رغم إجرائها مناورات في جزر الإمارات المحتلة.. لماذا يبدو موقف طهران ضعيفا؟

12

طباعة

مشاركة

في واحدة من أكثر الفترات اضطرابا في منطقة الخليج، أجرت البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني مناورات عسكرية تركزت في جزيرة أبو موسى، تهدف إيران من ورائها إلى إرسال رسائل مهمة في إطار سياستها الخارجية.

ولمعرفة هذه الرسائل، نشر موقع إيران واير تقريرا حول المناورات العسكرية الإيرانية التي أجريت في الثاني من أغسطس/آب 2023 بالجزيرة المتنازع عليها مع دولة الإمارات العربية المتحدة. 

وتتنازع إيران والإمارات على حق السيادة على الجزر الإستراتيجية "أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى" الواقعة في مضيق هرمز عند مدخل الخليج العربي، ويدّعي كل طرف أحقية سيادته، فيما تسيطر طهران عليها منذ 1971، مع انسحاب القوات البريطانية من المنطقة.

إظهار السيادة

وقدمت القوات الجوية للحرس الثوري الدعم الجوي لهذه التدريبات، في غياب البحرية التابعة للجيش الإيراني. ويقول الموقع إن المناورة تهدف إلى إظهار ما أسمته "السيادة" على هذه الجزيرة. 

وتجرى المناورات البحرية لقوات الحرس الثوري الإسلامي في جزيرة أبو موسى في وقت دعت فيه روسيا، إلى جانب الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، إلى "حل سلمي للنزاعات مع الإمارات العربية المتحدة"، وهو ما أغضب طهران.

وكان اجتماع ضم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي،  في يونيو/حزيران 2023 تحت مظلة  الحوار الإستراتيجي المشترك، قد صدر عنه بيان أيد الموقف الإماراتي من الصراع مع إيران على الجزر الثلاث.

وفي ردها على هذه الواقعة، استدعت إيران السفير الروسي ألكسي ديدوف، وطلبت من موسكو "تصحيح موقفها" الذي تعده طهران تدخلا غير مقبول في شؤونها الداخلية.

وتسبب انضمام روسيا إلى بيان مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الثلاث، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، في توجيه انتقادات غير مسبوقة من جانب الرأي العام الإيراني للحكومة الإيرانية بأنها عاجزة عن مواجهة موقف روسيا.

كما بينت أن سياسة "الاتجاه إلى الشرق" قد فشلت، وأن حكومة إيران ضعيفة وتتلقى الصفعات من القوى الخارجية، بحسب الموقع الإيراني.

وتجري هذه المناورات في وقت أرسلت فيه الولايات المتحدة مقاتلات إف 35 وإف 16 إلى الخليج، مع سفينة حربية، لحماية أمن الشحن.

وقال المسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية إن واشنطن عززت استخدامها للطائرات المقاتلة حول مضيق هرمز الإستراتيجي لحماية السفن من عمليات الاستيلاء الإيرانية.

وجرى إرسال المعدات الحربية الأميركية الجديدة إلى منطقة الخليج بعد أن فشلت البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني في محاولتها للاستيلاء على سفينتين في مياه الخليج، وهما السفينتان اللتان عملت بحرية الولايات المتحدة على مساعدتهما.

وقالت البحرية الأميركية إن سفن البحرية الإيرانية في الحالتين تراجعت بعد استجابة البحرية الأميركية، واستمرت الناقلتان التجاريتان في رحلتيهما بعدها.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن الانتشار جاء "ردا على محاولات إيران الأخيرة تهديد التدفق الحر للتجارة في مضيق هرمز والمياه المحيطة به"، الذي يمر عبره نحو 20 بالمئة من نفط العالم، وتعده الولايات المتحدة رابطا حيويا لأمنها القومي وللحفاظ على استقرار أسعار الطاقة العالمية.

تهديد للعلاقات

وقبل بداية المناورات العسكرية، توجه القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، إلى جزيرة أبو موسى.

وسلامي هو أعلى مسؤول حكومي يزور هذه الجزيرة منذ زيارة الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، لها خلال فترة رئاسته.

وكان أحمدي نجاد قد زار الجزيرة عام 2012، وهي الزيارة التي استنكرتها دول الخليج حينها، وعدتها عملا استفزازيا وانتهاكا صارخا لسيادة الإمارات على جزرها الثلاث وتتناقض مع المساعي السلمية لحل الأزمة.

وعادة ما تلجأ الإمارات إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للشكوى في مثل هذه الحالات التي تعدها انتهاكا لسيادتها على الجزر من جانب إيران.

ويقول الموقع: "نجحت طهران في نهاية النصف الأول من عام 2023، وبعد ما يقرب من عقد من الزمان، في رفع علاقاتها الدبلوماسية مع أبوظبي إلى مستوى سفير، وأعادت سيادة الإمارات على أجزاء من جزيرة أبو موسى".

وعلى الرغم من احتمالية توتر العلاقات بين إيران والإمارات بعد أن شهدت تحسنا ملحوظا، فإن طهران أقدمت على إقامة المناورات العسكرية، ورضيت بمخاطر إجراء هذه الممارسة على العلاقات الثنائية.

ولعل الحكومة الإيرانية، التي تقع في أدنى مستويات القبول والشرعية الوطنية، في موقف تتعرض فيه للإذلال من قبل روسيا من وجهة نظر الرأي العام الإيراني، يقول الموقع.

ولا شك أن الحكومة الإيرانية قد أبلغت الإمارات بالفعل بهذه المناورة قبل إجرائها، ولكن ليس بالضرورة أن تؤدي هذه الخطوة إلى تقليل شدة رد الفعل الإماراتي، والذي لا يمكن التنبؤ به، بحسب تقديره.

ورأى أنه "مع ذلك، فإن المخاطر السياسية لإجراء هذه المناورة ضد الولايات المتحدة، التي وسعت من نشر معداتها العسكرية في الخليج، يمكن السيطرة عليها أكثر من إمكانية التحكم في المخاطر التي تهدد علاقة طهران مع أبو ظبي". 

رسائل دولية

فالولايات المتحدة ليس لديها نزاع إقليمي أو خلافات على أراضي مع إيران، وجلب المزيد من المقاتلات والسفن الحربية إلى المنطقة هو فقط للحد من تهديدات الجمهورية الإسلامية. 

لذلك، طالما لم يجر الاتجاه نحو تصرف محفوف بالمخاطر، فإن التدريبات العسكرية في حد ذاتها لن تزيد من حدة التوترات الحالية مع الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإنه على الرغم من أن إجراء مثل هذه المناورة له أهداف محلية، فإنها ترسل رسائل دولية إلى المحيط الذي توجد فيه إيران أيضا، مفادها أنها أكثر من مجرد علامة على "قوة" الجمهورية الإسلامية.

وأنها علامة على أن استمرار عدم الاستقرار في المنطقة وانعدام الأمن مرتبطان باسم الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، كما يقول الموقع.

ويعتقد أن إجراء مناورة الحرس الثوري الإيراني يُعد علامة على وجود دافع للجمهورية الإسلامية للحفاظ على سياساتها الحالية في بحر عمان والخليج، والتي زادت الولايات المتحدة من أدواتها الحربية فيهما من حيث الكم والنوع من أجل مواجهة طهران. 

ومن اللافت أن الحرس الثوري الإيراني بدأ هذه المناورة باسم إسحاق دارا، الذي كان جنديا في الحرس الثوري، وقتل في أبريل/نيسان من عام 1988، خلال عمليات "آخوندك".

وشهدت هذه العمليات مواجهة بحرية مباشرة بين إيران وأميركا، هاجمت فيها البحرية الأميركية حينها أهدافا إيرانية بعد ان أصيبت سفن أميركية بألغام إيرانية في مياه الخليج.

وخلال هذه العملية التي بدأت كرد على إصابة السفينة الحربية الأميركية صموئيل ب. روبرتس، التي كانت ترافق ناقلة نفط كويتية، بلغم إيراني، قتل الأميركيون 55 فردا من قوات الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى إسحاق دارا. 

كما أغرقت البحرية الإيرانية سفينتين حربيتين إيرانيتين، هما سهند وجوشن، إلى جانب ثلاثة زوارق سريعة تابعة للحرس الثوري، وتضررت السفينة الحربية سبلان بشدة، وجري تدمير منصتي نفط إيرانيتين في الخليج خلال هذه العملية.

ويقول الموقع: "لم تلحق المواجهة المباشرة بين إيران وأميركا في الخليج ضررا تاريخيا بالبحرية الإيرانية فحسب، بل أدت أيضا إلى تغيير سياسة الحرس الثوري إلى الحروب غير المتكافئة وحرب العصابات في هذه المنطقة المائية، وهي السياسة التي ما زالت مستمرة".

وكما أن جمهورية إيران الإسلامية ترد في سياستها الداخلية على أي احتجاج برد فعل عسكري ومسلح، فإنها تقدم في علاقاتها الخارجية في وقت التوتر على إجراء مناورات عسكرية لاستعراض القوة.

وحتى الآن، نجح القمع المسلح في إخماد الاحتجاجات في الشوارع الإيرانية، لكن المناورات العسكرية، خاصة في الخليج، تقضى على الاستقرار والسلام في هذه المنطقة لسنوات، وفق الموقع.