مسلسل الانسحاب من الاتحاد الأوروبي يتواصل.. من يصبه الدور بعد بريطانيا؟
“من المستبعد أن تسير القارة العجوز في اتجاه تغيير سياستها على المدى القصير”
في ضوء التطورات الدولية الحاصلة، طفت على السطح توقعات بشأن مستقبل القارة العجوز، لا سيما مع تصاعد شعبية الأحزاب اليمنية في أوروبا، ووصولها إلى سدة الحكم في بعض الدول بالفعل.
ورأى موقع "روسيا اليوم" أن "مسألة تفكك الاتحاد الأوروبي باتت مسألة وقت لا أكثر"، مستشهدا بدعوة زعيم حزب "الوطنيين" الفرنسي فلوريان فيليبو، حل الاتحاد، بعد انتقادات أوروبية لزيارة رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان إلى موسكو.
كما ناقش العقبات التي تحول دون نجاح الأوروبيين في إنشاء حلف دفاعي أوروبي، خاصة بعد تصريح أورسولا فون دير لاين في خطابها عشية إعادة انتخابها رئيسة للمفوضية الأوروبية، اعتزامها "بناء اتحاد دفاعي أوروبي حقيقي".
كما تطرق الموقع إلى ما عده "حالة الفوضى" التي تعيشها أوروبا جراء دعمها لأوكرانيا، مشددا على أنه "لا سبيل لوقف التدهور الأوروبي إلا بوقف المسار العدائي ضد روسيا والصين"، الذي بات يهدد بـ"توتر وانفجار داخل الدول الأوروبية".
مهمة صعبة
وأبرز "روسيا اليوم" ما عده "تناقضا" في تصريحات ومواقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قائلا: "ذهب الزمن الذي كان يعلن فيه ماكرون الموت السريري لحلف شمال الأطلسي، لكنه أصبح ليس فقط داعما مخلصا للناتو، بل يسابق الزمن داعيا لإرسال القوات العسكرية إلى أوكرانيا لمحاربة روسيا".
وهاجم أيضا فعاليات أولمبياد باريس 2024 قائلا: "خلال فترة الأولمبياد، خف صوت ماكرون قليلا، لكن هناك قليل من الشك في أنه بعد انتهاء هذا الحدث المشين، الذي يتسم بالسياسة أكثر من الرياضة، ستعود الأمور إلى طبيعتها".
واحتفى الموقع الروسي بتصريح زعيم حزب "الوطنيين"، فيليبو، الذي هاجم فيه المسؤولين الأوروبيين، ونواب البرلمان الأوروبي، بعد دعوتهم لفرض عقوبات على الرئيس المجري أوربان، بسبب زيارته "السلمية" لموسكو.
ورأى أن تصريحات فيليبو المناهضة للاتحاد الأوروبي تجعله من "القلة العاقلة" في فرنسا، وقد كان السياسي الفرنسي كتب على صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي: "الاتحاد الأوروبي فقد عقله، يريد الحرب، دعونا ندمر الاتحاد الأوروبي!".
ويعتقد الموقع أن "هذه التصريحات ستزداد في المستقبل القريب، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات في الولايات المتحدة خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وما ستكون عليه السياسة الأوروبية لواشنطن بعد ذلك".
وسلط الضوء على تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال مراسم إعادة انتخابها مرة أخرى، التي قالت فيها إنها تنوي "بناء اتحاد دفاعي أوروبي حقيقي"، هذا بالإضافة إلى الناتو.
وانتقد الموقع تلك الخطة الأوروبية، ويرى أنها “غير واقعية” لعدة أسباب، حيث قال: "يجب أن نفهم أن بناء اتحاد دفاعي هو أمر مكلف للغاية، نظرا لعدم وجود قدرات كافية لإنتاج الأسلحة في أوروبا، وهذا يعني أنه يجب بناء مصانع جديدة، وهو أمر مكلف جدا وبطيء للغاية".
وأضاف: "في الوقت نفسه، يعاني اقتصاد الاتحاد الأوروبي حتى بدون سباق تسلح، من حالة ركود، وسيكون من الصعب جدا على السياسيين في معظم دول الاتحاد الأوروبي، تبرير تدهور نوعية حياة السكان بسبب الاستعداد لمواجهة (التهديد الروسي)".
واستطرد: "بالإضافة إلى ذلك، تنتمي الغالبية العظمى من الدول الأوروبية إلى الناتو، وسيكون من الصعب للغاية إقناع الناس بضرورة تكرار تحالف عسكري آخر بتكلفة باهظة".
من ناحية أخرى، يرى الموقع أن تفكك الاتحاد الأوروبي “يعد خيارا جيدا لمستقبل دول القارة”، قائلا: "لقد أظهرت بريطانيا لبقية دول الاتحاد، أن الخروج من الاتحاد لا يترتب عليه أي عواقب وخيمة، بل يمنح السيادة وفرص اتخاذ القرارات المتعلقة باقتصاد البلاد".
وأردف قائلا: "لذلك، فإن الخروج القادم من الاتحاد الأوروبي هو مجرد مسألة وقت".
انهيار مؤجل
وتساءل الموقع عن احتمالية أن تكون فرنسا أول دول القارة انسحابا من الاتحاد، إذ يرى أن "هذا الأمر ليس عملية فورية، ومن الواضح أن ماكرون لن يكون منشغلا بالخروج، وكل شيء يعتمد على من سيخلفه عام 2027، وخلال ثلاث سنوات يمكن أن يتغير كل شيء في العالم".
وتنبأ الموقع أن يكون مستقبل أوروبا قاتما، حيث يرى أنه "لا يوجد أدنى شك في أن استياء مواطني الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سيزداد".
وأرجع السبب في ذلك إلى كون "أوروبا تتبع سياسة معادية لروسيا، وتتبع مصالح الولايات المتحدة بشكل أعمى".
وأكمل: "لقد وضعت أوروبا نفسها في موقف فيه القرار معقد، حيث إن أي خطوة جديدة تؤدي فقط إلى تفاقم الوضع".
واستدرك الموقع قائلا: "وما يمكن أن يغير الوضع نحو اتجاه إيجابي بالنسبة لاستقرار ومستقبل أوروبا، هي روسيا"،
ولفت إلى أنه "يجب رفع جميع العقوبات عن موسكو، والاعتذار عن دعم النظام في أوكرانيا، وتعويض جميع الخسائر التي تكبدتها موسكو بسبب سياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية في السنوات الأخيرة".
ومدح الموقع ما وصفهم بـ"السياسيين الغرباء" أمثال الرئيس المجري أوربان، وزعيم حزب "الاتجاه-الديمقراطية الاجتماعية" السلوفاكي، إذ رأى أنهم “يفكرون في شعوبهم، وغير مصابين بفيروس رهاب الروس”، مرجحا وصولهم للسلطة خلال السنوات القادمة، عوضا عن "السياسيين التقليديين".
في المقابل، وجه سهام النقد للمسؤولين الأوروبيين، إذ رأى أنهم "بدلا من التعامل مع القضايا التي تهم الأوروبيين حقا، يتسابقون في من يبتكر أكثر العقوبات أصالة ضد روسيا، أو من سيهين الصين بأكثر الطرق تعقيدا، مما سيجعل التوتر يتصاعد، وينفجر في بعض الأماكن".
إلا أن الموقع استبعد أن تسير القارة العجوز في اتجاه تغيير سياستها على المدى القصير، إذ تحدث عن "امتلاك البرجوازيين الأوروبيين مخزونا كبيرا من الجمود والاسترخاء، ومن غير المرجح أن تصل الأمور في السنوات القادمة إلى الثورات المحافظة، أو حتى إلى الاضطرابات الجماعية، التي تهدد الاستقرار نسبيا، فالسياسيون الأوروبيون لا يزالون يجيدون تفريغ الغضب الشعبي دون أن يتضرروا".
ومن وجهة نظر الموقع، "يعد الاتحاد الأوروبي بمثابة الجهة، التي سيتم تعليق كل المشاكل عليها، عندما يصبح من الصعب كبح السخط الشعبي تجاه المسؤولين".
وأردف: "وكما في بريطانيا، سيبدؤون في التحضير للخروج بأقصى قدر من الإثارة".
وختتم الموقع حديثه بتعبيره عن "الحزن بعض الشيء، إذ كانت فكرة توحيد أوروبا سلميا جيدة".