غضب شعبي يتصاعد ومخاوف من عودة شبح مهسا أميني.. ماذا يحدث في إيران؟

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تزامنا مع تصاعد القلق داخل إيران من اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات، أطلقت السلطات حملة اعتقالات واسعة استهدفت نشطاء سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان.

وتقول قناة "دويتشه فيله" الألمانية التي تتبنى خطابا معاديا لإيران، إن "السلطات، التي لا تزال تواجه تبعات الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني عام 2022، تسعى إلى إخماد أي تحرك محتمل قبل أن يتحول إلى أزمة كبرى".

وتوضح أن الحملة لم تتوقف عند النشطاء المدنيين فقط، بل امتدت لتشمل قدامى المحاربين، مثل محمد باقر بختيار، الذي كان ضمن مجموعة من العسكريين السابقين نظموا احتجاجا صامتا أمام جامعة طهران.

وتتزايد المخاوف من أن هذه السياسات القمعية قد تؤدي إلى تفاقم الغضب الشعبي بدلا من احتوائه، خاصة مع استمرار التقارير عن القمع المفرط داخل السجون وغياب أي بوادر لحوار سياسي. 

الحجاب خط أحمر

تبدأ القناة الألمانية تقريرها بالإشارة إلى اعتقال الناشط الحقوقي رضا خندان مرة أخرى، موضحة أنه لا يُسمح له حتى بالاتصال بعائلته عبر الهاتف. 

جدير بالذكر أن الناشط الحقوقي هو زوج المحامية والمدافعة المعروفة عن حقوق الإنسان نسرين سوتوده.

وفي حديث لها مع "دويتشه فيله"، قالت سوتوده إن "الناشط اُعتقد قد عبر علنا قبل ست سنوات عن معارضته للحجاب الإلزامي".

وبعد إعرابها عن قلقها على زوجها، تنوه سوتوده إلى أن "السلطات القضائية لا تهدف فقط إلى ممارسة الضغط عليها من خلال اعتقاله، بل تسعى أيضا إلى توجيه تحذير لجميع المنتقدين". 

وقد حصلت زوجة المعتقل، التي نالت جائزة ساخاروف من الاتحاد الأوروبي عام 2012، على مدى أكثر من 25 عاما، على دور بارز في النضال من أجل حقوق الإنسان وحقوق المرأة في إيران، بحسب ما ورد عن القناة.

كما أنها تُعد من أبرز الأصوات في المجتمع المدني الإيراني.

أما زوجها، رضا خندان، الذي يعمل مصمما جرافيكيا، فقد وقف إلى جانبها لسنوات وكان نشطا في مجال حقوق الإنسان، وفقا للقناة الألمانية.

تجدر الإشارة هنا إلى أن رضا خندام صمم، في عام 2018، مع نشطاء آخرين شارات تحمل عبارة "أنا ضد فرض الحجاب".

ولهذا السبب، اُعتقل وحُكم عليه في عام 2019 بالسجن لمدة ست سنوات.

ولاحقًا، أُعلن رسميا عن إغلاق القضية، لكنه اعتُقل مرة أخرى في منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2024، بحسب ما ذكرته سوتوده.

ومن ناحية أخرى، تشير القناة إلى أن نسرين سوتوده نفسها كانت معتقلة بين عامي 2018 و2023 في سجن إيفين سيئ السمعة، بسبب دفاعها عن شابات احتججن علنا على فرض الحجاب الإلزامي. 

وفي ذلك الوقت، حُكم عليها بـ "السجن 38.5 عاما و148 جلدة".

ولكن نظرا لمعاناتها من اضطرابات في ضربات القلب وتدهور حالتها الصحية، حصلت على إفراج مؤقت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 لأسباب طبية.

ومع ذلك، تحذر القناة من "احتمالية اعتقالها مرة أخرى في أي لحظة".

وتأكيدا على حقيقة أنها "لا يردعها أي خوف"، تقول القناة إنه "في منتصف يناير/ كانون الثاني 2025، نشرت سوتوده، بالاشتراك مع العالمة الإسلامية والناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة، صديقه وسمقي، عريضة طالبتا فيها بإلغاء عقوبة الإعدام والحجاب الإلزامي، ووضع حد للعنف ضد النساء اللاتي يرفضن هذا الفرض". 

وأكدت العريضة أن “فرض الحجاب في إيران ليس مجرد قضية دينية، بل هو أداة سياسية لقمع النساء”، بحسب ادعاءات الصحيفة.

موجة قمع جديدة

مشيرة إلى الاحتجاجات التي عمت البلاد بعد وفاة مهسا أميني في سبتمبر/ أيلول 2022، تقول سوتوده، في حديثها مع "دويتشه فيله"، إن "النظام السياسي يخشى من اندلاع الاحتجاجات مجددا، لهذا السبب تحاول السلطة القضائية ترهيب النشطاء".

وهنا، تؤكد القناة أن الاحتجاجات آنذاك كانت قد قُمعت بوحشية، ولا تزال التقارير عن اعتقال نشطاء المجتمع المدني تتوالى بشكل شبه يومي حتى اليوم.

وفي 4 مارس/ آذار 2025، كتب المخرج الوثائقي الإيراني، بهمن داروشفائي، على حسابه في "إنستغرام" أن "الناشطة المدنية مرزية غفاري اعتُقلت في منتصف فبراير/ شباط 2025، وبعد 17 يوما من الحبس الانفرادي، نُقلت إلى جناح النساء في سجن "إيفين"".

وبحسب بهمن داروشفائي، فإن مرزية غفاري، وهي عضو في الجمعية الثقافية "سيزده آبان"، تعمل منذ 25 عاما بشكل تطوعي في جنوب طهران؛ حيث تركز جزءا من أنشطتها على دعم الأمهات الحوامل والأطفال. 

بالإضافة إلى ذلك، تذكر القناة الألمانية أنه في أواخر فبراير/ شباط 2025، اُعتقل علي عبدي، عالم الاجتماع والناشط البارز، ووُضع خلف القضبان. 

جدير بالذكر أن عبدي كان يعيش في الولايات المتحدة وتركزت أبحاثه على الحركات الاجتماعية والهجرة والتحولات السياسية. 

لكنه عاد إلى طهران عام 2023 لزيارة والدته، ليُعتقل بعدها ويُقدم للمحاكمة.

علاوة على ذلك، أواخر فبراير/ شباط 2025، أُعلن في مقطع فيديو أنه "حُكم عليه بالسجن 12 عاما، وكان من بين التهم الموجهة إليه تحليلاته حول احتجاجات 2009، التي كتبها قبل عشر سنوات".

الخوف من أي تجمع

في حديث له مع “دويتشه فيله”، أكد علي رضا بختیار أن "والده لا يزال خلف القضبان". 

وهنا، تبين القناة أن والده، محمد باقر بختیار، كان من بين مجموعة من قدامى المحاربين الذين نظموا، في منتصف فبراير/ شباط 2025، تجمعا احتجاجيا صامتا أمام جامعة طهران.

وكان هدف هذا التجمع، بحسب القناة، من بين أمور أخرى، المطالبة برفع الإقامة الجبرية عن مير حسين موسوي وزوجته زهرا رهنورد، اللذين وُضعا رهن الإقامة الجبرية منذ عام 2011 دون محاكمة.

ويُذكر أن موسوي، الذي كان في السابق رئيس وزراء الجمهورية الإسلامية، سقط من دائرة السلطة بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل عام 2009.

حيث انحاز حينها إلى صف المتظاهرين وانتقد علنا تزوير الانتخابات والعنف الذي مورس ضد المحتجين، بحسب ما ورد عن القناة.

وفي هذا الإطار، تذكر القناة أن "قدامى المحاربين الذين شاركوا في هذا التجمع كانوا من المقاتلين في الحرب الإيرانية-العراقية (1980-1988)، وهم يُعدون أبطالا في الخطاب الرسمي للنظام السياسي". 

مشيرة إلى أن "العديد منهم يعبرون منذ فترة طويلة عن استيائهم من تزايد القمع في المجتمع، خاصة العنف الوحشي ضد الاحتجاجات بعد وفاة مهسا أميني".

ويطالب هؤلاء المحاربون القدامى -بحسب القناة- بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين. 

ولذلك، تذهب القناة الألمانية إلى أن "استهداف هذه الفئة تحديدا بالقمع يظهر مدى خوف النظام من موجات احتجاج جديدة". 

وبالفعل، كما تؤكد القناة، قُمع تجمعهم في منتصف فبراير/ شباط 2024 بعنف شديد، واعتُقل المئات منهم، بمن فيهم محمد باقر بختيار.

وفي حديثه مع "دويتشه فيله"، قال ابنه: "والدي تلقى عدة تهديدات بالقتل بسبب مواقفه الناقدة للنظام السياسي".

ويضيف: "لقد دافع عن الوطن والشعب لمدة ثماني سنوات خلال الحرب، والآن يرى أن من واجبه التصدي لقمع المجتمع المدني".