الدور على حمص.. المعارضة السورية تتقدم في حماة والأسد يرشو جيشه لعدم الهروب
"سقوط حماة يعني سقوط حمص بالضرورة"
سلط إعلاميون وكتاب وباحثون الضوء على التقدم الميداني الهائل لفصائل المعارضة السورية وبدء دخولها أحياء محافظة حماة (وسط) الإستراتيجية.
المعارضة السورية المسلحة أعلنت شنها هجوما على مدينة حماة من 3 محاور، عقب سيطرتها على بلدة خطاب الإستراتيجية في ريف حماة ومقر الفرقة 25، ووصولها إلى الأطراف الشرقية والغربية لمدينة حماة.
وسيطرت المعارضة المسلحة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2024، على عشرات القرى في حماة، عقب اشتباكات مع قوات النظام، منها الجيد، والكريم، وسروج، والسعن، والشيخ هلال، والمجدل، وتل بيجو، وسوبين، وزور الناصرية، وزور المسالق، والناعورة، والمباركات، ورسم البغل، وعويجة، والعيور، وكاسون الجبل.
وفي خضم التقدم الميداني لفصائل المعارضة وتكبيدها خسائر فادحة في صفوف جيش النظام، أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، مرسوما يقضي بزيادة رواتب العسكريين بنسبة 50 بالمئة.
وسخر ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #حماة_تتحرر، #حماة، #ردع_العدوان، وغيرها من زيادة رواتب عسكريي النظام، مشيدين بتطور قدرات فصائل المعارضة السورية، ومراكمة خبراتها العسكرية وتحسين خطابها السياسي.
وتوقع ناشطون أن الوقت لن يتأخر لسقوط كامل مدينة حماة بيد فصائل المعارضة السورية، موضحين أن دخول حماة يعنى دخول حمص بشكل تلقائي وقطع الطريق بين الساحل ودمشق وقطع إمداد النظام، وبالتالي انهيار مليشياته خلال الأيام القادمة.
تفسيرات متنوعة
وعما يعنيه تقدم الفصائل السورية وأسبابه وتداعياته، أرجعت الصحفية صبا مدور، الشراسة التي تبديها بقايا قوات النظام والمليشيات الطائفية في الدفاع عن حماة لأنهم يعلمون علم اليقين أن سقوط حماة يعني سقوط حمص بالضرورة.
وأوضحت أن حمص ثالث أكبر مدينة سورية، وتحتاج لتغطيتها وتحصينها أضعاف أضعاف القوات المنهارة على أبواب حماة وهي غير متوفرة، لا سيما أن ثوار حمص على أهبة الاستعداد للالتحام بالثوار المتقدمين من جميع محاور القتال باتجاه حمص.
واتفق معها في الرأي وكيل وزارة العدل في الجمهورية اليمنية فيصل المجيدي، قائلا: "نعم، إستراتيجيا من المهم أن يواصل الثوار أبناء سوريا تحرير حماة وحمص وحتى دمشق، الآن والمليشيات الطائفية مرتبكة ويجب عدم تثبت الوضع حتى لا تسترد الأنفاس، إن لم يفعلوا ذلك في الخشية من الهجوم المرتد".
وأوضح أستاذ الأخلاق السياسية محمد المختار الشنقيطي، أن محافظة حماة هي بوابة الساحل السوري، وإذا اكتملت سيطرة الثوار عليها، فذلك يعني قطع رأس النظام في دمشق عن ذيله في الساحل.
وأكد أن حينها يصبح النظام في حكم الساقط، فإما أن يتفكك ويندثر أتباعه، أو يهرب قادته وينزاح أنصاره غربا، فيتحولون جيبا صغيرا على الساحل تحت حماية روسيا.
وقال الباحث حمدان الشهري، إن السيطرة على حماة لا يعني التوجه بعدها لحمص وحسب بل هو دحر لمليشيات طهران الإرهابية في هذه المناطق وإمساك بزمام العمليات العسكرية، في ظل احتمالات كبيرة لبدء تحرك في القلمون بريف دمشق وفي جنوب سوريا درعا والسويداء وفرض واقع عسكري جديد.
استبشار وتفاؤل
وإعرابا عن التفاؤل بتقدم فصائل المعارضة، أكد المراسل هادي العبدالله، أن فجر حماة اقترب، وحُريتها صارت أقرب بكثير مما نظن، موجها رسالة لأهل حماة وسلمية وكامل ريف حماة وإلى جنود الأسد: "كونوا على الموعد..".
ورأى أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، أن حماة في طريقها للسقوط بعد اشتباكات عنيفة وانسحاب قوات النظام أمام تقدم قوات المعارضة واختراق صفوف قوات النظام المترنحة والخاوية العزيمة والمعنويات وسيطرة المعارضة على جبل زين العابدين وانقطاع الاتصالات وشبكة الإنترنت، وسط اشتباكات عنيفة.
وعد ذلك بداية العد التنازلي لقطع الطرق والإمدادات وحصار النظام وعزل الساحل السوري وبيئة النظام، والتقدم نحو حمص في اختراق Blitzkrieg صادم للنظام ورعاته في دمشق منذ سقوط حلب دون أي مقاومة من قوات النظام المنسحبة.
وأعرب أحمد العيناوي، عن تفاؤله بحراك الثوار، قائلا إن "جوهرة النضال السوري مدينة حماة وبدأت قوات إدارة العمليات العسكرية في الاقتراب منها من عدة محاور".
ولفت إلى أن هذه المدينة التي رفضت منذ عام ١٩٦٣ سياسة الإذلال السياسي والعسكري وتعرضت في عام ١٩٨٢ لأبشع مجزرة بشرية قام بها نظام الأسد الإرهابي، مبشرا بأن ردع العدوان ستعيد البهجة لأهالي المدينة.
إشادة بالفصائل
من جانبه، مدح محمد عياش الكبيسي، أداء الثورة السورية في شتى الميادين؛ العسكرية والمدنية، مشيرا إلى أن كل كلمة محسوبة وكل خطوة مدروسة؛ حيث يفتحون البلاد، ويكسبون قلوب العباد.
وقال الناشط محمد خير كنجو، إن التكتيكات العسكرية التي اتبعها الثوار في معركة حماة تستحق التوقف عندها ودراستها، تكتيكات مذهلة، حاول النظام الإيقاع بهم في أكثر من مرة ولكنهم تنبهوا وكانوا يسبقون النظام بخطوة.
وأشار إلى أن النظام حاول إدخالهم مدينة حماة وحصارهم فيها البارحة، إلا أنهم انسحبوا من مداخلها وطبقوا خطة الكماشة عبر التقدم من الأطراف الشرقية والغربية وإجراء عملية التفاف لحصار القوات الموجود في جبل زين العابدين وقمحانة.
وأوضح كنجو، أن الثوار بذلك أجبروا القوات المتحصنة داخل المدينة الخروج إليهم على أطرافها بدلا من قتالهم داخلها، مؤكدا أن هناك الكثير يقال عن هذه المعركة الملحمية.
وقال المغرد عبدالله، إن "العمل الذي يقوم به ثوارنا في حماة احترافي ممتاز.. لم يدخلوا أحياء المدينة حتى لا يتسببوا بحمامات دم بسبب تحصن النظام داخلها".
وأضاف أن "الثوار مازالوا يقاتلون على الأحياء التي هي مدخل حماة والقتال مستمر بشدة لتطهير جبل زين العابدين، والنظام يستميت للدفاع عن الجبل لأنه درعه وحصنه ولكونه موقعا إستراتيجيا"، مؤكدا أن معركة حماة تتطلب الصبر والحكمة لتجنب إراقة الدماء البريئة.
وأكد المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والإستراتيجية رضوان زيادة، أن كل حشود الأسد لم تساعد في صد المعارضة من السيطرة على حماة فتوالى انهيار نقاطها العسكرية تباعا من رحبة الخطاب إلى مورك إلى مقر الفرقة 25 سيئة الصيت إلى اللواء 86 وأخيرا مدينة حماة.
وأوضح أن هذا يعني ببساطة أن المعارضة لديها الزخم الضروري والمالي للذهاب إلى عاصمة الثورة حمص وإعادة عقارب ساعتها إلى عام 2011 .
رشوة العسكريين
وعن قرار الأسد رفع رواتب العسكريين بنسبة 50 بالمئة، تساءل الكاتب حاسم الشمري: "لماذا لم يفكر بشار الأسد بزيادة رواتب العسكريين السوريين إلا بعد أن تيقن بأنه في دائرة الخطر؟"، مؤكدا أنها رشوة للجيش للحفاظ على النظام.
وعد أحد المغردين هذا القرار إعلانا مبدئيا للهزيمة ومحاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولرفع المعنويات، متسائلا: “وين هالزيادة عنهم من زمان؟”
وتهكم آخر على الزيادة التي أقرها الأسد للعسكريين قائلا: "يجب عليهم أن يأكلوا المعارضة بأسنانهم بعد هذه الزيادة".
وسخرت مغردة أخرى قائلة: "أسدهم يترنح".