طرفاً مؤثراً في المشهد الإقليمي.
وهذا إلى جانب الحرص على الخروج من هذا الاشتباك غير المكلف بالنسبة لإيران وحتى الحوثيين أنفسهم، بمكاسب من شأنها أن تبقي الحوثيون طرفا مؤثرا في الإقليم عبر الهيمنة على جزء مهم من اليمن.
كيف يتأثر اليمن بانكسار شوكة حزب الله بسبب الضربات الإسرائيلية واضطراره لإبرام اتفاق لصالح العدو الصهيوني؟
لطالما كان حزب الله جزءا من معركة الحوثيين في اليمن، أرسل خبراءه وأسهم في إدارة المشهد العسكري وباشر عمليات واسعة لإسناد جماعة الحوثي، بالنظر إلى ما كان يمثله الحزب من ثقل ضمن محور الممانعة بقيادة إيران.
وما من شك أن خروج حزب الله من المعادلة شكل خسارة فادحة بالنسبة للحوثيين الذين استفادوا كثيراً من خبراته حتى في إدارة المعركة السياسية والإعلامية ووجود عدد كبير منهم في بيروت لهذا الغرض.
كانت إيران تعتمد على الحزب وتنوبه عنها في قيادة حلف الساحات، وكان الحزب يراهن على نجاحه في حسم المعركة في اليمن لصالح جماعة الحوثي.
لكن سقوط حزب الله وخروجه من المعادلة، دفع إيران إلى تقوية مركز الحوثيين، لإدراكها أن بعدهم عن إسرائيل سيصعب كثيراً من عملية القضاء عليهم بالكفاءة التي تحققت في لبنان.
ولعل ذلك من شأنه أن يسرع من استهداف الحوثيين ورفع الغطاء الأميركي عنهم على نحو ما نراه اليوم.
وعلى الرغم من توافر كل الإمكانيات لخوض مواجهة مسلحة ضد الحوثيين وهزيمتهم عبر خصومهم المحليين، فإن انخراط واشنطن في ضربهم وتطوير أهدافها في المناطق التي يسيطرون عليها تنذر بالفعل بخسائر فادحة قد تنتهي بخروجهم مع المعادلة اليمنية.
التأثير السوري
ما انعكاسات نجاح فصائل السورية في تحرير سوريا على الحالة اليمنية؟
ما من شك أن تحرير سوريا من نظام الأسد المجرم يمثل مكسباً مهماً للسوريين وللعرب جميعاً ومن بينهم اليمنيون، ويزداد هذا التأثير ويكتسب أبعاداً خاصة في بلدان الربيع العربي.
وتتحقق مكاسب الحدث السوري بطريقة مباشرة، عبر الإضعاف الإستراتيجي للقوى المعادية للمشروع النهضوي في منطقتنا وفي مقدمتها إسرائيل وإيران، اللتين تتقاسمان هدف إضعاف المنطقة وتفكيكها وتمزيقها عبر الضرب الممنهج للمكون الأكثر أهمية للأمة.
أما التأثير غير المباشر للحدث السوري، فيتمثل في النموذج الناجح الذي قدمه الشعب السوري في إنهاء مأساته والإطاحة بالديكتاتور وإنهاء فترة سيئة من سطوة الميلشيات العابرة للحدود، التي عاثت في الأرض فساداً وأحدثت جروحاً عميقة في وحدة الشعب وسلامه الاجتماعي.
وهذا النموذج هو الذي يحضر بقوة في المشهد اليمني، حيث يترقب معظم الشعب حدوثه، مع توافر كل الإمكانيات لتطبيقه ونجاحه.
كما أنه يضع الدول التي تصادر القرار الوطني باليمن أمام مسؤولية إنهاء مأساة البلاد وعدم الاكتفاء بإدارتها على هذا النحو الذي أنتج فشلاً لا يمكن للشعب مواصلة احتمالات تداعياته على وحدة البلاد واقتصادها وعلى قدرة المجتمع على تحمل الأعباء المعيشية الثقيلة.
هل يمكن أن يعطي ما حدث في سوريا أملا للغالبية السنية في اليمن للتخلص من سيطرة الحوثي؟
الحوثي ليس قوة عصية على الهزيمة، فقد جرت تقويته عمداً ومنحت له كل إمكانيات الدولة اليمنية، لكن لا حاضنة للمشروع الشيعي الحوثي.
والمانع الوحيد الذي يحول دون هزيمته منذ ما قبل عشر سنوات هو التدخل الخارجي والتواطؤ الإقليمي.
وأيضا التواطؤ الذي تورط فيه قادة في الشرعية أنفسهم وعلى رأسهم الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي.
الوضع الداخلي
ما حقيقة الملاحقات والإعدامات التي ينفذها الحوثيون بحق قادة حزب التجمع اليمني للإصلاح في مختلف المدن اليمنية؟
هذا الأمر ليس جديداً، فالحوثيين باشروا منذ دخولهم صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014 ملاحقة قيادات وكوادر التجمع اليمني للإصلاح والقيادات والناشطين من التيارات المناهضة للانقلاب والزج بهم في السجون وممارسة أبشع أنواع التعذيب بحقهم.
حتى إن مسؤول لجنة الأسرى في هذه الجماعة عبد القادر المرتضى تولى عمليات التعذيب بنفسه بحق الناشطين والإعلاميين المستقلين والحزبيين.
وقد فضح هذا السلوك الإجرامي، الجانب الخفي في تخادم هذه الجماعة مع الولايات المتحدة وبعض بلدان الإقليم، التي أظهرت حساسية مفرطة تجاه ثورات الربيع العربي والإسلاميين.
حتى إن التحركات المعلنة التي أظهرت الحوثيين، وهم في الأساس جماعة إرهابية طائفية مقيتة، في حالة مواجهة مع ما يطلق عليها "التنظيمات المتشددة" لم تكن سوى غطاء دعائي للهدف الحقيقي وهو تجريف البيئة السياسية اليمنية من النشاط الحزبي ومن التأثير السياسي للإسلاميين.
ويدرك اليمنيون أنهم أمام مخطط وقح لاستهداف دولتهم تتورط فيه دول في تحالف لطالما ادعى أنه جاء لدعم الشرعية.
كل شيء تقريباً مكشوف ومستهجن من قبل الشعب اليمني، الذي لم تفت من إرادته الاستهدافات الممنهجة ولم ولن يفقد الأمل في قدرته على إفشال هذه المخططات.
كيف تصف الواقع الاقتصادي والاجتماعي في اليمن خلال الفترة الحالية؟
الواقع الاقتصادي سيئ للغاية، فهناك تراجع حاد في سعر العملة الوطنية، تسبب في موجة تضخم قضت على القدرة المالية المحدودة أصلاً للشعب اليمني واتسع بسببها حجم الفقر في البلاد وحاجة الملايين إلى المساعدة المباشرة.
وهناك توقف شبه كلي لتوظيف الموارد السيادية وفي مقدمتها تصدير النفط والغاز الطبيعي المسال، مما أوصل البلاد إلى مرحلة العجز عن سداد المرتبات، والتي جرى تأمينها من خلال وديعة سعودية جديدة، ستضاف إلى قائمة ديون المملكة على اليمن.
وأيضا هناك انقسام نقدي، حيث يوجد سعران للعملة الوطنية في كل من مناطق سيطرة الحوثيين ومناطق سيطرة الشرعية.
هذا التفاوت تسبب في تعقيدات كثيرة خصوصاً أن الحوثيين اعتمدوا العملة الورقية القديمة، ورفضوا تداول العملة الجديدة.
وهناك صعوبة في تحريك الأموال بسبب التفاوت في سعر الريال وبسبب الكلفة الباهظة التي يفرضها الحوثيون على تحويل الأموال من مناطق الشرعية إلى المناطق التي يسيطرون عليها حيث توجد الكتلة السكانية الأكبر في البلاد.
التدخل السعودي الإماراتي
ما موقف السعودية من الوضع الحالي في اليمن وحجم دعمها للحكومة الشرعية؟
السعودية هي المتحكم الرئيس بالمشهد اليمني، والمؤثر في المآلات التي انتهى إليها اليمن وهي في معظمها كارثية.
واليوم هي ليست طرفا خارجيا يؤثر عن بعد، بل يستأثر بالقرار السيادي، ويسهم بشكل كامل في هندسة المشهد اليمني وإنتاج الخيارات السياسية والاقتصادية.
ومنها الإطاحة بالرئيس هادي وتعيين مجلسي قيادة رئاسي من ثمانية أعضاء، وتصميم اتفاق الرياض الذي مكن الانفصاليين من السيطرة على العاصمة السياسية المؤقتة عدن، في مقابل سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء.
وهي التي تدعم البنك المركزي اليمني وميزانية النفقات التشغيلية وتدعم فاتورة الواردات الرئيسة.
وهي التي تمتلك مفاتيح التسوية السياسية، وتتحمل مسؤولية إخراج اليمن من مأزقه بعد هذه الكلف الباهظة التي دفعها اليمنيون.
إلى أين وصل النفوذ الإماراتي في اليمن وخاصة في ملف محاولتها السيطرة على مقدرات البلاد خاصة في جزيرة سقطرى؟
الإمارات استطاعت أن تؤثر بعمق في الانقسام الحاصل في بنية السلطة الشرعية، واستثمرت بسخاء في بناء مليشيات سياسية وعسكرية خصوصاً في جنوب وغرب البلاد.
ودعمت وتدعم بواسطة هذه المليشيات مشروع الانفصال، وهو وصفة لتفكيك الدولة اليمنية والإطاحة بسلطتها الشرعية، وتفكيك المنظومة المدنية والحزبية والنظام الديمقراطي في البلاد.
كما أن الإمارات لا تخفي أطماعها في سلخ محافظة أرخبيل سقطرى، وسلكت طرقاً عديدة للمضي في هذا الاتجاه، خصوصاً بعد أن أطاحت تحت أنظار القوات السعودية الموجودة في الأرخبيل بالسلطة المحلية المناوئة للنشاط الإماراتي.
وهي تدفع اليوم عناصر من السكان المحليين إلى تبني دعوات لضم سقطرى كإمارة ثامنة في الاتحاد الإماراتي.
إنه عبث إماراتي لا يحتمل، إذ تستغل أبوظبي بوقاحة ارتباك المشهد اليمني وضعف السلطة الشرعية في تصدير هذا العبث ومحاولة فرض إرادتها رغم إدراكها أن الشعب اليمني لن يسمح لها بهذا التطاول.