هل تكتفي إسرائيل بـ"صورة النصر" وتنهي إبادة غزة؟.. صحيفة إسبانية تجيب

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

في وقت تتحسب فيه إسرائيل هجمات من “حزب الله” اللبناني وإيران ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية بطهران والقيادي العسكري البارز بحزب الله فؤاد شكر في بيروت، أكدت صحيفة إسبانية أن الشرق الأوسط تحول  إلى رقعة شطرنج مشتعلة.

وقالت صحيفة الباييس إن الشرق الأوسط وصل إلى أخطر لحظاته منذ بدء حرب الإبادة على غزة قبل عشرة أشهر. 

حرب مفتوحة

وبعد عمليتي اغتيال، واحدة في بيروت، اعترفت بها إسرائيل علنا، وأخرى في طهران، تحمل كل بصماتها؛ تفاقم احتمال التصعيد في المنطقة، بما في ذلك اندلاع حرب مفتوحة، وتحول من احتمال يخشاه المجتمع الدولي إلى خيار قاب قوسين أو أدنى.

وكان الاغتيال الأول لفؤاد شكر، الرجل الثاني في حزب الله، والذي زعمت إسرائيل أنه رد على الهجوم على بلدة مجدل شمس بهضبة الجولان السورية المحتلة.

وبعد يوم واحد، اكتملت في طهران عملية اغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن جريمة القتل هذه.

على الرغم من أن وزير دفاعها، يوآف غالانت، حذر بالفعل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 من أن "أيام كل قادة حماس أصبحت معدودة". 

من جهته، توعد المرشد الإيراني علي خامنئي، بـ "عقوبة قاسية"، وحذر حزب الله من أن "تصميم ومثابرة" مقاتليه سوف تزداد. 

وفي اليوم التالي أغلقت إسرائيل مجالها الجوي في الشمال، وألغت شركات الطيران الأميركية والبريطانية دلتا ويونايتد إيرلاينز والخطوط الجوية البريطانية رحلاتها إلى البلاد، وحثت واشنطن مواطنيها على عدم السفر إلى لبنان.

وبحسب مراسلين عسكريين إسرائيليين، فإن هناك نتيجتين متوقعتين: ستحاول حماس تنفيذ هجمات في الضفة الغربية وسيزيد حزب الله من نطاق عمليات القصف التي ينفذها. 

وقد ركزوا حتى الآن على شمال إسرائيل ومرتفعات الجولان، ومن المتوقع أن يكون هناك "انتقام مرحلي" قد يشمل هجمات من اليمن، البلد الذي قصفته إسرائيل للمرة الأولى هذا الشهر. 

وكان هذا القصف الأخير "واحدا من أبعد العمليات التي قام بها سلاح الجو الإسرائيلي" في تاريخه، بحسب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. 

وكانت طائرة مسيرة مفخخة أطلقتها مليشيا الحوثي قد قتلت في وقت سابق شخصا في تل أبيب. عموما، مثلت هذه التطورات تجاوزا رمزيا لخطين أحمرين جديدين، وهو أمر كان يعد قبل سنة مجرد خيال سياسي.

شلل سياسي

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن كل هذا يحدث في ظل غياب القوة العالمية الأولى، الولايات المتحدة، وانغماسها في جنونها الانتخابي. 

فمن ناحية، أطاح الحزب الديمقراطي بالرئيس جو بايدن، ويعاني من شلل سياسي بسبب خموله المؤيد لإسرائيل. 

ومن ناحية أخرى، يؤيد دونالد ترامب، المرشح الأوفر حظا في انتخابات نوفمبر، فكرة السماح لنتنياهو "بإكمال المهمة".

وأوضح أن هناك عدة أسباب تجعل هذا الأسبوع حساسا بشكل خاص. ويتمثل أحد هذه العوامل في التسلسل الهرمي. 

وتحديدا، يعد هنية أهم زعيم تقتله إسرائيل منذ بدء الحرب في غزة، وبشكل عام، خلال عقدين من الزمن. 

والأمر نفسه بالنسبة لحزب الله: فلم يسبق لإسرائيل أن كانت تهدف إلى تحقيق مثل هذا الهدف منذ اغتيال عماد مغنية على يد الموساد في عام 2008.

ويتمثل العامل الثاني في كون الوضع متوترا من ذي قبل. وعلى وجه الخصوص، سبق وأن اختارت إيران وإسرائيل إنهاء مواجهتهما غير المسبوقة في أبريل/ نيسان 2024 بالتعادل. 

كان ذلك عندما شنت طهران أول هجوم في تاريخها من أراضيها ضد أراضي الاحتلال، ولكن مع توخيها كل الاحتياطات، بحيث كانت رسالة أكثر من كونها تهديدا حقيقيا. 

والأهم، حدث ذلك عندما كان صوت بايدن لا يزال مسموعا لمنع نشوب حرب في الشرق الأوسط قبيل الانتخابات. وقبل كل شيء، قبل أن يحدث إذلال جديد لإيران.

ونقلت الصحيفة أن اغتيال هنية وشكر يظهر قدرة إسرائيل على التغلب على دفاعات أعدائها في قلب مناطقهم الأكثر تحصنا. 

إحداها هي الضاحية، ضاحية بيروت المزينة بأعلام حزب الله الصفراء والاحتفالات بهجوم السابع من أكتوبر وصور مغنية وحسن نصر الله، زعيم الجماعة اللبنانية. 

والأخرى، طهران، مع الإهانة الإضافية المتمثلة في تصفية ضيف في حفل الرئيس الجديد، مسعود بيزشكيان.

نقطة تحول

في هذا السياق، تنقل الصحيفة عن يوسي ميلمان، المحلل في صحيفة هآرتس قوله إن “كلتا العمليتين تظهر مدى جودة المعلومات الاستخبارية الدقيقة وقدرة المخابرات الإسرائيلية على اختراق حزب الله والطبقات الأمنية في طهران”. 

واستدرك بالقول: "لكن هل يمثلون منعطفا أو نقطة تحول؟ أنا أشك في ذلك. إنها تزيد فقط من خطر نشوب حرب إقليمية. وفي الإجمال، لا تملك إسرائيل إستراتيجية أو خطة خروج، وتحركها إجراءات تكتيكية". 

 ويصر ميلمان على أن عمليات الاغتيال المستهدفة، التي تتعارض مع القانون الدولي، لا معنى لها إلا كوسيلة، لكن إسرائيل حولتها إلى غاية في حد ذاتها دون أي فوائد إستراتيجية.

من جانبه، يعتقد المحلل الأميركي الإيراني، تريتا فارسي، أن عملية اغتيال هنية تمنح نتنياهو الآن "أسابيع، إن لم يكن أشهرا" دون إحراز تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار، التي كانت راكدة بالفعل. 

ويعرف نتنياهو أن انتهاء الحرب سيجبره على مواجهة صناديق الاقتراع مرة أخرى، ولكن هذه المرة مع صناديق الاقتراع ضده وثلاث تهم في المحكمة. 

كما أن المرشحة الديمقراطية الجديدة، كامالا هاريس، ألمحت ضمنا إلى أنها ستكون أقل تعاطفا معه.

ويعتقد فارسي أن الاغتيال ينهي إمكانية التقارب بين واشنطن وطهران، من خلال جر البيت الأبيض إلى حرب إقليمية واسعة النطاق لا يريدها ولا يحتاجها. 

وهو يحاصر هاريس، مما يخلق سياقا يؤدي فيه التحالف ضد عدو إستراتيجي مشترك إلى التغاضي عن الخلافات مع نتنياهو بشأن غزة.

ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن اغتيال هنية يمكن أن يتخذ منحى آخر، ويفتح احتمالا أكثر تفاؤلا. 

وبمعنى آخر، يمكن أن تعده إسرائيل أنه "صورة النصر"، كما تُعرف بالعامية السياسية الإسرائيلية. 

ورغم أنها لم تحقق اغتيال الرأس المطلوب، وهو يحيى السنوار، إلا أنها تمكنت من اغتيال الرجل الثاني في حماس، وغيره من الأسماء المهمة في المقاومة. 

وبهذا الشكل يمكن أن تخلق هذه الأحداث توازنا يصوره نتنياهو على أنه انتقام عادل لهجوم السابع من أكتوبر. لكن، يبقى التوازن هشا ويمكن كسره في أي وقت.