مسرور البارزاني.. رئيس حكومة إقليم كردستان الذي يرفض البقاء ضمن العراق

يوسف العلي | a year ago

12

طباعة

مشاركة

"مهندس استفتاء الانفصال"، هكذا يُعرف رئيس حكومة كردستان العراق مسرور البارزاني، الذي تولى منصبه عام 2019، بعدما شغل أدوارا عدة في الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة والده مسعود، إضافة إلى إشرافه على أجهزة الأمن والاستخبارات والمخابرات بالإقليم.

ومنذ أيام يتصدر البارزاني، المناوشات الإعلامية بين بغداد وأربيل، بشأن أزمة صرف حصة كردستان من الموازنة المالية للعراق، متهما الحكومة العراقية باتباع "سياسة التجويع" ضد الأكراد، كما يصف قرارات المحكمة الاتحادية (أعلى سلطة قضائية) بـ"المهزلة".

وتشهد العلاقة بين أربيل وبغداد توترا منذ 4 سبتمبر/أيلول 2023، بسبب حديث الأولى عن امتناع السلطات العراقية عن منحها حصتها من الموازنة المالية للعام 2023، والتي صوّت عليها البرلمان في 12 يونيو/حزيران، ويحظى الإقليم بنسبة تقدر بـ12.6 بالمئة منها.

الصوت العالي

وبخلاف رئيس إقليم كردستان، نجيرفان البارزاني، الذي يلتزم الصمت حيال الأزمة الحالية، فإن رئيس الحكومة في أربيل، شن هجوما على الأحزاب السياسية في بغداد والسلطات هناك، متهما إياها بالتخلي عن الاتفاقيات المبرمة، والتعامل مع الشعب الكردي بـ"سياسة التجويع".

ونقل موقع "كردستان 24" في 13 سبتمبر، عن مسرور البارزاني قوله إن "سياسة تجويع الشعب الكردي لن تنجح، وصبرنا لا يعني ضعف الإقليم، إننا نبذل قصارى جهدنا للتغلب على الأزمة الحالية".

وتابع: "نعتزم زيارة بغداد لمحاولة حل مشاكلنا سلميا، ويجب علينا ضمان جميع المستحقات المالية لشعب كردستان وحقوقه الدستورية"، مبديا رغبته في "لقاء الأحزاب السياسية ومعرفة سبب هذا التعامل غير الجيد مع الأكراد".

وأردف، قائلا: "عندما يحتضن الشعب الكردستاني جميع العراقيين ويستقبلهم، من المفترض والمتوقع أن يدافع الشعب العراقي الآن عن حقوقنا. نريد أن نعرف لماذا يتبنّون سياسة التجويع؟".

وأعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني في 13 مارس 2023، عن التوصل إلى اتفاق يُنهي الخلاف بين بغداد وأربيل، ينص على وضع إيرادات نفط كردستان، في حساب مصرفي يُخول رئيس حكومة الإقليم بالوصول إليه، وبإشراف من السلطات العراقية، مقابل إرسال حصة الأكراد من الموازنة المالية للبلاد.

وفي 3 سبتمبر، علق البارزاني، على قرار المحكمة الاتحادية بإصدار أمر ولائي يقضي بإيقاف إجراءات تسليم مقر العمليات المشتركة (تابع للجيش العراقي) في محافظة كركوك إلى الحزب الديمقراطي واصفا إياه بالـ "مهزلة"، وفقا لما كتبه على حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقا).

ويأتي انتقاد البارزاني لقرار المحكمة الاتحادية العليا في بغداد، ضمن سلسلة انتقادات لاذعة سبق أن وجهها رئيس حكومة إقليم كردستان لأعلى سلطة قضائية في العراق، والتي تعد قراراتها باتة وملزمة لجميع السلطات في البلد.

وفي 3 مارس 2022، هاجم مسرور البارزاني، المحكمة الاتحادية، مطالبا بإعادة تشكيلها مجددا، وذلك عقب قرارات اتخذتها وفسّرت على أنها "سياسية" وتستهدف إقليم كردستان.

وهذه القرارات المنفصلة أصدرتها المحكمة في فبراير/شباط 2022، وتتعلق بمنع ترشح مرشح "الحزب الديمقراطي الكردستاني" هوشيار زيباري لمنصب رئاسة الجمهورية العراقية، وقرار آخر بعدم شرعية "قانون النفط والغاز" الخاص بإقليم كردستان.

مسؤول أمني

مسرور البالغ من العمر 54 عاما، هو الابن الأكبر لمسعود البارزاني الزعيم الكردي الأبرز في العراق ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس الإقليم السابق.

يجيد اللغات الكردية والفارسية والإنجليزية بطلاقة إضافة إلى فهمه للعربية، متزوج وله ثلاثة أبناء وابنة واحدة.

يعد من الجناح الداعي للانفتاح على الغرب وينسب له فتح باب التطوع للنساء في القوات الأمنية وباقي الوظائف داخل الإقليم عام 2004.

شغل مسرور أدوارا مهمة مع والده، إذ انضم كمقاتل في قوات البيشمركة الكردية وشارك بمعارك ضد الجيش العراقي عام 1985، وفرّ إلى إيران خلال ملاحقة الأجهزة الأمنية العراقية له، وهناك أكمل دراسته الثانوية.

وفي عام 1991 عاد إلى أربيل بعد خروجها عن سيطرة بغداد عقب حرب الخليج ومنح الأكراد حكما ذاتيا في شمال العراق، ثم سافر إلى لندن وأكمل دراسته في معهد تعليم اللغة الإنجليزية، وبعدها حصل على البكالوريوس في الدراسات الدولية من إحدى الجامعات الأميركية.

عاد عام 1998 إلى الإقليم مرة أخرى وتولى مناصب قيادية مهمة في الحزب مع والده، وانتخبه المؤتمر السنوي للحزب الديمقراطي الكردستاني كعضو في اللجنة المركزية. وفي وقت لاحق من ذلك العام نفسه، أصبح جزءا من قيادة الحزب.

عام 2012، عينه والده رئيس الإقليم آنذاك، رئيسا لمجلس أمن كردستان للإشراف على الأمن والمخابرات العسكرية، ضمن ما يعرف بجهاز الأسايش (الأمن الكردي).

برز مسرور البارزاني كعنصر فاعل في المعارك ضد تنظيم الدولة بين عامي 2014 و2017، بسبب ترؤسه الوحدات الخاصة بقوات البيشمركة والمخابرات التابعة لإقليم كردستان.

كما نجح في لعب دور قيادي مع التحالف الدولي خلال معارك القوات الكردية ضد التنظيم.

وسرعان ما شارك مسرور بعمليات مع القوات الأميركية خارج حدود الإقليم كتحرير الرهائن في كركوك والإنزال الجوي لاعتقال أبوسياف القيادي الأبرز في تنظيم الدولة عام 2015.

ومن ثم إرسال قوات بيشمركة إلى عين العرب (كوباني) السورية عام 2015 بطلب أميركي، لقتال تنظيم الدولة.

وهو ما أثار انتقادات حادة له تلك الفترة بسبب مقتل عدد غير قليل من القوات الكردية زج بها بمعارك لا علاقة للإقليم بها فقط من أجل إرضاء واشنطن عنه.

مهندس "الانفصال"

مسرور البارزاني يُعد من أبرز دعاة الانفصال الكردي عن بغداد خلال السنوات الماضية التي أعقبت غزو العراق عام 2003.

ونشر في عام 2016 مقالاً في صحيفة واشنطن بوست الأميركية يدعو فيها إلى فصل ودي بين العراق والمحافظات الكردية (إقليم كردستان).

ورأى البارزاني خلال مقاله أن العراق دولة "فاشلة" ويجب عدم إجبار الكرد على البقاء معها، كاشفا عن بدء محادثات مع بغداد قبل إجراء الاستفتاء الشعبي لترتيب الانفصال بشكل مناسب عام 2017.

وقبيل تنفيذ مشروع الاستفتاء الشعبي للانفصال عن العراق في 25 سبتمبر/أيلول 2017، قاد مسرور البارزاني حملة شعبية واسعة داخل الإقليم بالتزامن مع حملة في أوروبا ودول غربية مختلفة استعان خلالها بعدد من السياسيين والباحثين الغربيين.

ومن أبرز هؤلاء الباحثين والسياسيين الغربيين، كان فنسنت هاريس، المعروف بعدائه للفلسطينيين والعرب، وكذلك السفير الأميركي الأسبق في العراق، زلماي خليل زاد، والكاتب برنار هنري ليفي، والجنرال الأميركي المتقاعد، بيتر غولبريث.

وتسبب الاستفتاء الكردي الذي لم تؤيده سوى إسرائيل، بمشكلات كبيرة بين كردستان ودول الجوار، لا سيما تركيا وإيران، فضلا عن الحكومة العراقية التي فرضت في حينها حصارا جويا على الإقليم وأوقفت المطارات وقطعت الرواتب، وعدت ما حصل غير دستوري.

وبسبب استفتاء الانفصال، تمكنت القوات العراقية من فرض سيطرتها على محافظة كركوك وقضاء سنجار في مدينة الموصل، بعدما كانتا تحت سيطرة البيشمركة منذ عام 2014، جراء انسحاب الجيش العراقي منها بعد دخول تنظيم الدولة لها.

وخلال تصريحات له في 6 سبتمبر 2023، قال مسرور البارزاني إن "كركوك جزء لا يتجزأ من كردستان، لكن مع الأسف، الخيانة في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، فرضت هذا الوضع على المدينة"، في إشارة إلى دخول القوات العراقية إلى المحافظة بعد الاستفتاء.

وبشأن مدينة سنجار (115 كيلومترا غربي محافظة نينوى)، التي يسيطر عليها خليط فصائل مسلحة، أبرزها حزب العمال الكردستاني التركي المعارض لأنقرة، أكد البارزاني أنها "تابعة لكردستان، لكنها محتلة اليوم، وأنّ الظلم الذي تعرضت له مازال مستمرا".

وتابع: "حررنا سنجار (من تنظيم الدولة) وقدمنا الشهداء، وأبرمنا اتفاقا مع رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي لعودة الأهالي إليها، لكن للأسف لم يتم تنفيذ هذه الاتفاقية".

وأردف أن "الجهات التي حالت دون التنفيذ هي تلك الخارجة عن القانون والتي تملك السلطة الآن فيها (مليشيات تابعة للحشد الشعبي)".