8 أسباب تدفع إيران وطالبان إلى مواجهة عسكرية حتمية.. تعرف عليها

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

لم تُثر عودة طالبان إلى الحكم في أفغانستان قلق إيران كما كان يُعتقد، ففي خضم سقوط كابل، أبقت طهران سفارتها هناك مفتوحة، وكانت قنصلياتها في المدن الرئيسة تباشر عملها كالمعتاد. 

وذهب وفد إيراني برئاسة حسن كاظمي قمي، السفير الحالي لإيران لدى أفغانستان، إلى كابل في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، والتقى مسؤولي طالبان. وكانت هذه أول زيارة رسمية للوفد الإيراني إلى أفغانستان تحت إدارة طالبان. 

ثم ذهب مولوي أمير خان متقي، القائم بأعمال وزير خارجية طالبان، إلى طهران في يناير/ كانون الثاني 2022 على رأس وفد كبير، والتقى مسؤولين إيرانيين. 

وصدرت تصريحات عن الإيرانيين بعد هذه الزيارة، تتهم أميركا بالسعي لخلق الفوضى في أفغانستان تحت مسمى جبهة المقاومة.

وكانت الخطوة المهمة التي اتخذتها إيران للاقتراب من طالبان هي تسليم السفارة الأفغانية في طهران لهذه الحركة، في فبراير/ شباط 2023.

وعلى الرغم من هذه المحاولات للتقارب بين طالبان وإيران، فإن هناك من يرى أن هناك أسبابا عديدة يمكن أن تدفع الطرفين إلى المواجهة في المستقبل، وأن هذه المواجهة لا يمكن تجنبها.

ويضرب هؤلاء المثل لهذه المواجهة بما حدث في مايو/ أيار 2023، حينما وجَّه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، تحذيرا شديدا إلى طالبان بشأن مياه نهر هيرمند.

وهو ما أغضب طالبان، التي رفضت لغة التهديد، وتحدت إيران، لترسل طهران وفدا إلى كابل، برئاسة نائب الأركان العامة للقوات المسلحة، لمناقشة الخلافات التي وصلت في بعض الأحيان إلى حد الاشتباكات المسلحة على الحدود بين جنود من البلدين.

وللبحث في الأسباب التي تؤكد حتمية المواجهة بين إيران وطالبان، نشرت صحيفة "8 صبح" الأفغانية، الصادرة باللغة الفارسية، تقريرا، أحصت فيه هذه الأسباب.

مواجهة حتمية

قالت الصحيفة إن السبب الأول، هو الرأي العام الإيراني، الذي لا يقبل تساهل بلاده مع طالبان، لأن هذه الحركة لا تختلف في نظر المواطنين الإيرانيين عن تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة.

وأكدت أن ذلك لا يعني الدعوة للحرب مع طالبان، ولكنه يعني ضرورة عدم التساهل من جانب الحكومة الإيرانية مع طالبان.

أما السبب الثاني فهو عنصر الإجبار في التعامل مع طالبان، لأن العلاقات بين أي دولتين جارتين تقوم على عوامل ثابتة وأخرى متغيرة.

والعوامل الثابتة هي التي تجبر الحكومة الإيرانية على الحفاظ على العلاقات مع طالبان، لكن العوامل المتغيرة لا تجبرها على ذلك. 

ويمكن افتراض الجغرافيا والثقافة من العوامل الثابتة في العلاقة بين إيران وطالبان. وبناءً على ذلك، فإن إيران مجبرة على إقامة علاقات مع هذه الدولة الجارة، حتى لو سيطرت عليها جماعة موالية لإسرائيل، رعاية لضرورات الجوار.

ولكن العوامل المتغيرة لها تأثيرات مختلفة، ويمكن أن تكون طبيعة إدارة طالبان من بين العوامل المتغيرة التي تجعل العلاقة بين طالبان وإيران متذبذبة بين الحرب والسلام.

فعلى سبيل المثال، لا تبدو الحكومة الإيرانية راضية عن طبيعة إدارة طالبان، وتريد إقامة حكومة شاملة في أفغانستان. ولهذا فإن هذا العامل المتغير يضر بعلاقة إيران مع طالبان. 

ولم تتراجع إيران عن مطلبها بتوسيع دائرة الحكومة الأفغانية، ولم تستجب حركة طالبان للمطلب الإيراني، وأصبحت لهجة السلطات الإيرانية حول هذه القضية أكثر وضوحا في الآونة الأخيرة. 

ومثال ذلك تصريح وزير الخارجية الإيراني، أمير عبداللهيان، في مايو/ أيار 2023، الذي قال فيه إن بلاده أبلغت الهيئة الحاكمة الحالية لأفغانستان بوضوح أنها لن تعترف بها، وأن الشرط لذلك الاعتراف هو تشكيل حكومة شاملة بمشاركة جميع المجموعات العرقية في أفغانستان.

وتنتقل الصحيفة إلى السبب الثالث، فتقول إنه الموقف من الغرب والولايات المتحدة.

وتوضح ذلك بأنه لا يمكن القول إن "العداء للغرب" هو القاسم المشترك بين إيران وطالبان، لأن معاداة الحكومة الإيرانية للغرب أكثر وضوحا، بينما معاداة طالبان للغرب يحيط بها شيء من الغموض. 

وتضيف أن طالبان قاتلت الولايات المتحدة في الماضي، ولهذا حظيت بدعم إيران، ولكن هذه الحرب كانت قصيرة الأمد، ولا يمكن تحميلها على عداء طالبان للغرب، خاصة الولايات المتحدة. 

فقد أظهرت عودة طالبان إلى السلطة أن هذه المجموعة صديقة لأميركا وليست عدوا لها، والجانب الإيراني يفهم ذلك جيدا، تدعي الصحيفة.

خلافات جذرية

أما عن نظرة الغرب لطالبان وإيران، فتزعم الصحيفة أن الغرب يعد كلا من طالبان وإيران منتهكين لحقوق المرأة وحقوق الإنسان، ولكن إيران تعاقب وطالبان تكافأ. 

لذلك، تحاول الحكومة الإيرانية جاهدة عدم التورط مع طالبان، لأنها تعتقد أن المهمة التي أوكلتها الولايات المتحدة إلى هذه الحركة هي الحرب ضد إيران. 

وتستدل على ذلك بما قاله إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، في البرلمان الإيراني، في سبتمبر/ أيلول 2021: "المهم بالنسبة لنا في أفغانستان هو عدم تعكير صفو أمن الجمهورية الإسلامية، لأن خطة أميركا هي دفع إيران للاشتباك مع العالم السني".

ثم تتحدث الصحيفة عن تهديد تنظيم الدولة لطالبان وإيران، وترى فيه السبب الرابع لإمكانية المواجهة بين الطرفين.

لأن قصة العداء بين طالبان وتنظيم الدولة تختلف عن قصة العداء بين تنظيم الدولة وإيران، والقواسم المشتركة بين طالبان وتنظيم الدولة أكثر بكثير من الاختلافات.

فتهديد تنظيم الدولة يقرب بين إيران وطالبان لا أساس له، لأن عداء إيران لتنظيم الدولة أمر لا يمكن إنكاره، والشعار الرئيس لهذه الجماعة هو تدمير الحكومات الشيعية والقضاء على الشيعة، وهو ما يشمل إيران، حكومة وشعبا، تزعم الصحيفة.

وترى أن القاسم المشترك بين طالبان وتنظيم الدولة هو الموقف من إيران والشيعة، لأن طالبان ليست أقل عداء لإيران والشيعة من تنظيم الدولة. 

وإذا صار لتنظيم الدولة وجود قوي في أفغانستان وأراد إحداث اضطرابات على الحدود الشرقية لإيران، فلن توقف طالبان ذلك، لأنه يحقق هدفها بشكل غير مباشر، وهو معاداة الشيعة والفرس والإيرانيين، تواصل الصحيفة مزاعمها.

ماضي العلاقة

ويمثل ماضي العلاقة بين إيران وطالبان السبب الخامس في أسباب حتمية المواجهة، بما احتوى عليه هذا الماضي من عداء لا يمكن نسيانه. 

وتستشهد الصحيفة على ذلك بقتل طالبان ثمانية دبلوماسيين إيرانيين وصحفي في القنصلية الإيرانية في مدينة مزار الشريف في 1998.

وهي الحادثة الماثلة في أذهان الإيرانيين حتى الآن، وكادت أن تشعل حربًا بين إيران وأفغانستان حينها، بعد أن أرسلت إيران ما يقرب من ربع مليون من الحرس الثوري والجيش لإجراء مناورات على الحدود مع أفغانستان.

بل ودفع هذا الحادث إيران إلى الانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، والذي كانت تقوده الولايات المتحدة، العدو الأول للجمهورية الإسلامية.

وبالمثل ، لا يمكن لطالبان أن تنسى دعم الإيرانيين لتحالف الشمال، وأنهم يريدون من الحركة تشكيل حكومة شاملة لتضم حلفاءهم التقليديين إلى السلطة، وهم تحالف الشمال.

أما السبب السادس بحسب الصحيفة، فهو العزلة المفروضة على إيران، وهو ما يدفع طالبان إلى عدم الاعتماد على العلاقات مع طهران، لأن التعاون معها يعني العداء مع الغرب والولايات المتحدة.

وترى الصحيفة أن هذا هو السبب في عدم إبداء طالبان الكثير من الحماس في علاقاتها مع إيران. 

وتنتقل بعد ذلك إلى السبب السابع، فتقول إن إيران وطالبان يمثلان أيديولوجيتين مختلفتين. فالشيعة والسنة قراءتان مختلفتان للإسلام، لكن الحكومات التي تقدم نفسها كممثل لهاتين القراءتين حولت الاختلاف إلى صراع. 

فجماعة طالبان تعد نفسها ممثلة للإسلام السني، وتعد إيران نفسها ممثلة للإسلام الشيعي. ولا مكان للشيعة في إمارة طالبان، ولا مكان للسنة في الحكومة الإيرانية. 

وفي هذا السياق، تذكر أن ممثل حركة طالبان في اجتماع عقد في مايو/أيار 2023، في جامعة فردوسي في مشهد، قال في حضور مسؤولين إيرانيين، إن "إيران تريدنا أن نشكل حكومة شاملة، بينما السنة في طهران ليس لديهم الحق في بناء مسجد".

وتختم الصحيفة بالسبب الثامن والأخير في حتمية المواجهة بين إيران وطالبان، فتقول إنه الصراع المائي بين البلدين على مياه نهر هيرمند.

وترى أن قضية الحقوق المائية تحولت إلى إهانة لإيران، بعد أن تجاهلت طالبان تحذير الرئيس الإيراني، الذي احتوى على تهديد غير مسبوق.

وتنقل عن وكالة تسنيم الحكومية الإيرانية، أن حركة طالبان هي أكثر حكام أفغانستان نقضا للعهود فيما يتعلق باحترام مطالب إيران في مياه نهر هيرمند.