رغم النفي الرسمي.. هكذا وصلت آلاف الأسلحة من إسبانيا إلى إسرائيل

الوجهة النهائية لشحنات الأسلحة من إسبانيا كانت مطار بن غوريون
على الرغم من التضامن الشعبي الواسع في إسبانيا والتزام حكومة مدريد بدعم قطاع غزة ومبادراتها من أجل وقف الحرب، فإن هذا لم يمنع شركات الأسلحة في البلاد من إرسال كمّ هائل من المعدات العسكرية إلى إسرائيل عبر البلد الأوروبي.
وقد كشف تحقيق أجرته منظمات ذا بروغريسف وحركة الشباب الفلسطيني ولجنة أميركا لخدمات الأصدقاء، عن نقل الأسلحة والمواد العسكرية إلى إسرائيل، عبر مطار سرقسطة شمال شرق العاصمة مدريد، "منذ بداية الإبادة الجماعية في غزة".
وقالت صحيفة "الدياريو" الإسبانية: إن الوجهة النهائية لشحنات الأسلحة من هذا المنفذ الإسباني الجوي، كانت مطار بن غوريون في تل أبيب.
واستخدمت إسرائيل تلك الأسلحة على مدار 15 شهرا ضد سكان قطاع غزة منفذة عمليات إبادة جماعية وتدمير واسع للبنية التحتية.

60 ألف سلاح
وبينت أنه نقل عبر إسبانيا باتجاه إسرائيل أكثر من 60 ألف قطعة سلاح، إضافة إلى أجزاء وإكسسوارات للمدفعية وقاذفات الصواريخ/ القنابل والمدافع الرشاشة”. وقال محققون للصحيفة: إن "هذه الرحلات مستمرة حتى يومنا هذا".
وبحسب معلومات من الجمارك الإسرائيلية إلى جانب تتبع الرحلات الجوية، تكفلت بهذه الرحلات ست شركات طيران.
وهي الخطوط الجوية الأيسلندية أتلانتا أيسلنديك، وسكاي تاكسي البولندية، وماي فوريتير الأوزبكية، وناشيونال إير كارغو، وأتلاس إير، وتشالنج إير كارغو.
وتوجد تقارير بالفعل عن استئجار الولايات المتحدة الشركات الثلاث الأخيرة لنقل البضائع العسكرية إلى إسرائيل.
وجرى توثيق انطلاق مثل هذه الرحلات من قواعد جوية أميركية متعددة، بما في ذلك “سيغونيلا” في إيطاليا و"العديد" في قطر، وفق الصحيفة.
وكشفت أن تشالنج إير كارغو هي شركة طيران إسرائيلية بلجيكية نقلت متفجرات من الولايات المتحدة إلى إسرائيل، لصالح وزارة الجيش.
وتتخذ شركة ناشيونال إير كارغو من أورلاندو بولاية فلوريدا مقرا لها، وقد سبق أن قدمت خدمات لوجستية عسكرية للقوات الجوية الأميركية في العراق وأفغانستان.
ومن جهتها، تتخذ شركة أطلس إير من وايت بلينز، نيويورك، مقرا لها، وتعمل على تشغيل رحلات جوية عسكرية في جميع أنحاء العالم.
وقد تحصلت كل من شركة أطلس إير وناشيونال إير كارغو على عقد من قيادة النقل بالولايات المتحدة، التي تنسق الخدمات اللوجستية لوزارة الدفاع- لتنفيذ رحلات جوية دولية قصيرة وطويلة المدى.

تحليل البيانات
وأوردت الصحيفة أن الباحثين عملوا على تحليل بيانات الاستيراد "التي نشرتها سلطة الضرائب الإسرائيلية". وفي هذه الوثائق، لم يعثروا على معلومات حول "الجهة التي تسلّم إليها الشحنات".
ومع ذلك، فقد تمكنوا من التأكد من أن شركات تشالنج إير كارغو وأطلس إير وناشيونال إير كارغو تنقل عادة شحنات عسكرية إلى إسرائيل من نقاط أخرى، مثل بلجيكا والولايات المتحدة، مع التوقف في مدينة سرقسطة الإسبانية.
وأشارت الصحيفة إلى إحدى الرحلات المسجلة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 من قبل شركة سماي تاكسي تحمل رقم التسجيل أس بي-أم آر جي (SP-MRG).
وورد في بعض التقارير أنه "من الآن فصاعدا، سيتم حظر رحلات هذه الطائرة بحيث لا يمكن رؤيتها على رادار بوكس (أداة توفر معلومات عن الرحلات الجوية)"، مما سيجعل من الصعب للغاية تتبعها.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في وزارة الخارجية الإسبانية، أن الأخيرة لم تأذن بأي عبور للمواد العسكرية المتجهة إلى تل أبيب عبر المطارات الإسبانية، و"لم تسمح أيضا بمبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، مثلما أكدت الحكومة".
وأكدت مصادر في وزارة التجارة صحة هذه المعلومات، مشيرة إلى أن هذا النوع من التراخيص من اختصاص وزارة الخارجية، وأن هذه الأخير لم تعط الضوء الأخضر لأي عبور أو بيع من هذا النوع.
ومع ذلك، في الوثائق التي حللتها منظمات ذا بروغريسف وحركة الشباب الفلسطيني، هناك سجلات لما لا يقل عن 13 شحنة من سرقسطة إلى تل أبيب في الشهور، الأول والرابع والسادس والسابع والثامن والحادي عشر من عام 2024.
وهذه الشحنات كانت محملة بالمعدات العسكرية المذكورة، بقيمة تقريبية تفوق مليون و195 ألف يورو.
وهناك أيضا أدلة على رحلات مماثلة في مايو/أيار من العام 2024، وكذلك في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط لسنة 2025.

مطالبات بالشفافية
وبعد أن علمت منظمة العفو الدولية بهذا التقرير، طلبت من الحكومة الإسبانية توضيحا بشأن هذه الرحلات.
وتساءلت المنظمة عما إذا كانت رحلات ترانزيت من بلدان أخرى أو ما إذا كانت قد غادرت من سرقسطة وما إذا كانت تحتوي على أسلحة إسبانية، وفقا لما قاله لـ"الدياريو"، المتحدث باسم منظمة العفو الدولية في إسبانيا بشأن تجارة الأسلحة.
وفي مايو 2024، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، إن بلاده لن تسمح بمرور مواد عسكرية متجهة إلى إسرائيل عبر إسبانيا.
ومثلما كشفت "الدياريو" لاحقا، فمنذ ذلك الإعلان وحتى سبتمبر/أيلول 2024، مر ما لا يقل عن 25 سفينة تحمل مواد عسكرية أميركية لإسرائيل - وأعيد شحنها - في ميناء الجزيرة الخضراء الإسباني.
وبالمثل، كشف تحقيق آخر اطلعت عليه الصحيفة أخيرا أن الولايات المتحدة استخدمت القاعدة الإسبانية في روتا لنقل الأسلحة إلى إسرائيل في نوفمبر 2024، على الرغم من إعلان الحكومة الإسبانية أنها ستعلق عمليات العبور المماثلة.
ونقلت الصحيفة أن التحقيق كشف عن واردات وعقود جديدة لشراء الأسلحة لصالح شركات إسرائيلية في الربع الأخير من سنة 2024.
وردا على ذلك، أعلنت وزارتا الدفاع والداخلية الإسبانيتان أنهما ستشرعان في عملية إلغاء منح هذه العقود.
لكنهما لم تقدما معلومات أكثر تحديدا، لذلك لم يتسن التأكد بشكل تفصيلي من مدى هذا الإلغاء أو شروط بنوده.
وقد دفعت النتائج التي كُشف عنها منذ نوفمبر 2023 وحتى اليوم عدة مجموعات إلى مطالبة الحكومة الإسبانية بمزيد من المعلومات حول تجارة الأسلحة مع إسرائيل.
ويشير مركز ديلاس لدراسات السلام إلى أن التقرير السنوي بشأن صادرات الأسلحة لم ينشر بعد، على الرغم من أنه كان من المتوقع صدوره في ديسمبر 2024.
وكُشف منتصف فبراير 2025 أن المحكمة الوطنية الإسبانية رفضت طلب معلومات من عدة وزارات بشأن تراخيص التصدير والتراخيص الحالية لنقل المواد الدفاعية إلى إسرائيل، بناء على طلب الجالية الفلسطينية في كتالونيا.
وتقول حملة "أوقفوا تجارة الأسلحة مع إسرائيل": إن هذا القرار "يساعد الحكومة على إخفاء المعلومات".