بعد فضيحة المنقوش.. ما موقف الأطراف الليبية المتصارعة من التطبيع مع إسرائيل؟

حسن عبود | a year ago

12

طباعة

مشاركة

بعد لقاء ليبي إسرائيلي يخرج لأول مرة إلى العلن، ثارت تساؤلات عن موقف هذا البلد العربي الغارق بالأزمات حكومة وشعبا وبرلمانا، من الكيان الذي يواصل احتلال جل الأراضي الفلسطينية.

وفُتح ملف العلاقات بين الجانبين على خلفية عقد وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش اجتماعا في روما مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، وهو ما دفع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة لإيقافها عن العمل وإحالتها للتحقيق في 27 أغسطس/آب 2023.

ومن هنا أثيرت تساؤلات عن موقف ليبيا بحكومتيها وبرلمانها وشعبها من قضية التطبيع مع إسرائيل، في ظل سعي أطراف الحكم السياسي والمتنفذين العسكريين للبقاء في مراكز القوة والسلطة.

وتشهد ليبيا أزمة صراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع عام 2022 وحكومة الدبيبة الذي يرفض التسليم إلا إلى حكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب، وحاولت الأطراف السياسية إجراء انتخابات أكثر من مرة دون أن تنجح في ذلك.

حكومة الدبيبة

وبعدما أثار الكشف عن اللقاء الأخير جدلا حادا ومظاهرات حاشدة، قرر الدبيبة، إقالة المنقوش، خلال زيارة أجراها إلى السفارة الفلسطينية في العاصمة طرابلس.

ونقلت وكالة الاناضول التركية عن مصدر بالخارجية الليبية أن الدبيبة أكد خلال لقائه السفير الفلسطيني لدى ليبيا محمد رحال دعم بلاده للقضية الفلسطينية وأن ما فعلته المنقوش "لا يمثل موقف الحكومة والشعب".

ورحبت الخارجية الفلسطينية بزيارة رئيس الحكومة لسفارتها في طرابلس، وقالت في بيان إن الدبيبة أعلن من داخل السفارة رفض بلاده التطبيع مع إسرائيل وتجريم أي اتصال يجمع أي مسؤولين ليبيين مع ممثلي دولة الاحتلال.

وحاولت الخارجية الليبية -في ساعة متأخرة من مساء 27 أغسطس تهدئة الغضب، وكشفت أن المنقوش رفضت عقد لقاءات مع أي طرف ممثل للكيان الإسرائيلي وفق نهج الحكومة.

وأضافت أن الوزيرين التقيا خلال "لقاء عارض غير رسمي وغير معد مسبقا أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي" أنطونيو تاجاني.

ويشير قرار الدبيبة إيقاف المنقوش إلى أنه لم يكن على علم بالاجتماع.

ومع ذلك، قال اثنان من كبار المسؤولين في الحكومة الليبية لوكالة أسوشيتد برس الأميركية رفضا الكشف عن اسميهما إن رئيس الوزراء كان على علم بالمحادثات بين وزيرة خارجيته وكبير الدبلوماسيين الإسرائيليين.

ونقلت الوكالة عن أحد المسؤولين في 28 أغسطس، أن الدبيبة أعطى الضوء الأخضر للاجتماع في يوليو/ تموز 2023، عندما كان في زيارة إلى روما. وأضاف أن مكتب رئيس الوزراء رتب اللقاء بالتنسيق مع المنقوش.

ويرى العديد من المراقبين أن الأزمة بدأت بسبب الكشف عن اللقاء وليس مردها رفض الدبيبة للتطبيع، مستدلين على ذلك بتسريبات سابقة حول علاقة رئيس الحكومة الليبية بإسرائيل.

وكان الكشف عن لقاء المنقوش وكوهين، صدر من الأخير عندما قال في بيان إنه اجتمع مع نظيرته الليبية في إيطاليا (نهاية أغسطس)، رغم عدم وجود علاقات رسمية بين الجانبين، مبينا أنهما ناقشا سُبل التعاون المحتمل.

وبين المسؤول الثاني للوكالة الأميركية أن الاجتماع استمر نحو ساعتين، وأن المنقوش أطلعت الدبيبة على الأمر مباشرة بعد عودتها إلى العاصمة طرابلس.

وقال إن الاجتماع توج الجهود التي توسطت فيها الولايات المتحدة لجعل ليبيا تنضم إلى سلسلة من الدول العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

وأوضح أن تطبيع العلاقات بين ليبيا وإسرائيل جرت مناقشته لأول مرة في اجتماع بين الدبيبة ومدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز الذي زار طرابلس في يناير/ كانون الثاني 2023.

ولفت إلى أن رئيس الوزراء الليبي أعطى موافقة مبدئية على الانضمام إلى اتفاقات أبراهام التطبيعية التي توسطت فيها الولايات المتحدة، لكنه كان قلقا بشأن رد الفعل الشعبي العنيف في بلد معروف بدعمه للقضية الفلسطينية.

ويبدو من هذه التصريحات أن الدبيبة قدم المنقوش كبش فداء بعدما عم الغضب أرجاء عدد من المدن الليبية، خاصة أن الوزيرة "التي فوجئت بالإعلان الإسرائيلي، فرت بسرعة من العاصمة على متن رحلة خاصة إلى اسطنبول"، وفق ما قالت وكالة أسوشيتد برس، وهو ما لم تؤكده أنقرة.

ويدعم وجهة النظر هذه ظهور تسريبات سابقة تجدد الحديث عنها بعد أزمة المنقوش، تفيد بزيارة مسؤولين من حكومة الدبيبة إسرائيل في إطار التطبيع.

وكان آخرها ما كشفته وكالة سبوتنيك الروسية من أن مسؤولا ليبيا زار إسرائيل أخيرا للتمهيد للقاء المنقوش وكوهين، حاملا رسائل من الدبيبة إلى حكومة تل أبيب خلال توقفه فيها قبل وصوله إلى رام الله، وفق ما نقلت عن مصادر محلية ليبية.

وأكدت المصادر أن محادثات سابقة جرت بين أعضاء حكومة الدبيبة والجانب الإسرائيلي برعاية "أميركية غربية"، مقابل بقاء حكومته في السلطة.

بدورها، نقلت الإذاعة العبرية عن مصادر قولها في نهاية أغسطس، إن اللقاء بين كوهين والمنقوش جاء بعد تنسيق كامل مع القيادات الليبية العليا. وحسب هذه المصادر فإن رئيس الحكومة الليبية معني باستخدام إسرائيل كجسر للغرب وللإدارة الأميركية.

كما عد معهد الدراسات السياسية الدولية (إيطالي)، رواية رئيس الحكومة الليبية وإنكاره أي نية لبدء عملية تطبيع مع الكيان وكذلك فتحه تحقيقا في اللقاء "أمرا غير منطقي".

وأوضح في 28 أغسطس، أن عقد مثل هذا اللقاء على مستوى وزراء الخارجية لا يجرى دون موافقة أعلى هرم في السلطة، كما أن حقيقة عقده في روما تشير إلى ضرورة بقائه سريا.

من جانبه، قال الوزير الليبي السابق عمر حسن القويري لـ i24NEWS العبرية إنه "بعد تسريب الخبر وردة الفعل الغاضبة داخل ليبيا خصوصا من المناوئين لحكومة الدبيبة، والذين استغلوا الفرصة للطعن ضدها والضغط عليها لإجبارها على الاستقالة، اضطر رئيس الوزراء للتبرؤ من الأمر والإعلان عن أنه لا علاقة له بهذا اللقاء وأنه تصرف فردي من الوزيرة". 

وأردف القويري أن "توقيف المنقوش سيناريو لامتصاص غضب الشارع الليبي وهي غادرت الى تركيا على متن طائرة تابعة للدبيبة، وبالتالي فإن هذه أمور مرتبة بينهما".

وفي تعليقه على الأسباب، قال إن موافقة الحكومة على لقاء مسؤولين إسرائيليين جاء بعد تعرض الدبيبة خلال الفترة الأخيرة إلى ضغوطات كبيرة جدا لإنهائها وتعيين بديل له.

وبين أن الدبيبة يحاول بكل الطرق إنقاذ حكومته الضعيفة عبر الوصول إلى طريق نحو البيت الأبيض من بوابة العلاقات مع إسرائيل. 

خليفة حفتر

لم تكن حادثة المنقوش وزيرة خارجية الدبيبة، الأولى من نوعها تجاه إسرائيل، فقد سبقها إلى تل أبيب آخرون يسعون إلى البقاء في السلطة عبر نيل الرضا الأميركي.

ففي سرية تامة، حطت طائرة للواء الانقلابي الليبي خليفة حفتر في مطار "بن غوريون" بتل أبيب، منتصف يناير/ كانون الثاني 2022، إلا أن صحفا عبرية كشفت عن "الزيارة الخفية".

وخلفت هذه الزيارة وما سبقها من اتصالات مستمرة، أسئلة مختلفة عن الأسباب والأهداف، وما الذي يترتب عليها، وماذا تريد إسرائيل من ليبيا، وكيف كان دورها في "صراع الأطياف الليبية" منذ بدايته؟

ومع استمرار الخلافات في ليبيا، تتفاقم حدة الأزمة مع تصاعد المخاوف من أن يصبح التقسيم الحالي للبلاد "أمرا واقعا" تفرضه القوى الإقليمية التي تسعى للسيطرة على الأرض وداعميها من الخارج، وفي مقدمتهم إسرائيل ووكلاؤها.

وفي 15 يناير 2022، كشف المراسل العسكري لقناة "كان" العبرية الرسمية، إيتاي بلومنتال، في تغريدة عبر حسابه على "تويتر، أن طائرة حفتر الخاصة (بي فور-آر إم إيه) حطت في مطار بن غوريون، عقب توقف دبلوماسي في قبرص"، مع إرفاقه صورتين لشركة "فلايت رادار" المتخصصة في متابعة حركة الطيران العالمية.

وقال المراسل إن متابعين لحركة الطيران الدولية رصدوا الطائرة الخاصة باللواء المتقاعد حفتر، فيما أكدت وسائل إعلام عبرية أنها المرة الثانية التي تحط فيها طائرة له في المطار خلال أقل من 3 أشهر.

ويذكر أنه في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، هبطت طائرة حفتر في المطار نفسه، وكان على متنها نجله صدام.

وكان الهدف من الزيارة وفق صحيفة "هآرتس" العبرية "السعي إلى إقامة علاقات دبلوماسية من أجل الحصول على مساعدة عسكرية إسرائيلية مباشرة في الصراع" الدائر على السلطة.

فبعدما خسر معظم أوراقه في الداخل، بدأ اللواء الانقلابي الليبي حفتر تقديم الولاء والطاعة للكيان الإسرائيلي من خلال نجله صدام، وذلك استباقا للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، دون أن تتم.

صدام الذي ينظر له على أنه وكيل لوالده، كشفت وسائل إعلام أميركية وبريطانية وإسرائيلية خلال نوفمبر 2021 أنه زار تل أبيب على متن طائرة أقعلت من دبي، حاملا رسالة من أبيه يطلب فيها مساعدة إسرائيل سياسيا وعسكريا مقابل إقامة علاقات دبلوماسية مستقبلية معها.

وفي 9 نوفمبر 2021، قال مركز "الدراسات والبحوث حول العالم العربي ودول المتوسط" (مقره جنيف)، إن "هناك شراكة استشارية قائمة بين حفتر وسيف الإسلام (نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي) من جهة، وبين شركات عامة إسرائيلية بشأن الانتخابات الرئاسية وإدارة البلاد، من جهة أخرى". 

وأورد المركز في تقرير له أن "زيارة نجل حفتر إلى إسرائيل لا يمكن تنظيمها بدون إيعاز من والده وداعمين في المنطقة العربية، خاصة دول الخليج (الإمارات والبحرين) التي طبعت (عام 2020) علاقاتها مع إسرائيل وسعت منذ فترة لكسب المزيد من الدول في هذا المسار".

ولم تنفصل إسرائيل عن "الوضع الشائك" في ليبيا منذ سنوات، وهو ما أكدته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية في 27 يوليو/ تموز 2020، عندما قالت إن "ضباطا إسرائيليين تولوا تدريب مليشيات حفتر على حرب الشوارع في الأراضي الواقعة تحت سيطرتها خلال أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول 2019".

ومن أخطر ما ورد في تقرير الصحيفة العبرية واسعة الانتشار أن "حفتر التقى ما بين 2017 و2019، بمبعوثي جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) في العديد من المناسبات بالعاصمة المصرية القاهرة، حيث أمدوا مليشياته وساعدوه في شراء تجهيزات الرؤية الليلية وبنادق القنص".

وفي 25 يونيو/ حزيران 2020، كشف موقع "ديبكا" العبري، عن عقد مجموعة من أعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) مؤتمرا مع شخصيات سياسية مقربة من حفتر، في جزيرة رودس اليونانية عام 2017، تحت عنوان "المصالحة بين إسرائيل وليبيا".

وبرر رئيس اتحاد يهود ليبيا في إسرائيل، رفائيل لوزون، مشاركته في المؤتمر بأن "جميع الفصائل في البلاد تريد بناء علاقات مع تل أبيب".

وفي وقت كان الغرض من المؤتمر أن يكون سرياً، فضحته الصور والمقاطع المصورة التي نشرها المطبّعون والشخصيات الإسرائيلية المشاركة.

وكان اللافت في الحدث أن شخصيات بارزة في حكومة برلمان طبرق وقتها، وأخرى محسوبة على مؤيدي حفتر، كانت قد شاركت وسعت لإنجاح المؤتمر، ثمّ لم تنفِ صلتها به، ومنها وزير الثقافة السابق في الحكومة، عمر القويري، الذي دافع عن مشاركته

وقال القويري وقتها لصحيفة "المرصد" الليبية، المقربة من حفتر، عقب موجة الجدل الليبي: "اجتماعاتنا علنية، وتصريحاتنا واضحة، ولقاءاتنا مصورة بالصوت والصورة، وليست في غرف مظلمة تباع وتشترى فيها اﻷوطان مقابل المناصب والكراسي للمرتزقة. ليس لنا هدف أو مطمع سوى إخراج ليبيا من ورطتها ومأساتها، وسنعمل المستحيل من أجل ذلك".

وفي يونيو/ حزيران 2020، قالت صحيفة مكور ريشون اليمينية المتطرفة إن عبد السلام البدري -الذي وصفته بنائب رئيس الحكومة الليبية في بنغازي آنذاك (مؤقتة كانت تابعة لبرلمان طبرق)- دعا إسرائيل لدعم حفتر.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن البدري -في أول مقابلة لمسؤول ليبي مع وسيلة إعلامية- أنه أعرب عن أمله في أن تنضم إسرائيل إلى داعمي حفتر، وقال "إننا لم نكن في يوم من الأيام ولن نكون أعداء وإننا نأمل في تأييدكم".

الشعب والدستور

في وقت تخفي أطراف ليبية عديدة ولا تتورع أخرى عن التوجه أو الإفصاح عن نيتها إقامة علاقات مع إسرائيل من أجل البقاء في السلطة، فإن للقانون رأي صارم وللشعب موقف مختلف.

إذ يحظر القانون الليبي رقم 62 الصادر عام 1957 على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقا من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو مع من ينوب عنهم.

ويعاقب كل من يخالف ذلك بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد عن 10 سنوات، ويجوز الحكم بغرامة مالية.

بدورهم، أضرم محتجون ليبيون النيران أمام مبنى رئاسة مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية في العاصمة طرابلس تنديدا بلقاء المنقوش مع وزير الخارجية الإسرائيلي، وردد المحتجون هتافات داعمة للقضية الفلسطينية، ورافضة لأي تواصل ليبي مع تل أبيب.

ولم ينتظر الليبيون حتى الصباح للرد، فاقتحموا مساء ذات اليوم الذي خرج فيه اللقاء السري إلى العلن، مقر وزارة الخارجية في العاصمة طرابلس دون احتكاك مع الأجهزة الأمنية، وطالبوا بإقالة وزيرة الخارجية ومحاسبتها.

وكان لافتا أن المتظاهرين كتبوا على جدار وزارة الخارجية شعارات تطالب برحيل حكومة الوحدة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة.

وقد خرجت مظاهرة في مدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس، للمطالبة بعدم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

وكذلك خرجت مظاهرات في منطقة تاجوراء ومدينة زليتن شرق طرابلس ومدينة مصراتة شمال غربي ليبيا للتنديد باللقاء وللمطالبة بمحاسبة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش.

وأظهرت مقاطع فيديو وصور حرق متظاهرين إطارات سيارات وأعلام إسرائيلية وترديدهم هتافات معادية لإسرائيل، ومطالبتهم بإقالة الوزيرة ومحاسبتها.

وبدوره، أعلن المجلس الأعلى للدولة رفضه بشدة لقاء المنقوش وكوهين ودعا الجهات المختصة إلى محاسبة المعنيين.

وعد المجلس في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي تلك الخطوة “مخالفة لقواعد مقاطعة العدو الصهيوني ومسيئة لتاريخ نضال الشعب الليبي الداعم للقضية الفلسطينية العادلة”.

ولفت إلى أن “القضية الفلسطينية كانت القضية الأم للشعب الليبي، وستظل كذلك”. من جانبها، طالبت كتلة التوافق في المجلس الأعلى للدولة باستقالة جماعية للحكومة والمجلس الرئاسي في حال وجد تنسيقا مسبقا بشأن اللقاء.

كما رأى رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق خالد المشري، في بيان، أن حكومة الوحدة الوطنية "تخطت كل الخطوط الممنوعة والمحظورة وأصبح من الواجب إسقاطها".

وقالت المتحدثة باسم المجلس الرئاسي الليبي نجوى وهيبة إن المجلس طالب حكومة الوحدة الوطنية بموافاته بتوضيحات بشأن اللقاء، وباتخاذ إجراءات رادعة وفقا للقوانين والتشريعات النافذة بهذا الخصوص.

وأضافت أن “ما ورد بشأن إمكانية التعاون والتنسيق مع الكيان الاسرائيلي لا يعبر عن السياسية الخارجية الليبية ولا يمثل الثوابت الوطنية”. وعدت ذلك “خرقا للقوانين التي تجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني”.

ولفتت وهيبة إلى أن المجلس الرئاسي شدد على “ضرورة اتخاذ الإجراءات كافة وفقا للقوانين والتشريعات النافذة في حال ثبت حدوث اللقاء الذي ذكرته وسائل إعلام مختلفة”.

وفي سياق متصل، استنكر حزب العدالة والبناء الليبي هذا اللقاء وطالب الحكومة بإقالة المنقوش من منصبها، وأكد أن دفاع الفلسطينيين عن أرضهم وحقوقهم هو حق دولي وثابت وطني تتبناه كل الاتجاهات السياسية الليبيـة.

من جهته، اتهم مجلس النواب الليبي (في طبرق شرقا) حكومة الوحدة الوطنية بالسعي للتطبيع مع إسرائيل، مطالباً النائب العام بالتحقيق معها بتهمة "انتحال صفة" الحكومة، على خلفية انتهاء ولايتها، في إشارة لقرار المجلس بشأن سحب الثقة منها قبل عامين.

وهذا المجلس المذكور طالته اتهامات سابقة بتوفير غطاء للتطبيع مع إسرائيل من خلال دعمه خليفة حفتر سابقا، والذي اتخذ خطوات ونفذ زيارات بهذا الشأن، لكنه اليوم يستغل هذه القضية للهجوم على حكومة الدبيبة.

وفي بيان ختامي لجلسة عقدها مجلس النواب بشكل طارئ لمناقشة اللقاء المذكور بين الوزيرين الإسرائيلي والليبي، أوضح أنه "تأكد من تورط الحكومة منتهية الولاية في لقاءات وتواصل مع الكيان الصهيوني، بهدف التطبيع؛ الأمر الذي تجرمه القوانين والتشريعات في ليبيا، مقابل وعود باستمرارها في السلطة وعرقلة إجراء الانتخابات".

واستغل مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح هذه المناسبة لدعوة "جميع الدول وكذلك المؤسسات والأجهزة الرقابية والعسكرية والأمنية والمالية الليبية كافة إلى التعاون مع الحكومة المكلفة من مجلس النواب، وعدم تنفيذ تعليمات الدبيبة حتى تشكيل حكومة جديدة".

وضمن الخطوات الرافضة، ندد مجلس البحوث والدراسات الشرعية التابع لدار الإفتاء في ليبيا بلقاء المنقوش مع كوهين، وأكد في بيان "تحريمِ إقامةِ أيّ علاقاتٍ مع العدوِّ الصهيونيِّ، الذي احتلَّ فلسطينَ، وسفَكَ دماءَ أهلِها، واعتدَى على الحرماتِ، وأخرجَ المسلمينَ مِن ديارِهم، وانتهكَ حرمةَ المسجدِ الأقصَى”.

ولفت إلى أن اللقاء "فيه تجرؤٍ واضحٍ على خرقِ هذهِ المسألةِ القطعيةِ ويُحمّل الحكومة مسؤولية ذلك، وثانياً يَعُدّ ما قامتْ به وزيرةُ الخارجيةِ اعتداءً صارخًا على ثوابتِ الوطنِ والدِّين، ويدعُو المجلسُ رئيسَ حكومةِ الوحدةِ الوطنيةِ إلى إقَالَةِ الوزيرةِ مِن منصبِها".

كما دعا المجلسُ "الشعبَ الليبيَّ قاطبا إلى المطالبةِ بإقالتِها، ومحاسبتِها على ارتكابِ هذه الجريمةِ، التي لا تمثلُ الليبيينَ، الذينَ لم يتغيرْ موقفُهم تجاهَ هذا العدوِّ المحتل؛ منذُ أن تأسَّستْ ليبيا، إلى يومِنا هذا”.