قبل نهاية 2025.. لماذا تسود توقعات باندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وإيران؟

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

توقعت صحيفة فارسية اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وإيران قبل نهاية عام 2025، وربما حتى في أواخر أغسطس/ آب 2025، وذلك لعدم تحقيق تل أبيب أهدافها من المواجهة الأولى.

وقالت صحيفة "ستاره صبح" الإيرانية: إن طهران تتوقع هذا الهجوم وتستعد له بالفعل، مع ترجيحات أن تكون الحرب الثانية مختلفة عن سابقتها التي استمرت 12 يوما في يونيو/حزيران 2025.

ففي الحرب الأولى، تبنت إيران إستراتيجية طويلة الأمد؛ حيث نظمت هجماتها الصاروخية بما يتناسب مع نمط حرب استنزاف. 

لكن في الجولة المقبلة، ترجح الصحيفة المقربة من الإصلاحيين أن تلجأ إيران إلى ضربات حاسمة منذ البداية، بهدف القضاء على أي تصور بإمكانية إخضاعها للهيمنة العسكرية الإسرائيلية، مما يعنى أن الحرب المقبلة ستكون أكثر دموية من سابقتها.

أما عن موقف الولايات المتحدة الأميركية، فترى أنه "في حال خضع الرئيس دونالد ترامب مجددا لضغوط إسرائيل وشارك في الحرب، فقد تجد واشنطن نفسها في مواجهة صراع شامل مع إيران، سيكون أكثر تعقيدا من حرب العراق".

توتر متصاعد 

وأشارت الصحيفة إلى أن "الحرب التي شنتها إسرائيل في يونيو لم تكن في جوهرها متعلقة فقط بالبرنامج النووي الإيراني، بل كان الهدف الأساسي منها إعادة رسم موازين القوى في الشرق الأوسط".

وعلى الرغم من إقرارها أن البرنامج النووي عنصر مهم، لكنها أكدت أنه لم يكن العامل الحاسم، على تقدير أن إسرائيل تسعى منذ أكثر من عقدين إلى دفع واشنطن لاتخاذ إجراء عسكري ضد إيران "بغية إضعافها وتحقيق توازن إقليمي لا تستطيع إنجازه منفردة".

وفي هذا السياق، ترى الصحيفة أن إسرائيل سعت من خلال هجماتها لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسة تتجاوز مجرد إضعاف البنية التحتية النووية الإيرانية.

تتمثل الأهداف في "جر واشنطن إلى صراع عسكري مباشر مع طهران وثانيا اغتيال قادتها، وأخيرا تحويل إيران إلى سوريا أو لبنان ثانية، وهما دولتان تستطيع إسرائيل قصفهما دون تدخل أميركي ودون عقاب".

واستدركت: "لكن من بين هذه الأهداف، تحقق واحد فقط (اغتيال القادة والعلماء النوويين) في انتصار جزئي لإسرائيل".

وأكدت أن "ترامب لم ينجح في محو البرنامج النووي الإيراني، ولم يؤخره بما يكفي ليُعتبر منتهيا".

وتضيف: "كان الهدف المثالي هو إشراك ترامب بالكامل في الحرب واستهداف القوات التقليدية الإيرانية وبنيتها الاقتصادية، لكن بينما يؤيد الرئيس الأميركي العمل العسكري السريع والحاسم، فإنه يخشى الحرب الشاملة".

لذلك، تعتقد الصحيفة أن ترامب "صمم إستراتيجيته لضرب المنشآت النووية الإيرانية بطريقة تمنع التصعيد، لا توسعه".

وترى أنه "بينما نجح في ذلك على المدى القصير، وهو ما أثار غضب إسرائيل، فقد سمح على المدى الطويل لتل أبيب بجره (ترامب) إلى دوامة من التوتر والتصعيد".

وأردفت: "كان رفض ترامب تجاوز حملة القصف المحدودة السبب الرئيس لموافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار".

فمع استمرار القتال، تكبدت إسرائيل خسائر كبيرة، إذ تضررت منظومتها الدفاعية الجوية، ونجحت الصواريخ الإيرانية في اختراقها بشكل ملحوظ، وفق الصحيفة.

وتقدر أن "إسرائيل كانت ستواصل القتال إذا تعهدت واشنطن بالانخراط الكامل في الحرب، لكن الحسابات تغيرت بعدما تبين أن ضربات ترامب كانت لمرة واحدة".

وأردفت: "نجحت إسرائيل في جر ترامب والولايات المتحدة إلى الحرب، لكنها فشلت في إبقائها في الميدان".

إخفاق واضح 

أما الهدفان الآخران، فترى الصحيفة أنهما "واجها إخفاقا واضحا، فعلى الرغم من نجاحات استخباراتية أولية، شملت اغتيال 30 قائدا بارزا و19 عالما نوويا، لم تتمكن إسرائيل من تعطيل منظومة القيادة والسيطرة في إيران سوى لساعات قليلة".

وتابعت: "خلال 18 ساعة فقط، أعادت إيران تنظيم صفوفها وشنت هجوما صاروخيا مكثفا، أظهر قدرتها على امتصاص الخسائر والرد بقوة".

وأضافت: "كما سعت إسرائيل إلى زرع الرعب داخل صفوف القيادة الإيرانية عبر تهديدات مباشرة".

إذ "اتصل عملاء موساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) يتحدثون الفارسية ببعض المسؤولين وهددوهم بقتلهم وقتل عائلاتهم إن لم يتبرؤوا علنا من النظام، لكن لم تظهر أي مؤشرات على خضوع أي قائد لهذه التهديدات، وبقي تماسك النظام قائما"، وفق الصحيفة.

علاوة على ذلك، تعتقد أنه "بخلاف توقعات تل أبيب، لم تؤدِّ عمليات الاغتيال إلى احتجاجات داخلية أو انتفاضة شعبية، بل على العكس، وحدت الإيرانيين على اختلاف توجهاتهم السياسية تحت راية وطنية واحدة، وأشعلت موجة من المشاعر القومية".

واستطردت: فشلت تل أبيب في استغلال حالة السخط الشعبي تجاه الحكومة الإيرانية، وبعد نحو عامين من ارتكاب جرائم في غزة، وشن هجوم مفاجئ على إيران خلال مفاوضات نووية، لم يبق سوى شريحة صغيرة من الإيرانيين -معظمهم في الشتات- ينظرون إلى إسرائيل بإيجابية.

وعلى النقيض، تعتقد أنه "بدلا من تقويض إسرائيل شرعية النظام الإيراني، عززت هجماته رواية النظام على المستوى الداخلي".

فبدلا من توجيه اللوم له بسبب استثماراته في البرنامج النووي والصواريخ وشبكة الحلفاء الإقليميين، عبر كثير من الإيرانيين عن غضبهم لأن هذه الأدوات الردعية لم تكن كافية.

ونقلت الصحيفة عن فنان إيراني قوله: "كنت من الذين يهتفون في التظاهرات مطالبين بعدم إرسال أموالنا إلى لبنان أو فلسطين، لكنني الآن أدرك أن القنابل التي تواجهنا واحدة، وإذا لم يكن لدينا دفاع قوي في المنطقة كلها، فستأتي الحرب إلينا".

لم تفلح إسرائيل كذلك في تحويل إيران إلى سوريا ثانية أو ضمان تفوق جوي مستقل عن الدعم الأميركي.

وأردفت الصحيفة: "رغم سيطرتها على الأجواء الإيرانية خلال الحرب، لم تتمكن إسرائيل من العمل بحرية مطلقة، إذ كبدتها الصواريخ الإيرانية خسائر فادحة".

وجادلت أنه لولا الدعم الأميركي الكبير -بما في ذلك استخدام ربع مخزون واشنطن من منظومة الدفاع الصاروخي ثاد خلال 12 يوما فقط- لربما لم تتمكن إسرائيل من مواصلة الحرب.

وتقدر الصحيفة أنه "سواء قررت إيران استئناف تخصيب اليورانيوم أم لا، فإن إسرائيل مصممة على منعها من استغلال الوقت لإعادة ملء مخزونها الصاروخي، أو إعادة بناء دفاعاتها الجوية، أو نشر أنظمة متطورة".

هذا المنطق "يشكل جوهر إستراتيجية قص العشب الإسرائيلية، التي تقوم على توجيه ضربات وقائية متكررة لمنع تطور القدرات التي قد تهدد التفوق العسكري الإسرائيلي".

إعادة تقييم 

وبالتالي، تتوقع الصحيفة أن "أي محاولة إيرانية لإعادة بناء قوتها العسكرية تمنح إسرائيل دافعا لتوجيه ضربة مبكرة".

فضلا عن ذلك، نوهت إلى أن "الحسابات السياسية للهجوم تصبح أكثر تعقيدا مع دخول الولايات المتحدة موسم انتخاباتها النصفية (خريف 2026)، ما يزيد من احتمالية وقوع الهجوم خلال الأشهر المقبلة، وهذا بالضبط ما تسعى القيادة الإيرانية إلى تفاديه".

ولتفكيك أي أوهام حول جدوى إستراتيجية قص العشب، رجحت الصحيفة الفارسية أن "ترد إيران في بداية الحرب المقبلة بضربة قوية وسريعة".

في هذا السياق، أشارت إلى ما كتبه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على منصة إكس أخيرا: "إذا تكررت الاعتداءات، فلن نتردد في الرد بشكل أكثر حسما وبطريقة يستحيل التعتيم عليها".

وعقبت على حديث عراقجي قائلة: "يعتقد القادة الإيرانيون أن تكلفة الهجوم يجب أن تكون باهظة لإسرائيل، وإلا فإنها ستواصل استنزاف القدرات الصاروخية الإيرانية تدريجيا، مما يترك البلاد في حالة من العجز الدفاعي".

وبالرغم من أن مواجهة الـ 12 يوما انتهت دون حسم واضح، تعتقد الصحيفة أن نتائج الحرب المقبلة ستعتمد على الطرف الذي يتعلم أكثر ويتحرك أسرع.

في هذا الصدد، تساءلت عن “قدرة إسرائيل على تأمين منظوماتها الاعتراضية بوتيرة أسرع من إعادة إيران بناء منصات إطلاقها ومخزونها الصاروخي؟”

كما تساءلت عما “إذا كان الموساد لا يزال يحتفظ بوجود عميق داخل إيران، أم أنه استنزف معظم موارده خلال محاولات إسقاط النظام بالحرب؟”

وواصلت تساؤلاتها قائلة: “هل اكتسبت إيران خبرة أكبر في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية، أم أن إسرائيل نجحت في سد ثغراتها؟”

وفي تعقيبها، تقدر الصحيفة المقربة من الإصلاحيين أنه "حتى الآن، لا يستطيع أي من الطرفين الإجابة عن هذه الأسئلة بثقة".

وبسبب هذا الغموض، تتوقع أن "تعيد طهران النظر في موقفها النووي، خاصة وأن ركائز ردعها الأخرى مثل محور المقاومة والغموض النووي، لم تكن كافية".

من جانب آخر، تشير إلى أن "رد فعل ترامب على الحرب الثانية بين إسرائيل وإيران قد يكون حاسما، فهو لا يبدو راغبا بالتورط في صراع طويل الأمد".

وتابعت: "سياسيا، أثارت ضرباته الأولية انقسامات داخل حركة ماغا (تيار ترامب)، أما عسكريا، فقد كشفت الحرب عن ثغرات كبيرة في مخزون الصواريخ الاعتراضية الأميركية".

فقد استخدم ترامب وسلفه جو بايدن، جزءا كبيرا من منظومات الدفاع الجوي الأميركية في منطقة بلا أهمية إستراتيجية مباشرة للولايات المتحدة.

ومع ذلك، ترى الصحيفة أن "إعطاء ترامب الضوء الأخضر للضربة الأولى أوقعه في الفخ الإسرائيلي، ولا يُعرف ما إذا كان سيتمكن من الخروج منه، لاسيما إذا ظل مصرا على أن تكون نسبة التخصيب صفر كأساس لأي اتفاق مع إيران".

بناء عليه، تقدر أن "خيار التدخل المحدود لم يعد مطروحا، فإما أن ينخرط ترامب بالكامل في الحرب، أو ينسحب منها تماما".

"إلا أن الانسحاب التام لا يتحقق برفض واحد، بل يتطلب مقاومة مستمرة للضغوط الإسرائيلية وهو أمر لم يُظهر ترامب حتى الآن الإرادة أو القدرة على تحقيقه"، وفق تقديرها.