جفاف وسوء تغذية.. المجاعة تتعمق في غزة والعرب يشاهدون

المصيبة الأكبر والأعظم أن يتسلط على العرب مشرقا ومغربا هذا النمط من الحكام
مع تواصل حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، برز حديث صحفيين وكتاب وناشطين على منصة إكس، عن تفاقم الكارثة الإنسانية وتوسع المجاعة وفقدان الأمن الغذائي، وسط خذلان عربي ونفاق غربي.
الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، أعلن في 6 مارس/أذار 2024، ارتفاع حصيلة شهداء سوء التغذية والجفاف في القطاع المحاصر إلى 20 شهيدا، بينهم 15 طفلا.
وقال إن "الحصيلة المعلنة تعكس ما يصل للمستشفيات فقط، ونعتقد أن العشرات يفارقون الحياة بصمت نتيجة المجاعة دون أن يصلوا للمستشفيات".
وأكد أن المجاعة شمال غزة وصلت إلى مستويات قاتلة وخاصة للأطفال والحوامل والمرضى المزمنين، مضيفا أنها "تتعمق وستحصد أرواح آلاف المواطنين إذا لم يتم وقف العدوان ودخول فوري للمساعدات الإنسانية والطبية".
وبدورها، طالبت جنوب إفريقيا محكمة العدل الدولية في لاهاي باتخاذ إجراءات طارئة إضافية ضد "إسرائيل" بسبب "المجاعة واسعة النطاق" التي تحدث نتيجة هجومها المدمر على القطاع، داعية لإصدار أمر بإجراءات جديدة دون عقد جلسة في ضوء الوضع شديد الاستعجال.
فيما قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في كلمته خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، التي أثارت موجة غضب واستياء واسع بين الناشطين، إن شعب قطاع غزة "يتعرض لإبادة جماعية، وعار على البشرية أن تقف مكتوفة الأيدي".
وتداول ناشطون على منصة إكس عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزه_تموت_جوعاً، #تجويع_غزة_جريمة_أمريكية، #شمال_غزة_يُجوّع، وغيرها، مقاطع فيديو توثق تعمق المجاعة في القطاع.
واستنكروا إمعان الاحتلال الإسرائيلي في قطع الإمدادات الغذائية والطبية والوقود والدواء عن غزة، لا سيما في شمال القطاع، منددين بخذلان الأنظمة العربية وصمتهم على تجويع الفلسطينيين بينما الغرب وحتى المستوطنون من أصول غربية يمنعون وصول المساعدات.
وسخر ناشطون من تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية التي تحدث فيها عن الإنسانية في الوقت الذي تعجز فيه دولته مصر المجاورة لغزة عن تقديم الدعم الكافي للفلسطينيين.
توثيق المعاناة
وتحت عنوان "جوعٌ حتى الموت!"، قال الصحفي لؤي حمدان، إن أهالي قطاع غزة الذين بقوا شمال القطاع طحنوا أعلاف الحيوانات ليصنعوا منها ما يسدّ جوعهم، مشيرا إلى أن "الأعلاف" نفذت مع استمرار الحرب، ولم يبق ما يؤكل.
ولفت إلى أن "إسرائيل" واصلت تجويع مئات الآلاف من الفلسطينيين في الشمال ومنعت إغاثتهم ووصلت المجاعة إلى "مستويات قاتلة".
وأوضح، أن المحاصرين بمدينة غزة أكلوا بعد نفاد الطحين والأرز والمعكرونة، (الذرة والشعير) بعد خلطهما ببعض للحصول على أرغفة خبز لسد جوع الأطفال الشديد، رغم صعوبة عجنهما وخبزهما.
وأكد الصحفي أنس الشريف، أن المشاهد الموجعة في شمال غزة لا تنتهي، عارضا مقطع فيديو لطفل وجده خلال تغطيته للأحداث يجمع بقايا البطاطا التي لا تصلح للأكل لعلها تسدُّ جوع أسرته!
وأضاف: "هؤلاء الأطفال كبروا على الوجع وتحملوا مسؤولية الحصول على الطعام لهم ولعوائلهم!".
وعرض الناشط السياسي عبدالله بن عبود الشريف، مقطع فيديو لسيدة فلسطينية تغالب دموعها وهي تتحدث عن المجاعة في شمال غزة جراء الحصار الإسرائيلي وقولها إن "أكل الحيوانات هو الأكل الوحيد المتوفر فقط في غزة الآن".
ونشر الأكاديمي جمال الملا، مقطع فيديو لامرأة فلسطينية من غزة تبكي عندما ترى الخبز بعد شهور من المجاعة.
وتحدث الباحث في التنمية البيئية تامر مازن، عن معاناته من الجفاف الشديد والإرهاق والأرق وألم شديد في المعدة والأمعاء منذ أيام كنتيجة مباشرة للحرب غير المسبوقة عليهم في شمال غزة قصفا وحصارا وتجويعا.
وقال: "نجوت من إصابة مباشرة قبل أيام، واليوم بالقرب من مسجد الصلاح بجباليا وبشارع يافا بمدينة غزة خلال عملي، بلُطفٍ من الله ورحمة".
المجاعة تتعمق
واستنكارا لتعمق المجاعة في غزة، دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي، كل من صمت وغض الطرف عن تجويع أهل غزة لمراجعة دينه وإسلامه.
وأشار الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، إلى أن كل الدول الغربية هرعت منذ الساعات الأولى لطوفان الأقصى لإسناد الكيان ولا تزال تدعمه في المجالات والميادين كافة، وبعد أن فعل ما فعل في غزة وجدت نفسها أنها مشاركة في جرائم الحرب التي يرتكبها خاصة القتل بالتجويع.
وأضاف أن الدول الغربية بدأت بعد ذلك تتحدث عن البعد الإنساني وبدأ البعض منها يرسل المساعدات بإسقاطها من الجو، بعضها ينزل في فلسطين المحتلة والقسم الآخر في البحر وما ينزل داخل غزة يذهب الجياع لالتقاط الفتات فيقوم الجيش الأسوأ اخلاقيا في العالم باستهدافهم.
وتابع الدويري: "لذا يكفي ضحك على الذقون لا بأرك الله بكم وبجهودكم، لكن ماذا أقول في الدول العربية والإسلامية التي تعهدت بكسر الحصار".
وقال نَاجِي بْن بَرِّيِّكَ الْيَافِعِيِّ: "ما أشبه (عام البون) بحصار غزة 2023-2024 وتجويع أهلها فقد امتد عام البون ما بين 1944 إلى 1945 والذي عانى من خلاله سكان المغرب من المجاعة والأوبئة نتيجة الجفاف وإجراءات فرضتها الحماية الفرنسية على توزيع وشراء المواد الغذائية الأساسية".
وأضاف أن "كل محتل يعيد إنتاج نفسه بصور وأساليب مختلفة تستهدف السكان الآمنين للضغط عليهم حتى يتخلوا عن دعم المقاومة ويستسلموا للأمر الواقع ويظلوا تحت حماية المحتل مغلوبين مسلوبي الإرادة لا حول لهم ولا قوة".
مستوطنون فرنسيون
وعرض الناشط السياسي خالد الجهني، مقطع فيديو يوثق منع المستوطنين الصهاينة شاحنات المساعدات القادمة من الأردن إلى شمال غزة من الدخول، وغلقهم الطريق أمامها بكل حرية ودون أن يمنعوا من اعتراض الشاحنات!؟!
وأشار إلى أن ذلك يحدث بينما تسهل 3 دول عربية مرور شاحنات البضائع عبر الجسر البري لصالح العدو الصهيوني ويمنع المواطنين من التظاهر ضدها.
وأوضحت الصحفية وجدان بوعبدالله، أن المستوطنين الذين قطعوا الطريق لمنع عبور شاحنات المساعدات إلى غزة فرنسيون يحملون الجنسية الإسرائيلية.
وقال المغرد ياسين: "الصهاينة أقذر ما انجبت البشرية هذا واضح، ولكن الفرنسيين منهم فاتوا النذالة والقذارة بمراحل".
وأكد أن فرنسيون يحملون الجنسية الإسرائيلية يدعمون الإبادة الجماعية و يقطعون الطريق لمنع عبور شاحنات تحمل مساعدات إلى سكان غزة.
استفزاز أبو الغيط
وإعرابا عن الغضب من تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية عما يحدث بغزة وعده عارا على البشرية، سخر الصحفي سليم عزوز، من أبو الغيط، قائلا: "سيبك من البشرية وكلمني عن نفسك".
ورد الكاتب ووزير خارجية تونس سابقا رفيق عبدالسلام، على أبو الغيط قائلا: "العيب الأكبر هو أن تقف الجامعة العربية التي بمثلها مكتوفة اليدين والرجلين أمام العدوان وتعجز عن تنفيذ القرارات التي اتخذتها قمتها وتكتفي بالسخط والتوجع".
وأضاف أن "العيب المضاعف أن يمتنع البلد المجاور لغزة ومقر الجامعة عن إدخال الطعام والماء والدواء لغزة بحجة أنه لا سلطة له على المعبر، فبدل أن ندين مفهوما مجردا ومعلقا في السماء اسمه (البشرية) يجب أن ندين أكثر شخص بلحمه وعظمه اسمه المكسيكي -في إشارة إلى رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي- بداية ونهاية".
وأكد عبدالسلام، أن المصيبة الأكبر والأعظم أن يتسلط على العرب مشرقا ومغربا، هذا النمط من الحكام الذين جمعوا بين الجهل والعجز والتواطؤ، والذين لا يفهمون قوانين التاريخ ولا قوانين الجغرافيا ولا أعراف السياسة والعلاقات الدولية.
وتهكم الكاتب أحمد سليمان العمري، على أبو الغيط، مؤكدا أن أول البشرية من الذين يقفون مكتوفي الأيدي، ويُسهمون مع الاحتلال هم دول الجوار والدول العربية بالمُجمل، فضلا عن أميركا والغرب جُلّه.
وكتب هيثم نبيل العياصرة: "لو أنا اللي حكيت ( شعب غزة يتعرض لإبادة جماعية، وعار على البشرية أن تقف مكتوفة الأيدي) بكون عادي ومقبول، بس لما يكون هذا تصريح أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية (لا سمح الله ) بكون الموضوع عيب وقلة حيا، هلكتوا سمانا تصريحات فارغة وتركتم دوركم في العمل".