تهديدات وهجمات.. من المسؤول عن التوتر بين رواندا والكونغو الديمقراطية؟

6 months ago

12

طباعة

مشاركة

يتواصل التوتر والعنف في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية جراء الهجمات والاشتباكات بين القوات المسلحة الكونغولية وحركة "23 مارس" المتمردة المتهمة بتلقي الدعم من رواندا.

آخر الهجمات كانت بواسطة قنبلة انفجرت داخل مخيم للنازحين قرب مدينة غوما عاصمة إقليم شمال كيفو في الثالث من مايو/أيار 2024، وقد أسفر عن سقوط تسعة قتلى بينهم أطفال وإصابة العشرات.

اتهامات متبادلة 

وقالت صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية إن الحادثة أثارت ردود فعل دولية منددة خاصة من قبل وزارة الخارجية الأميركية التي استنكرت الهجوم في بيان شديد اللهجة.

وقالت الوزارة إن الهجوم "نفذ من مواقع تسيطر عليها قوات الدفاع الرواندية وجماعة إم 23 المتمردة المدعومة من رواندا".

و"إم 23" هو الاسم المختصر لـ"حركة 23 مارس"، وهي إحدى الجماعات المسلحة المتمردة من عرقية التوتسي، تتهمها الكونغو بتلقي الدعم من رواندا وهو ما تنفيه الأخيرة باستمرار.

وقد نجحت هذه الجماعة منذ عودتها إلى الظهور عام 2021 في السيطرة على عدة أراضٍ شرقي الكونغو، وفق الصحيفة الإيطالية.

وجاء في بيان الإدانة الأميركي أن الولايات المتحدة "تشعر بقلق بالغ إزاء التوسع الأخير لقوات الدفاع الرواندية وحركة إم 23 في شرق الكونغو ما أدى إلى نزوح 2.5 مليون شخص".

وأضاف "من الضروري أن تحترم كل الدول سيادة بعضها البعض وسلامة أراضيها ومحاسبة كل الأطراف الفاعلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في النزاع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية".

من طرفها، ردت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية يولاند ماكولو على الاتهامات الأميركية ووصفتها بالسخيفة.

ونفت في منشور على منصة "إكس" أن تكون قوات الدفاع الرواندية وراء الهجوم وألقت بمسؤولية تنفيذه على "المليشيات التي يدعمها الجيش الكونغولي".

وقالت إن "قوات الدفاع الرواندية، وهي جيش محترف، لن تهاجم أبدًا مخيما للنازحين".

 واتهمت ماكولو "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا"، وهي جماعة مسلحة متمردة من الهوتو المعارضين لنفوذ التوتسي، بارتكاب هذا النوع من الفظائع.

وهذه الجماعة هي من آخر فصائل المتمردين الروانديين في الكونغو (الخارجة عن القانون ومليشيا وازاليندو (الوطنيون) المدعومة من القوات الكونغولية.

وتابعت أن "الموقف الذي اتخذته الحكومة الأميركية يثير تساؤلات جدية حول مصداقيتها كوسيط في المنطقة وينسف قدرتها على لعب دور بناء نحو الحل السلمي".

من جانبهم، أدان كل من الاتحاد الأوروبي وفرنسا ومجموعة تنمية الجنوب الإفريقي والاتحاد الإفريقي الهجمات على مخيمات النازحين ودعوا إلى احترام القانون الإنساني.

وكان المتحدث باسم الجيش الكونغولي اللفتنانت كولونيل ندجيكي كايكو، قد اتهم بشكل مباشر حركة إم 23 المتمردة بتنفيذ الهجوم على مخيم موغونغا للاجئين في شمال كيفو، مجددا الاتهامات بأن لها "صلات برواندا".

تلويح بالحرب

وذكرت صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية أن أكثر ردود الفعل الحادة والمثيرة للاهتمام على الهجوم لما لها من تأثير محتمل على مفاوضات السلام بين البلدين، جاءت على لسان الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي.

وعاد الرئيس الكونغولي لمهاجمة رواندا من باريس التي كان يزورها بالتزامن مع الهجوم على مخيمات النازحين.

واتهم المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالغموض وممارسة المعايير المزدوجة تجاه من وصفهم "بالغزاة" في إشارة إلى مليشيات إم 23 والقوات الرواندية التي تدعمها.

وقال في مقابلة مع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إن "جارتنا تنتهك أراضينا لنهب معادننا الأساسية وترويع سكاننا وهذا يحدث بسبب تقاعس المجتمع الدولي".

ودعا "فرنسا إلى استخدام نفوذها كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تماما مثل الصين أو الولايات المتحدة، لمعاقبة النظام الرواندي". 

وتساءل: "لماذا هذه المعايير المزدوجة؟ لماذا تفرض عقوبات على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا ولا تفرض على رواندا التي تهاجمنا منذ ثلاثين عاما؟ إنه أمر لا يمكن تفسيره".

ولوح باحتمال نشوب صراع مسلح مع رواندا قائلا: "بالطبع الحرب ممكنة، ولن أخفي ذلك عنكم". 

وأضاف "لكنني أريد تأجيل ذلك قدر الإمكان لأنني أفضل استثمار كل طاقتنا وثرواتنا في تنمية 145 منطقة في جمهورية الكونغو الديمقراطية بدلا من بذل جهود عسكرية".

ووصفت صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية تصريحات الرئيس الكونغولي، بالمثيرة للقلق. وتعتقد أن التلميحات بالحرب لا يمكن فصلها عن البيانات التي تفيد بارتفاع كبير في الإنفاق العسكري للكونغو.

وتجزم بأن مثل هذه التصريحات "لا تسهل بالتأكيد جهود وفدي البلدين اللذين سيجتمعان قريبا (خلال مايو 2024) في لواندا، عاصمة أنغولا، لمحاولة إيجاد أرضية تفاهم مشتركة لبدء حوار من أجل تحقيق السلام".

ومنذ عقود، تواصل أنغولا جهود الوساطة لتحقيق السلام بين البلدين وتركز بصفة خاصة على عقد لقاء مباشر بين الرئيس الكونغولي شيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي.

وكان الرئيس الأنغولي جواو لورينسو، وهو وسيط الاتحاد الإفريقي، قد استقبل في مارس/آذار 2024، الرئيس الرواندي في العاصمة لواندا.

وقد أعلن وزير الخارجية الأنغولي تيتي أنطونيو في تصريحات للصحافة عقب اللقاء أنه "جرى الاتفاق على أن يوافق الرئيس كاغامي على مقابلة نظيره تشيسيكيدي في موعد يحدده الوسيط".

بينما أكدت الرئاسة الرواندية على حسابها على منصة "إكس" أن "رؤساء الدول اتفقوا على التدابير الأساسية التي يتعين اتخاذها لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع".

قبل ذلك، أبدى رئيس الكونغو استعداده للموافقة من حيث المبدأ على لقاء نظيره الرواندي، وفقا لبيان صادر عن الخارجية الأنغولية في 27 فبراير/ شباط 2024.

هذا قبل أن يعود أخيرا إلى مهاجمة رواندا عقب الهجمات على مخيمات اللاجئين ويلمح إلى إمكانية نشوب حرب بين البلدين في ظل تواصل العنف والتوتر القائم على الحدود خاصة بسبب أنشطة حركة 23 مارس المتمردة.